أهمية ثقافة الاحتفال في المدارس

الرئيسية » تربية وتكوين » أهمية ثقافة الاحتفال في المدارس

يعد الاحتفال أداة قوية بشكل خاص لإيصال رسالة ما حول ما هو قيم، لأنه يذكر باستمرار بهدف وأولويات المجتمع، الذي يكون أعضاؤه أكثر احتمالاً لاحتضان ذلك الهدف والعمل في سبيل الاولويات المتفق عليها.

وفي مجتمع المدرسة نجد أن الاعتراف العام المنتظم بالجهود التعاونية والواجبات التي تم انجازها والأهداف التي تم تحقيقها والتحسين المستمر ودعم الطلاب للتعلم, يذكر المعلمين بالالتزام الجماعي لخلق مجتمع التعلم المهني.

والاحتفال يسمح بالتعبير عن التقدير والإعجاب معاً. والتقدير يسمح للآخرين بأن يعرفوا أننا تلقينا شيئاً نقدره, شيء نفتخر بأننا نمتلكه. أما الإعجاب فإنه يوصل رسالة مفادها أننا ملهمون أو أننا مأمورون بمراقبة عمل والتزامات الآخرين. وعندما يتم التعبير عن الإعجاب والتقدير بصورة متكررة، فإن المنظمات تخلق ثقافة الاحترام التي تعزز الجهود، لأن مثل هذه اللغة تكون بمثابة ضخ الأوكسجين في النظام (كيجان 2001)

توفر الاحتفالات كذلك الفرصة لاستخدام إحدى أقدم الطرق في العالم لتوصيل القيم والمثل العليا للمجتمع, وهي سرد القصص. وكما كتب كوزيس وبوسنر في عام 1999 قائلين: “إن الغرض من القصص ليس هو مجرد الترفيه فقط. بل يقصد منها أن تدرّس. إن القصص الجيدة تحركنا, وتهزنا، وتعلمنا، وتجعلنا نتذكر. والقصص الجيدة تحتكم لكل من العقل والعاطفة، وهي أكثر إلحاحاً وإقناعاً من البيانات المجردة وحدها. والقصص أقوى سلاح يمتلكه القادة في ترسانتهم لتوصيل الأولويات (جاردنر1990). إن القصص الجيدة تجسد الهدف والأولويات، وتضع وجهاً إنسانياً على النجاح، عن طريق إعطاء الأمثلة والنماذج التي يمكن أن توضح للآخرين ما هو مهمّ ومقدّر وقيّم. 

معظم المدارس – مع ذلك – ستواجه تحدياً كبيراً في محاولتها دمج الاحتفال في ثقافتها. وفيها نجد أن الثناء العام مثل: “أنتم أفضل مدرسة في الولاية” أو الثناء الخاص مثل: “أود أن أرسل إليكم بمذكرة ثناء شخصية” يكون مقبولاً، أما الاعتراف العام فلا. إن الثناء العام والخاص ليسا فاعلين في توصيل الأولويات لأنهما لا ينقلان إلى الأعضاء أي من الإجراءات والالتزامات المعينة ذات القيمة، وبالتالي فهما غير فاعلين في تشكيل السلوك أو المعتقدات. وكما ينصح بيتر دركر 1992 قائلاً: “إن تغيير السلوك يتطلب الاعتراف والمكافأة. على مدى أكثر من ربع قرن عرفنا أن الناس بالمنظمات يميلون إلى العمل كي يعترف بهم ويكافئوا عليه. ويضعها توم بيترز (1987) في هذا السياق: “إن إعدادات الاعتراف المبني على أسس جيدة توفر الفرصة الوحيدة الأكثر أهمية لاستعراض وتعزيز الأنواع المحددة للسلوكيات الجديدة والتي يأمل الفرد أن يحذو الآخرون حذوه.

إننا نقدم الاقتراحات التالية لأولئك الذين يواجهون صعوبة في دمج ثقافة الاحتفال بمدارسهم ومقاطعاتهم:

1- وضح الغرض من الاحتفال صراحة:

ينبغي أن يوضح الهدف من الاحتفال بعناية وصراحة في مستهل كل احتفال. وينبغي تذكير أعضاء هيئة التدريس باستمرار أن هذا الاحتفال يمثل:

– استراتيجية هامة لتعزيز الهدف, والرؤية المشتركة والالتزامات الجماعية للمدرسة وأهدافها.

– أداة قوية للحفاظ على مبادرات التحسين.

2- اجعل الاحتفال مسئولية الجميع:

ينبغي أن يكون الاعتراف بالالتزامات غير العادية مسئولية كل فرد في المدرسة، وينبغي أن يُدعى كل فرد للمساهمة في هذا الجهد. إذا كان القائد الرسمي هو الوسيط الوحيد لمن سيتم الاعتراف به, فيمكن لبقية المعلمين أن يجلسوا وينتقدوا الخيارات. ينبغي لكل فرد من المعلمين أن تكون له الفرصة لتقديم تقارير بشكل علني عندما يقدّرون أو يعجبون بعمل لأحد زملائهم.

3- أوجد صلة واضحة بين الاعتراف والسلوك أو الالتزام الذي تحاول تشجيعه أو تعزيزه.

يجب أن يرتبط الاعتراف على نحو محدد بالهدف والرؤية والالتزامات الجماعية إذا أريد له أن يلعب دوراً في تشكيل الثقافة. سيكون للاعتراف أثر قليل إذا اعتقد الطلاب أو المعلمون أن الاعتراف يُمنح بشكلٍ عشوائيٍ, وأن أي فرد يستحقه بغض النظر عن مساهمته في جهود التحسين، أو أن المكافآت تعطى لعوامل أخرى لا علاقة لها بالهدف المتمثل في الإنجاز والتحصيل. ومن المتفق عليه إذن أن يتم وضع معايير واضحة للتقدير والمكافآت.

إن الإجابة على السؤال: “ما هو السلوك والالتزام الذي نحاول تشجيعه بهذا الاعتراف؟”، ينبغي أن تكون واضحة تماماً. ينبغي أن يكون الاعتراف دائماً مصحوباً بسرد الجهود التي يبذلها الفرد. لا ينبغي للاعتراف فقط أن يعبر عن التقدير والإعجاب بالفرد, بل ينبغي أن يوفر للآخرين مثالاً يمكنهم أن يحذو حذوه.

4- أخلق فرصاً ليكون لديك فائزين كثر:

لن يكون للاحتفال أثر كبير على ثقافة المدرسة إذا كان معظم الطلاب في المدرسة يشعرون أنه ليس لديهم فرصة كي يُعترف بجهدهم. في الواقع، يمكن للاحتفال أن يكون سلبياً وغير محبذ إذا كان هناك تصورٌ بأن الاعتراف والمكافأة يكون محصوراً على عدد قليل من الناس (ديلورث 1995, بيترز وأوستن 1985). إن وضع خطوط وهمية للتقدير مثل: “لن نكرم أكثر من خمسة أفراد في الفصل الواحد” أو “فقط أولئك الذين لهم عشر نقاط – أو أكثر – سيكونون مؤهلين” سيقلل من الأثر الذي يمكن أن يصنعه الاحتفال في المدرسة.

إن الاعترافات العامة المتكررة لعمل تم أداؤه بشكل جيد، وتوزيع الإيماءات الرمزية الصغيرة من التقدير والإعجاب، على نطاق واسع، تعد أقوى أداة لتوصيل الأولويات، بل أقوى من الجوائز الكبيرة التي تأتي نادراً وتخلق فائزين قليلين وعدداً كبيراً من الخاسرين. إن برنامج الاحتفال الفعال والمتكرر سيقنع كل فرد من الموظفين بأنه يمكن أن يكون فائزاً وان جهوده ستلاحظ وتقدر. وغالباً ما يشار إلى مدرسة “أدلاي ستفنسون” العليا في منطقة لينكولنشير بولاية ألينوي بأنها استخدمت الاحتفال لتوصيل الأهداف والأولويات، بينما لا تتبنى مدرسة ستفنسون برنامج “أفضل معلم في المدرسة” لكنها قامت بتوزيع الآلاف من جوائز التقدير كانت عبارة عن تربيت على الكتف مع عبارة “أحسنت صنعاً” لمئات المعلمين في العشر سنوات الماضية.

وفي الواقع لم تعقد مدرسة ستفنسون خلال العشرين سنة الماضية أي اجتماع للمعلمين دون أن يكون فيه احتفال بجهود والتزامات الأفراد. كما أن المدرسة تستطلع آراء طلابها كل عام بالسؤال: “من هو المعلم الذي له تأثير عميق في حياتك, ولماذا؟”، ويتم أخذ الإجابات من الطلاب ثم تطبع في مذكرة وتوزع على المعلمين كل ثلاثة أشهر, ويقرأ المعلمون آلاف الشهادات، تذكر أمثلة محددة كيف أنهم هم وزملائهم يحدثون فرقاً في حياة الطلاب.

وتؤكد الدراسة تلو الأخرى نفس النتيجة حول ما يريده المعلمون في مدارسهم، وهو أن يُعترف بهم (كوزيس وبوسنر 1999). ولكن كيجان (2001) يخلص إلى أنه كل منظمة أو مجموعة عمل قضينا معها وقتاً, تتواصل بشكل مدهش وايجابي عند إبداء تقدير إيجابي أو إعجاب بأعضائها.

ولكن أحد الأمور التي كثيراً ما تثير قلق التربويين، هي أنهم يقولون أنه لو أصبحت الاحتفالات شيئاً متكرراً في مدرستهم فإنها ستفقد أثرها على التحفيز. إلا أن الأبحاث قد دلت على عكس هذا الاستنتاج، وأعادت التأكيد على أن الاحتفال المتكرر يوصل الأولويات، ويربط الناس بالمنظمة، وببعضهم البعض، ويحافظ على مبادرات التحسين (كيجان, لاهي 2001, كوزيس وبوسنر 1999, بيترز 1987).

وأخيراً، هل يمكن أن يكون الاحتفال مبالغاً فيه؟

كلا .. إن معيار تقييم الاعتراف وملاءمته للمجموعات أو الأفراد، ينبغي أن يكون الصدق والإخلاص. ينبغي أن يمثل الإطراء التقدير والإعجاب الحقيقي .. وإذا افتقدنا ذلك الصدق وذلك الإخلاص فعندئذ قد يأتي الاحتفال بنتائج عكسية.

د. توماس ماني – بوفالد غروف – ولاية الينوي الأمريكية/ ترجمه: عمر خليفة – مكتب التربية العربي لدول الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *