أبحاث علمية متميزة في 2018

الرئيسية » علم وحضارة » أبحاث علمية متميزة في 2018

أبحاث علمية متميزة في 2018

مهما كان تقييمك لعام 2018، فإنه شهد تنفيذ العلماء لأبحاث جديدة توصلت إلى نتائج غير مسبوقة. ونقدم هنا رصداً لأبرز إنجازات العام في 7 من مجالات العلم المختلفة: الفضاء، والتكنولوجيا، والبيئة، والأحياء، والطاقة، والجينات، والأنثروبولوجيا البيولوجية.

– سباق فضائي

شهد هذا العام أحداثاً فضائية فريدة، بطلتاها الولايات المتحدة الأميركية والصين، فإذا كانت وكالة «ناسا» الأميركية قد أعلنت هذا العام عن حدثين غير مسبوقين يتعلقان بالشمس والمريخ، فإن الصين أبت أن يلملم عام 2018 أوراقه دون أن يكون لها نصيب من كعكة الفضاء، وأعلنت أيضاً عن مهمة غير مسبوقة تستهدف القمر.

وتستهدف المهمة المتعلقة بالشمس الاقتراب منها لمسافة لم تصل لها أي سفينة فضائية؛ حيث أطلقت وكالة «ناسا» في غشت 2018 المسبار الفضائي «باركر سولار»، ليقوم بهذه المهمة.

وأعلنت الوكالة في 31 أكتوبر 2018 تسجيل المسبار رقماً قياسياً في الاقتراب من الشمس لم يتحقق من قبل، إذ فصلته عن سطح الشمس مسافة 15 مليون ميل، متجاوزاً الرقم القياسي المسجل عام 1976 لصالح السفينة «Helios – 2»، التي وصلت لمسافة 26.6 مليون ميل من الشمس.

ويسعى المسبار إلى الاقتراب من الشمس 24 مرة خلال السنوات السبع المقبلة، ليصل في النهاية إلى مسافة 3.8 مليون ميل من سطح الشمس، وذلك في مسعاه لحل لغز الشمس الأكبر، وهو: كيف تقوم الشمس بتسخين الهالة حولها إلى ملايين الدرجات، فيما يبقى السطح تحتها بارداً نسبياً؟

لم تكتف «ناسا» بهذا الإنجاز، وحققت إنجازاً آخر؛ حيث تم الإعلان في 26 نونبرالماضي، عن نجاح المسبار «إنسايت» بعد رحلة استمرت أكثر من 6 أشهر، في الهبوط على سطح المريخ، في حدث تاريخي لأول مرة.

ويعد هذا المسبار أول سفينة فضاء أميركية تهبط على سطح المريخ، منذ وصول «كيريوسيتي» قبل 6 سنوات. كما أنها أول سفينة مخصصة لاستكشاف ما تحت سطح المريخ.

ويحمل المسبار معدات لرصد درجات الحرارة وهزات الزلازل في المريخ، وسيقضي 24 شهراً في أخذ قراءات زلزالية وحرارية، بحثاً عن معلومات تساعد على معرفة كيف تشكل المريخ، وأصل الأرض وغيرها من الكواكب الصخرية في المجموعة الشمسية الداخلية.

لكن الصين أبت ألا يمر العام دون أن تحجز لنفسها مكاناً في تاريخ الفضاء، وأطلقت في 8 ديسمبر (كانون الأول) المسبار «تشانغ 4»، الذي سيكون أول سفينة تهبط على الجانب المظلم من القمر على الإطلاق.

وتعتزم بعثة «تشانغ 4» الوصول إلى أكبر وأعمق، وربما أقدم فوهة معروفة تكونت نتيجة اصطدام، وتعرف باسم حوض «ساوث بول – آيتكن» على الجانب البعيد من القمر، الذي لا يمكن رصده من الكرة الأرضية.

– تكنولوجيا صحية

ومن الفضاء إلى الأرض؛ حيث شهد مجتمع البحث العلمي هذا العام ابتكارات تكنولوجية تهدف إلى خدمة الصحة، وتحديداً في مجال تشخيص الأمراض.

ومن الأبحاث الرائدة في هذا المجال تطوير تقنية تستخدم الهاتف المحمول للكشف عن فيروس «الإيدز»، ابتكرها فريق بحثي من مستشفى «بريغهام» للأمراض النسائية، وكلية الطب بجامعة «هارفارد» الأميركية.

والتقنية التي تم توصيفها في بحث نشرته دورية «نيتشر كومينيكيشن» في أكتوبر2018، تستخدم كاميرا الهاتف وتحولها إلى ما يشبه الميكروسكوب للكشف عن الفيروس. وتستخدم هذه التقنية حاملاً يلتصق بالهاتف المحمول، وهو مطور بحيث يسمح بوضع عينة الدم على شريحة تكون ملاصقة لكاميرا الهاتف، وبها «الميكروميترز»، وهي كرات مصنعة من بوليمر «بولي أستيرين» تتميز بالحركة السريعة.

وبمجرد وضع عينة الدم على الشريحة، يحدث تفاعل بيوكيميائي بين الحمض النووي الفيروسي و«الميكروميترز»، فإذا كان الفيروس نشطاً تتكون شبكة من الحمض النووي الفيروسي تعوق حركة «الميكروميترز»، وعندها يظهر الهاتف تقريراً مختصراً بأن العينة المختبرة موجبة، أي مؤكدة. وإذا لم يحدث تغيير في حركة الكرات، فهذا يعني أن العينة سالبة.

ووفق دراسة الجدوى التي أشارت إليها الدراسة، فإن ثمن الجهاز الذي يساعد الهاتف على إجراء الاختبار لن يقل ثمنه عن 5 دولارات، وهو مبلغ ضئيل جداً إذا ما تمت مقارنته بالتحليل التقليدي الذي يتكلف 50 دولاراً، هذا فضلا عن أن الشخص يستطيع تنفيذه في منزله، دون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى. وقد أظهرت النتائج أنه يعطي دقة مماثلة للاختبارات التقليدية.

– ثورة على «البلاستيك»

وكما كانت صحة الإنسان هدفاً للتكنولوجيا، كانت البيئة التي يعيش فيها هدفاً للابتكارات. وركزت أبحاث كثيرة على أضرار «البلاستيك»، إذ يمكن اعتبار 2018 عام الثورة على «البلاستيك». وقد ارتفع إنتاج «البلاستيك» خلال الـ50 سنة الماضية، من 15 مليون طن في 1964، إلى ما يزيد على 311 مليون طن سنوياً حول العالم في الوقت الحالي، ولا يتم جمع 32 في المائة من نفايات «البلاستيك»، لينجم عن ذلك تكاليف اقتصادية باهظة، تتمثل في تقليص إنتاجية نظم طبيعية، مثل المحيطات، وانسدادات في البنى التحتية.

وفي محاولة للمساهمة في حل هذه المشكلة، أنتجت شركة بريطانية يختاً لجمع «البلاستيك» من المحيطات وإعادة تدويره، وكشفت عن اليخت في معرض ساوثهامبتون للقوارب في 17 شتنبر الماضي.

ويبلغ سعر اليخت نحو 40 مليون جنيه إسترليني (52 مليون دولار)، وأطلق عليه اسم «منقذ المحيط»، ويمكن أن يساعد في جمع 5 أطنان من «البلاستيك» يومياً، ويعتمد في طاقته على إعادة تدوير نفايات المحيطات من «البلاستيك»، وتحويلها إلى وقود.

وكان «البلاستيك» أيضاً هدفاً لبحث مشترك بين علماء من بريطانيا وأميركا، نجحوا في تطوير إنزيم يأكل «البلاستيك»، بما قد يساهم في محاربة التلوث. ونشرت نتائج الاكتشاف في أبريل 2018، بدورية أعمال أكاديمية العلوم الوطنية. ويستطيع الإنزيم هضم مادة «تريفثالات الإثيلين المتعدد»، وهو شكل من أشكال «البلاستيك» المستخدم في ملايين الأطنان من العبوات البلاستيكية، ويمكن للمنتجات البلاستيكية المصنوعة من هذه المادة البقاء لمئات السنين في البيئة، وتلويث مساحات كبيرة من الأراضي والبحار.

– طاقة صديقة للبيئة

وفي الوقت الذي احتلت فيه قضية التغيرات المناخية اهتماماً كبيراً عام 2018، كانت الأبحاث معبرة عن هذا التوجه، عبر الإسراع بتقديم حلول لعلاج المشكلات التي تعوق استخدام الطاقات غير الملوثة للبيئة، مثل الطاقة الشمسية.

ومن أبرز المعوقات التي تتعلق باستخدام الطاقة الشمسية وربطها بشبكة الكهرباء الوطنية، هو ارتباطها بالسطوع الشمسي، والحاجة إلى توفير وسيلة لتخزينها، وهي المشكلة التي عمل علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في أميركا على حلها.

وصمم العلماء نظاماً تم الإعلان عنه في 8 ديسمبر يمكنه تخزين الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتحويلها إلى طاقة كهربائية حسب الطلب.

ويخزن التصميم الجديد الحرارة المتولدة من الكهرباء الزائدة من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، في خزانات كبيرة من السليكون المنصهر، ثم يحول الضوء من المعدن المتوهج إلى الكهرباء عند الحاجة. ويمكن أن يفيد هذا النظام في تشغيل الشبكة الكهربائية، بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

وفي الإطار ذاته، للحفاظ على البيئة، طرحت شركة بريطانية سيارة تعمل بالطاقة الهيدروجينية، يمكنها أن تظل مدى الحياة. وما زالت هذه السيارة في طور التجربة، مع عدد قليل من الأشخاص، غير أن مشكلتها الرئيسية تكمن في ارتفاع تكلفة الصيانة الدورية.

وحول الوقود نفسه، توصل فريق بحثي من عده جامعات بريطانية إلى طريقة جديدة لتحويل غاز أول أكسيد الكربون السام إلى غاز الهيدروجين، ونشروا بحثاً عن تلك الطريقة في شهر يونيو بدورية «Molecular Catalysis».

ونجح الفريق البحثي الممثل لعده جامعات بريطانية في تحضير عامل محفز من كربيد المولبيديوم، يستخدم في عملية التحويل، وأظهر هذا العامل نتائج أفضل من أربع إلى خمس مرات مقارنة بالعوامل الحفازة الأخرى التي استخدمت في أبحاث سابقة، وأظهر ثباتاً أثناء التفاعل لمده تقدر بـ85 ساعة من التفاعل المتواصل.

– أطفال معدلون وراثياً

ولم تخلُ أحداث العام العلمية من بعض القضايا الشائكة التي أثارت جدلاً كبيراً، ومنها إعلان الباحث الصيني هي جيناكي من جامعة «شانزين» الصينية، في 27 نوفمبر الماضي، عن نجاحه في مساعدة أم على ولادة طفلتين توأم معدلتين وراثياً، لتكون هذه العملية هي الأولى من نوعها في العالم.

وقال العالم الصيني إنه نجح في تحرير الأجنة باستخدام أداة «كرسبر كاس ناين»، لتعطيل المورث المسؤول عن نقل مرض «الإيدز» من الوالدين لدى المولودتين.

وأعلن الباحث أنه جرى تحرير سبعة أجنة من الأزواج المتضررين من فيروس نقص المناعة، وتم نجاح حالة واحدة هي الطفلتان، ولم تنشر نتائج هذا البحث، إذ تم رفض نشر هذه الدراسة «لأسباب أخلاقية»، من قبل هيئات التحرير في مجلتي «نيتشر» و«ساينس».

– أسرار العالم القديم

ومن الحاضر وتحدياته إلى الماضي وأسراره؛ حيث شهد العام تفسيراً لكثير من ألغاز الماضي في مجالي الأحياء والجيولوجيا. وفي هذا الإطار اكتشف بالمملكة العربية السعودية أول أحفورة بشرية في شبه الجزيرة العربية، بما قد يغير النظرية السائدة حول كيفية هجرة البشر المعاصرين من أفريقيا إلى باقي بقاع العالم.

وعثر على الأحفورة في «صحراء النفود» ويقدر عمرها بما لا يقل عن 85 ألف سنة، وفق الدراسة التي نشرت عنها في أبريل 2018، بمجلة «البيئة والطبيعة والتطور».

وقال الفريق البحثي صاحب الاكتشاف، إنه إذا كانت النظرية السائدة هي أن البشر المعاصرين نشأوا في أفريقيا ومن ثم هاجروا إلى بقية العالم، في موجة واحدة منذ نحو 60 ألف عام، فإن هذا الاكتشاف يظهر أنه بدلاً من الانتشار السريع مرة واحدة خارج أفريقيا، خرج الإنسان العاقل من أفريقيا عدة مرات، أي حتى قبل نحو ما بين 20 و25 ألف عام من التاريخ المحدد.

وفي أبحاث الديناصورات، كانت أبرز الإنجازات لفريق بحثي مصري، نجح في اكتشاف الديناصور «منصوراصورس»، وهو الأول من نوعه في أفريقيا، الذي يوثق آخر 30 مليون سنة من العصر الطباشيري، الذي امتد في الفترة منذ 135 إلى 65 مليون سنة. ونُشر بحث عن هذا الاكتشاف في يناير الماضي بدورية «نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن» العلمية.

وكانت قد حدثت موجة انقراض هائلة للديناصورات والزواحف الكبيرة قبل نحو 66 مليون عام، ونجح العلماء في توثيق تلك الفترة الممتدة بين حقبة الحياة الوسطى (تضم 3 عصور جيولوجية، هي الترياسي والجوراسي والطباشيري) وحقبة الحياة الحديثة، ولكن بقيت هناك فجوة زمنية في قارة أفريقيا تصل إلى نحو 30 مليون سنة، في الفترة ما بين 94 و66 مليون سنة، بنهاية العصر الطباشيري، ولم يتمكن العلماء من تسجيل أي حفريات بها، وظلت لغزاً يبحث العلماء عن تفسير له. ويعد «منصوراصورس» هو الأول من تلك الفترة.

ويعد هذا الديناصور هو السادس المكتشف في مصر؛ لكنه الأول في مصر وأفريقيا الذي يوثق الفترة ما بين 94 و66 مليون سنة، بنهاية العصر الطباشيري. ويبلغ طوله 10 أمتار، ووزنه نحو 5 أطنان، وعمره نحو 75 مليون سنة.

وشهدت المغرب أيضاً حدثاً فريداً يتعلق بديناصور قليل الحجم، على خلاف اكتشافات الديناصورات التي تعود إلى أواخر العصر الطباشيري.

وتتعلق أغلب الاكتشافات بديناصورات ضخمة يصل طولها إلى 17 متراً؛ لكن الاكتشاف الذي حدث بالمغرب وسجله الفريق البحثي من قسم الأحياء والكيمياء الحيوية، بمركز ميلنر للتطور بجامعة «باث» البريطانية، كان يتعلق بديناصور بأطوال 10 و15 متراً، تسجل لأول مرة. ونُشر بحث عن هذا الاكتشاف في سبتمبر 2018 بدورية «Cretaceous Research»، المعنية بأبحاث العصر الطباشيري.

– أبحاث فريدة حول تاريخ الأمراض

 يدرس العلماء فترات زمنية حديثة بعض الشيء، وهي تلك التي تتعلق بالحضارات القديمة؛ حيث يهتم أحد فروع العلم، وهو «الأنثروبولوجيا البيولوجية» بتتبع تاريخ الأمراض، من خلال البحث عنها في المومياوات والهياكل العظمية لإنسان هذه الحضارات.

وفي هذا الإطار، نجح فريق بحثي إسباني في تسجيل أقدم إصابة بمرض «مولر وايس» (Mueller – Weiss) في عظام رجل ينتمي إلى السلالة البطلمية في الفترة الهلنستية (من القرن الرابع إلى القرن الأول قبل الميلاد)، وذلك في منطقة أثرية بمحافظة المنيا (وسط مصر). ونُشر بحث عن هذا الاكتشاف بدورية «جراحة القدم والكاحل» (The Journal of Foot and Ankle Surgery) في يوليوز 2018.

و«مولر وايس»، من الأمراض النادرة في العظام، ووصف علمياً لأول مره أوائل القرن العشرين، وسجل باسم مكتشفه، وهو عالم ألماني، ويعد البحث الإسباني هو الأول من نوعه الذي يسجل هذه الإصابة، في عظام ينتمي أصحابها إلى فترات ما قبل الميلاد.

وكان الباحثون المتخصصون في هذا المجال على موعد مع كشف فريد في شهر نونبر الماضي؛ حيث أعلنت بعثة أميركية إيطالية مشتركة تعمل في منطقة أسوان الأثرية بمصر، عن اكتشاف رفات لامرأة حامل في شهورها الأخيرة، تعود إلى عصر الانتقال الثاني (1750 – 1550) قبل الميلاد.

وأظهرت الدراسات الأولية التي أجريت على الهيكل العظمي لها، أن عمر السيدة عند الوفاة كان نحو 25 عاماً، وكانت في شهور حملها الأخيرة وعلى وشك الولادة؛ حيث إن هيكل الجنين موجود في منطقة الحوض، وقد استقر بالفعل في وضعية الولادة.

كما كشفت التحاليل الأولية لرفات السيدة عن مشكلات أو اختلال في منطقة الحوض، والتي أوضحت أنها كانت ربما تعاني من كسر تم علاجه بطريقة غير صحيحة، وهو على الأرجح ما أدى إلى الوفاة.

حازم بدر – الشرق الأوسط

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *