investigation – مسارات https://www.massarate.ma مسارات للرصد والدراسات الاستشرافية Thu, 28 Feb 2013 14:48:26 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.1.6 إنجازات مهمة في شتى المجالات لمؤسسة محمد الخامس للتضامن https://www.massarate.ma/%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b4%d8%aa%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b3%d8%b3%d8%a9-%d9%85%d8%ad.html https://www.massarate.ma/%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b4%d8%aa%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b3%d8%b3%d8%a9-%d9%85%d8%ad.html#respond Fri, 17 Aug 2012 10:00:08 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=9173 من الاهتمام بالطفل إلى منح المُسِن رعاية خاصة، ومن القطاع الصحي إلى قطاعات تنموية ومُدِرة للربح، ثم مرورا بإعطاء المرأة والمهاجر المغربي أهمية قصوى في إستراتيجيتها، فتخصيص حيز مهم من أولوياتها للتعليم والتكوين ومحاربة الأمية، ثم أخيرا وليس آخرا اهتمامٌ خاص بالعمل الإنساني ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، تلكم هي الأبعاد النبيلة والتنموية التي ما فتئت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ومنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، منذ 13 سنة، تترجمها واقعا معاشا لدى المغاربة، إلى درجة أن العمل التضامني بات يكاد يحمل مرادفا واحدا ووحيدا هو مؤسسة محمد الخامس للتضامن

مؤسسة محمد الخامس للتضامن

في الذكرى الثالثة عشر لتربع صاحب الجلالة على العرش

إنجازات مهمة في شتى المجالات لمؤسسة محمد الخامس للتضامن

مباشرة بعد تولي جلالته العرش في سنة 1999 ومن بين أولى الإجراءات التي دشنها والتي اهتمت بالخصوص بالمسألة الاجتماعية، الرافد الأساسي لأي تنمية، أعلن جلالة الملك محمد السادس عن إنشاء مؤسسة محمد الخامس للتضامن؛ وقال جلالته في خطاب العرش لصاحب الجلالة محمد السادس بتاريخ 30 يوليو 1999، “..وسنولي عنايتنا كذلك إلى مشكلة الفقر الذي يعانيه بعض أفراد شعبنا وسنعمل بمعونة الله وتوفيقه على التخفيف من حدته وثقله. وفي هذا الصدد كان والدي رحمه الله قد شرفني بقبول اقتراح إنشاء مؤسسة اختار لها من بين الأسماء مؤسسة محمد الخامس للتضامن تهتم بشؤون الفقراء والمحتاجين والمعوقين عاهدنا أنفسنا على تفعيل دورها وإحاطتها بكامل الرعاية والدعم…”.

إنها الإشارة القوية التي أعلن عنها جلالة الملك منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، والتي تجعل القضية الاجتماعية محور الإستراتيجية التي ما فتئ جلالته يسهر على تتبعها شخصيا وعلى أرض الواقع، بحيث بعد ثلاثة عشر سنة من وصوله إلى الحكم، لا تكاد توجد جهة من جهات المملكة لم يزرها جلالة الملك ويعطي فيها انطلاقة مشاريع سوسيواجتماعية أو يدشن أخرى بهذه المدينة أو تلك.  

طبقا للتوجيهات الملكية السامية، تعهدت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، منذ نشأتها، بتكريس جهودها للمساهمة في محاربة الفقر والإقصاء.

لقد حرصت المؤسسة عند مزاولة أعمالها، على مراعاة ما أفرزته القراءات الميدانية، وخاصة منها ما يتعلق بحاجيات الساكنات المستهدفة. وهكذا، شهدت المؤسسة، سنة بعد سنة، تنوعا في مزاولة أنشطتها الموجهة لمختلف المستفيدين؛ انطلاقا من العديد من التدخلات لفائدة دور استقبال الأطفال، التي شهدت إعادة تأهيل بناياتها وتجهيزاتها؛ فقامت المؤسسة بتوسيع مجال أنشطتها ليشمل كذلك الشباب، والأشخاص المسنين، والنساء، والمعاقين، وأعضاء الجالية المغربية المقيمين بالخارج، وكافة الأشخاص في وضعية إقصاء، وهشاشة، وعزلة، و سدّ حاجياتهم الإنسانية.

كما أعدت المؤسسة برامج وأدوات خاصة، مسخرة لتأهيل المستفيدين، وإدماجهم اجتماعيا ومهنيا، بكيفية أفضل.

وفي هذا السياق أعدت برامج للتمدرس، والتربية، و محاربة الأمية، والتكوين المهني، لتمكين المستفيدين من ولوج أفضل للإدماج السوسسيو- مهني.

كما أخذ الإدماج الاقتصادي نصيبه من بين أهداف المؤسسة، خاصة من خلال إعداد مشاريع مدرة للدخل، وأدوات لولوج خدمات القروض الصغرى.

على المستوى الإنساني

تروم الأعمال الإنسانية التي تقوم بها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تقديم دعم مباشر وآني للأشخاص المتواجدين في وضعية صعبة، من جراء الكوارث الطبيعية، أو لفترة محدودة، كما هو الشأن عند التدخلات الاستعجالية في حالات الزلازل أو الفيضانات، أو أثناء عملية الدعم الغذائي في شهر رمضان الأبرك.

وتقوم المؤسسة، في نفس الإطار، وبكيفية منتظمة، بتوزيع مواد غذائية، وملابس، وسلع أخرى متنوعة، على الساكنات المعوزة.

وفي هذا السياق ابتكرت المؤسسة، سنة 2007 ، مقاربة جديدة أثناء تدخلاتها التي تكتسي صبغة إنسانية. وتجلّى هذا النهج الجديد بمناسبة انطلاقة “العملية الإنسانية تونفيت 2007″، التي تعتبر بمثابة مبادرة جديدة توّجت التجارب المتراكمة من خلال مختلف البرامج الإنسانية والتنموية التي سهرت على إنجازها مؤسسة محمد الخامس للتضامن.

شكلت هذه العملية سابقة وطنية، من حيث حجمها وطبيعة محتواها الذي يتميز بتضافر عدد من التدخلات المتعلقة بالمساعدة على التمدرس، والدعم الغذائي، والإسعافات الطبية، والتنمية المستديمة. قدرت التكاليف الإجمالية لهذه العملية بـ 23 مليون درهم، استفاد منها 24.000 شخصا بناحية تونفيت. كما تمت برمجة عمليات أخرى مماثلة كتلك التي شملت جهة إملشيل.

المرأة..في صلب اهتمامات المؤسسة

أهمية المراة في إستراتيجية المؤسسة تلخصها كلمة جلالة الملك التي ألقاها بالدار البيضاء يوم فاتح نوفمبر 2000 بمناسبة افتتاح الأسبوع الوطني للتضامنن والتي قال فيها؛ “..وهكذا، فضلا عن الاعتناء بدور الأطفال اليتامى منهم والمعوزين، ودعم عدد كبير من المؤسسات الاجتماعية فقد أنجزت مؤسسة محمد الخامس للتضامن برامج مختلفة لصالح الفتيات والنساء والقرويات مساهمة بذلك في تقوية البنية الاجتماعية الأساسية وتمكينها من مؤهلات توفر لها موارد قارة.

وطبقا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واصلت مؤسسة محمد الخامس تطبيق مخطط عملها 2004-2008، بمنح أولوية إستراتيجية لتكوين وإدماج المرأة القروية، على وجه الخصوص.

وتتجلى هذه الأولوية من خلال عدة أعمال متكاملة، وغالبا ما تكون مندمجة، تهدف إلى مدّ المرأة القروية، على وجه الخصوص، بوسائل متنوعة لولوج أفضل لمجال التنمية.

التنمية المستدامة..

تشكل التنمية المستدامة لبنة أساسية في مجال تدخلات مؤسسة محمد الخامس للتضامن؛ فبالموازاة مع الأعمال الاجتماعية والإنسانية، تقوم المؤسسة بإرساء مشاريع للتنمية المستدامة تمكّنها من نهج سياسة قرب فعلية ترتكز على مقاربة انتظامية.

وهكذا، يهدف هذا النوع من المشاريع إلى مدّ المستفيدين من خدمات المؤسسة، بوسائل خاصة تمكّنهم من الاندماج الكلّي داخل دينامية التنمية الشمولية للبلاد. ويتعلق الأمر بمشاريع للبنيات الأساسية، كالربط بشبكة الماء الشروب والكهرباء، أو بناء الطرق لفكّ العزلة عن بعض المناطق.

كما تقوم المؤسسة كذلك بإرساء مشاريع مدرة للدخل، ومقرونة بالتكوينات الموجهة، لفائدة شباب ونساء البوادي، لتمكينهم من التمتع بحرية اقتصادية تامة واستقلالية تساعدهم على خلق ثروة محلية.

تقتضي هذه المقاربة حلولا متنوعة تراعي ضرورة ربط كل نوع من الحاجيات بمشروع خاص به، اذ أننا أمام إشكالية متعددة الأبعاد: عائلية، واجتماعية، واقتصادية، وبيئية، فضلا عن الجوانب الملموسة المرتبطة بالاستقبال، والنقل، والبنيات التحتية الموجودة، والمستخدمين الحاليين أو المحتملين، وإمكانات التعاون المحلية.

والهدف من وراء هذه العملية هو مدّ المستفيد بأدوات وآليات تمكّنه من تحقيق طموحاته، وبتكوين خاص ومهني، إن اقتضى الأمر، وبتأطير تقني لتقييم جدوى المشروع، ولتصحيح تصميمه وتسهيل تسويقه.

يكتسي هذا الدعم صبغة جماعية، كما أشرنا إلى ذلك سابقا، للحفاظ على التعاضد الجمعوي الذي يجمع بين عدة أشخاص منظّمين في إطار جمعية أو تعاونية، مع حثّ فاعلين آخرين على المساهمة في المجهودات المبذولة، من خلال التأطير التقني وأدوات التتبع والتقييم، لإنجاح هذا المشروع.

وحتى نرفع كل لبس، تجب الإشارة هنا إلى أن هذه العملية لا صلة لها بأي شكل من أشكال الإعالة، بل يتعلق الأمر بمشاريع حقيقية للتضامن، من شأنها أن تعزز كرامة المستفيدين وتكرس ثقافة التآزر المعهودة لدينا، والمبنية على معاني العزة وقيم العمل.

الطفل.. أهمية قصوى

الطفل.. أهمية قصوى

أولت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، منذ السنوات الأولى لنشأتها، عناية خاصة لحماية الأطفال المتخلّى عنهم، واليتامى والمحرومين. وقامت المؤسسة، سنة 1999، بعملية واسعة النطاق، تهدف إلى إعادة ترميم أو بناء 260 مركزا للخيرية، موجهة أساسا لخدمة الأطفال في جميع أنحاء المملكة.

توفّر هذه المراكز، التي تدبر الجمعيات شؤونها، الإيواء والأكل، بالمجّان، لفائدة الأطفال المحرومين واليتامى، الذين يتراوح معدل أعمارهم ما بين 6 و 18 سنة.

وتهدف المؤسسة، من خلال هذه العملية، إلى تعزيز حجم الخدمات التي تقدمها لهذه الفئة من المحرومين، من خلال إعادة تأهيل ضرورية، للبنيات المخصصة لهذا الغرض.

فضلا عن إعادة ترميم المراكز، وتهيئ المؤسسة، بصفة منتظمة، برامج لفائدة النزلاء، تروم توزيع الهبات العينية التي تتلقاها، كالمواد الغذائية، والملابس، والأدوات المدرسية.

كما تقوم المؤسسة بعدة أعمال لفائدة الأطفال، من خلال تقديم المساعدات المادية والمالية، بصفة منتظمة، للجمعيات التي تسعى وراء نفس الأهداف، كالعصبة المغربية لحماية الطفولة، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، وجمعية الأطفال المصابين بالسرطان، وجمعية “بيتي”، وجمعية المودة والإخلاص بتطوان، وجمعية “دارنا”، وجمعية المستقبل، وغيرها من الجمعيات ذات نفس الأهداف.

كما عززت المؤسسة مجهوداتها الرامية إلى دعم الأطفال ومساعدتهم على إدماج أفضل، في المجالات العائلية، والاجتماعية، والمدرسية، والاقتصادية، ببناء مراكز لإيواء الأطفال المتخلّى عنهم، وأطفال الشارع، بوجدة وفاس.  

ولا يخفى على أحد أن حماية الأطفال تقتضي كذلك ضمان التمدرس؛ وهكذا، بذلت المؤسسة جهودا وافرة في برامج وطنية لدعم التمدرس، تطلبت استثمار غلاف مالي فاق 100 مليون درهم، ومشاريع أخرى لمساعدة أطفال المناطق ذات مناخ شتوي قاس (برنامج “سنابل”)، كما قامت بإعداد برنامج طموح لإنجاز مآوي لفتيات وفتيان العالم القروي، على وجه الخصوص، بلغ عددها 70 مأوى؛ وهي فضاءات للإيواء والتأطير، ملائمة لتمدرس ناجح في المستوى الثانوي أو حتى الجامعي (دار الطالب).

وتبعا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة محمد السادس، فقد أعدت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، برنامجا للمساعدة على التمدرس ومحاربة التخلّي عن المدرسة، بشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، ومؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية والتربية والتكوين، وبدعم من وزارة التربية الوطنية.

ويتعلق الأمر ببرنامج وطني لتوزيع المقررات، وحقائب لفائدة الأطفال المعوزين، المقبلين على ولوج السنة الأولى من الابتدائي، وللفتيات المقبلات على ولوج السنة الأولى من الإعدادي.

وتمنح الأولوية في هذا البرنامج للعالم القروي، ولضواحي المدن، وللمدن العتيقة. وتهدف هذه العملية من بين ما تهدف إليه إلى: تشجيع الأطفال على التمدرس؛ والمساهمة في التخفيض من نسبة التخلّي عن المدرسة؛ وتعزيز عملية التضامن مع الأسر المعوزة.

وتم إنجاز هذا البرنامج في إطار اتفاقية شراكة، على مدى 3 سنوات، أبرمت سنة 2004، بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، ومؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية والتربية والتكوين، ووزارة التربية الوطنية.

وبحسب المعطيات المتوصل إليها فإن الميزانية السنوية تصل إلى 13،3 مليون درهم، تقدم منها مؤسسة محمد الخامس للتضامن: 6.300.000 درهم؛ والحكومة ممثلة من طرف وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن: 6.000.000 درهم؛ ومؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية والتربية والتكوين: 1.000.000  درهم. وشملت العملية التلاميذ المعوزين للسنة الأولى من الابتدائي، لتشجيعهم على التمدرس؛ والفتيات المعوزات من العالم القروي خاصة، والمقبلات على ولوج السنة الأولى من الإعدادي، لمساندتهن في مسارهن المدرسي؛

وحتى يستفيد أكثرهم حاجة، بكيفية متساوية وشفافة، أعدت وزارة التربية الوطنية لوائح للمستفيدين، استنادا إلى أعداد التلاميذ المسجلين بالمدارس والإعداديات، ومع مراعاة الضوابط التي تضمن الشفافية التامة. ولحد الآن استفاد  230.000 طفلا من السنة الأولى من الابتدائي، 184.984 منهم من العالم القروي، استفادوا من مجموعة من المقررات المدرسية (4 كتب)؛ وتسلم 100.000 منهم حقائب.

35.000 من الفتيات من السنة الأولى من الإعدادي، 20.142 منهن من العالم القروي، استفدن من مجموعة من المقررات المدرسية (من 4 إلى 5 كتب للتكوين الأساسي).

مهاجرونا بالخارج..

بادرت المؤسسة، منذ السنوات الأولى لنشأتها، بإطلاق عملية إنسانية فريدة من نوعها، تروم مواكبة تنقل قرابة مليونين من المغاربة، بين بلد إقامتهم “أوروبا”، وبلدهم الأصلي “المغرب”، خلال فصل الصيف.    

وتكتسي هذه العملية صبغة حتمية، بالنظر للمدّ الكثيف للوافدين، وقصر الفترة المخصصة للعملية (3 أشهر)، عبر ممرات بحرية، بالأساس، ومحدودة داخل المحور أوروبا– المغرب.       

وتدخلت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، إبان انطلاقة هذه العملية، لتقديم يد المساعدة للمسافرين في وضعية صعبة، كالأشخاص المسنين، والنساء الحوامل، والأطفال، والأشخاص المعاقين، والمتضررين من جراء مخاطر التنقل (حوادث السير، خاصة).

وبقدر ما تقدمت المؤسسة في تنفيذ برنامجها، الذي كشف عن ضرورة تعزيز محتواه، بقدر ما تزايدت تطلعات المغاربة المقيمين بالخارج إلى تكثيف حجم خدمات الدعم لجميع المسافرين، حتى تمر عملية العبور في ظروف أكثر إنسانية.

وهكذا، أخذت عملية “مرحبا” لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج، تكتسي تدريجيا الأهمية التي تحظى بها حاليا، وهي مفعمة بقيم التضامن، والاقتسام والتعبئة التي يتضمنها الشعار التالي؛ “حيثما كنا، المغرب في وجداننا”.

وطبقا للتعليمات الملكية السامية، تساهم مؤسسة محمد الخامس للتضامن في تنفيذ عملية “مرحبا”، بمعية العديد من المتدخلين من القطاعين العمومي والخاص، يشتغلون في إطار لجنة وطنية، يترأسها وزير الداخلية.

وتشتغل هذه اللجنة طيلة السنة، وتسهر على ضمان التنسيق الضروري بين مختلف المتدخلين، لاسيما مع ممثلي الطرف الأسباني.

وتمر هذه العملية الدائمة للتنسيق بين الطرفين المغربي والأسباني، في جو مفعم بالمسؤولية والاحترام المتبادل، مما يساعد على إنجاحها، خاصة وأن الولوج عبر التراب الأسباني يبقى الشطر الأهم في المسار الأوروبي للوافدين. 

اهتمام بالقطاع الصحي

يعتبر ولوج المعوزين للعلاجات الطبية، من ضمن أولويات مؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي تعمل على عدة أصعدة، في إطار شراكة مع وزارة الصحة، لتعزيز الوسائل الصحية الوطنية.

فضلا عن تقوية قدرات المستشفيات العمومية من خلال مدها بالتجهيزات الطبية وعتاد الإسعافات المتنقلة، شرعت المؤسسة في بناء وتجهيز عدة وحدات متخصصة في علاج المحروقين، والمصابين بداء السرطان، وفي الولادة. ومكّنت هذه الوحدات من تعزيز إمكانيات الاستقبال للبنيات المتواجدة، والتكفل بعدد أكبر من الأشخاص المعوزين.

وفي هذا الإطار، أنجزت المؤسسة بوجدة والحسيمة، مراكز لاستقبال المرضى المصابين بداء السرطان، وعائلاتهم. 

كما أعدت المؤسسة مراكز صحية في الأحياء المحرومة، خصوصا في وجدة وتطوان، ومركزا صحيا، و5 وحدات للولادة في مناطق قروية بإقليم الحسيمة.

وتماشيا مع نفس النهج، ومساهمة منها في تعزيز حجم الموارد البشرية للقطاع الطبي، أنشأت المؤسسة، كذلك، مركزين لتكوين الأطر الصحية، بالحسيمة وفاس، بشراكة مع مؤسسة “MAMDA-MCMA”.

أهمية خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة..

بذوي الاحتياجات الخاصة

وضعت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، منذ تأسيسها، هاجس التكفل بالأشخاص المسنين وإدماجهم، في صلب اهتماماتها. وانطلاقا من روح الالتزام التضامني لكافة المغاربة، فقد عملت المؤسسة دوما على إنجاز مشاريع مندمجة، تمكّن الأشخاص المعاقين من الاستفادة من خدمات تتلاءم مع وضعيتهم، وتيسر لهم ولوج الخدمات الاجتماعية الأساسية، وضمان إدماجهم الاجتماعي والمهني، بغية اندماج ناجح داخل المسار التنموي للبلاد.

كما سعت المؤسسة جاهدة إلى تعبئة كافة الوسائل الضرورية لضمان استقلالية الأشخاص المعاقين. وهكذا، سهرت المؤسسة على نهج إستراتيجية للمقاربة المندمجة، التي تمنح الامتياز؛ بكيفية متوازية؛ وذلك من أجل؛

  •  دعم المؤسسات والجمعيات التي تعمل في الميدان؛
  •  تكوين وتأهيل المعاقين، من أجل إدماج اجتماعي ومهني، خاصة من خلال البرنامج الوطني لإنشاء مراكز التكوين، بشراكة مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل؛
  •  إرساء بنيات تقدم خدمات اجتماعية وتربوية وطبية.
  •  تجسد هذا المنحى في إنشاء المركز الوطني محمد السادس للمعاقين بسلا، الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في شهر نوفمبر من سنة 2006.

وتم إنشاء هذا المركز طبقا للتعليمات الملكية السامية، وبتشاور مع وزارة الصحة، وكتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين، والنسيج الجمعوي المعني بالأمر؛ كما تم تصميم هذا المشروع على شكل بنية متعددة الوظائف، لفائدة أشخاص ذوي احتياجات خاصة مرتبطة بإعاقتهم.

محاربة الأمية !

محاربة الأمية

يقول جلالة الملك بخصوص هذه النقطة في خطاب موجه إلى الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يوم الاثنين 15 شتنبر 2005؛ “..لقد تضمن إعلان الألفية، الذي اعتمدناه منذ خمس سنوات، تجسيدا لوعي المجتمع الدولي بضرورة العمل من أجل القضاء على الفقر المدقع والمجاعة المستفحلة، وتعميم التعليم الابتدائي، وتعزيز المساواة بين الرجل والمرأة، وتحسين التغطية الصحية ] …[ وانسجاما مع تعهدات المملكة المغربية الدولية، فقد بادرنا باعتماد مدونة للأسرة تقوم على مساواة الرجل والمرأة، وتضمن حقوق الطفل، وترفع كل أشكال الحيف عن النساء، وتصون كرامتهن، في حفاظ على وحدة وتماسك العائلة، وحرص على تمكين المرأة من الاندماج الفعلي، في التنمية الوطنية..”

وطبقا للتوجيهات السامية لجلالة الملك تولي مؤسسة محمد الخامس للتضامن أولوية إستراتيجية لإدماج المرأة القروية على وجه الخصوص. وتتجلى هذه الأولوية من خلال عدة أعمال متكاملة وغالبا ما تكون مندمجة، ومن ضمنها محاربة الأمية التي تعتبر أداة متميزة لولوج مجال التنمية. 

التكوين المهني

التكوين المهني

طورت المؤسسة مقاربة جديدة، منذ 2005، تم تصميمها في شكل برامج مندمجة، تتمحور حول تعزيز القدرات الذاتية للساكنات المستهدفة، للقيام باندماجها السوسيو- مهني.

ومع تعاقب المشاريع، برهنت هذه المقاربة الميدانية عن الدور الحاسم للتكوين المؤهل، في بلوغ أهداف الإدماج السوسيو- مهني.

ويعتبر هذا التكوين الضروري لاكتساب كفاءات خاصة لمزاولة مهنة معينة، بمثابة مدخل لتكملة المجهودات التربوية الضرورية للإدماج الاجتماعي.

كما تأكدت جدوى هذا التكوين كأداة ضرورية لتفعيل الممارسات الناجعة للعمل الاجتماعي. لاسيما وأن شركاء المؤسسة أفصحوا عن عزمهم، على الاستفادة من المهارات والخبرة المتراكمة من طرف المؤسسة، خلال العشر سنوات الماضية.

واتخذت أعمال المؤسسة، في مجال التكوين، ثلاثة أشكال هي؛ برامج لفائدة الفاعلين الاجتماعيين والمستفيدين من أعمال المؤسسة، لتمكينهم من توضيح الرؤية وتحسين جودة أدوات التدبير فضلا عن تيسير اكتساب المهارات الضرورية بالنسبة للمستفيدين، حتى يتمكنوا من بلوغ أهدافهم. هذا ما تجسد من خلال تطوير برامج قطب التكوين والهندسة الاجتماعية للمؤسسة، وانفتاحه تدريجيا على الصعيدين الوطني والدولي؛

ويهم الشكل الثاني شرائح من الساكنة التي أغفلتها البرامج التقليدية. كما هو الشأن بالنسبة للشبان المعاقين الذين بادرت المؤسسة بتعبئة برنامج لفائدتهم، يتضمن إنجاز عشرة مراكز، تدريجيا، في جميع أنحاء البلاد 6 توفر تكوينا تم تصميمه على أساس الاستجابة لمتطلبات مختلف أنواع الإعاقة، مع مراعاة إمكانيات ولوج عالم الشغل. ويتولى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تدبير شؤون تلك المراكز.

ويتعلق الشكل الثالث بالمقاربة الجديدة لإدماج المعوزين في الحياة المهنية، وخصوصا منهم الشباب. وتهدف هذه المقاربة إلى توفير تكوين مؤهل للشباب، فضلا عن الاستفادة من التدابير المواكبة، بغية إيقاظ روح المبادرة لديهم، وتشجيعهم على خلق وحدات إنتاجية شخصية. تتضمن التدابير المواكبة، المساعدة على تخطّي مراحل إرساء الوحدات الإنتاجية، وتوفير أدوات التدبير والتسويق، وكذا الدعم التقني والمالي بمساعدة المهنيين.

وقد شرع في اعتماد هذه المقاربة بإنشاء مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية بالدار البيضاء. وأنشأت المؤسسة، في نفس الإطار، مركزا للتكوين الفلاحي بسيدي بيبي (إقليم شتوكة آيت باهة) ومركزا للتكوين والتأهيل البحري، يوفر تكوينا مؤهلا في ميادين الصيد، للبحارة الصيادين بالمنطقة، كما يوفر لهم تكوينا مستمرا ودروسا في محاربة الأمية.

هذا الانخراط القوي للمؤسسة في تكوين شركائها، يبرهن جليا عن الأهمية التي توليها لهذه العملية، في إطار نهجها الاستراتيجي، الذي يهدف إلى مدّ شركائها بجميع الوسائل التي تمكنهم من تحقيق النجاح في أعمالهم الاجتماعية، والإنسانية، والتنموية.

منح قروض

لقد ثبت أن القروض الصغرى تشكل رافعة قوية لتنمية الأنشطة المدرة للدخل، حيث تمكّن الساكنات في وضعية هشة، من ضمان إدماجها الاجتماعي والاقتصادي، من خلال مجهوداتها الذاتية و استغلال إمكانياتها الشخصية وكفاءتها.

وحتى تتمكن شرائح عريضة من الساكنة من ولوج خدمات القروض الصغرى، قررت المؤسسة دعم فاعلي القطاع، لتمكينهم من تنمية أنشطتهم، ومنح عدد وافر من المستفيدين فرصة إنجاز مشاريعهم، والانخراط في سيرورة الاندماج الذاتي والاقتصادي ولاجتماعي.

هكذا، وطبقا للتعليمات الملكية السامية، وبتشاور مع فاعلي قطاع القروض الصغرى، قامت مؤسسة محمد الخامس للتضامن، بإنشاء مركز لدعم القروض الصغرى التضامنية،الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 8 نوفمبر 2007، بمناسبة حفل إعطاء انطلاقة الحملة الوطنية العاشرة للتضامن، والذي تفضل جلالته بمنحه اسمه الجليل.

يهدف المركز إلى تنمية قطاع القروض الصغرى، والمساهمة في تكوين أعضاء الجمعيات، ودعم حاملي المشاريع، وتشجيع تسويق منتوجات المقاولات الصغرى.

كما منحت المؤسسة هبات مالية لجمعيات القروض الصغرى لتمكينها من تمويل برامجها التنموية.

اهتمام بالمسنين أيضا..

ارتفعت نسبة الأشخاص المسنين من 7 بالمائة من عدد سكان المغرب سنة 1994، إلى 8,1 بالمائة  سنة 2004، أي ما يعادل 2.500.000 من الأشخاص المسنين.

سترتفع نسبة الأشخاص المسنين من 9 بالمائة  سنة 2014 إلى 11,1 بالمائة سنة 2020، وإلى 20 بالمائة سنة 2040.

وقد أفرزت تنبؤات مركز الدراسات والأبحاث الديموغرافية، استنتاجات تشير إلى أن عدد الأشخاص المسنين سيعادل تقريبا عدد الشبان، في أفق سنة 2050.

وتعزى هذه الوضعية إلى ارتفاع نسبة معدل الحياة، التي ما فتئت تتنامى إلى أن أصبحت تتراوح ما بين 65 و 70 سنة 2004 (ممّا يفسر ظهور أطوار جديدة للحياة: أشخاص مسنين، شيوخ، سن متقدم).

وتبلغ نسبة الأشخاص المسنين 9 بالمائة داخل الأوساط الحضرية.

هذا ما دفع بالمؤسسة إلى استباق الأحداث لإيجاد حلول اجتماعية لفائدة الأشخاص المسنين في وضعية هشة. وأنشئت  لهذه الغاية 3 مراكز للأشخاص المسنين بتازة، وكرسيف، والرباط بهدف:

  • التكفل بإيواء، وإطعام، وتوفير الحماية الصحية، والسهر على راحة الأشخاص المسنين بدون موارد ولا سند عائلي؛
  • المساهمة في الإدماج، والتماسك الاجتماعي، وتحسين ظروف عيش الأشخاص المسنين في وضعية هشة؛
  • مواكبة الأشخاص المسنين عند القيام بإجراءات المساعدة، والتوجيه، والإدماج الاجتماعي والاقتصادي؛
  • تنظيم أعمال ذات الوقع القوي على التنمية البشرية، وأخرى تشاركية، ومندمجة، وهادفة، ومستديمة.

ويبدو أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وفي خضم احتفالات الشعب المغربي بالذكرى الثالثة عشر لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش، حيث يستحضر المغاربة الإنجازات المهمة السوسيواجتماعية والإنسانية والثقافية والتربوية التي تم تحقيقها على عهد جلالة الملك، فإن للمؤسسة دورا بارزا في الدفع بعجلة تنمية البلاد إلى الأمام، بل إن خصلة التضامن المعروفة على المغاربة، باتت عنوانا بارزا لهن على اعتبار أن تدخلات المؤسسة شملت كل مناحي حياة المغاربة.     

أعده: نورالدين اليزيد

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b4%d8%aa%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b3%d8%b3%d8%a9-%d9%85%d8%ad.html/feed 0
الملك محمد السادس يقود ثورة ناعمة لتنمية الإنسان المغربي https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%83-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d9%82%d9%88%d8%af-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85.html https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%83-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d9%82%d9%88%d8%af-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85.html#respond Fri, 27 Jul 2012 15:48:00 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=8182 الاحتفال بذكرى عيد العرش المجيد بالمغرب اعتُبر تاريخيا تقليدا سنويا يجدد فيه المغاربة بيعة الولاء إلى الأسرة العلوية الشريفة وإلى سلاطينها وملوكها، إلا أن هذا الاحتفال بات له طعم خاص على عهد جلالة الملك محمد السادس الذي أخذ على عاتقة الانخراط فعليا وميدانيا في تنمية بلاده وشعبه، بل إن قدرة صاحب الجلالة على التلاحم مع هذا الشعب جعلته يقود “ثور ناعمة” منذ بداية حكمه وتجسدت بالخصوص هذه الثورة، في زمن “الثورات العربية” عندما أبى جلالته إلا أن يؤسس لثورة بطابع مغربي تُوجت بدستور جديد لقي ترحيبا دوليا خاصة بعد إجراء انتخابات حرة ونزيهة قادت حزب معارضا إلى رئاسة الحكومة

خبراء غربيون اعتبروا جلالَته ملكا مستنيرا

جلالة الملك محمد السادس

 لا شك أن المتتبع لما بات يُصطلح عليه إعلاميا وسياسيا على المستوى الوطني والدولي بـ”العهد الجديد” يقف عند قناعة أساسية، وهي أن الأمر يتعلق بتحقيب زمني يمتد إلى 13 سنة خلت، وتحديدا منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، في 30 يوليوز سنة 1999، وهي الحقبة الزمنية التي انخرط فيها جلالة الملك بقوة في إحداث تنمية شاملة على كافة الأصعدة، ولاسيما في مجال محاربة الهشاشة الاجتماعية والفقر، إلى حد جعل الإعلام الغربي يصف جلالته بملك الفقراء، لما تحمله الكلمة من دلالات وأبعاد اجتماعية وإنسانية.

وليس من غريب الصدف أن نجد خبراء سياسيين من دول غربية ينوهون بموضوعية إلى ما تم تحقيقه وطنيا في عهد جلالة الملك، ويشيدون بـ”التغييرات العميقة” التي تمت على عهد جلالته في المغرن واصفين العاهل المغربي بأنه  “ملك مستنير” يقود شعبه بـ”حكمة على طريق الحداثة”، كما جاء على لسان أعضاء بغرفتي البرلمان البريطاني، وما أدراك ما الأعضاء المنتسبون إلى أعرق الديمقراطيات الغربية.

وبالنسبة لهؤلاء فإن “جلالة الملك محمد السادس ملك مستنير ينبغي الإشادة بقيادته”، ولا أدل على ذلك القول الآتي من سياسيين خبروا العمل السياسي وإدارة الشأن العام، من أن المغرب عرف منذ اعتلاء محمد السادس، “تغييرات عميقة٬ تعزز تطوره السياسي والاقتصادي٬ مما مكنه من المضي قدما وبكل ثقة إلى التحديث أكثر”، مؤكدين أن المغرب تمكن بفضل الجهود الدؤوبة لجلالته من تعزيز مكانته بين الدول٬ قبل أن يخلص هؤلاء البريطانيون إلى أن المملكة “الدولة/الأمة تعد ملاذا للسلم ونموذجا للتطور الديمقراطي والاقتصادي في المنطقة”.

الغرب يشيد بالنموذج المغربي

جلالة الملك محمد السادس

 إن المغرب ينتظره مستقبل زاهر على ضوء التقدم الذي حققه والذي يجعل من المملكة شريكا مفضلا، برأي هؤلاء، حيث ينبغي للدول الغربية أن تواصل تعزيز شراكاتها معه في المجالات الاقتصادية والسياسية”، مذكرين بالانفتاح الذي عرفته المملكة منذ اعتلاء جلالة الملك العرش٬ وخاصة على مستوى العدالة الإنسانية حيث أن التجربة الرائدة لهيئة الإنصاف والمصالحة تعتبر مبادرة “حيوية مكنت المغرب من طي صفحة الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان والمضي قدما نحو مزيد من التقدم السياسي”.

وليس هناك أصدق قولا في شخص يمارس مهام الحكم من الأكاديمي الباحث في المجال الإداري والسياسي، الذي لا يصدر أحكامه إلا بعد إخضاع موضوع دراسته وبحثه للدراسة والتمحيص، بحيث يكون حكمه على هذا السياسي أو ذاك الحاكم نابع من مدى ملاءمة تصرفات هؤلاء الأشخاص لأدبيات ونظريات السياسات العامة، التي لا تكون ناجعة إلا بمدى مطابقتها للصالح العام ودرجة قدرتها على جعل المواطن في صلب اهتمامات تلك السياسات العامة.

من هؤلاء الخبراء القانونيين والإداريين الأستاذ ميشيل روسي، الملقب بـ”أب” القانون الإداري المغربي والعميد الفخري حاليا لجامعة غرونوبل٬ الذي أكد في تصريحات حديثة له بأن جلالة الملك محمد السادس أبان عن “واقعية وتبصر” بإقراره مراجعة شاملة للمؤسسات وباقتراحه إصلاحا دستوريا حقق “توازنا غير مسبوق” بين السلطات.

وبرأي فقيه القانون الفرنسي البارز الذي شارك في صياغة الدستور المغربي لسنة 1996 فإنه بعد إقرار دستور السنة الماضية الذي تم الاستفتاء بشأنه من لدن المغاربة وصوتت عليه غالبيتهم، فقد أصبح من اللازم أن تستفيد الأحزاب السياسية والجمعيات أكبر استفادة “من هذه المستجدات الدستورية”.

ويضيف روسي أن ما يميز المسار الذي اختاره المغرب وجلالة الملك للإجابة عن معطيات “الربيع العربي”٬ هو “إدراك جلالة الملك للحقائق السياسية والمؤسساتية الجديدة”، مؤكدا أن جلالة الملك “أبان عن حسه السياسي بإقراره  بواقعية وتبصر٬ إجراء مراجعة شاملة للمؤسسات”.

وأشار إلى أن جلالة الملك عند قيامه بذلك “أظهر أنه واع تماما بأن المؤسسات السياسية والدستورية لم تعد تتماشى مع ما تحتاجه الوضعية السياسية الداخلية للمغرب وبيئته الدولية خاصة العربية والمغاربية”، مؤكدا أن دستور سنة 2011 نص على “إعادة توازن غير مسبوق للسلطات” لفائدة المؤسسات المنبثقة عن الاقتراع الشعبي٬ البرلمان والحكومة٬ وهو ما أظهره استفتاء فاتح يوليوز 2011. وبالمقابل٬ لاحظ الأستاذ روسي أنه على الصعيد السياسي٬ أظهرت الانتخابات التشريعية٬ التي لم يشارك فيها سوى 47.6 بالمائة من الناخبين٬ “ضعف الانخراط الشعبي في عمل الأحزاب السياسية”.

وبخصوص المقتضيات الدستورية التي أقرت الحماية القانونية لحريات وحقوق الرجل والمرأة٬ أكد الخبير القانوني الفرنسي أن هذا التطور “إيجابي بكل تأكيد”، لكنه لاحظ أن “المشكل الحقيقي هو واقع الحياة اليومية العامة والخاصة؛ ففيما يتعلق أساسا بالمرأة ينبغي تغيير العقليات وتطوير المجتمع باعتبار ذلك أمرا أساسيا”.

المغرب..شجاعة المواجهة!

جلالة الملك محمد السادس

 على المستوى الاقتصادي تشير مصادر سياسية غربية إلى أن المغرب يتمتع بوضع اقتصادي محل “اهتمام من قبل البلدان الأخرى التي تواجه مشاكل خطيرة”٬ وأن المغرب بفضل إطاره السياسي والماكرو-اقتصادي المستقر٬ ينظر إليه كسوق واعد ينبغي للشركاء الأوروبيين العمل معه.

وتكشف هذه المصادر في تصريحات إعلامية عن أن “المشاريع البنيوية الكبرى” التي أطلقها المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة٬ وعلى الخصوص ميناء طنجة-المتوسط والمبادرات الطموحة التي اتخذتها المملكة لتطوير المجالات الجديدة مثل الطاقات المتجددة٬ وترحيل الخدمات (الأوفشورينغ)٬ والقطاعات المالية٬ جعلت المملكة وجهة جذابة بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص أعمال جديدة.

وبحسب هؤلاء دائما فإن هذا التقدم المقرون بنجاح المغرب في تنويع شراكاته٬ يمنح فرصا حقيقية للمستثمرين٬ لأن المغرب وضع سياسات واستراتيجيات ملائمة تسمح له بتثمين فرصه من أجل تحقيق التنمية٬ ومن ذلك المقاربة التي اعتمدها هذا البلد بهدف ضمان تنمية عادلة عبر كل التراب الوطني.

ولا يجد خبراء غربيون حرجا في أن يصلوا في خلاصاتهم التحليلية لواقع بلادنا على عهد جلالة الملك من أن يقولوا “أن الشعب المغربي يحق له أن يكون فخورا بالمكاسب الملحوظة التي تحققت تحت قيادة جلالة الملك”ن منوهين على “الالتزام الشخصي والدائم لجلالة الملك لفائدة التنمية بالمملكة٬ وإلى أن وتيرة الانفتاح الذي عرفه المغرب منذ اعتلاء جلالة الملك العرش يثلج الصدور ويطمئن على مستقبل المغرب”.

ويشير أحد هؤلاء الخبراء البريطانيين وهو اللورد هاريسون٬ المطلع على قضايا المغرب وشمال إفريقيا٬ إلى أن المسؤولين المغاربة واجهوا٬ بالشجاعة والمثابرة٬ المشاكل التي تعاني منها البلاد٬ من خلال اعتماد استراتيجيات مكنت من وضع المغرب في مركز الصدارة على الصعيد الإقليمي في مجال التطور الاقتصادي والسياسي.

وعبر، في تصريح لوكالة المغربي العربي للأنباء، عن إعجابه بشكل خاص بالتطور الإيجابي الذي عرفته وضعية المرأة في المغرب٬ وعلى الخصوص منذ المصادقة على مدونة الأسرة.

وقال اللورد هاريسون “إنه لأمر مدهش أن نرى المرأة المغربية ممثلة في جميع القطاعات”٬ مشيدا بالمرأة المغربية على مشاركتها الفاعلة وعلى الخصوص في مجال العمل الاجتماعي.

الملك..مستشرف رائد

جلالة الملك محمد السادس

 في ما يتعلق بالأحداث التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال سنة 2011، أكد اللورد هاريسون أن المغرب قد نجح في التعامل مع هذه الأحداث الحاسمة٬ مشيرا إلى أن جلالة الملك أظهر قدرة كبيرة على الاستشراف٬ من خلال تقديم دستور رائد وضع المغرب في مصاف البلدان ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، مضيفا أن هذه “القدرة لم تأت صدفة لأن المغرب ومنذ سنوات كان جد متقدم في مجال التطور السياسي والديمقراطي مقارنة مع البلدان الأخرى في المنطقة”٬ ومؤكدا في ذات السياق أن الملاحظين المطلعين والواعين بهذا الواقع٬ يدركون جيدا أن المغرب يتوفر على مؤسسات قوية تجعله في مأمن من الاضطرابات.

واعتبر اللورد هاريسون أن المغرب٬ القوي بجميع أسسه٬ يقدم مثالا رائعا لبلد يتجه نحو الحداثة مع دفاعه في نفس الوقت وبغيرة عن تقاليده٬ مشيرا إلى أن إمكانات المملكة وعلاقاتها الممتازة مع البلدان الأكثر نفوذا في العالم تمكنها من التطلع وبكل ثقة إلى مستقبلها.

ويبدو أن الدستور المغربي الجديد الذي استُفتي فيه الشعب المغربي في السنة الماضية وصوت عليه بشبه إجماع، في فاتح يوليوز سنة 2011، قد لقي ترحيبا وطنيا وإقليميا ودوليا، لاسيما أنه اعتبر من طرف الخبراء الدستوريين والقانونيين دستورا متقدما، بل إن هناك من ذهَب في وصف الدستور المغربي الجديد إلى اعتباره “ثورة صامتة أو ناعمة” قادها جلالة الملك بنفسه تفاعلا مع أحداث ما بات يسمى بـ”الربيع العربي”، وهي الأحداث والاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة العربية بداية من خريف سنة 2010، وما تزال مستمرة إلى اليوم في بعض الدول العربية، بعدما أطاحت بأنظمة دكتاتورية ظلت لسنوات تستبعد أي مشاركة شعبية في إدارة الحكم.

وبقدر ما حرص الدستور الجديد على ضرورة ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة والعقاب، فإنه لم يغفل كذلك تكريس كل الحقوق والحريات المتعارف عليها إنسانيا ودوليان مع احترام مقومات الوطن الثقافية والدينية طبعا؛ وهذا فقد أقر دستور سنة 2011 قرينة البراءة، وضمان شروط المحاكمة العادلة٬ وتجريم التعذيب٬ والاختفاء القسري٬ والاعتقال التعسفي٬ وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية٬ وضمان حرية التعبير والرأي٬ والحق في الولوج إلى المعلومات٬ وحق تقديم العرائض٬ وفق ضوابط يحددها قانون تنظيمي.

ويؤطر هذه الحقوق والحريات التنصيص الصريح للدستور الجديد في فصله الثاني على أن “السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها، وتختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم”. قبل أن يأتي الفصل السادس ليؤكد أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. وتعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية”.

وقد كانت المفاجأة الكبرى في الدستور الجديد هي إلغاء الفصل 19 (في صيغته القديمة) المثير للجدل، والذي كان يتحجج به البعض للتشكيك في التجربة الديمقراطية المغربية، ويعتبرونه “دستورا داخل الدستور” مع أن جانبا من الفقه القانوني ظل يفسر مضمون هذا الفصل؛ “الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور..”، بأنكل ذلك هو مجرد احتياط دستوري un subsidiaire constitutionnel، يوظف لمواجهة كل الاحتمالات (كالفراغ التشريعي، وحالة الاستثناء، وحالة الحصار، وحالة الحرب، وحالات التحكيم، وحالات التأويل…)، أما في الظروف العادية فإن النظام الدستوري المغربي يشتغل بعيدا عن تأثيرات هذا الفصل.

لكن إنهاء هذا الجدال جاء مع الدستور الجديد، بحيث أبى جلالة الملك إلا أن يضع حدا لذلك، بل وليجعل هذا الفصل نموذجا عمليا صارخا للإٍرادة القوية للقيادة الرشيدة، ورسالة لا غبار عليها لمن يهمهم الأمر فيما يخص الحقوق والحريات، بحيث بات الفصل المثير للجدل ينص على المساواة بين الرجل والمرأة والتأسيس لذلك دستوريا، إذ دعا إلى إنشاء هيئة دستورية للمناصفة بين الجنسين، ونص حرفيا على أنه “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”. قبل أن يضيف “تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء”، وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”.

ثورة على النمط المغربي

جلالة الملك محمد السادس

 إن الدستور الجديد اعتبر بحق ثورة بطابع مغربي أصيل تماهى فيها العرش مع الشعب وانخرط فيها الجميع للتأسيس لمغرب جديد يدمج كافة شرائحه المجتمعية في تنمية هذه البلاد الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وبالتالي كانت بلادنا في منأى عن مثل تلك القلاقل التي عاشتها وتعيشها بلدان مجاورة لنان والتي كبدت البلاد والعباد خسائر لا قبل للناس بها؛ إنه الدستور الذي كرس دولة القانون وأعطى للعالم درسا يصدح بكون النموذج المغربي له من المناعة والقابلية للتأقلم مع مختلف الأحداث ما يجعله ينجح في كسب رهان الاستثمار في الإنسان، وإتاحة الفرصة للجميع للنهوض بتقدم البلاد وتطورها في احترام تام لمبادئ اللعبة الديمقراطية.

وفي هذا السياق ليس أدل على نجاح التجربة المغربية من الإسراع -بمجرد انخراط الشعب المغربي إسوة بما يجري لدى الأشقاء في المنطقة العربية، في احتجاجات رغم كان ذلك كان من بين الحقوق التي راكمها المغرب طيلة سنوات خلت- إلى إحداث تغيير جذري على الدستور المغربي وتلته مباشرة انتخابات حرة ونزيهة، باعتراف مراقبين دوليين وقوى عظمى، ليفوز فيها حزب معارض ذو توجه “إسلامي” استطاع أن يحتل المرتبة الأولى في انتخابات شارك فيها أزيد من 47 بالمائة من الناخبين، وليتم فسح المجال لهذا الحزب (العدالة والتنمية) لتشكيل حكومة يترأسها أمينه العام، في أول تطبيق عملي لمؤسسة رئاسة الحكومة (الوزير الأول بالصيغة الدستورية القديمة).

ولئن عين الغرب ظلت مركزة على المنطقة العربية طيلة الأشهر السابقة، بسبب تداعيات الاحتجاجات العارمة التي شهدتها مختلف البلدان العربية وأطاحت بأنظمة حكم البعض منها بينما ما تزال بعض الأنظمة تترنح بسبب إحجامها عن الاستجابة لمطالب شعوبها المتعلقة بالحرية والديمقراطية، فإن المنظار الغربي إزاء ما يحدث من تطورات إيجابية على صعيد المملكة الشريفة، كان أكثر دقة ورصدا، فجاءت شهادات مختلف العواصم الغربية الأوروبية منها والأمريكية، منصفة للنظام المغربي الذي عرف كيف ينخرط في إصلاحات اعتبرت تكريسا لأرضية خصبة ظلت ترعاها السلطات العليا بالبلاد، ولذلك تم تجنيب البلاد ويلات غد مظلم. بل على العكس من ذلك باتت التجربة المغربية، بنظر هذا الغرب نموذجا يُحتدى ينبغي على الأنظمة السياسية بالمنطقة أن تقتفي آثاره وتسير على هديه.

وأحدث هذه الشهادات المنوهة بالنموذج المغربي في الإصلاح جاءت من البيت حيث قال كاتب الدولة الأمريكي المساعد المكلف بالمغرب العربي، راي ماكسويل٬ إن جلالة الملك محمد السادس قائد “حكيم متبصر عرف كيف يستجيب لتطلعات شعبه”٬ حتى قبل قدوم “الربيع العربي”٬ مؤكدا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المغرب لتعزيز هذه الدينامية “الإيجابية” للإصلاحات.

وبرأي هذا المسؤول الأمريكي الذي أجرى زيارة للمغرب مطلع السنة الجارية التقى خلالها بمسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني٬ فإن “العديد من الإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك استبقت الربيع العربي٬ كما أن الكثير من المطالب المعبر عنها اليوم من طرف شعوب المنطقة سبق وتمت تلبيتها بالمغرب بفضل الحكمة والقيادة الرشيدة لجلالة الملك”.

وأوضح، في حديث نقلته وكالة الأنباء المغربية، أنه “خلال زيارتي للمغرب٬ عاينت تلك الصورة الإيجابية التي يتوفر عليها المغرب بالخارج٬ وكذا حماس مختلف فاعلي المجتمع المغربي”٬ مشيرا إلى أن الإصلاحات التي تمت مباشرتها في إطار الدستور الجديد ” نتيجة لمقاربة متدرجة٬ لم تأت بين عشية وضحاها٬ تروم ضمان الاستمرارية بشكل دائم”.

وأبرز كاتب الدولة الأمريكي المساعد المكلف بالمغرب العربي أن “جميع المؤشرات تبرز الطابع المتميز لهذه الإصلاحات التي تعد وليدة إرادة أصيلة أيضا لتحسين ظروف عيش المغاربة من دون كلل”.

وأكد ماكسويل أن واشنطن أرست مع الرباط “حوارا استراتيجيا يشمل مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك”٬ مجددا إرادة إدارة أوباما تعزيز تعاونها العسكري بشكل أكبر٬ وإحراز نتائج أكثر لاتفاق التبادل الحر٬ والنهوض بالاستثمارات الأمريكية في قطاع الطاقات المتجددة بالمغرب٬ وفي قطاعات أخرى.

وليس من باب الترف أن نشير إلى أن التحركات المكوكية التي يقوم بها جلالة الملك في مختلف ربوع المملك، منذ اعتلائه العرش، بحيث جسد على أرض الواقع كون جلالته أهلا لكل الأوصاف السامية والنبيلة، بدءا بـ”ملك الفقراء”، ومرورا بـ”الملك الشاب”، إلى وصف “الملك المتواضع والمحبوب”، كلها أوصاف ونعوت جسدها الملك محمد السادس واقعا لا قولا، فرأينا كيف التحم الموكب الملكي وشخص جلالته تحديدا بصفوف الشعب المغربي في كل مدينة وقرية حل بها، وكيف احتضن أبناء الفئات المحرومة والمعوزة وأعطى الانطلاقة لمشاريع ضخمة تخدم هاته الفئات وتساهم في محاربة الهشاشة الاجتماعية، وهو ما جاءت من أجله ولغايته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي احتفلت هذه السنة بعامها السابع. وغير ذلك من المشاريع التنموية الرائدة سواء تعلق الأمر بمجال الطاقة البديلة حيث أضحى المغرب قبلة تتوجه إليها الأنظار العالمية في هذا الإطار، بالنظر إلى الاستثمارات المهمة التي تم رصدها لهذا الغرض، بالإضافة إلى مشاريع أخرى ضخمة، لا يسع المجال لذكرها، ولكنها جسدت بحق الإرادة القوية لجلالة الملك لكسب رهان التنمية الذي يطمح جلالته إلى تحقيقه والذي جعله عهدا مناطا به كما جاء في ختام خطاب جلالته المعلن عن انطلاق “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” يوم 18 ماي سنة 2005، بحيث قال جلالته “وإنه لعهد وثيق يجب أن نـأخذه جميعا على أنـفـسـنـا لـتـكـريـس كـل الـجهود، مـن أجل انتـشال الـفئات والجهات المحرومة من براثن الفقر والإقصاء والتخلف، وتمكينهـا من الأخذ بناصية الـتقدم، وتـحقيق التنمية البـشرية الـمستدامة، باعـتبارها الـمعركة الأسـاسـيـة لمغرب اليوم والغد”.

نورالدين اليزيد

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%83-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d9%82%d9%88%d8%af-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85.html/feed 0
قراءة مختصرة في تاريخ العلاقات الروسية المغربية https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%85%d8%ae%d8%aa%d8%b5%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a.html https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%85%d8%ae%d8%aa%d8%b5%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a.html#respond Fri, 20 Jul 2012 10:19:40 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=7783 ليس من باب الترف أو المباهاة أن نعود إلى النبش في الكتب التاريخية والمراجع الأجنبية التعليمية والإعلامية، لإماطة اللثام عن علاقات المغرب الخارجية، ولاسيما تلك المتعلقة بعلاقاته مع الإمبراطوريات الكبرى في العالم، ومن ذلك علاقاته بالإمبراطورية الروسية التي اقتسمت السيطرة على العالم مع أمريكا زمنا غير يسير؛ ولكن إعادة قراءتنا لتلكم العلاقات هي من باب الذكرى، إن كانت تنفع البعض، ممن يصرون على الاحتفاظ بعقدة إزاء هذا المغرب ذي التاريخ المديد الذي كان يوما مهاب الجانب من قِبل امبراطوريات لا تغيب عنها الشمس.

يوم كانت روسيا تخطب ود المغرب لمضاهاة القوى الاستعمارية

تاريخ العلاقات الروسية المغربية

في الوقت الذي تزايدت فيه الأطماع الغربية على السلطنة المغربية، نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كانت روسيا تضع المغرب على قائمة أجندة سياساتها الخارجية، لاسيما مع الأخذ بعين الاعتبار ذاك الاهتمام المتزايد للغرب بهذا البلد الشمال إفريقي والذي جعله موقعه الإستراتيجي المطل على واجهتين بحريتين، يقع في واحدة من أهم نقط العبور البحرية في العالم.  

وبدأ اهتمام روسيا بإفريقيا والمغرب كجزء منها، منذ أيام الإمبراطور بطرس الأول، وتحدد بتوجهاته نحو توسيع تأثير روسيا على المناطق الجنوبية لسواحل البحر الأسود، التي تأتي خلفها مساحات البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي البعيد، حيث اعتمد الإمبراطور في ذلك على اعتبارات عسكرية وسياسية وتجارية. ولكن سيادة الإمبراطورية العثمانية على الحدود الجنوبية لروسيا حال دون تحقيق ذلك.

كاترينا الثانية

ومرت عشرات السنين قبل أن تتمكن روسيا في سنوات حكم يكاتيرينا الثانية من التثبت على السواحل الشمالية للبحر الأسود. حينها وبالذات في الربع الأخير من القرن 18، وبواسطة ممثل السلطان محمد الثالث بن عبد الله بمدينة توسكان (إيطاليا)، تم إقامة اتصالات دائمة بين روسيا والمغرب. وتبادل رئيسا الدولتين الوثائق التي عبروا فيها عن رغبتهم بإقامة علاقات صداقة وعلاقات تجارية تضمن معاملة تفضيلية بينهما.

ولسنوات طويلة بقيت العلاقات الروسية –المغربية تتم من خلال شخصيات معتمدة من دول أوربا الغربية، وذلك لأن الاتصالات عبر البحر البيض المتوسط لم تكن ممكنة بسبب الصراع التقليدي بين روسيا وتركيا؛ ففي البدء كان وزير بلجيكا المفوض يرعى المصالح الروسية في المغرب، بعدها في (مارس 1882)، أنيطت المهمة بممثل اسبانيا الدبلوماسي. وفي أكتوبر عام 1897 تمت الموافقة على تأسيس قنصلية في المغرب وتعيين قنصل عام بدرجة وزير مفوض.

بداية الاهتمام الروسي بالسلطنة المغربية

 إن عدم وجود ممثل مباشر للإمبراطورية الروسية في شمال غرب إفريقيا لفترة زمنية طويلة يُفسره المؤرخون بعدة أسباب منها؛ أولا بُعد المغرب عن روسيا بآلاف الكيلومترات. وثانيا لم يكن لروسيا رغبة كبيرة في تطوير التبادل التجاري مع المغرب؛ وأكثر من ذلك كانت تخاف من منافستها في السوق الأوربية. وفي نهاية القرن 19 تأجج الصراع بين الدول الاستعمارية الغربية لفرض نفوذها على القارة الإفريقية. وأصبح المغرب مركزا لهذا الصراع بسبب موقعه الجغرافي والعسكري على خط التقاء أوربا وأفريقيا بالقرب من مضيق جبل طارق، وعلى تقاطع الطرق البحرية الدولية. ومع توغل فرنسا وبريطانيا العظمى واسبانيا ودول أخرى في المغرب تفاقم الصراع بينها.

ولم يكن لروسيا اية طموحات شخصية في شمال إفريقيا وغرب البحر الأبيض المتوسط، بحسب بعض الكتابات الروسية، ولسنوات طويلة لم تظهر أي نشاط دبلوماسي. ولكن عندما وصلت المجابهة بين الدول الأوربية الغربية ذروتها وهددت بالتحول إلى مجابهة عالمية، تغير موقف حكومة الإمبراطورية الروسية مما يسمى “القضية المغربية”. و بالنظر إلى كون روسيا دولة عظمى، أصبح دورها منع تأزم العلاقة بين الدول المعنية بالصراع، وعدم السماح لأي منها توطيد مواقعه في المغرب على حساب الآخرين. بالإضافة لذلك اعتمدت القيادة المغربية على روسيا في منع التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية والحفاظ على حريته واستقلاله.

وبهدف حل المشاكل المذكورة آنفا، في مدينة طنجة، (مركز النشاط العالمي في المغرب ومقر السلك الدبلوماسي)، تم تعيين فاسيلي باخيراخت الذي عمل لسنوات طويلة  بالممثليات الدبلوماسية الروسية في سويسرا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والبرتغال.

وفي ماي سنة 1898، وصل باخيراخت إلى المغرب، وبدأ نشاط الممثلية الدبلوماسية الروسية نشاطه، الذي أثار الكثير من الأقاويل في أوساط السلك الدبلوماسي والقنصلي، والتي كانت تهدف التقليل من دوره وأهميته، على افتراض ارتباطه بفرنسا، إلا أنها لم تصل إلى هدفها المنشود.

روسيا تستطلع الوضع المغربي

 احتل التحليل السياسي للوضع في المغرب ركنا هاما في التقارير التي كان يرفعها باخيراخت إلى وزارة الخارجية؛ وحسب تقييمه، فإنه يمكن في أي لحظة أن تحدث انتفاضة أو نزاع داخلي. ودون أن يعبأ بذلك قرر باخيراخت التوجه إلى مراكش عاصمة المغرب آنذاك، لتقديم أوراق اعتماده إلى السلطان عبد العزيز. ونظرا لإخبار السلطان بقدوم باخيراخت، فإنه وعده بأن تحظى البعثة الدبلوماسية الروسية بترحاب حار. وفعلا حظي أول ممثل للدبلوماسية الروسية باستقبال حار. وكان دخوله إلى المدينة حافلا ومهيبا. واستقبل القنصل الروسي العام والوفد المرافق له من قبل السلطات المحلية وجماهير غفيرة، واصطف حرس الشرف لتحيتهم.

السلطان عبد العزيز

وبعد مرور ثلاثة أيام تمت مراسيم تقديم باخيراخت إلى السلطان. وفي أثناء تقديمه أوراق اعتماده ألقى باخيراخت خطابا قصيرا أكد فيه أن وجود الممثلية الدبلوماسية الروسية في المغرب هو برهان واضح للنوايا الطيبة للإمبراطور الروسي. وفي رده أشار السلطان بأنه وحكومته سعداء لتوثيق العلاقات مع الإمبراطورية الروسية.

مع تعيين باخيراخت أصبحت لروسيا ممثلة مباشرة في المغرب على قدم المساواة بالدول الأخرى. مما سمح لها بسرعة بحل القضايا الجيوسياسية الخاصة بها على ضوء مصالحها. وكُلف القنصل العام بالحصول على ثقة السلطان وتقوية العلاقات “الرفاقية” والعملية مع الممثلين الدبلوماسيين للدول الأخرى في طنجة.

وتشير التقارير الروسية إلى أن مستقبل العلاقات الروسية–المغربية ارتبط بدرجة كبيرة بمدى نجاح القنصل في تنفيذ التكليف.

نيقولاي الثاني

من جهتها اعتمدت السلطات المغربية على مساعدة ودعم روسيا العظمى وشكرت نيقولاي الثاني على فتح الممثلية الدبلوماسية الروسية في طنجة. وللتعبير عن امتنانهم لنواياه الطيبة تجاه مملكة الأشراف، فقد قرر السلطان في شهر أبريل من سنة 1901 إرسال بعثة دبلوماسية طارئة إلى روسيا البعيدة برئاسة وزير الخارجية سيدي عبد الكريم بن سليمان. وأخذا بالاعتبار ارتباط المغرب بدول أوربا الغربية، أوفد السلطان بعثات مماثلة إلى كل من باريس ولندن وبرلين.

روسيا تخطب ود المغرب..

 في الجانب الآخر الروسي قرر المسؤولون الاستفادة من وصول البعثة المغربية، لحل مجموعة من المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية ومن ذلك؛ أولا: العمل من أجل أن تنقل البعثة المغربية أحسن انطباع عن تواجدهم في روسيا، وأن يتحدثوا عن عظمة وقوة الإمبراطورية الروسية. وثانيا: العمل من أجل إقناع أعضاء الوفد بأنه على المغرب تقوية علاقته بفرنسا وعدم الاعتماد على صداقة انجلترا. وثالثا: من الضروري التأكيد على فكرة كون السياسة الروسية خالية من الأطماع، وبفضل قوتها يكون الاتحاد معها مهم جدا، وخير مثال هو تعاظم هيبة فرنسا بعد تقاربها من الإمبراطورية الروسية. ورابعا: كان لابد من التأكيد في أثناء المباحثات على أن روسيا تقف إلى جانب إبقاء الحالة الراهنة للمغرب، أي استقلاله السياسي ووحدة أراضيه.

سانكت – بطرسبورغ

وصلت البعثة المغربية إلى سانكت بطرسبورغ في 20 يوليوز، وفي اليوم التالي طلب رئيس البعثة وزير الخارجية سيدي عبد الكريم بن سليمان، عن طريق وزير الخارجية الروسي رسميا مقابلة نيقولاي الثاني، لكي يسلمه رسالة شخصية من السلطان مولاي عبد العزيز، وتمت المقابلة في 24 يوليوز. وأشار نيقولاي الثاني في رسالته الجوابية إلى السلطان، بأنه استقبل البعثة المغربية بارتياح خاص، لأنه يرى في إرسال بعثة رسمية إلى روسيا رغبة مولاي عبد العزيز الصادقة في تعزيز علاقات الصداقة بين البلدين، وثمن عاليا توجه السلطان نحو تقريب الدولتين الصديقتين.

ولم يمر التواجد الروسي في المغرب دون أن يخلف ردود فعل بين السكان المحليين، بين حب الاطلاع والتعجب. وظهر ذلك للمرة الأولى في نونبر سنة 1899، عندما دخلت السفينة الروسية المدرعة “بيتروبافلوفسك ” ميناء طنجة، حيث عرض قائدها على الراغبين الصعود على ظهر السفينة لمشاهدتها. وخلال ثلاثة أيام زار السفينة 300 مغربي، ومعظمهم جاء من المدن الداخلية للمغرب.

السفينة الروسية المدرعة "بيتروبافلوفسك "

وأشار باخيراخت في أحد تقاريره إلى وزارة الخارجية إلى تقييمه الإيجابي لهذا العمل، وأنه انتشرت في المغرب شائعات عن قوة روسيا ورحابة صدر وكرم البحارة الروس. وحسب التقرير نفسه فإن المغاربة  أخذهم العجب بالكامل، لأنه لم يسبق أن دللتهم قيادة أجنبية أخرى كما أتاحت لهم روسيا ذلك. كما أن وجود بعض التتار الذين لهم نفس المعتقد (مسلمون)، سهّل التحدث معهم وزاد من إعجابهم بطاقم المدرعة الروسية.

ميناء طنجة

في الفترة بين أكتوبر ونونبر سنة 1904 دخلت ميناء طنجة ثلاثة قطعات حربية من أسطول المحيط الهادي الثاني، المتجه إلى الشرق الأقصى للمشاركة في الحرب مع اليابان. وقام قادة هذه القطعات بزيارة ممثل السلطان، الذي في إجابته على سؤال كيف يوفق بين قواعد الحياد ووجود الأسطول الحربي الروسي في طنجة، اعتبر أن المغرب يرتبط بروسيا باتفاقيات، وهم أصدقاء وليس هناك حسب رأيه ما يمنع توقفها وتزويدها بما هو ضروري في موانئ السلطان. أما ما يتعلق بالسكان المحليين وتحسسهم من تواجد السفن الحربية الأجنبية في المياه الإقليمية للمغرب، وحسب تقييم باخيراختن فقد استقبلوا الممثلين الروس بمودة.

روسيا تدافع على استقلال المغرب

 في سنة 1905 نشبت أول أزمة مغربية بسبب المنافسة بين دول أوربا الغربية على مناطق النفوذ في إفريقيا، ومن ضمنها المغرب. ولأجل حل الخلافات انعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء الدولي. في هذا الوقت ضعف تأثير الإمبراطورية الروسية بشكل ملموس على الأحداث الدولية، ومنها شمال إفريقيا  نتيجة اندحارها في حربها مع اليابان في عامي 1904-1905 . ولكنها تمسكت بموقفها حول استقلال المغرب والمحافظة على وحدة أراضيه، ومساواة حقوق الدول الأجنبية في هذا البلد.

انفض المؤتمرون وخرجوا بتوصيات منها مجموعة قرارات تضمن مصالح جميع الدول الممثلة في المغرب. إلا أن توزيع القوى كان لصالح فرنسا، التي حصلت على إمكانية توسيع نفوذها. وتم هذا بدرجة كبيرة بدعم من روسيا.

وخلال 8 سنوات من وجود باخيراخت في طنجة حصلت في البلاد المغربية تغييرات كثيرة. وحافظ المغرب على كونه دولة مستقلة، إلا أن تنفيذ مواد الوثيقة الرئيسية لمؤتمر الجزيرة الخضراء الدولي كُلف بها الدبلوماسيون الأجانب، الذين مثلوا مصالح بلدانهم، وفي نفس الوقت كانوا يديرون الأمور الداخلية للمغرب. ونتيجة ذلك ظهرت وبشكل ملح ضرورة تغيير القنصلية الروسية العامة إلى بعثة دبلوماسية. وكان هذا ضروريا خاصة وأن كل الممثليات الأجنبية في المغرب كانت تحمل صفة بعثات دبلوماسية، ورؤسائها هم من درجة سفراء فوق العادة ووزراء مفوضين؛ ومثل هذا الوضع لم يكن يعبر عن هيبة الدبلوماسية الروسية في المحافل الدولية.

وتضمن موقف روسيا الاساسي منع وقوع إمبراطورية الشرفاء تحت تأثير هذه أو تلك من الدول المتنافسة. ومع مرور الوقت كان بإمكان ألمانيا أو فرنسا وضع يدها على المغرب، وهذا غير ملائم لروسيا، لأنه كان سيسمح لألمانيا التوغل إلى البحر الأبيض المتوسط أولا، وثانيا عند التأكد من أن المغرب أصبح جزءا من فرنسا، كان عليها من الطبيعي البحث عن إمكانيات جديدة لتعويض فقدانه، وهذا أيضا لا يمكن أن يلائم روسيا إطلاقا.

كل هذه الحجج كانت تشكل أساس التوجهات التي أرسلتها وزارة الخارجية الروسية إلى بطرس بوتكين الوزير المفوض مدير القنصلية العامة للإمبراطورية الروسية في المغرب، الذي حال استلامه مهام عمله في شتنبر سنة 1907، طرح على مسؤوليه موضوع تحويل القنصلية العامة إلى بعثة دبلوماسية ومنحه درجة سفير فوق العادة ووزير مفوض، بالرغم من أنه كان يعلم أن هذا الأمر يتطلب تخصيص مبالغ إضافية.

وزير الخارجية ألكساندر إزفولسكي

في نفس الوقت عندما طرح وزير الخارجية ألكساندر إزفولسكي هذا الموضوع على نيقولاي الثاني، أشار إلى عدم جدوى تحويل القنصلية العامة في طنجة إلى بعثة دبلوماسية، مؤكدا بأنه عندما يقوم السلك الدبلوماسي بأي فعاليات مقررة في مؤتمر الجزيرة الخضراء لم تظهر أي شكوك أو سوء فهم لصلاحيات الممثلية الروسية، لكون المكلف بها وزير مفوض وليس سفيرا. ولتحاشي صرف مبالغ إضافية اقترح الاكتفاء بمنح بوتكين درجة سفير فوق العادة ووزير مفوض فقط  وهو ما تم فعله.

وأصبح النشاط الأساسي لبوتكين في المغرب هو القيام بدور الوسيط في الصراع بين الأطراف المتنافسة. وبدون تضخيم أهمية نشاط السلك الدبلوماسي أكد على أنه بدون تصويت روسيا لصالح فرنسا فإن سياسة التوغل السلمية للأخيرة كانت ستلقى عقبات دائمة. واعتمادا على هذا فإن الجانب الفرنسي يعتز كثيرا بالدعم الروسي ويعقد عليه آمالا كبيرة في حل المسألة المغربية المستعصية. ولهذا السبب فإن الحكومة الفرنسية واعترافا منها بنشاط القنصلية العامة لروسيا في المغرب، طرحت على وزارة الخارجية للإمبراطورية الروسية موضوع تحويلها إلى بعثة دبلوماسية، مؤكدة أن هذا بدون شك سوف يرفع هيبة روسيا وتتناسب بدرجة كبيرة مكانتها ودورها في السياسة العالمية.

المغرب في قلب التحولات الدولية..

 لقد فسحت قرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء المجال أمام فرنسا التي لا فقط توغلت بنشاط في المغرب، بل احتلت أجزاء من أراضيه، مما أثار عدم رضى ألمانيا. وأدت المنافسة الألمانية-الفرنسية في المغرب إلى ما يسمى حادث الدار البيضاء ( 1908-1909 ).

وقفت روسيا في صراع الدولتين العظيمتين إلى جانب فرنسا، واستجابة لرغبة فرنسا قررت الحكومة الروسية في ماي سنة 1910، تحويل قنصليتها العامة إلى بعثة دبلوماسية، إلا أن المبالغ المخصصة بقيت على مستواها السابق. مما أثار غضب بوتكين، ومع ذلك لم يتمكن من الحصول على مبالغ إضافية. إضافة إلى حصول تغير في  السياسة العامة للإمبراطورية الروسية في المغرب، حيث تقرر تبديل وكلاء القناصل الروس  بقناصل فرنسيين، الذين كان من واجبهم رعاية مصالح المواطنين الروس في هذا البلد.

وأدت هذه السياسة إلى إضعاف دور الدبلوماسية الروسية في المغرب. وفي  يوليوز/غشت سنة 1910 عيّن السلطان مولاي عبد الحفيظ، الحاج محمد الموكري ذا التوجه الفرنسي وزيرا أول وكلفه بوزارة الخارجية والمالية والعلاقات الاجتماعية، وكان هذا بداية لإضعاف موقف روسيا في المغرب.

في عام 1911 عاش المغرب أزمة ثانية، والتي نجمت بالأساس عن تضارب مصالح فرنسا وألمانيا. وفي سنة 1912 تم توقيع اتفاق فاس القاضي بفرض الحماية الفرنسية على المغرب، والمتضمن لمعاهدة تقسيم مناطق النفوذ في السلطنة بين فرنسا واسبانيا. وأصبحت العلاقات الروسية-المغربية منذ سنة 1912 تسهر عليها كل من باريس ومدريد، وتأسيسا على ذلك كان من الطبيعي أن يغادر (في  مارس عام 1912) بوتكين طنجة.

وفي فبراير عام 1913 تحولت البعثة الدبلوماسية الروسية إلى قنصلية دبلوماسية عامة. وتم رفض روسيا في فبراير عام 1914  لنظام “الاستسلام” في المغرب والذي عمليا لم تستخدمه. وبسبب الحرب العالمية الأولى وثورة اكتوبر في روسيا والحرب العالمية الثانية انقطعت العلاقة المباشرة بين البلدين لفترة زمنية طويلة والتي أعيدت وتطورت في الخمسينات ولكن بين الاتحاد السوفييتي والمملكة المغربية. وتلكم قصص تاريخية أخرى.

بدْء علاقات مُميزة!

 من الأحداث المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين، في العصر الحديث، زيارة الملك الراحل الحسن الثاني إلى موسكو في أكتوبر سنة 1966، حيث تم خلال هذه الزيارة التوقيع على اتفاقيات التعاون في مجالات الثقافة والبث الإذاعي والتلفزيوني والاقتصاد، وفي مجال العلم والتقنية. وأيضا تصدير الآلات والمعدات السوفيتية إلى المغرب. وزار ولي العهد المغربي، حينئذ، جلالة الملك محمد السادس موسكو على رأس وفد مغربي هام في عامي 1982 و 1984.

ومن جانبه زار المغرب رئيسان لمجلس السوفيت الأعلى ( ليونيد بريجنيف في فبراير سنة 1961 ونيقولاي بودغورني في أبريل سنة 1969)، ورئيس مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي ألكسي كوسيجين في أكتوبر عام 1971.

وتحتل زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو في الفترة ما بين 14 -18 أكتوبر سنة 2002 موقعا مهما في تاريخ العلاقات الروسية–المغربية؛ بحيث من خلال مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم التوقيع على بيان مشترك حول الشراكة الإستراتيجية بين روسيا الاتحادية والمملكة المغربية.

وفي الفترة ما بين 22-23 نونبر سنة 2005 قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أثناء جولته في شمال إفريقيا بزيارة المغرب واستقبله الملك محمد السادس. كما التقى رئيس الوزراء ووزير الخارجية والتعاون.

أما في 7 شتنبر عام 2006 فقد قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية إلى المغرب (مدينة الدار البيضاء)، والتي أجرى خلالها مباحثات انفرادية، وبمشاركة الوفد المرافق، مع الملك محمد السادس. وفي نهاية المباحثات وقعت مجموعة وثائق للتعاون في مجالات مختلفة.

وتم في عام 2006، في موسكو، لقاء وزير الخارجية والتعاون آنذاك، محمد بن عيسى ووزير الدولة المغربي فاسي فهري مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي إيغور إيفانوف.  

وفي الفترة ما بين 27 فبراير و1 مارس سنة 2007 قام وفد مغربي ضم في عضويته وزير الداخلية شكيب بن موسى ووزير الخارجية والتعاون المغربي الطيب فاسي فهري وكاتب الدولة في الداخلية فؤاد علي الهمة. كما قام ياسين المنصوري المدير العام للإدارة العامة للدراسات والمستندات (مخابرات خارجية) بزيارة عمل إلى موسكو، حيث أجرى مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وسكرتير مجلس الأمن إيغور إيفانوف.

العلاقات الاقتصادية..

 حققت العلاقات الثنائية في الاقتصاد والتقنية أفضل تطور لها في مجالي الطاقة وصناعة التعدين. وتم بمساهمة الاتحاد السوفيتي وروسيا بناء المحطة الكهروحرارية “جرادة “، ومجموعة من السدود كسد  المنصور الذهبي، بالإضافة إلى مساهمة روسيا في مد خطوط كهرباء الضغط العالي لمسافة 200 كلم، وكذا مساهمتها في تشييد محطة “مولاي يوسف” الكهرومائية. وفي سنة 1999 أنجزت شركة “إينيرغوماش إيكسبورت” الصيانة الكاملة للمحطة الكهروحرارية” جرادة. 

ويعتبر مجمع سد “الوحدة” ( ساهمت في إنشائه شركة تيخنوبروم إيكسبورت ) رمزا للتعاون المثمر بين البلدين، وهو من أضخم مجمعات الطاقة المائية في العالمين العربي والإفريقي، واعتمدت روسيا له مبلغ  100 مليون إيكيو يقدم إلى المغرب كقرض. وفي عام 1998 باشر المجمع بإنتاج الطاقة الكهربائية. ويوفر هذا المجمع 30 بالمائة من مجموع الطاقة الكهرومائية المنتجة في المغرب.

وفي دجنبر عام 2004 زار وفد من شركة “زاروبيش فودوستروي” مدينة الرباط. وترغب هذه الشركة في الاشتراك في المناقصة الخاصة بتزويد المدن والقرى الشمالية الشرقية للمغرب بالمياه.  

وتعتبر المملكة المغربية ضمن ثلاثة دول ( هي كذلك مصر والجزائر ) من الدول الرئيسية التي لها علاقات تعاون تجاري مهمة مع روسيا على الصعيد الإفريقي؛ وفي عام 2005 احتلت المركز الأول. وتتميز المرحلة الحالية للعلاقات التجارية الاقتصادية بين البلدين بارتفاع ثابت لحجم التبادل التجاري منذ عام 1994؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2008 ما يناهز 1346.6 مليون دولار أمريكي. وتُصدر روسيا إلى المغرب بشكل أساسي المواد الخام (النفط والفحم الحجري )، والحبوب إضافة إلى ذلك تصدر الصفائح المعدنية والمواد الكيمياوية والأسمدة والأخشاب.

ومنذ سنة 1998 تحتل روسيا المركز الثاني ( بعد الاتحاد الأوربي ) بين مستهلكي المنتجات الزراعية المغربية ( الحمضيات و الطماطم). وتطورت باطراد العلاقة بين الشركات الروسية والمغربية. وفي سنة 2008 جرت اتصالات مكثفة بين الشركة الروسية المساهمة “ماغنيتوغورسكي ميتالورغيتشسكي  كومبينات”، وشركة “مغرب ستيل” المغربية.

كما  تعمل في مجال التنقيب الجيولوجي في المغرب شركة “زاروبيج جيولوجيا” والشركة المساهمة  الروسية ” تيسامو غروب”. وفي عام 2008 بدأت العمل في السوق المغربية شركة جديدة هي شركة “إنتيكو “، التي تعهد أصحابها باستثمار أكثر من 325 مليون يورو في بناء 2 مليون متر مكعب من المباني السياحية بالمغرب.

 وفي سنة 2005 أجريت مباحثات لزيادة حجم صادرات مصنع الجرارات بمدينة فلاديمير، ومصنع بناء الآلات،  حول توريد شركة “يفروخيم” إلى المغرب المواد الكيمياوية بصورة مباشرة (الأمونيا والكارباميد ونترات الأمونيا). ومنذ 2005 أيضا تجري شركة “سيفرستال” مباحثات حول توريد معادن نصف مصنعة إلى شركة الميتالورجيا “سوناسيد” المغربية. وتعمل في المغرب خمس مؤسسات مشتركة مع روسيا مختصة ببناء الموانئ، واستخراج الجبس ومعالجته، والحفر في الماء، وبيع المعدات الزراعية.

وبحسب متتبعين روس فقد أظهرت القيادة المغربية اهتماما بإقامة علاقات طويلة الأمد للتعاون في مجال

التقنية العسكرية مع روسيا، وخاصة شراء معدات حربية مضادة للدبابات ومدفعية مضادة للطائرات، إضافة إلى قطع الغيار للأسلحة الروسية.

التعاون الثقافي..

 في شهر أبريل سنة 1998 تم في الرباط توقيع اتفاق تعاون بين وكالة إيتار–

تاس ووكالة الأنباء المغربية الرسمية. ويعمل في المغرب، بعقود، 10 أساتذة روس على الأقل في مجال التعليم المهني. ويدرس في الجامعات والمعاهد الروسية ما يفوق ألْفي و500 طالب مغربي. وفي مارس سنة 2004 تم توقيع اتفاق بين (معهد آسيا وإفريقيا ) التابع لجامعة موسكو، وجامعة محمد الخامس المغربية بشأن تعليم الطلاب والمتدربين والباحثين العلميين.

وعلى  مستوى العلاقات في مجال السياحة فإن أحسن مثال لتوثيق التعاون في مجال السياحة هو مشروع بناء مجمع سياحي في ضواحي مدينة مراكش ( يبلغ حجم الاستثمارات المالية به حوالي 150 مليون يورو)، بمساهمة شركة الاستثمارات المالية الروسية “ميتروبول” والمصرف الاستثماري المتحد.

وكان من بين الأحداث المهمة في العلاقات الثنائية هي تلك المتعلقة بإقامة أيام ثقافية للمملكة المغربية في روسيا، وأيام ثقافية روسية بالمملكة المغربية.

نورالدين اليزيد (عن ويكيبيديا وروسيا اليوم بتصرف)

]]>
https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%85%d8%ae%d8%aa%d8%b5%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a.html/feed 0
إطلالة على “مهرجانات” عالمية يختلط فيها الطريف بالمقدس https://www.massarate.ma/%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%8a%d8%ae%d8%aa%d9%84%d8%b7-%d9%81%d9%8a%d9%87.html https://www.massarate.ma/%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%8a%d8%ae%d8%aa%d9%84%d8%b7-%d9%81%d9%8a%d9%87.html#respond Fri, 29 Jun 2012 12:50:14 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=6602 غالبا ما تشهد معظم دول العالم تنظيم مختلف مهرجاناتها الثقافية والأدبية والفنية في المواسم الصيفية، لكن هناك مِن المهرجانات ذات الطابع العالمي التي لا ترتبط بالصيف باعتباره يمثل فصل الجني والحصاد لثمار الأرض لدى أمم وشعوب عديدة؛ بل إن من هذه المهرجانات الثقافية العالمية من لها تواريخ مضبوطة وأحيانا تصير مقدسة وترتبط في الغالب بمعتقدات تؤمن بها شعوب تلك الأرض المحتفلة بتلك المهرجانات، بحيث تصبح إقامة المهرجان واحدة من الذكريات التي تحفر في ذاكرة هذه الشعوب لحظات لا تنمحي مع مرور الزمان

تجسد ثقافة شعوبها وتبرز تراثها الشعبي

تعتبر المهرجانات، مهما تنوعت ما بين ثقافية وأدبية وفنية أو فلكلورية، من الظواهر التي تأبى مختلف شعوب الأرض إلا أن تجسد في الاحتفال بها أنماط عيشها وصور تراثها وتاريخ حضارتها، وباتت بعض “الكارنفالات” مواعيد سنوية تكاد تكون مقدسة، تؤجل فيها الأعمال الرسمية لبعض الأمم إلى حين انتهاء تلك الاحتفالات.

وتحفّز المهرجانات والملتقيات بمختلف أنواعها سواء كانت فنية ثقافية، أو أدبية، ذاكرة وحاضر الشعوب، ويكون لها دور فعال في تلاقح الثقافات والموضوعات والأفكار بين مختلف الشعوب من خلال ما توفره المهرجانات من الفائدة والاستمتاع معا، إذ يخطط العديد من الناس وخاصة الرحالة من المثقفين والفنانين بالقيام برحلات حول العالم لزيارة المهرجانات العالمية، لذا تعد هذه المهرجانات فرصة نادرة لاكتشاف خبايا الشعوب وخصائصهم، وتقدم أيضا جولة ممتعة لمعرفة عادات وتقاليد وثقافات الشعوب المختلفة.

 وتهيمن المهرجانات والملتقيات والكرنفالات على السلوكيات المجتمعية لجميع الأفراد والمجتمعات في دول العالم أجمعها، وعلى مختلف الشرائح والطبقات بحسب وعيها الفكري والثقافي، ومختلف الفئات العمرية، سواء كانوا شبابا أم كهولا، أغنياء أو فقراء، وعلى الرغم من أن الحداثة صبغت أجزاء كبيرة من هذا العالم، وطبعته بسرعة وتيرتها، إلا أن التمسك بتلك الأنشطة والتقاليد لا يزال بارزا، ومنها ما بات يشكل تراثا شعبيا يميز بين الشعوب بشكل لطيف لا يثير أية ضغينة أو عداء بينهم، بل على العكس أصبحت مثل هذه المهرجانات جسورا تقرب بين الشعوب، فيما أمست بعض الدول تسعى للحفاظ عليها كونها باتت عامل جذب سياحي مهم، يستقطب المهتمين والسياح على نحو لافت.

مهرجان للوشم..احتفال بالنقش على الأجساد

 فيما يزداد عدد النساء اللواتي يجرؤن على رسم الأوشام على أجسادهن، تشبها بأنجلينا جولي وليدي غاغا، وهن قد حضرن بكثافة إلى الملتقى السنوي لمحبي فن الوشم الذي نظم في نيويورك، تعددت الأكشاك خلال هذا المهرجان، من كشك ياباني أو برازيلي، مرورا بالأوروبي والأميركي، وقد عرضت خدماتها على زبائن من الولايات المتحدة ومن أنحاء العالم أجمع؛ ولم تأبه لوسي وهي ممثلة في الثامنة والعشرين من العمر للتكاليف التي تكبدتها لإنجاز هذا الوشم والتي وصلت إلى آلاف الدولارات واحتاج إلى 35 ساعة عمل ورحلتين إلى لوس أنجليس وجلسة في لندن وأخرى في نيويورك، وهي تؤكد “هذا استثمار يتعذر على الكثيرين القيام به، لكن المرء يقوم به مرة في حياته، وهي تقدر العمل المحكم والمتميز بطابع أنثوي الذي تنجزه الفنانة لوسي هو، التي لجأت إليها بعدما اطلعت على المواقع الإلكترونية الخاصة بفن الوشم وقامت بجولة على عدة مهرجانات ذات الصلة، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، تخطى هذه السنة عدد النساء الموشومات عدد الرجال الموشومين (23 بالمائة مقابل 19 بالمائة بحسب تعداد حديث قام به معهد “هاريس” للأبحاث)، ويؤكد بيل تار صاحب صالون “توتيم تاتو” الذي فتح أبوابه قبل20 عاما أن عدد الزبائن من النساء في ازدياد، وهو يعترف بأنه لو رجع الخيار له وحده، لكان رسم الأوشام على أجساد النساء فحسب، لأنها “أقل عنفا وأكثر جمالية” بحسبه، ثم يتابع رسم الوشم على عنق روث واشنطن وهي اختصاصية تجميل في الخامسة والعشرين من العمر قصدته خصيصا من كونتيكيت (شمال شرق الولايات المتحدة)، وهي تظهر بفخر ذراعيها حيث وشمت شاطئ البحر تخليدا لذكرى جديها وظهرها حيث وشمت نذور زواج والديها، وتقر بأنها تحب الفراشات والساحرات والأرانب والألوان خصوصا، وهي تعتبر، شأنها في ذلك شأن روث تار (54 عاما) ابنة بيل أن وشم النساء بات اليوم “مقبولا أكثر بكثير” مما مضى، وفي رأي لوسي، يمثل الوشم الحرية المتزايدة التي تكتسبها المرأة، وتقول “أصبحنا على قدم المساواة مع الرجال وبات في وسعنا القول هذه أجسادنا ونحن نرسم عليها ما يحلو لنا”، ويعتبر البعض الآخر أن الوشم يرمز إلى التمرد، وقد خطت روزميري أوسبورن (43 عاما)، وهي شرطية سابقة هذه الخطوة للاحتفاء بطلاقها عندما كانت في الخامسة والثلاثين من العمر، أما ويندي ريتشارد (28 عاما)، فهي أقدمت على ذلك عندما انتقلت إلى نيويورك من مسقط رأسها في ويسكونسن، وتشرح خلفيات وشمها بقولها أن الوشم يدل في نظرها على “الثقة بالنفس وهو سبيل لإظهار القوة.. والقدرة على اتخاذ قرارات تدوم مدى الحياة”. وإلى جانب ويندي ريتشارد، شابتان برازيلياتان تتصفحان دليلا، وهما مصدومتان بحيوية وغزارة الأوشام في نيويورك، هانا غوبا طالبة في فن التصوير هي من النساء القليلات غير الموشومات بين الحضور.

عبادة من نوع خاص بتايلاند

 على صعيد متصل وسط عويل وصرخات عالقة في الأجواء احتشد الآلاف من محبي الوشم في أحد معابد تايلاند في مهرجان سنوي يعتقدون أنه يجدد قدرة الرسومات المحفورة على جلودهم على حمايتهم من أي شر؛ وعلى أرض المعبد كانت الحشود تغلي وتزبد.. كان بعض الرجال يزأر بينما كان البعض الآخر يصدر فحيحا أو يصرخ بأعلى صوته، مقلدين المخلوقات المرسومة على جلودهم وكأنهم تقمصوا أرواحها. كان أحد الرجال ينقر الأرض كما لو كان ديكا وآخرون يرقصون ويضربون الهواء بأذرعهم، جرى هذا الحدث السنوي في معبد “وات بانج برا” في “ناكون باتوم” على بعد 80 كيلومترا إلى الغرب من العاصمة التايلاندية بانكوك، وهو معبد اشتهر بالوشم والتمائم والتعاويذ التي تحمي حامليها من الخطر، والاحتفال هو تكريم لبناة المعبد البوذي القديم، وهو في الوقت نفسه فرصة من وجهة نظر البعض “لإعادة شحن” المخلوقات المحفورة على جلودهم. وقال ناكوم تونجوم (35 عاما) والذي يحمل على ظهره وصدره وشما لنمر “تنال الكثير..أنت أولا تبدي احترامك وتضفي سعادة على جسمك وروحك وتعبد الهتك. ويتنوع الوشم من أبطال أساطير قديمة إلى مخلوقات أسطورية إلى كتابات بالسنسكريتية اللغة الهندية القديمة. في معظم الرسومات تتداخل حيوانات منها الفهود والنمور والثعابين مع رموز للسحر ونصوص من كتب دينية، بحسب ما نقلته وكالة رويترز العالمية للأخبار.

مهرجان 2

ونُقل عن اكابورن سيلوم قوله “أنا مؤمن. أحب هذا”، ويضيف أنه حين تتلبسه هذه الأرواح يعيش تجربة خارج الجسم، لكن ليس كل البوذيين في تايلاند يؤمنون بهذه القوى الأسطورية التي تحمي من الشرور التي يمثلها هذا الوشم الذي يقدسه كثيرون والمعروف باسم ساك يانت. لكن عددا كبيرا يفعل بل هناك عدد متنام من الغربيين مأخوذون بسحره، ويتوافد على معبد وات بانج برا نحو مائة زائر كل يوم للحصول على الوشم المنشود.

موسكو..احتفال استثنائي بالمتحف

فيما شارك نحو مليون شخص في مهرجان المتحف في موسكو، إذ فتح 180 متحفاً ومسرحاً ومواقع ثقافية أخرى أبوابها أمام الزوار مجاناً، نقلت وكالة الأنباء الروسية “نوفوستي” عن عمدة موسكو سيرغي سوبيانين قوله، أن نحو 180 متحفا ومسرحا وحديقة ومركزا ثقافيا فتحت أبوابها أمام الزوار في إطار مهرجان “ليلة المتحف في موسكو” من دون أي رسوم. ويقام المهرجان في موسكو منذ عام 2007، ويأتي في إطار يوم المتحف الذي احتفلت به نحو 40 مدينة حول العالم. بحسب “يونايتد برس”.

مهرجان 3

وأشار سوبيانين أثناء زيارة أحد المتاحف، إلى نجاح المهرجان، مضيفاً أنه حتى الـ11 ليلاً شارك نحو 750 ألف زائر في المهرجان، وكان لا يزال المزيد يتوافدون، مرجحاً أن يتجاوز العدد المليون بعد منتصف الليل، مقارنة بـ400 ألفاً العام الماضي. وتوقع أن يدفع المهرجان الناس إلى زيارة المتاحف والمراكز الثقافية أكثر بعد انتهاء المهرجان.

كرنفال كولونيا..الاستهزاء بالسياسيين

وهنالك صفّق مئات الآلاف من المتفجرين لعرض العربات في كرنفال كولونيا التي تضمنت إحداها دمية مثلت نيكولا ساركوزي بهيئة نابوليون بين ذراعي إنغيلا ميركل، ووسط الأنوف الحمراء والعربات التي تحمل ألوان المدينة لاقت العربة التي كان عليها الرئيس الفرنسي معتمرا قبعة نابليون الشهيرة إلى جانب المستشارة الألمانية نجاحا كبيرا؛ ويتضمن استعراض “اثنين الورود” تقليدا عربات تهزأ بالشخصيات السياسية، وإلى جانب كولونيا تجمع الآلاف المحتفلين في استعراضات في شوارع دوسلدورف وماينز المدينتان ذات التقليد الكاثوليكي في منطقة رينانيا، في ذروة موسم الكرنفال الألماني، وشكل الرئيس الألماني كريستيان فولف الذي يشتبه بضلوعه في قضايا فساد وأعلن استقالته، الهدف الرئيسي لمصممي العربات خلال الكرنفال، وفي كولونيا مثلته دمية وهو يرتدي بزة واسعة جدا تسقط منها أوراق 

نقدية في إشارة إلى الفضائح التي كلفته منصبه، وشددت الصحف الألمانية على أن استقالته جعلت مصممي العربات يعملون على مدار الساعة لكي تتماشى آلياتهم مع الأحداث الراهنة، بحسب فرانس برس.

كرنفال الأقنعة بالبندقية..

على الرغم من البرد القارس أطلق كرنفال البندقية السنوي فعالياته في ساحة سان ماركو بحضور 23 ألف شخص من سكان المدينة وزائريها، بحسب ما أفادت السلطات البلدية، على خشبة مسرح ضخم شيد في الساحة؛ تنافس المشاركون مع أقنعتهم وشعرهم المستعار وأزيائهم التنكرية، في استعراض الأقنعة التقليدي الذي تميز بالابتكار والغرابة، وقد أقيمت “نافورة خمر” بهدف مد المتفرجين بالدفء، كما يفيد المنظمو؛ وقال روبيرتو بانشييرا مستشار الشؤون السياحية “حققنا نجاحا ملحوظا على الرغم من البرد القارس. وأضاف “باتت البندقية مستعدة لاستقبال كل من يريد مشاهدة عرض الملاك الطائر الذي ينطلق من برج سان ماركو”، مشيرا إلى أنه “من حسن حظنا أن الثلوج لم تتساقط في أيام الصقيع هذه”. ومن المتوقع أن تشكل ساحة سان ماركو من جديد الأحد محورا للكرنفال من خلال عرض الملاك التقليدي عندما ترمي امرأة بنفسها من برج الأجراس على علو 97 مترا، وهي مربوطة بحبل من الفولاذ، وكان هذا الكرنفال الذي يستمر لغاية 21 فبراير، يعتبر من التقاليد التي أهملت على مدى عقود عدة قبل أن تعيد السلطات البلدية إحياءه في العام 1980. وهذه الفعاليات المتمحورة على أمسيات تنكرية، من شأنها أن تنعش مدينة البندقية في هذه الفترة من السنة التي يسودها الركود عادة، كما ذكرت ذلكوكالة فرانس برس.

كرنفال السمبا..الاحتفال بسحر البرازيل

بلغ كرنفال “ريو دي جانيرو” ذروته مع أولى عروض مدارس السامبا في المدينة، التي انطلقت بمهرجان من الألعاب النارية وقرع مئات الطبول في استعراض نقلته تلفزيونات العالم بأسره، وخلال الليل قامت سبع من أصل 13 مدرسة سامبا من ريو بعروضها مع ملابسها الرائعة والآلات الإيقاعية الصاخبة والعربات الضخمة والحسناوات المعروفات باسم “باسيستا”، أما أولى المدارس التي قامت بعرضها فكانت “ريناسير” التي اختارت أن تكرم النحات والرسام روميرو بريتو من شمال شرق البلاد الذي يعتبر مرجعا في ثقافة البوب العالمية، وستقوم ست مدارس أخرى بعروضها على “جسر السامبا” أي جادة سامبودرومو الممتدة على 700 متر والتي تتسع مدرجاتها في الهواء الطلق لحوالى 72500 ألف شخص فضلا عن مقصورات فخمة كتلك التي ستتابع منها النجمة العالمية جينيفير لوبيز العروض، ودشنت جادة سامبودرومو التي صممها المهندس المعامري البرازيلي أوسكار نيميير البالغ الآن104 سنوات، العام 1984 وخضعت في الفترة الأخيرة لعمليات تحديث وتوسيع ليضاف إليها 12500 مقعد ومسالك للمعوقين ومصاعد كهربائية. وقد تم تحسين الإضاءة والصوت فيها؛ واختارت المدارس الـ13 في عروضها مواضيع متنوعة من تكريم لمنطقة الشمال الشرقي الفقيرة ولرسامين وكتاب وموسيقيين برازيليين. وتتنافس هذه المدارس على لقب “بطلة الكرنفال” في مسابقة يتابعها البرازيليون بالشغف نفسه الذي يخصصونه لمباريات كرة القدم الكبيرة، وتضم كل مدرسة سامبا بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف راقص يأتون خصوصا من مدن الصفيح الفقيرة بحسب قصاصة لوكالة الأنباء فرانس برس.

مهرجان 4

وقد أنفقت المدارس حتى خمسة ملايين دولار على تحضيرات العروض التي كانت تمولها في الماضي عصابات مافيا الألعاب غير القانونية وباتت الآن ترعاها أكثر فأكثر الماركات الكبيرة، وحتى قبل ليلتي الذروة هاتين، كان الكارنفال الشعبي قد اجتاح الشوارع، فاستقطب عرض “كورداوي دا بولا بريتا” أكثر من مليوني محتفل في جادة “ريو برانكو” في قلب المدينة، فغنوا ورقصوا على أنغام السامبا في مدينة باتت أكثر أمنا مع سيطرة القوى الأمنية على أكثر مدن الصفيح عنفا، وقد نشر نحو 12 ألف شرطي لضمان الأمن في ريو دي جانيرو التي اختيرت لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في العام 2016. هذا الكارنفال الذي يؤمن عملا لنحو 250 ألف شخص يتوقع أن يدر على خزينة المدينة حوالى 640 مليون دولار. وقد نزل في فنادق المدينة نحو 850 ألف سائح من بينهم 250 ألف أجنبي، إلا أن مدارس السامبا في ساو باولو عاصمة البلاد المالية باتت تنافس بفخامتها عروض ريو، وقد صفق المشاركون مطولا لمدرسة “غافيويس دا فييل” التي يملكها نادي كورينثيانس لكرة القدم لأنها استعادت في عرضها حياة الرئيس البرازيلي السابق الذي يتمتع بشعبية كبيرة لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (66 عاما)، الطفل الفقير من شمال شرق البلاد الذي أصبح  عاملا وناشطا نقابيا ومن ثم رئيسا للبلاد، وعلى غرار ريو تشل الحركة في كل أرجاء البرازيل البالغ عدد سكانها 191 نسمة وتعتبر سادس اقتصاد في العالم، لمدة أسبوع بعدما تغمرها حمى الكرنفال من الشمال إلى الجنوب في تقليد يعود إلى أكثر من 150 سنة. 

مكفوفون يحكمون..إنه الاحتفال !

على صعيد مختلف هناك جيوفانا؛ شابة في الخامسة والعشرين من العمر ستكون من الحكام المكفوفين في كرنفال ساو باولو… وتستخدم جيوفانا عصا كي تلحق بالإيقاع بينما تتمايل على وقع الطبول، وتنتمي إلى مجموعة المكفوفين الأولى التي شكلها اتحاد مدارس السامبا في ساو باولو بغية تقييم أداء فرق قرع الطبول التي ستقدم مدارس السامبا عروضها على إيقاعها، وذلك على جادة “سامبودروم” في ساو باولو، وتضع مدارس السامبا في مدينة ساو باولو البرازيلية نصب أعينها لقب “بطلة الكرنفال” وقد بدأت تنافس مدارس ريو دي جانيرو عليه بجدارة. وتابع “الخبراء الخمس الجدد المكفوفون” الذين سينضمون إلى 

لجنة التحكيم في مهرجان ساو باولو، دروسا نظرية وتطبيقية في قرع الطبول وتعلموا أيضا تقنيات التقييم الصارمة التي يعتمدها حكام الكرنفال الحازمون، وتقول جيوفانا مايرا وهي مغنية كلاسيكية أصابها العمى وهي بعد في عامها الأول؛ إن الكرنفال “يعكس التنوع بامتياز. ففيه يستطيع الجميع سواء كانوا يعانون من إعاقة أم لا، التعايش بانسجام ووئام”، بالإضافة إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي، 
يهدف المشروع إلى تدريب حكام يركزون على الصوت والإيقاع دون سواهما، من دون التأثر بالعناصر البصرية مثل الأزياء والعربات والرقص، تنقل فرانس برس.

نفس الوكالة تنقل عن البروفسور كاميلو أوغوستو نيتو المسؤول عن تدريب الحكام المكفوفين أنه 
“قد تأكد علميا أن عدم الرؤية تشحذ القدرة السمعية”، وبحسب جيوفانا، فإن الأصعب بالنسبة إلى أي عضو في لجنة حكم هو “أن يضع ذوقه الموسيقي الشخصي جانيا توخيا للحياد”، أما دييغو لوسيانو دي كاسترو وهو موظف مصرفي مكفوف يبلغ من العمر 25 عاما يرافقه كلبه، فيؤكد أن أي عضو في لجنة تحكيم الكارنفال “عليه أن يشعر بالسامبا تسري في عروقه. الإيقاع هو الأساس في (عروض) مدارس السامبا فهو يمد الراقصين بالطاقة ويملؤهم فرحا”، ويشير لويس ساليس وهو موظف في الهيئة البلدية للسياحة إلى أن مشروع إدماج المكفوفين في الكرنفال انطلق قبل عام. ويوضح أنه بالإضافة إلى العروض المعتادة، ستشارك في الكرنفال هذه السنة “مدرسة سامبا تضم مجموعة كاملة من الراقصين المكفوفين”، وهو مثال ينبغي أن نحتذي به في كل أنحاء البلاد.

عند البعض..لا تسلم الجرة دائما !

في حن لم يستطع باولو روجيريو دي سوزا باز وهو أحد كبار تجار المخدرات في ريو، مقاومة إغراءات مهرجان ريو وغادر منزله حيث كان يختبئ منذ ستة أشهر للمشاركة في استعراض شعبي في الشارع، فأوقفته الشرطة ووضعته في السجن، وكان سوزا باز قد اختبأ في مدينة دوكوي دي كاكسياس المحاذية لريو، بعد أن استعادت  الشرطة سيطرتها في دجنبر 2010 على فافيلا كوبليكسو دو ألامو إحدى مدن الصفيح التي تقع بالقرب من وسط المدينة والتي كانت تحت قبضته. وبعد أن لازم مخبأه الأخير لمدة ستة أشهر، قرر الخروج في أول أيام الكارنفال حيث تعلق الأعمال جميعها لمدة خمسة أيام، بحسب وكالة فرانس برس.

وتوجه إلى مجمع سياحي بحري في ماريكا (على بعد 90 كيلومترا عن ريو) حيث استأجر منزلا مؤلفا من طبقتين يضم حوض سباحة ويطل على البحر، وقد طلب أيضا من أحد أصدقائه أن يشتري له شعرا مستعارا كي لا يتم التعرف إليه خلال أحد الاستعراضات “بلوكو” الشعبية، بحسب ما نقلت صحيفة “أو غلوبو” عن مصادر في الشرطة، لكنه دفع غاليا ثمن تهوره هذا. فحيلته لم تنطل على الشرطة التي كانت تراقبه منذ ستة أشهر وانتهزت الفرصة لتقبض على أحد أكبر المجرمين المطلوبين في الولاية، وقد أشادت مارتا روشا رئيسة الشرطة المدنية بعملية توقيف سوزا باز مشيرة إلى أنه تم توقيف 23 من كبار تجار المخدرات في ريو منذ توليها إدارة الشرطة أي منذ سنة.

نورالدين اليزيد (بتصرف عن النبأ)

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%8a%d8%ae%d8%aa%d9%84%d8%b7-%d9%81%d9%8a%d9%87.html/feed 0
الأقاليم الجنوبية للمملكة..زواياها للتصوف وللدفاع عن الوطن https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%85%d9%84%d9%83%d8%a9-%d8%b2%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a7%d9%87%d8%a7-%d9%84%d9%84.html https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%85%d9%84%d9%83%d8%a9-%d8%b2%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a7%d9%87%d8%a7-%d9%84%d9%84.html#respond Thu, 14 Jun 2012 10:39:08 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=5074 تزخر مختلف الأقاليم الجنوبية للمملكة بالعديد من الزوايا التي تؤرخ لحركة صوفية كان لها، على امتداد التاريخ، دور بارز في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمملكة؛ بل إن هذه الزوايا التي كانت رباطات للتصوف والذكر، كانت ولازالت أيضا قلاعا للذود عن الوطن كاملا من أقصاه إلى أقصاه

عرفت حضورا بارزا لمختلف الطرق الصوفية

زاوية وضريح الشيخ سيدأحمد الركيبي

زاوية وضريح الشيخ سيدأحمد الركيبي

برأي الباحث الجامعي، محمد ظريف، في كتابه “الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية”، فإن “الأقاليم الصحراوية عرفت طيلة القرون الأربعة الأخيرة حركة صوفية متميزة امتد تأثيرها إلى مختلف مجالات الحياة الصحراوية الاجتماعية والثقافية والسياسية”. حيث شهدت هذه الأقاليم من ربوع مملكتنا حضورا بارزا لمختلف الطرق الصوفية من شمال المغرب وشرقه.

وهكذا في القرن السادس عشر، أخذ الشيخ يسد أحمد الركيبي مبادئ التصوف في توات وعمل على نشرها في الساقية الحمراء، وفي نفس الفترة أخد الشيخ سيد أحمد العروسي طريقة سيدي عبد الرحمن المجذوب وسيدي رحال البودالى، ونشرها في الساقية الحمراء أيضا، وأخذ سيدي محمد الطالبي الرقيبي الدرقاوية عن سيدي علي الدرقاوي.

واستطاعت الزاوايا، بمختلف طرقها أن تلعب دورا فعالا في تحديد الملامح العامة للأقاليم الصحراوية، وتشكيل سماتها الاجتماعية والثقافية والسياسية؛ وهكذا عُرفت زوايا الشيخ سيدي أحمد الرقيبي، وسيدي أحمد العروسي، وزاوية الشيخ ماء العينين، وغيرها من زوايا الصحراء، بأنها الملاذات الآمنة للمظلومين، ومحاكم عليا للفصل في مختلف المنازعات، وهي في نفس الآن منارات للعلم وقلاع حصينة للدفاع عن سيادة المغرب والمحافظة على وحدته.

ويتميز إقليم السمارة الذي يتميز بثرائه التاريخي والأركيولوجي، بالحضور القوي للطرق الصوفية عبر مختلف المراحل التاريخية للإقليم، بحيث يعتبر من أهم المناطق التي تتمركز فيها الزوايا الدينيــة، خاصة على وادي الساقية الحمراء ووادي درعــة في منطقــة عيون أغمـــان. وتنتمي كل الزوايــا التي يزخر بها إقليم السمارة إلــى نفس الطريقة الصوفية وهي الطريقة الدرقاوية.

 زاوية الشيخ سيد أحمد الركيبي

 تبعد زاوية الشيخ سيدي أحمد الركيبي “مول الحبشي” عن إقليم السمارة بحوالي 120 كيلومترا مرورا بوادي الساقية الحمراء، البطينة، عقلــة أسدام، وادي النبط، عريضــة أم بدوز، القاعة  قاعة الشبابين، فدرة التمات، وبينهما الشب الجنوبي والشب الشمالي، ثم التمات التي تصب في وادي الحبشي.

ويوضح الدكتور محمد الظريف، أسانيد نفوذ زاوية الشيخ سيدي أحمد الركيبي، بذكر ثلاثة أسس متكاملة وهي:

1- شرف الأصل؛ ذلك أن شيوخ الزاوية، يتصلون بالرسول صلى الله عليه وسلم، عن طريق مولاي عبد السلام بنمشيش، الجد الأعلى لسيدي أحمد الركيبي، وهم يحتفظون بشجرة نسب ثابتة تؤكد هذا الأصل. وقد ساهم هذا الأساس في بدور فعال في توطيد دعائم الزاوية في المنطقة. وترسيخ محبتها في القلوب، فظلت منذ إقامة صرحها، محل احترام وتقدير، من طرف مختلف القبائل المجاورة لها، تقدم لها الذبائح والهدايا، وتستجير بها من عوادي الزمن، ولا تتردد في تنفيذ قراراتها.

2- الإشعاع الديني والعلمي: ذلك أن زاوية الشيخ سيدي أحمد الركيبي، لم تتوان في نشر العلم والمعرفة، وإقامة الحد على الطغاة والظلمة، فمقصدها الطلبة من مختلف الآفاق، وتخرج من مدارسها ومحاضرها عدد من الشيوخ والعلماء مثل: محمد البوهالي الركائبي المتوفى سنة 1313 هـ/1895، ومحمد بن يوسف الركائبي المتوفي سنة 1304هـ/1886م، ومحمد بن عبد الرحمان الركيبي الطالبي وغيرهم كثير.

3- حماية الثغور المغربية في الصحراء: حيث أقام شيوخ الزاوية الرباط على الشواطئ والثغور، وعمروها، بالأبطال والمجاهدين. فكانت حصنا منيعا للإسلام في الجنوب المغربي، ودرعا واقيا له مما يهدده من أخطار خارجية، فاستكملت بهذا العنصر “سائر عناصر الشرف، وجمعت بواسطته سائر أطراف المجد”.

وولد الشيخ سيد أحمد الركيبي عام 999 هـ، الموافق لـ1590م، بنواحي وادي درعة في منطقــة تعرف بالخراويع، وتوفي وعمره 75 سنة.

المسجد الحديث لزاوية الشيخ سيد أحمد الركيبي

المسجد الحديث لزاوية الشيخ سيد أحمد الركيبي

زاوية الشيخ ماء العينين

 في سنة 1888م شرع الشيخ ماء العينين في شق طريق يربط بين السمارة وطرفاية، بهدف جلب المواد الضرورية لبناء زاويته بمدينة السمارة. وفي سنة 1895م شرع في البناء وكلف ابنه الشيخ الطالب خيار، بمهمة السهر على أوراش البناء بعد ما وصلت المواد الضرورية عن طريق البحر إلـى شواطئ طرفايــة على متن باخرة مخزنيــة تابعــة للبحرية السلطانيــة ( السلطان مولاي عبد العزيز)، بقيادة الربان أحميدة، الملقب بالتركي، وعلى متنها أربعة من البنائين المختصين ينتمون إلى مدن مراكش، فاس، طنجة، وتطوان، وبعد سنة التحق بهم البناء الخامس من مدينة وجدة.

وولد الشيخ محمد المصطفى الملقب شاعريا من طرف والدته عند ولادته بماء العينين ، وهو اللقب الذي سمي به عائليا، في سنة 1829م، بمنطقة الحوض بموريتانيا، وتلقى دراستـه بالزاوية والمدرسة الأبويـــة “دار السلام” ، بالحوض بموريتانيا، وعند بلوغــه 16 عامـا أرسله والده الشيخ محمد فاضل إلى مدينــة مراكش، ومنها توجـه إلى الديــار المقدســة لأداء فريضة الحج بصحبة أبناء السلطان عبد الرحمن حيث أرسلهم مولاي عبد الرحمن، في أول باخرة بخارية تنطلق من ميناء طنجة إلى الإسكندرية ومنها إلى جدة. وبعد أداء الشيخ لفريضة الحج رجع إلى والده، الذي رأى فيه الكفاية رغم صغر سنه، لنشر الدعوة الإسلامية، بإنشاء زاوية بالساقية الحمراء ووادي الذهب. ولجمع كلمة وتوحيد قبـائل البدو الرحل، اعتبارا لما بينه وبين هذه القبائل من الأخوة والنسب، خاصة وأن جل قبائل الصحراء ينتمون إلى نفس الجد وهو المولى إدريس الأكبر.

منظر خارجي لزاوية الشيخ ماء العينين

منظر خارجي لزاوية الشيخ ماء العينين

 زاوية الشيخ سيد أحمد موسى

 تقع زاويـة الشيخ سيد أحمد موسى على إحدى ضفتي واد الساقيــــة الحمراء، بيـن مدينتــي العيون والسمارة، وتبعد عن العيون بحوالي 180 كلم على الطريق غير المعبد، أي مسافة ست ساعات، وتبعد عن مدينة السمارة بحوالي ستين كيلومترا، وهي بذلك تابعة لعمالة إقليم السمارة. واشتهرت منطقة تواجد الزاوية لدى سكانها من البدو بالحصيات، وهي جمع حصية والحصية معناها مكان منبسط تتخلله مجموعة من الهضاب، حيث تتميز بقلة الأودية الكبرى. وتتميز الطريق المؤدية إلى زاوية سيد أحمد موسى، بمجموعة من الأماكن والأراضي ومن بينها أرض” لرمات” الأولى والثانية والثالثة، وبعده وادي العنكة، ثم “الطبيلة”، وبعدها زاوية يسد أحمد موسى.

ويعتبر الموسم السنوي لزاوية الشيخ يسد أحمد موسى فرصة سنوية لاجتماع كل أبناء سيد أحمد موسى، حيث يحجون إلى مقر الزاوية قادمين من مدن العيون، السمارة، الداخلة، طانطان، وكلميم، بالإضافة إلى المناطق المجاورة للزاوية، كمنطقة زاوية يسد أحمد موسى، نظرا لكونها مقر سكنى لبعض أبناء سيد أحمد موسى.

ويجتمع الجميع خلال الموسم ويبنون الخيام وينحرون النوق، ويحيون ثلاث ليال من الذكر الحكيم، ويتدارسون الأحاديث والسنة النبوية.

زاوية الشيخ يسد أحمد لعروسي

تقع زاوية الشيخ يسد أحمد لعروسي على وادي الساقية الحمراء، على بعد حوالي 14 كيلومترا من صخرة الطبيلة الشهيرة، حيث كان يتعبد الشيخ يسد أحمد لعروسي، يقطن قرب الزاوية بصفة شبه دائمة عدد كبير من قبيلة عروسيين، حيث أقيمت هناك بناية حديثة للزاوية، تجاور الزاوية القديمة.

وقد اشتهرت هذه الزاوية بالعلم والصلاح، فما يرويه الشيخ ماء العينين عن انتقال مؤسسها الشيخ سيدي أحمد العروسي إلى الصحراء قوله “وسبب إتيانه إلى الصحاري، أنه كان صاحبا لعبد الرحمن المجذوب، دفين مكناس، وخرج من أول نشأته في العبادة، ولما كتب له معلمه “إذا زلزلت الأرض زلزالها” وهو صبي، وبلغ: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” ، قال لمعلمه، والأمر هكذا؟ قال نعم، قال ففيم القراءة. فترك القراءة من ذلك اليوم، واشتغل بالعبادة، فظهر على يده من خوارق العادة ما لا يوصف، فنمت به الوشاة عند أمير دهره، فحبسه، وكان إذ ذاك في مراكش في جامع “لفن” فحبس فيه، وكان في يديه حصيات يقلبها ويقول: ما طارت هذه ولا نزلت هذه، حتى فرج الله، فضرب عبد الرحمن المجذوب بيده حائط الجامع، حتى انفرجت منه فرجة، ودخل عليه ونزع الأغلال..ونقله إلى الصحراء”.

وتؤكد الحفريات آثار تعاليمه التي لا تزال مرسومة على بعض أحجار هضبة “أطبيلة” المجاورة لضريحه.

وولد الشيخ سيد أحمد لعروصي بصحراء تونس عام 886هـ، ومكث هناك في كنف جده وبزاويته إلى أن شب وترعرع غصن رجولته. ولازم الشيخ سيد أحمد لعرسي الشيخ سيد أحمد بن يوسف الراشدي الملياني، وأخذ عنه طريقته الصوفية بسندها الرزوقي، ثم انتقل إلى مكناس بالمغرب، حيث التقى بالشيخ عبد الرحمن المجذوب، وأخذ عنه طريقته الصوفية، وبعدها انتقل إلى مراكش التي كانت مركزا لأتباع الطريقة الجزولية، حيث لازم الشيخ أبي العزم رحال الكوشي المعروف بالبودالي، حيث تتلمذ على يديه وأخذ عنه سنده الجزولي في الطريقة الشاذلية. وكانت وفاة الشيخ يسد أحمد لعروسي سنة 1002هـ.

زاوية وضريح الشيخ سيدأحمد لعروسي

زاوية وضريح الشيخ سيدأحمد لعروسي

 المسجد العتيق

 رغم عدم قدمه الكبير إلا أنه يكتسي أهمية تاريخية ودينية كبيرة لدى سكان السمارة والباحثين والزوار السائحين المتوافدين عليها. ويحكي شيوخ المدينة والمهتمين بتوثيق تاريخها، أن المسجد العتيق بني سنة 1969 من طرف أحد الأثرياء من المعمرين الأسبان، من ماله الخاص، على أساس أن يكون مكانا للعبادة المتعددة، ومثالا للتعايش الديني بين الديانات السماوية الثلاث؛ الإسلام والمسيحية واليهودية، وهو أمر  تؤكده طريقة بناء الصومعة التي تتكون من أربع دوائر وهلال عكس الطريقة الإسلامية في بناء الصوامع والتي تقتصر على ثلاث دوائر وهلال، كما تضم بعض أعمدته آثارا لرسوم الصليب المسيحي والنجمة السداسية اليهودية.

أما من حيث الجانب المعماري وطريقة البناء، يلاحظ من خلال هندسة المسجد والأرابيسك الذي زين به أنه بني على الطريقة الأندلسية؛ أما من حيث المواد المستعملة في البناء، فقد بني المسجد بأكلمه باستخدام الحجارة السوداء والقوية، التي تميز إقليم السمارة. وتبلغ مساحة المسجد الأصلية 320 متر مربع، وبعد

توسيعه وصلت مساحته إلى 722.84 متر مربع.

ورغم أن المسجد العتيق بمدينة السمارة يحظى باهتمام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي عملت منذ سنوات على الاعتناء بأثاثه، وحرصت على أن تقام به الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، إلا أن الجميع بمدينة السمارة يتذكر بحسرة كبيرة عملية التوسعة التي طالته في 1994 والتي لم تكن مدروسة بشكل جيد، حسب البعض، مما أثر ذلك على بعض ملحقاته وعلى جماليته.

 أما بخصوص الزوايا الواقعة بمدينة العيون فنذكر منها:

 زاوية أولاد تيدرارين – الزيبــة

 وهي نسبة إلى قبيلة أولاد تيدرارين؛ والجد المؤسس والأب الكبير لهذه القبيلة هو حنين بن سرحان بن عبد الوليد بن الحسن بن محمد بن كلي بن أبي دجانة الأنصاري الخزرجي. وكان جده من ضمن الفاتحين الذين قدموا مع عقبة بن نافع في حملته الأولى سنة 662 ميلادية 42 للهجرة. وقد عرفت القبيلة في كتب التاريخ بأسماء متعددة، منها أبناء اعز وهو ابويعزى بن إبراهيم بن حنين أو مولاي بوعز المغربي، وقد لقب كذلك بأبي فبرين.

وقد سكن كل أو بعض أولاد تيدرارين من تاريخهم ما بين ادرار الشرقي وهو ادرار التمر وادرار الغربي وهو ادرار سطف. وصاروا يعرفون بأولاد ادرارين ومن ذلك اشتق اسم القبيلة. ويمكن تقسيم أولاد تيدرارين إلى تسعة بطون وثلاثة وعشرين فخذا.

ضريح بوغنبور

 يقع ضريح بوغنبور، وهو جد أولاد تيدرارين قرب منطقة بوجدور، ومعروفة باسم أهل الزيبة ويام عندها المعروف كل سنة. ويقصد بالمعروف اجتماع كل بطون قبيلة أولاد تيدرارين في موسم يقام كل شهر غشت، حيث يساهم كل واحد منهم بقدر من المال، قل أو كثر، كما يحضر الجميع أدوات الإنارة كالشمع وعود الثقاب، والسكر والشاي، وكل ما تيسر. هذا فضلا عن ثوابت الموسم ومنه نحر رؤوس الإبل، كما تزود القبيلة صندوق ضريح الولي الصالح بالإعانات السنوية المالية.

 نورالدين اليزيد عن الموقع الثقافي للصحراء بتصرف

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%85%d9%84%d9%83%d8%a9-%d8%b2%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a7%d9%87%d8%a7-%d9%84%d9%84.html/feed 0
ندوة علمية بالرباط تدعو إلى المزيد من البحث في المقاصد الإسلامية لمواجهة تحديات العصر https://www.massarate.ma/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%b7-%d8%aa%d8%af%d8%b9%d9%88-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%af-%d9%85%d9%86-%d8%a7.html https://www.massarate.ma/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%b7-%d8%aa%d8%af%d8%b9%d9%88-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%af-%d9%85%d9%86-%d8%a7.html#respond Wed, 06 Jun 2012 19:15:00 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=4408 البحث والدراسة والتأصيل واستشراف المستقبل، عناصر إلى جانب أخرى، كانت مسيطرة على أجواء الندوة العلمية الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، حول “مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر”، حيث تطارح ثلة من العلماء والأساتذة والباحثين والمهتمين في أصل فكر المقاصد وما إذا كان يستحق تخصيص علم مستقل بذاته عن باقي مكونات أصول الفقه الأخرى، داعين إلى ضرورة المزيد من البحث في المقاصد الإسلامية والعمل على جعلها ترفع تحديات زمن الثورات وزمن حرية إبداء الرأي، وهو ما يقتضي بالضرورة الحرص على إعادة النظر في المؤسسات الدينية وصونها من الاختطاف من قبل الكيانات الحزبية

ندوة علمية دولية حول "مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر"

تباحثوا في التطور التاريخي لفكر المقاصد

في جو علمي رفيع ضم العديد من الأساتذة والباحثين، من المغرب ومن خارجه، وبحضور مختلف وسائل الإعلام والمهتمين، انطلقت يوم الثلاثاء وعلى امتداد يومين، ندوة علمية دولية حول “مقاصد الشريعة والسياق الكوني المعاصر”، والتي تنظمها الرابطة المحمدية للعلماء تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأشار فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الدكتور أحمد عبادي، في كلمته الافتتتاحية، إلى أن الناظر في السياق التاريخي لمباحث مقاصد الشريعة يلحظ جهدا مباركا في استبانة حلقاتها، والكشف عن مسالكها، وذلك منذ مرحلة التأصيل المرجعي مع نزول القرآن الكريم، وترجمته العملية السنة الشريفة، ومرورا بمراحل التأسيس النظري مع الرواد الأوائل من أمثال الإمام الترمذي الحكيم(توفي320هـ)، والإمام القفال الشاشي الكبير(توفي365هـ)، والإمام الأبهري(توفي375هـ)، والإمام العامري (توفي381هـ)، والإمام الباقلاني (توفي403هـ)، وإمام الحرمين الجويني (توفي478هـ)، والإمام الغزالي (توفي505هـ)، والإمام الرازي (توفي606هـ)، والإمام الآمدي (توفي631هـ)؛ ثم مرحلة الجمع بين الجمع بين التأصيل النظري والتفعيل العملي مع سلطان العلماء العز بن عبد السلام(توفي660هـ)، والإمام القرافي (توفي684هـ)، وابن تيمية (توفي728هـ)، وتلميذخ ابن القيم (توفي751هـ)، ثم مرحلة النضج النظري والإبداع المنهجي من اللوذعي الإمام أبي إسحاق الشاطبي المالكي (توفي790هـ). ووصولا إلى مرحلة الإحياء واستئناف الاجتهاد المقاصدي مع جيل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري إلى اليوم (الأستاذ علال الفاسي، والشيخ الطاهر ابن عاشور، والشيخ عبد الله دراز..). وتوزعت مواضيع الندوة التي تتواصل يومي الثلاثاء والأربعاء بالرباط، على ستة محاور؛ حيث يتطرق المحور الأول إلى معالم ومحددات النظرية المقاصدية، بينما يدور نقاش المحور الثاني حول التطور التاريخي والعلمي لمبحث المقاصد (المقاصد قبل الشاطبي وبعده). وفي المحور الثالث يناقش الباحثون علم المقاصد والمنهجيات المعاصرة، ثم في المحور الرابع تتم مناقشة البعد الوظيفي للمقاصد. أما المحور الخامس فيتطرق فيه الباحثون حول مقاصد الشريعة وسؤال التجديد، بينما يختم الباحثون الندوة بالمحور السادس الذي يتدارس فيه المتدخلون موضوع مقاصد الشريعة والتحولات الكونية المعاصرة.

وبحسب فضيلة الدكتور العبادي فإن الفكر المقاصدي يبرز اليوم باعتباره مجالا علميا غنيا، يمكن إذا تم تسييقه، أن يفتح أمام الباحثين  أبوابا جديدة للاشتغال والإبداع، أبوابا يستطيعون، إن ولجوها بمسؤولية، القيام بقراءة متجددة لنصوص الوحي، وامتلاك آليات جديدة للاجتهاد الفقهي، وتنزيل متجدد للأحكام على الوقائع، كما سوف يمكنهم ذلك من تقريب إدراك فحوى الشرع والشريعة من العالمين.

ويواصل فضيلة الدكتور العبادي كلمته التمهيدية للندوة بقوله “يتجلى البعد الوظيفي للمقاصد أكثر، انطلاقا من كون العلم بالمقصد المراد من الحكم الشرعي، يكتسي أهمية قصوى في فهمه الفهم السليم من جهة، وكذا في تنزيله التنزيل الرشيد والناجع من جهة أخرى”.

وحري بالذكر، يضيف أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء، أن مقاصد الشريعة رغم تعددها وتنوعها، فإنها تتركز في مقصد كلي جامع جرى التعبير عنه تارة بـ”جلب المصالح ودرء المفاسد”، وتارة بـ”تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها”، كما جرى النظر إلى فريضة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، باعتبارها ترجمة سلوكية لجلب المصالح ودرء المفاسد.

وبرأي الدكتور العبادي فقد وظف مقاصديونا المعاصرون نظرية المقاصد في صلتها القوية بمبدأ المصلحة، سعيا لصياغة تشريعية متجددة تحاول المزاوجة بين النص والسياق، وبين الاحكام ومناطاتها، سعيا لبلورة مشروع إصلاحي نهضوي للأمة يمكنها من استئناف رسالتها في الشهود الحضاري الذي لا يتصور تحققه بدون الاضطلاع بواجب الاستخلاف والتعمير المستمد من المقاصد العليا للدين الخاتم الموجهة لسائر أنواع الفعل الإنساني (القلبين والعقلين والوجداني، والبدني)، مع الحرص على مد الجسور بين الإسلام والمعطيات والقيم الكونية ذات الصلة، وبوجه خاص، بمنظومة حقوق الإنسانن وقضايا التنمية الشاملة والمستدامة…التي تعد بمثابة غايات ومقاصد عامة للشريعة، وجب تكييفها مع نسيجها وأحكامها، في اعتبار رصين لمختلف الأسيقة المحيطة.

وأكد فضيلة الدكتور أنه من أبرز ميزات الفكر المقاصدي  كونه فكرا كليا يأبى الانحسار  في ظواهر الأدلة الجزئية، دون وصلها مع الأدلة الكلية، في حرص على المواءمة باتساق ووظيفية، بين الدليل الكلي أو الأصلي، والدليل الجزئي أو الفرعي، بحيث لا يصح تصور الأدلة الشرعية، إلا من خلال انبنائها على مقدمتين؛ إحداهما: نقلية، تثبت بالنقل عن الشارع نقلا صحيحا، والثانية: نظرية، تثبت بالنظر والاستدلال.

وفيما يعتبر رسما لخارطة طريق الندوة طرح فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الدكتور أحمد عبادي العديد من الأسئلة من قبيل؛ ما هي أهم الجهود التي بذلتها الامة في الكشف عن مقاصد الشريعة؟ وهل يمكن الحديث عن نظرية واحدة في مقاصد الشريعة أم أن هناك نظريات متعددة تختلف من حيث البناء النظري والمنهاجي؟ وأي دور للمقاصد الشرعية في استنباط الأحكام الشرعية وحسن تنزيلها؟ وما هي مسارات تفعيل مقاصد الشريعة في العلوم الإسلامية؟ وما هي ضوابط اعتبار المقاصد في مجال الاجتهاد وأثرها العملي؟ وكيف يمكننا البحث المقاصدي من إفادة الواقع، وتوجيه الاجتهاد الجماعي والمؤسساتي، في ظل التكتلات العلمية والمذهبية المعاصرة؟ وكيف يمكن أن تشكل مقاصد الشريعة إطارا للبحث في العلوم الاجتماعية والقانونية والإنسانية؟ وما هي خصائص الوعي المقاصدي الذي نحتاجه اليوم؟ وما هي الأدوات والشروط المطلوبة لتمكين نظرية المقاصد من الإعمال الأمثل؟ وهل تؤدي مباحث مقاصد الشريعة في صيغتها الحالية الوظائف سالفة الذكر؟

التحذير من سيطرة الحزبيين..

وفي معرض حديثه عن “مقاصد الشريعة والمدخل القيمي: النظرية الاجتماعية والسياسية”، في المحاضرة الافتتاحية الأولى، أشار أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية، رضوان السيد، إلى  أن للمقاصد وظيفتين جماليتين؛ الروح المنفتحة التي تتقبل الجديد، ووظيفة فتح باب الاجتهاد للعودة إلى التأصيل من الكتاب والسنة وأخذ الدروس والابتعاد عن مجرد التقليد؛ حيث إذا كان البحث في المقاصد قد تخلى عن مسألة التقليد والتخلص إلى حد ما من الطريقة القياسية، فإنه لم يتحول إلى منهاج على شاكلة المنهاج القياسي، وإذا كانوا قد نجحوا في الأمر الأول في تقبل الجديد، ما أسهم الفقه المقاصدي على الإطلاق في مسألة التحليل والتحريم والإباحة أو في كسر مسألة التقليد، لكن لم يترتب عن ذلك أنه تحول إلى نهج مواز أو بديل للنهج القياسي.

ويضيف، ما كانت هناك إفادة من فقه المقاصد الشرعية باعتباره تأسيسا لمركزية الإنسان، ولقيام السلطة الاجتماعية والسياسية على الجماعة أو اتفاقها معها، وبالتالي فإن الإحيائيين الحزبيين كما بدأوا متنافرين ومختلفين في أزمنة معارضتهم يبدون اليوم منفرين مثيرين للسخط في زمن حركات الاحتجاج العربي، مؤكدا “لقد هبت فئات الشباب للمطالبة بالحرية والمساواة ومحاربة الفساد، وهي جميعها قيم إسلامية، وهو ما افتقدته أمتنا منذ ستينيات القرن العشرين، وقد انضم إلى هؤلاء الشباب، في الساحات، الإسلاميون الحزبيون، وبرزوا في الانتخابات لكنهم اختلفوا في التناغم مع المشهدين العربي والعالمي”. وفي أول اختبار لهم في خوض الانتخابات، أصبحوا يهددون الناس، يقول المتحدث، ولاسيما معارضيهم بتطبيق الشريعة، وكأن الشريعة هم المسؤولون وحدهم عن تطبيقها وتأدية رسالتها. وفي هذا السياق المعاصر وإمكانية استلهام مقاصد الشريعة فيه، لدينا أربعة تحديات تتعلق بالقيم والمقاصد الشرعية؛ التحدي الأول، معالجة الانفصام بين الشريعة والجماعة، وهو انفصام طوره الإسلاميون عبر أزيد من خمسة عقود، يضيف السيد، فالشريعة تحتضنها الجماعة منذ كان الإنسان، والشعب هو مصدر السلطات، لذلك فإن شعار تطبيق الشريعة خطأ وخطيئة في حق الدين وفي حق المجتمع والناس. وهنا يمكن الإشارة إلى أنه إذا كان الفرنسيون يفتخرون أنهم هم أول من ضمن حق الاقتراع العام في القرن التاسع عشر، فإن الجويني قد دعا في القرن الثاني عشر الميلادي إلى ضرورة قيام السلطة على الإجماع وما قال أحد من أهل السنة والجماعة بعكس حرية الاختيار الاجتماعي والسياسي. فلذلك لا بد من إصلاح هذا وتجاوز مسألة تطبيق الشريعة التي تبدو كأنها فرض للشريعة على الجماعة مع العلم ان الجماعة هي من تحتضن دوما هذه الشريعة، فلا سماح الله لو لم تكن الجماعة او الأمة فأين سيكون القرآن؟ التحدي الثاني، ويتعلق بالقصد من التغيير، في هذا الزمن الذي نعيشه، بحيث يجب التمييز بين التغيير الدعوي الذي يتعلق بالتربية والدين والأخلاق، بينما يعني عند السياسيين جانب الخيارات وحقهم في ممارسة تدبير الشأن العام؛ وما تفعله الأحزاب السياسية الإسلامية اليوم هو استعمال ما هو دعوي وتربوي وتعبدي من أجل مصالحها السياسية، وهو ما تستغله ضد الآخرين وضد أحزاب  إسلامية أخرى، وهو الصراع الذي يدخل الدين عنوة في الحياة السياسية مما يؤثر على الدولة وعلى المجتمع، بحيث يفقد الدين معانيه السامية التي تتوخة نشر الود والسلم والأمن بين الناس، فلا بد من صون الدين في زمن الثورات وأزمنة التغيير. أما التحدي الثالث، إعادة النظر في المؤسسات الدينية والمرجعية، فقد خضعت في مرحلة سابقة إلى ضغوط قوية من جهة السلطات التي حاولت تجاوزها أو الحد من دورها، ومن جهة الحزبيين الإسلاميين الذي حاولوا الحلول محل هذه المؤسسات الدينية والمرجعية، بحجة أنها قاصرة أو خاضعة، ولذلك فلا نريد أن يربي الحزبيون الإسلاميون أولادنا ولا أن يصدروا لنا فتاوى، لأن ذلك وخاصة إصدار الفتوى سواء بالحل أو الحرمة هو من صلاحيتنا نحن الجماعة.

وفي المقابل فإني أرى، يقول السيد، أن الدولة العربية حاليا تتجه نحو الانحسار في مجال السطوة والسيطرة على المؤسسة الدينية، ولذلك فلا ينبغي أن يسيطر عليها الحزبيون الإسلاميون. ثم هناك التحدي الرابع والأخير، ويتعلق الأمر بمصائر الدين نفسه؛ فهناك في صفوفنا منذ عقود نزوع نحو التشدد؛ وفي بحث سابق لي أوردت أنه كلما كانت المؤسسة الدينية متراخية ظهرت أصولية إسلامية شديدة العنف، وبالمقابل في دول عربية حيث كانت المؤسسة الدينية عكس ذلك لم تظهر أصولية دينية عنيفة، أو على الأقل فهي أقل دعوة إلى العنف، وبسبب هذا النزوع أصبح الإسلام مشكلة عالمية منذ حوالي عقدين، يقول الباحث، وهو ما يحتاج منا إلى ضرورة وجود نهوض فكري إسلامي كبير لتجديد رؤيتنا لديننا، لأنفسنا وللعالم من حولنا، لأننا نريد أن نعيش بديننا وأخلاقنا بهذا العالم ومعه، وليس في مواجهته، فلا نريد أن نخيف العالم ولا أن نخاف منه، ولا أجدى من مقاصد الشريعة الإسلامية للدخول في هذا العالم المعاصر.

التأصيل لفكر المقاصد..والترمذي

وفي إطلالة على عالم الكلمة والشعر، وفي استراحة قصيرة قبل مواصلة الندوة، أبت قريحة الشاعر والدكتور عبدالهادي حميتو إلا أن تلهم صاحبها قصيدة من وحي هذه الندوة العلمية الرفيعة، وتفاعل معها الحضور الكريم وصفق لها كثيرا.

بعد ذلك تم الشروع في المحاضرة الافتتاحية الثانية، حيث أشار الدكتور طه جابر العلواني، رئيس جامعة قرطبة بواشنطن، وعبر الأثير من الولايات المتحدة، إلى أن ما هو شائع هو أن هذه الشريعة هي تعبدية على غرار الديانات السماوية السابقة، وأن هناك تمييزا بين مسألة التدين والتعبد؛ بحيث أن فكر التدين يقوم على اللامعقول، بينما فكر التعبد يقوم على المعقولات وعلى العقل. ولذلك يمكن التمييز بين الحكمة وبين الشريعة، ولذلك أيضا جاء كتاب ابن رشد بعنوان “فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال”، بحيث أراد الرد على أمثال هؤلاء، وإبراز مقاصد لباب الشريعة وحكمتها، حيث تطرقت كتابات كل من إمام الحرمين الجويني، والإمام الغزالي، ثم تتابعت الكتابات المبينة للمقاصد، وإن كانت قليلة، ولتقارب الموضوع حتى دونما كبير تفصيل، إلا ما كان من الحكيم الترمذي الذي كتب كتابه في هذا الشأن وتطرق فيه كذلك حول التأصيل للفكر.

ومن خلال الرجوع إلى عديد من الإشارات، يقول العلواني، يمكن أن نلفت إلى أنه يتم إغفال أمور شديدة الخطورة، لا يمكن أن لا يأبه إليها ذو بصر وبصيرة. وقد بدأ أهل العلم يتداولون فكرة المقاصد بأشكال مختلفة، سواء أكانت بوصفها عللا أو أسبابا، كما حدث عند القائلين بالقياس أو كانت عبارة عن حكم كما هي عند المعنيين بالمقاصد. ثم جاء من حاول أن يعمق في البحث المقاصدي ويحاول أن يصنفه على مستويات، وقد فعل ذلك بعض أهل العلم منذ القرن الخامس الهجري، وتواصل البحث في ذلك إلى أن جاء الإمام الشاطبي، الذي يعتبر ما وصل إليه وما وصل إليه من أسلافه، بمقتضى التصنيفات التي توفرت عنده، من بين أهم ما تم إنجازه في البحث المقاصدي وقتها، والذي تم تصنيفه إلى مقاصد ضرورية وعادية وتحسينية؛ وتتعلق بالمكلفين الذين استخلفهم الله جل شأنه في الأرض، لكي يقيموا الحق والعدل فيها.

ويمكن القول، يقول المتدخل، أن طلبة العلم اليوم اتضحت أمامهم وبين أيديهم كون أن مساعدة الخلق وتحقيق سعادتهم هي من حكمة الشريعة، وأن مسألة الاستخلاف في الأرض وإقامة الحق والعدل قد دفع بفكر المقاصد إلى ارتياد كل هذه المجالات الواسعة، التي أصبحت متوفرة أمامه للبحث فيها. ولكن لا بد لنا من تفعيل المقاصد، وهو التفعيل الذي للأسف مازال قاصرا وإذا لم يجر تفعيل هذه المقاصد والعناية بها، وبناء اجتهادات معاصرة تغطي الحاجات التشريعية لحل الأزمات والمشكلات، والنوازل والوقائع الحديثة، فإن المقاصد لا يمكن أن تخرج من دائرة فضائل الشريعة إلى أحكامها. فكيف تُفعل المقاصد؟ هذا السؤال بقي معلقا ومازال يحتاج إلى جواب وهو ما حاولنا الوصول إليه؛ إن مقاصد القرآن الكريم العليا إنما هي ثلاثة؛ التوحيد والتزكية والإعمار، لأن كل ما هو موجود هو تفاعل بين ما هو غيبي وبين ما هو إنساني. وهذه هي المقاصد العليا الواجبة في حق الشارع المكلِّف سبحانه وتعالى والمكلَف أي الإنسان الذي ينبغي أن يسخر العمران للاستخلاف في الأرض.

في البحث عن أسس وغايات المقاصد..

وفي محور “معالم ومحددات النظرية المقاصدية”، أشار الدكتور إسماعيل الحسني من جامعة القاضي عياض، في ورقته المعنونة بـ”مقاصد الشريعة وأسئلة الفكر المقاصدي”، إلى أن مقاصد الشريعة، بغض النظر عن الخلاف أو الاختلاف في تعريفها، هي معالم دلالات تروم عمارة الأرض، وانتفاع الإنسان بما خلقه الله في دائرة الأخوة البشرية، ولا يكون ذلك إلا بصلاح الإنسان الفرد وصلاح الأمة اعتقاديا وعمليا ومجتمعيا وحضاريا.

وبرأي معتز الخطيب الإعلامي والأستاذ في الدراسات الإسلامية، وفي ورقته المعنونة  بـ”المقاصد وعلم الأصول: قراءة في النسق المعرفي”، فإن هناك سؤالا تقليديا طرح في المعالجات المقاصدية المعاصرة،  وهو هل المقاصد جزء من علم أصول الفقه، أم أنها علم مستقل؟ ليخلص إلى أن المسألة أكثر من مجرد إجراء فني، بل إن القضية تتعلق بدواعي أخذ المقاصد كعلم للدراسة، وهل هناك تأزم معرفي استدعى ذلك لما وجده من ضعف في القياس والاجتهاد والاستنباط. وكإجابة مبدئية يشير المتدخل إلى أنه من الصعب فصل المقاصد عن الفقه، ولا يمكن القول أن البحث في المقاصد هو نسق علمي جديد، بل هو تطور داخل علم أصول الفقه.

وبعنوان “كليات المقاصد ومسألة التصنيف”، جاءت مداخلة الباحثة والأستاذة في كلية الشريعة بجامعة الجزائر، الدكتورة مسعودة علواش؛ حيث أشارت إلى أنه بعد تتبعها لمصنفات القرافي، وجدت أن كليات المقاصد، بناء على تصنيف هذا الأخير، تنسب إلى العز بن عبد السلام شيخ القرافي، الذي نجده يحصر هذه الكليات ويضع لها تصنيفه الخاص. وقد اعتمد العز بن عبد السلام على التقسيم بناء على حقوق الله وعلى حقوق العباد، وجعل الدين مرتبطا بحق الله تعالى، بينما باقي الكليات الأخرى كالأعراض وغيرها مرتبطة بحقوق العباد.

أما الباحث الجزائري وأستاذ التعليم العالي بجامعة باتنة، مقلاتي صحراوي، فقد تساءل في ورقته المعنونة بـ”المسوغات المعرفية للتأليف في مقاصد الشريعة في الفضاء العربي الإسلامي”، عمّاهية الأسباب الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى منظومة المقاصد، معتبرا أن هذه الأخيرة جاءت استكمالا للنسق التأويلي، لأن نظرية الأصول تتكون من المصادر كالقرآن والسنة والقياس وغيرها، ثم من الدلالات والألفاظ. لكن الذي تم التخلف فيه، يقول الباحث، ولم يتم فيه تأليف معتبر هو فكر مقاصد الشريعة، إلا في مراحل لاحقة عند الشافعيين قبل أن يتطور على عهد الشاطبي.

وفي ورقته “تحرير السؤال فيما بين الأصول والمقاصد من اتصال أو انفصال”، اعتبر الحسان شهيد من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن فصل المقاصد عن الأصول هو إشكال ما يزال متداولا ولم يتم حله بعد، ولفكه يقترح الباحث الدخول إلى الموضوع وتناول من مداخل عدة، أبرزها الباب المعرفي الإبستمولوجي والذي يبحث في فلسفة نشأة العلوم الإسلامية خصوصا وسياقاتها التاريخية، وهل تقتضي هذه الفلسة إنشاء علم جديد هو علم مقاصد الشريعة. هناك مدخل آخر ولعله مدخل عملي ووظيفي، يقول الباحث، وهو البناء العملي لإيجاد نسق جديد هو علم مقاصد الشريعة، بمعنى هل إنشاء علم جديد يأتي بقيمة مضافة للاجتهاد الفقهي، الذي هو الأصل الأول لإنشاء علم أصول الفقه.

وفي ورقته المعنونة بـ”إعمال المقاصد في الاجتهاد الفقهي: مجالاته وضوابطه”، قال عبد الحميد عشاق الأستاذ بدار الحديث الحسنية وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء، إن الشارع يقصد أن تتحقق المصلحة من إيقاع الفعل، وكل شيء يعتبر مصلحة فهو موجود ومقصود شرعا، وكل مفسدة مترتبة عن فعل شرعي، ورغم أنه موجود فإنه غير مقصود، كما أن المشاق الموجودة في الأفعال المأمور بها، فإنها موجودة لكنها غير مقصودة، وهذا ما ينطبق عن أن كل فعل أُمِر به فإن المصالحة الموجودة به هي مقصودة، وكل فعل أمر بعدم فعله فإن المفاسد الموجودة به غير موجودة، والعكس بالعكس، وبذلك ينطبق القول عن مقاصد الشريعة الإسلامية في الأفعال.

وتطرقت الدكتورة كلثوم دخوش عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء عن “مفهوم التعارف بين مقصدي الخلق والتشريع”، مبرزة أنه كان لإبراز فكر مقاصد الشريعة أهميته الخاصة، فإن إدراك مقاصد الخلق لا تقل عنه أهمية باعتبارها تجعل المكلف قادرا على إبلاغ رسالته في هذا الوجود، مؤكدة أنه يفهم من خلال الآيات القرآنية (الحجرات)”وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..”، أن مسألة التعارف هي دهوة مقصدية وبالتالي فهي من المقاصد، ولذلك فلابد من معرفة الأسباب الشرعية التي جعلت التعارف كذلك، وإذا تم ذلك فضمن أية أنواع من المقاصد يمكن إدراجه؟

أما الدكتورة ريحانة اليندوزي الباحثة بكلية الشريعة بفاس وعضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء، فقد حاضرت من جانبها بورقة بعنوان “التحقيق في دعوى حصر المكارم في المقاصد التحسينية”، حيث اعتبرت أن المقاصد الشرعية تنقسم عند العلماء إلى الضرورية والحاجية والتحسينية، إلا أن ما يثير الانتباه أكثر هو ما يتعلق بالتحسينيات، حيث تنضوي مكارم الأخلاق ضمن هذه المرتبة، فهل يمكن أن تقوم قائمة للدين أو النفس أو العقل أو الدين من دون هذه المكارم، على اعتبار أنها جاءت ضمن المرتبة الأدنى من المقاصد الشرعية؟ قبل أن تجيب أن الإخلال بمقصد تحسيني لا يضر بالمقصدين الآخرين الضروري والحاجي، ولا تدعو المسألة إلى أي إحراج أو تضييق على المكلف مادامت تدخل في باب التحسين والتزيين، برأي الباحثة.

وفي ورقته المعنونة بـ”في مقاصدية علم التصوف”، أشار الدكتور عبد الصمد غازي، مدير موقع مسارات للأبحاث والدراسات الاستشرافية والإعلامية” التابع للرابطة المحمدية للعلماء، إلى أنه من المنطقي والطبيعي أن ينتمي الصوفية إلى علم المقاصد، لأنهم اهتموا بالتزكية والبحث عن الكماليات، وعن حسن الأخلاق والقيم والمعاني فكان ذلك سبب عنايتهم بالمقاصد. وسوف أقتصر على نموذج ورد في مداخلات سابقة، يقول الدكتور غازي، وهو نموذج المفكر الصوفي العالم الحكيم الترميذي، الذي عاش في القرن الثالث الهجري، وله مؤلف عنونه بـ”إثبات العلل”، وتعتبر لحظته لحظة التأسيس، ولذلك جاءت صيغة عنوانه بـ”الإثبات”. كما أن معظم كتابات الحكيم جاءت لتؤكد أن الشريعة لها مقاصد والعبادات لها علل. وقد اعتبر الترمذي أن الشريعة لا تقتصر فقط على ما أضمرت القلوب من حيث التوحيد، فلابد أن تؤتى الأوامر ظاهرا حتى تثبت حجة الشريعة؛ فالمعقول المعنوي عند الصوفية لا يقتصر على العقل المجرد النظر، بل لابد له من فاعلية، لذلك فإن الحكيم يعلن منذ البدء عن التعليل؛ فالحكمة هي لباب الشيء وباطنه والانتفاع يكون باطن الشيء لا بقشوره، والاجتهاد الشرعي المقاصدي عند الحكيم ليس مجرد اجتهاد نظري، بل هي اجتهاد وغوص في معاني لا تحدها أزمنة أو أمكنة محددة، ولا تدرك أسرار الشريعة ومقاصدها وعللها إلا لذوي الاستقامة والتقويم، يقول الدكتور عبد الصمد غازي في ورقته البحثية.

وشارك في الندوة أيضا أساتذة آخرون وبأوراق مختلفة الاهتمامات والبحوث ومن هؤلاء الدكتور عبد الحميد عشاق، الأستاذ بدار الحديث الحسنية وعضو المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء، وكانت مشاركته بعنوان “إعمال المقاصد في الاجتهاد الفقهي: مجالاته وضوابطه”.

والدكتور فريد شكري، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، والذي شارك بورقة بعنوان “مسالك الكشف عن المقاصد”. والدكتور عبد الله هيتوت عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء، الذي كانت مداخلته بعنوان “”معالم ومحددات النظرية المقاصدية”.

هذا بالإضافة إلى مشاركة أساتذة وباحثين آخرين من المغرب ومن بعض الدول الإسلامية الأخرى، منهم على الخصوص؛ الدكتور عبد الحميد الإدريسي، والدكتور محمد المنتار، والدكتور احميدة النيفر من تونس، والدكتور عبد الله السيد ولد أباه من موريتانيا، والدكتور إبراهيم حمداوي، والدكتور بشير المكي عبداللاوي من تونس، والدكتور محمد بلكبير، والدكتور خالد ميار الإدريسي، هؤلاء الذين قدموا كلهم أوةراق أثارت الكثير من النقاشاتن وأضاءت جوانب كانت خفية في مجال المقاصد الإسلامية، داعين إلى المزيد من التمحيص والبحث حتى تواكب هذه المقاصد زمننا وعصرنا المتسم بعديد من الإشكالات.

نورالدين اليزيد

]]>
https://www.massarate.ma/%d9%86%d8%af%d9%88%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%b7-%d8%aa%d8%af%d8%b9%d9%88-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%af-%d9%85%d9%86-%d8%a7.html/feed 0
قبيلة المغاربة..القبيلة الوحيدة بالسودان التي تُنسب لأصول أهلها https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%a8%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86.html https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%a8%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86.html#comments Mon, 04 Jun 2012 09:53:04 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=4207  يبدو أن التاريخ سيظل يذكر للمغرب والمغاربة حضورهم القوي في مختلف البلاد الإسلامية، عبر التاريخ، بحيث امتد تواجدهم إلى أقاصي الأرض، في زمن لم تكن به وسائل التنقل غير التي نعيشها اليوم؛ إلا أن ذلك لم يحل دون الإنسان المغربي ورغبته في تبليغ رسالة علم وحب وسلام بعدد من دول المعمور، وهو ما جعل بلدا كالسودان يحتضن تجمعا سكانيا مهما (قبيلة) تحمل اسم المغاربة.

سودانيون يحملون الدم المغربي

سودانيون يحملون الدم المغربي

أن يكون هناك تواجد لبعض الجاليات في بعض الدول فهذا ما لا يدعو إلى كثير من الاستغراب، لكن أن يصبح تواجد جالية معينة في شكل قبيلة بالدولة المضيفة، فهذا ما يدعو، ليس فقط إلى الاستغراب، لكن إلى عديد من الأسئلة التي تجعل مغاربة هاجروا إلى بلاد السودان يستطيعون تأسيس قبيلة خاصة بهم، ويصبحون سودانيين بدم مغربي.  

ويستغرب زوار السودان وخاصة زوار العاصمة الخرطوم من وجود سوادانيين من أصل مغربي، إلا أن أن حالة الاستغراب هذه سرعان ما تتبدد، حينما يعلم الوافد إلى هذه الربوع، أن هناك قبيلة تحمل اسم “قبيلة المغاربة”، لها مكانة مرموقة وصيت ذائع داخل المجتمع السوداني، بفضل الاحترام والتقدير الكبير الذي تحظى به، بالنظر إلى أن الوافدين الأوائل من المغاربة، قدموا إلى هذا البلد بغية نشر الدين الإسلامي وبالخصوص ما يعرف بالإسلام الصوفي.

وفي هذا السياق سبق لكامل عبد الماجد، المستشار في المجلس الوطني السوداني، (وكان محافظا سابقا في عدد من محافظات السودان)، وأحد المنتسبين لقبيلة المغاربة بالسودان، أن صرح لوكالة الأنباء المغربية، بأن “أسلافنا المغاربة أتوا منذ حوالي 500 أو 550 عاما إلى السودان لنشر الإسلام، قادمين من عدة مناطق بالمغرب، خاصة من فاس، ولعل ذلك ما يفسر القول المأثور عند أهل السودان “فاس اللي ما وراها ناس”، اعتقادا منهم بأن فاس لا توجد وراءها يابسة.

وبحسب هذا السوداني ذي الأصول المغربية فإن أغلب هؤلاء الوافدين كانوا من علماء الدين ورجالات التصوف، وعندما دخلوا إلى أرض السودان استقر بعضهم قرب شواطئ النيل الأبيض في منطقة تسمى (حريدانة)، في حين استقر الكثير منهم بمنطقة شرق النيل (تقع مباشرة شرق الخرطوم بحري).

 قبيلة مغربية في قلب السودان !

 يوجد المنتسبون لقبيلة المغاربة بكثرة في شمال منطقة “المناقل”، التي تسمى منطقة غرب الجزيرة، حيث تنتشر القبيلة في 36 قرية. كما يوجد البعض منهم في وادي مدني، ثاني حواضر السودان، ومنتشرون في قرى تقع في منطقة الجزيرة من قبيل قرية (كعويرة)، بالإضافة إلى قرية اسمها “المغاربة”، مما يدل على أنهم كلهم مغاربة، بمعنى أن انتشارها شمل حيزا جغرافيا صغيرا؛ حيث قلما تجد أفرادا من القبيلة وسط أو غرب أو جنوب البلاد، خلافا للقبائل الأخرى المنتشرة بمختلف أرجاء السودان.

أما المعاقل الحقيقية لقبيلة المغاربة بالسودان، فتأتي في مقدمتها قرية “الشيخ الأمين ولد بلة” (حوالي80 كلم شرق الخرطوم)، التي تحمل اسم أحد أحفاد الشيخ سيدي أحمد زروق أبو المغاربة السودانيين، دفين مدينة مصراتة على الحدود الليبيةـالمصرية، فضلا عن قرى أخرى مثل سوبا الشرقية ودار السلام والهلالية (شرق النيل باتجاه الجنوب)، وتبقى قرية (محراز) من بين أكبر هذه المعاقل.

وإذا كان عدد القبائل في السودان يفوق الـ600، فإن قبيلة المغاربة هي الوحيدة على الإطلاق التي تحمل اسم الجهة أو البلاد التي أتت منها، وهو معطى لا تنعم به قبائل أخرى تحمل أسماء عادية كقبيلة الكواهلة والعركيين والرفاعة والشكرية، بحيث تنفرد “قبيلة المغاربة”، بالاحتفاظ باسم الجهة التي قدمت منها.

ورغم أنها من القبائل المتوسطة في السودان، لا يتعدى عدد أفرادها مليون نسمة على أبعد تقدير، كما يقول كامل عبد الماجد، فإن قبيلة المغاربة، التي ظلت منحصرة في مساحة ضيقة، بقيت منفتحة على محيطها المباشر وتفاعلت معه وأنجبت العديد من الرموز الذين أثروا في حياة أهل السودان، بمن فيهم السفراء والوزراء والأساتذة الجامعيون، خاصة أن أبناءها ارتادوا التعليم النظامي من مدارس وجامعات منذ انطلاقه بالسودان.

وإذا كان أبناء قبيلة المغاربة يعتزون بأصولهم المغربية ويفتخرون بها، كما تشير إلى ذلك مصادر سودانية، فإن حَنينهم إلى بلدهم الأصلي يبقى حنينا مستداما، فغالبا ما يتحدثون عن جذورهم في المغرب، وإذا سافر الفرد منهم إلى المغرب فإن أول ما يسأل عنه من قبل أفراد القبيلة فور عودته “هل وجدت أهلا لنا هناك من سلالة أحمد زروق المغربي؟” و”هل سألت عن أجدادك هناك؟”.

ويؤكد السودانيون أن الاستقبال الذي تخصصه هذه القبيلة لأهل المغرب حينما يزورنا السودان يكون حارا، حيث تمتزج فيه حرارة اللقاء بالتكبير والتهليل، ويعم الفرح والحب كلما ذُكر اسم المغرب فتُقام طقوس الكرم والاستقبال وحسن الوفادة من نصب للخيام الضخمة وذبائح وقرع على طبل “النحاس”، الذي لا يستعمل إلا في مناسبات ثلاث؛ أولاها قدوم ضيف عزيز، وثانيتها عودة شيخ القبيلة سالما من مهمة وآخرها وفاة واحد من علية القوم.

ولازال السودانيون والمغاربةن على حد سواء، يتذكرون تلك الكلمة الطيبة النابعة من إنسان هذا البلد الطيب، والمعبرة عما يختلج السرائر من مشاعر محبة وأحاسيس جياشة، عكست في مجملها فرحة الحشود التي توافدت على قرية “الشيخ الأمين”، من كل حدب وصوب، أثناء استقبال الاحتفال بالخرطوم عاصمة للثقافة العربية سنة 2005، حيث أبى زعيم هذه القرية الشيخ الطيب الغزالي (عضو المجلس الوطني السوداني) إلا أن يقيم مأدبة كبيرة على شرف الوفد الثقافي المغربي، حضرها عدد كبير من أفراد القبيلة وأعيانها (أزيد من600 شخص)، بمن فيهم الدكتور غازي صلاح الدين العتابني المستشار لدى رئاسة الجمهورية.

وعكست الكلمات والقصائد التي ألقيت بالمناسبة ترقب أفراد القبيلة الطويل لقدوم المغاربة والفرحة العارمة التي غمرت أفرادها وهم يحتفون بهذا اللقاء، حيث جادت قريحة كامل عبد الماجد بقصيدة مطلعها:

“أتى أهلي فأشرقت الديار وغرد في دواخلنا الفخار؛

بنو عمي وإن شط الزمان وعز الوصل واستعصى المزار؛

بمقدمهم سعدنا في احتفاء عظيم والإخاء له إطار؛

إلى أن يقول:

إلى الملك التحية فاحملوها مليك بالبنان له يشار؛

هو الشمس التي في كل أرض بها عند الدياجي يستنار؛

 وللشعب العزيز عظيم حبي فرغم البعد ليس لنا انشطار؛”

 حديث التاريخ..

 ومن المؤكد أن الروابط والصلات التجارية بين السودان الغربي وبلاد المغرب روابط تجارية تعود إلى أزمنة تاريخية قديمة؛ فقد كانت قوافل قرطاجة تقطع الصحراء لجلب الذهب والعبيد والعاج مقابل المنسوجات والنحاس والأدوات المصنعة. وظل هذا التبادل قائما في العهدين اليوناني والروماني ثم البيزنطي.

وبعد الفتح الإسلامي للمغرب، تولى سكان المغرب تأمين أسواق السودان الكبرى، وعملوا على تنظيم المواصلات مع هذه البلاد على أساس تجاري أولا، ما فتئ يتوطد عبر الفترات التاريخية اللاحقة، حاملا معه مجموعة من التنظيمات الاجتماعية والدينية والحضرية.

ويمكن القول إن العلاقات التجارية كانت تنفث الروح في باقي العلاقات الأخرى من كل نوع، فالعنصر الحاسم الذي أثر في التطور الاجتماعي والحضاري بالسودان يتمثل في العامل التجاري؛ فإليه ينسب كثير من المؤرخين ما عرفته أقاليم السودان من ازدهار حضاري وتطور سياسي واقتصادي، وذلك لما أتاحته القوافل من فرص الاطلاع على العادات والمعطيات الحضارية في حوض البحر المتوسط.

وفي بحثه حول تطور العلاقات بين شعبي المغرب والسودان أو التفاعل الحضاري بين ضفتي الصحراء، كما سماه أحد الباحثين، يقوم هذا الأخير بتسليط الأضواء على الجالية المغربية بالسودان الغربي خلال القرن الرابع عشر الميلادي؛ وسنده الرئيس في هذه المحاولة، كما قال، هو القسم السوداني من رحلة ابن بطوطة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.

وفي هذا الصدد يتم التذكير بأن ابن بطوطة عاصر ثلاث قوى سياسية رئيسة في القارة الإفريقية؛ هي دولة المرينيين بالمغرب، ودولة المماليك بمصر، ودولة مالي بالسودان الغربي. ومن نافلة القول كذلك أن معلومات ابن بطوطة تعتبر ذات أهمية قصوى لمعرفة المجتمع السوداني؛ فهي تصور لنا مكوناته الاقتصادية والثقافية والذهنية والعقدية تصويرا دقيقا، كما تخبرنا بطريقة غير مباشرة عن أفراد الجالية المغاربية وتنظيمها وعلاقاتها بباقي مكونات المجتمع السوداني؛ فضلا عن دورها في الربط الحضاري بين شمال الصحراء وجنوبها.

ومن الطبيعي أن يكون التواجد المغربي ببلاد السودان الغربي كثيفا، نظرا للعلاقات التجارية والروحية التي ربطت المنطقتين منذ فترة طويلة. فقد انبنت الجالية المغربية ببلاد السودان الغربي إلى جانب الجاليات الأخرى، وخاصة المصرية منها، وأدت أدوارا كبيرة في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والروحي للسودان الغربي كما سنرى.

ويمكن القول إن العناصر الفاعلة في التجارة الصحراوية كانوا إما سكان الحواضر المغربية والسودانية، وإما عناصر رُحل غالبا ما انتهى بهم الأمر إلى الاستقرار في المدن. ويظهر أنه إلى حدود القرن 6 هـ/ 12م، كانت المبادرة بيد التجار المسلمين الذين كانوا يتاجرون مع بلاد السودان. ولم يبدأ السودانيون يترددون على مدن الجنوب الغربي للمغرب إلا عند نهاية القرن 6 هـ/ 12م. عند وصول التجار المغاربة إلى المراكز الحضرية السودانية، كانوا يقومون بكراء المنازل لسكناهم ولتخزين سلعهم طيلة فترة مقامهم هناك؛ وهي إقامة كانت تطول شهورا. ولكن في غالبية الحالات كانوا يقيمون مع زبنائهم أو لدى وكلاء الشركات التي ينتمون إليها.

والجدير بالذكر أن الفنادق المخصصة للجاليات الأجنبية لم تكن معروفة بالسودان الغربي، على عكس بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط حيث انتشرت الفنادق المخصصة للتجار الأجانب في أغلب المدن التجارية، بل إن التجار المغاربة كانوا يسكنون أحياء خاصة بهم، حيث يتوفرون على منازل وحوانيت ومساجد خاصة؛ فابن بطوطة وصل إلى “محلة البيضان” بمدينة مالي، حيث اكترى له محمد ابن الفقيه “دارا إزاء داره”. وفي مدينة كوكو أضافه الفقيه محمد الفيلالي “إمام مسجد البيضان”.

 ابن بطوطة..أبرز السفراء

 إن إقامة المغاربة في أحياء خاصة بهم لا تعني انعزالهم أو ترفعهم عن المجتمع السوداني؛ فقد سجل ابن بطوطة حسن التعايش بين أهل السودان ومن يخالطهم من البيض، ومعظمهم من المغرب وباقي الشمال الإفريقي. ويمكننا التأكيد أن الجاليات المغربية في مدن السودان كانت مهمة من حيث المستوى الاجتماعي، وتمثلت في أسر تجارية أو علمية سكنت في مدن السودان، مؤقتا أو بصفة دائمة. فقد كانت الجالية المغربية تشمل، إلى جانب التجار، فقهاء وقضاة ومدرسين ومقرئين وطلبة وخطباء، وحتى رجال الأدب والشعراء والمهندسين.

ولغير معروف تاريخ إقامة أفراد الجالية المغربية الذين يذكرهم ابن بطوطة؛ إلا أن بعض المؤشرات تؤكد أن عددا منهم لم يكن طارئا على البلاد، وإنما يمثل الجيل الثاني أو الثالث مثل مدرك بن فقوص، الذي على يد جده أسلم جد إمبراطور مالي مانسا موسى حسب رواية ابن بطوطة.

ومن خلال أسماء بعض المغاربة الذين تذكرهم المصادر، نلاحظ أن التجارة الصحراوية كانت تستقطب التجار من جميع أنحاء بلاد المغرب، وخاصة من المدن الكبرى. ويذكر البكري أبا بكر أحمد ابن خلوف الفاسي الذي استقر بغانة. ونعلم أن أخوي المقري (عبد الواحد وعلي) كانا يمثلان شركتهما العائلية “بولاتة”.

ويقول العمري إن أبا عثمان سعيد الدكالي (سكن مدينة بيتي [عاصمة امبراطورية مالي] خمسا وثلاثين سنة). أما ابن بطوطة، فبالإضافة إلى كلامه عن “المغاربة” أوعن “البيضان”، وعن “التجار” بصيغة الجمع، فإنه يذكر أسماء عدد من المثقفين والتجار المغاربة المقيمين في مختلف مدن السودان. إلا أن تلك الأسماء لا تترجم في الواقع إلا جزئيا حقيقة الوجود التجاري المغاربي ببلاد السودان وكثافة هذا الوجود.

ومع ذلك، لابد من أن نلاحظ أن الجاليتين المغربية والمصرية كانتا متساويتين من حيث الأهمية بالعاصمة المالية، حيث كانت “جماعة البيضان” بها خاضعة لقيادة شخصين من كبار القوم؛ الأول مغربي كما تدل على ذلك نسبته لقبيلة جزولة، وهو محمد بن الفقيه الجزولي؛ والآخر مصري هو شمس الدين بن النقوش المصري. إلا أن ابن بطوطة “يربط حديثه عن المصريين باشتغالهم بالتجارة، ولا يذكر اشتغال المغاربة بها إلا في القليل النادر، ويجعل وجودهم هناك مقرونا بالاشتغال بالقضاء والتدريس وكل ما يتصل بالحياة الثقافية”؛ فبجانب التجار المحترفين يظهر أن الفقهاء والقضاة ورجال الأدب الذين أقاموا بالسودان الغربي قد تعاطوا التجارة هم كذلك. ويصعب الجزم بأنهم كانوا يقتصرون في نشاطهم على الوظائف الرسمية. فمهما كانت الرواتب التي تدرها عليهم تلك الوظائف، فإنهم بلا شك كانوا ميالين إلى ممارسة الأعمال التجارية المربحة التي تفسر وحدها عبورهم للصحراء والإقامة في بلاد بعيدة مثل السودان. فقد كانوا وكلاء للشركات الموجودة بالمغرب أو وسطاء بين المغاربة والسودانيين. إن الجمع بين التجارة والعلم هو إحدى خصائص الحضارة الإسلامية في جميع العصور.

ونعلم أنه لم تكن هناك اتفاقيات تجارية أو معاهدات تقنن العلاقات التجارية بين المغرب وممالك السودان، وتحدد واجبات وحقوق التجار المغاربة بالسودان؛ كما هو الحال بين البلدان الإسلامية والبلدان المسيحية. ويظهر أن الإسلام الذي نسج خيوط مختلف الروابط بين ضفتي الصحراء، هو أصل عدم وجود تلك الاتفاقيات. وهذا يفسر كذلك تلك التسهيلات التي منحها ملوك السودان للمغاربة، والتي دفعتهم لتنشيط الحركة التجارية والمساهمة في مداخيل الخزينة السودانية. لذلك نجد السلطة المحلية تعمل على ضمان حمايتهم وتعاقب جميع المضرين بمصالحهم أو بأمنهم، وتسهل حرية تنقلاتهم.

ويؤكد ابن بطوطة أن إمبراطور مالي المانسي موسى “كان يحب البيضان، ويحسن إليهم، وهو الذي أعطى لأبي اسحاق الساحلي في يوم واحد أربعة آلاف مثقال[…]، وأعطى لمدرك بن فقوص ثلاثة آلاف مثقال في يوم واحد”. وقد استمرت هذه السياسة سارية المفعول خلال القرنين التاليين حسب شهادة الحسن الوزان. كذلك تقرب أغنياء الجالية المغربية من أغنياء الأرستوقراطية السودانية ومن الدوائر الحاكمة عن طريق الزواج والارتباطات العائلية.

إن كبير “جماعة البيضان” محمد ابن الفقيه الجزولي “كان متزوجا ببنت عم السلطان”. ونجد لاحقا أن ملك تمبوكتو “زوج اثنتين من بناته من أخوين تاجرين لغناهما. وقد عمل بعض أفراد الجالية المغربية مستشارين في دواليب الإدارة السودانية المحلية وفي دائرة السلاطين السودانيين. فالقاضي والخطيب ابن الفقيه هم من أعلم المانسي سليمان بقدوم ابن بطوطة لمالي. كما قاموا بمهمة التحكيم بين الزعامات السودانية المتصارعة؛ “وفي أيام إقامتي به [تكادا]، توجه القاضي أبو إبراهيم، والخطيب محمد، والمدرس أبو حفص، والشيخ سعيد بن علي إلى سلطان تكادا وكان قد وقعت بينه وبين التكركري، وهو من سلاطين البربر أيضا منازعة فذهبوا إلى الإصلاح بينهما”.

وبذلك يمكن القول إن دولة مالي كانت قد دخلت مرحلة جديدة في نموها عندما طور البلاط علاقاتها بالتجار والفقهاء المسلمين. وإذا كان ابن بطوطة في سياحته ببلاد السودان قد صدمته بعض العادات وأنف من بعض الأكلات السودانية في بعض المدن، فإن ذلك لم يكن حالة التجار الذين كانوا متعودين الحياة في هذه المناطق. ويظهر أن عدم تشدد السودانيين وانفتاح قيمهم ومبادئ الديانة الجديدة التي تبنوها قد ساهمت بلاشك في إدماج المغاربة في المجتمع السوداني، حيث تعايشت مبادئ الإسلام مع بقايا الديانة الأنيمية المحلية.

والواقع أنه كانت هناك علاقات وصداقات بين السكان المحليين والتجار المغاربة، حيث تزوج البعض حسب الشريعة الإسلامية؛ بينما اتخذ البعض الآخر ـ الذي كان كثير التنقل بين المغرب وبلاد السودانـ جواري له.

ولقد تعلم المغاربة اللسان السوداني؛ فيذكر الحسن الوزان أنه مع انتشار الإسلام بالسودان “بدأ تجار بلاد البربر حينئذ يذهبون إلى هذه البلاد ليتاجروا فيها حتى تعلموا لغاتهم”. و”رجل من البيضان” هو الذي شرح (أو ترجم) لابن بطوطة فحوى بعض المحادثات التي جرت في البلاط السوداني.

 أزمة..عابرة

 إن الامتيازات التي كان يحصل عليها المغاربة لم تمنع ملوك السودان، في ظروف لا يذكرها المؤرخون، من اعتقال التجار المغاربة ومنع نشاطهم؛ مثلا، عند نهاية القرن 12م عرفت العلاقات المغربيةـالسودانية أزمة، من مظاهرها رفض الخليفة المنصور الموحدي “هدية من بلاد السودان” عبارة عن فيل.

ولا تعرف أسباب تلك الأزمة، وهناك من يرجح أنها مرتبطة بما كان يتعرض له المغاربة من مضايقات من طرف حكام السودان. فعلى إثر اعتقال ملك السودان بعض التجار المغاربة وسجنهم، وجه الأمير أبو الربيع سليمان والي سجلماسة وأقاليمها مذكرة احتجاج شديدة اللهجة إلى ملك غانة يستنكر فيها العراقيل التي توضع في وجه صغار التجار المغاربة و”تعويقهم”، مذكرا إياه بأن اختلاف الاعتقاد الديني بين الجانبين لا يمنع من حسن الجوار ومن حسن التعايش؛ “نحن نتجاور بالإحسان وإن تخالفنا في الأديان”، وأنه يمكن معاملة التجار السودانيين الموجودين بالمغرب بالمثل” ! “لو شئنا، لاحتبسنا من في جهتنا من أهل تلك الناحية لكنا لا نستصوب فعله، ولا ينبغي لنا أن ننهى عن خلق ونأتي مثله”.

نورالدين اليزيد – عن “الشرق الأوسط”

]]>
https://www.massarate.ma/%d9%82%d8%a8%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86.html/feed 1
حارة المغاربة بالقدس: أو عندما يشهد التاريخ بجهاد المغاربة إلى جانب أشقائهم https://www.massarate.ma/%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3-%d8%a3%d9%88-%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa.html https://www.massarate.ma/%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3-%d8%a3%d9%88-%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa.html#respond Tue, 29 May 2012 11:20:55 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=3726 في الوقت الذي تتزايد فيها اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على أهالي القدس الشريف في إطار سياسة تهويدية تتوخى طمس معالم هذه المدينة التاريخية، حيث المسجد الأقصى الذي عرج منه المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى سدرة المنتهى، وفي هذه الأيام المتزامنة مع إطلاق حملة دولية لفك الحصار عن القدس الشريف، وهي الحملة التي يحضر فيها المغرب كعادته بقوة من أجل قضية العرب الأولى، يجدر بنا أن نعود فننبش في كتب التاريخ والمصنفات الأثرية عن اسم مكان يعتبر من أهم الأماكن الأثرية في بيت المقدس، لا بل تشير الكتب التاريخية إلى أن البراق الشريف نزل بهذا المكان قُبيل امتطائه من قبل الرسول الأكرم ليعرج إلى السماوات السبع، إنه حارة المغاربة، التي تؤرخ لتواجد أجدادنا هناك بهذه الأماكن الطاهرة للدفاع والجهاد في سبيل الله.

تعتبر من أهم الآثار بالقدس الشريف

تقع حارة المغاربة في القدس الشريف غرب المسجد الأقصى، وهدمتها سلطات الاحتلال عام 1970، وبلغ مجموع الأبنية الأثرية بها نحو 135 أثراً تعود للعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني؛ ومن جملة هذه الآثار المدرسة الأفضلية، ومزار الشيخ عبد، وزاوية المغاربة. وقد تحولت الحارة إلى ساحة للصلاة قرب حائط البراق (حائط المبكى الغربي) الذي تم الاستيلاء عليه كأثر إسلامي الذي هو مسرى الرسول صلى الله علريه وسلم.

وحارة المغاربة من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس الشريف، وترجع شهرتها في عصرنا الحالي إلى الفعل الشنيع الذي أقدمت عليه قوات الاحتلال، حين دمرت الحارة بكاملها وسَوَّتها بالأرض بُعيد احتلال القدس عام 1967م، وحولتها كاملة إلى ساحة سمتها (ساحة المبكى) لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق، وذلك على حساب التاريخ والحق الثابت الراسخ في هذه المنطقة.

وكانت هذه الحارة بالكامل وقفاً من الملك الأفضل بن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم، وعلى مر الزمان انتشرت فيها الأوقاف المتعددة من مدارس وأبنية ومصليات وزوايا وغيرها.

وتعد حارة المغاربة من المعالم الإسلامية التاريخية الواضحة في مدينة القدس والدالة على الهيمنة الإسرائيلية التهويدية منذ احتلالها لمدينة القدس، وكانت تقع في الجانب الجنوبي الغربي لمدينة القدس إلى الغرب من المسجد الاقصى المبارك منخفضة عن مستوى أرض ساحات المسجد الأقصى المبارك. ويحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية ويليها المسجد الأقصى المبارك، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، وكان يمكن الوصول إليها عبر زقاق يفصل بين زاوية المغاربة وتربة الأمير بركة خان المعروف كذلك بالمكتبة الخالدية، ويعد كتاب وقف المالك الأفضل لحارة المغاربة أن حدها الجنوبي هو سور القدس ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان وحدهما الشرقي هو حائط المسجد الأقصى المبارك المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، ومن الغرب دار الإمام شمس الدين قاضي القدس ودار الأمير عماد الدين بن موسكي ودار الأمير حسام الدين قايمباز.

وقد اختلفت أسماء المنشآت المحيطة بالحارة قبل هدمها؛ فقد حدها من الجنوب سور القدس وفيه باب المغاربة وآثار باقية من القصور الأموية ( دار الإمارة ) المكتشفة عام 1974م، ومن الشمال قوس ولون المعروف بأقواس ( تنكز ) الحاملة للمدرسة التنكزية، وعلى صفها أوقاف خاصة بعائلة الخالدي في القدس وتربة الأمير حسام الدين بركة خان، ومن الغرب حارة الشرف التي استملكتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشوهت معالمها الإسلامية التاريخية.

باب المغاربة في المسجد الأقصى

 يقع باب المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك في الجانب الجنوبي للرواق الغربي للمسجد الأقصى بالقرب من بواّبة الزاوية الفخرية الكائنة داخل المسجد الأقصى المبارك. ويصل هذا الباب بين حارة المغاربة والمسجد الأقصى، ويرتفع الباب عن مستوى الحارة بشكلٍ ملحوظ، فالحارة تربض على أرضٍ تنخفض نسبياً عن مستوى سطح أرض المسجد الأقصى.

ويتألف الباب من قوس محدبة له مصراع خشبي تُسيطر على مفاتيحه سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وقد عُرف باسمه هذا كونه يؤدي إلى الحارة التي يقطن فيها المغاربة.

وتحدث شمس الدين السيوطي أنّه سُمّي بذلك “.. لمجاورته مقام المغاربة الذي تقام فيه الصلاة الأولى”، وقد استمر هذا الباب معبراً لكل من أراد الوصول إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك للصلاة، وأحيط بالعباّد والزهاّد من أتباع المذهب المالكي.

مساحة حارة المغاربة

 شغلت حارة المغاربة مساحة تقدر بخمس وأربعين ألف متر مربع، وهي بذلك تشكل ما نسبته 5 بالمائة من مساحة القدس القديمة، وقد تباينت مساحة الحارة تبعاً لاختلاف حدودها بين الحين والآخر، فقد امتدت مساحات من حارة المغاربة قبل العهد العثماني إلى خارج السور فعرفت بحارة المغاربة البرانية.

وفيما يتعلق بحدود الحارة فقد انخفضت حارة المغاربة عن مستوى أرض ساحات المسجد الأقصى المبارك، ويحد حارة المغاربة من جهة الجنوب سور القدس وباب المغاربة، ومن الشرق الزاوية الفخرية ويليها المسجد الأقصى، ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات، ومن جهة الغرب حارة الشرف، وكان يمكن الوصول إليها عبر زقاق يفصل بين زاوية المغاربة وتربة الأمير بركة خان المعروفة كذلك بالمكتبة الخالدية. ويفيد كتاب وقف الملك الأفضل لحارة المغاربة أنّ حدّها الجنوبي هو سور القدس ويليه الطريق السالك إلى عين سلوان، وحدّها الشرقي هو حائط الحرم القدسي الشريف المعروف بحائط البراق، ومن الشمال القنطرة المعروفة بقنطرة أم البنات، ومن الغرب دار الإمام ابن شمس الدين قاضي القدس، ودار الأمير عماد الدين بن موسكي، ودار الأمير حسام الدين قايماز.

وقد اختلفت أسماء المنشآت المحيطة بالحارة قبل هدمها، فقد حدّها من الجنوب سور القدس وفيه باب المغاربة وآثار باقية من القصور الأموية (دار الإمارة)، ومن الشمال قوس ولسون المعروف بأقواس تنكز الحاملة للمدرسة التنكزية، وعلى صفّها أوقاف خاصة بعائلة الخالدي في القدس وتربة الأمير حسام الدين بركة خان، ومن الغرب حارة الشرف التي استملكتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشوّهت معالمها الإسلامية والتاريخية.

وضمت الحارة عشرات المباني التي يعود تاريخ بعضها إلى العصر الأيوبي، وكان أشهرها المدرسة الأفضلية؛ وقد بلغ عدد المباني الأثرية التي هدمتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي (135 بناءً أثرياً)، امتدت فوق الساحة التي أخذ اليهود يطلقون عليها فيما بعد ساحة المبكى. وتؤكد خارطة أفقية للقدس تعود إلى النصف الأول من القرن العشرين يظهر فيها تقسيمات مباني وطرق حارة المغاربة على الأرقام التي نشرت بعد العام 1967م، حول عدد المنشآت التي هدمتها جرافات الاحتلال في حارة المغاربة.

الشكل العام للحارة

 تأخذ حارة المغاربة شكلاً مربعاً يتخلّله منشآت أثرية وتاريخية قديمة يعود بعضها إلى العصر الأيوبي، ويتخلل هذه المنشآت عقبات وأزقة معوجة وضيقة تصل أرجاء الحارة بعضها ببعض، ويتوزع على جانبي كل عقبة أو طريق أو زقاق في هذه الحارة عدد من المباني المتلاصقة التي يعلوها في بعض الأحيان قناطر وبوائك مع ظهور قليل للقباب، مما ميّز المدرسة الأفضلية التي كانت تعلوها قبة مرتفعة عن غيرها من المباني فعرفت بمدرسة القبة؛ وصفها العسلي قائلاً: وتتخذ الحارة شكلا مستطيلا تتخلله طرق مبلطة ضيقة، وجميع منازل الحي ملاصقة بعضها لبعض. وهي أبنية قديمة تشتهر بآبارها وغرفها الصغيرة وجدرانها السميكة، كما تشتهر بصغر مداخلها. ومن ضمن أبنيتها مبان تاريخية إسلامية يرجع بعضها إلى زمن المماليك.

وجاء دخول النبي محمد عليه الصلاة والسلام مدينة القدس من بابها اليماني، كما ورد في رواياتٍ تاريخية (أصبح موضعه يعرف بباب المغاربة)، تأكيداً منه على المكانة التي تميّز بها هذا الموضع القريب جداً من الحائط الذي ربط فيه براقه الشريف، وسيكون النبي العربي الكريم قد سلك في هذه الحالة طريقه تجاه المسجد الأقصى عبر الموضع الذي أخذ يُعرف بعد تحرير القدس سنة 583هـ/1187م، باسم حارة المغاربة التي بارك الله عز وجل موضعها الكائن حول المسجد الأقصى المبارك.

وكانت الحارة قبل أن تجرفها جرافات الاحتلال أقرب الحارات للمسجد الأقصى المبارك وحائط البراق الشريف، وترجع أهميتها في التراث العربي الإسلامي إلى كونها الموقع الذي نزل فيه البراق الشريف الذي أسرى بالنبي العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج؛ وينقل العليمي رواية الإسراء بقوله: ثم انطلق بي جبريل حتى دخلت المدينة من بابها اليماني (الجنوبي) فأتى قبلة المسجد، فربط بها البراق ودخلت المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر. ويضيف قائلاً: قال مؤقتو بيت المقدس لا نعلم بابا بهذه الصفة إلا باب المغاربة.

وقد ارتبط تاريخ الحارة بوجود حائط البراق الشريف الذي كان هو الآخر من جملة الأوقاف التي شملها وقف الملك الأفضل، نور الدين علي بن الناصر صلاح الدين الأيوبي، كما أنّها كانت قبلةً لأهل المغرب العربي ممن رأى منهم أن يُجاور في المسجد الأقصى ويرابط في القدس ليختم حياته هناك، ومقصداً للصوفية من أتباع كل من أبي مدين الغوث الحفيد، والشيخ الزاهد عمر المصمودي وغيرهما، كما شهدت الحارة ملتقىً لأتباع المذهب المالكي بسبب تمركزهم فيها ووجود المدرسة الأفضلية التي أوقفها الملك الأفضل.

تأسيس حارة المغاربة

دأب المغاربة على زيارة بيت المقدس منذ ما قبل الاحتلال الفرنجي لمدينة القدس سنة 493هـ/1099م، فقد اعتادت جماعات من أهل المغرب العربي القدوم لبيت المقدس للتبرك بمسجدها والصلاة فيه، وتزايدت أعداد المغاربة والأندلسيين الذين فضّلوا الاستقرار في هذه الديار المقدسة خصوصاً بعد استرجاع القدس من الفرنجة سنة 583هـ/1187م. ومرةً أخرى بعد ضياع الأندلس سنة 898هـ/1492م؛ وقد ساهم المغاربة في حركة الجهاد الإسلامي ضد الفرنجة وكان لهم دورٌ بارزٌ في فتح بيت المقدس وكسر شوكة الفرنجة في فلسطين، ولذلك طلب الناصر صلاح الدين الأيوبي من سلطان المغرب، يعقوب المنصور، مد يد العون وتزويده بأساطيل بحرية كي تُنازل أساطيل الفرنجة، فجهّز سلطان المغرب أسطولا كبيراً لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي.

وقد أسكن الناصر صلاح الدين الأيوبي أعداداً من المغاربة في بيت المقدس بعد انتصار المسلمين في معركتي حطين وفتح بيت المقدس على الفرنجة، ثم أوقف الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين المساكن المحيطة بحائط البراق على مصالح الجالية المغربية المجاورة في القدس بُغيةَ التسهيل عليهم في إقامتهم، ومنذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان من مدينة القدس يُعرف باسم حارة المغاربة.

وقف حارة المغاربة

 أوقف الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي، النجل الأكبر للناصر صلاح الدين الأيوبي، حارة المغاربة على مصالح طائفة المغاربة المقيمين في القدس إباّن سلطنته على دمشق (589هـ/1193م – 592هـ/1195م)، حين كانت القدس تابعةً له بُغيةَ تشجيع أهل المغرب العربي على القدوم إلى القدس والإقامة فيها ومساعدة سكاّنها المغاربة الذين فضّلوا الاستقرار والمجاورة بالقرب من مسجدها المبارك. ولذلك كتب مجير الدين: ووقف أيضاً حارة المغاربة على طائفة المغاربة على اختلاف أجناسهم ذكورهم وإناثهم، وكان الوقف حين سلطنته على دمشق وكان القدس من مضافاته.

وأوقف الشيخ الناسك عمر بن عبد الله المصمودي في ثالث شهر ربيع الثاني سنة 703هـ/1303م وقفياً كبيراً في هذه الحارة. كما يوجد وقف كبير ومشهور في حارة المغاربة يُعرف بوقف سيدي أبي مدين الغوث الحفيد مؤرخ في 28 شهر رمضان سنة 720هـ/1320م، فضلاً عن وقف سلطان المغرب أبو الحسين علي بن عثمان المريني المؤرخ في سنة 738هـ/1337م.

ومن الأوقاف دار القبو الروماني، وهي دار وقف فاطمة بنت محمد 747هـ/1346م؛ وأوقفت هذه الدار سيدة تدعى فاطمة بنت محمد بن علي المغربية المعروفة بأم سعود في 25 ربيع الأول سنة 747هـ/1346م، وقد عرفت هذه الدار قبل وقفها بالقبو الروماني. وهي دلالةً على وجود عمراني سبق العصر الأيوبي في حارة المغاربة، ثم جدّدت الواقفةُ بناءها فعرفت بها، وكانت زاوية المغاربة المعروفة بالشيخ عمر المصمودي تحد دار أم سعود المغربية من ناحية الشمال. بينما كان يحدها من الجنوب الدرب السالك، ومن الشرق دار الواقفة، ومن الغرب الدرب السالك، وقد أشرطت الواقفة أن يسكن في دارها هذه فقراء من عجائز المغاربة دون أن ينتفعوا بالقبو الروماني.

وهناك وقف الحاجة صافية بنت عبد الله الجزائرية 1058هـ/1648م؛ فقد أوقفت سيدة تدعى صافية بنت عبد الله الجزائرية المغربية مبلغاً من النقود قيمتها 350 قرشاً أسدياً في شهر رمضان سنة 1058هـ/1648م، وذلك للاستفادة من قيمة إجارتها في كل سنة لشراء خبز يُفرّق على فقراء المغاربة في شهر محرم. وإذا تعذّر ذلك فعلى عدد من فقراء المسلمين.

وهناك دار وقف الحاج قاسم الشيباني المراكشي 1137هـ/1724م؛ بحيث أوقف الحاج قاسم بن محمد بن عبد الله بن علي المغربي الشيباني المراكشي في 13 محرّم سنة 1137هـ/1724م داراً كانت مُهدّمة تقع في حارة المغاربة على فقراء السادة المغاربة في القدس. وقد أظهرت وقفية الدار حدودها الجنوبية بالدرب السالك، ومن الشرق والشمال دار وقف المغاربة، ومن الغرب الدرب السالك، وقد أضاف الواقف على وقفه هذا ضرورة شراء الخبز لتوزيعه على فقراء المغاربة المقيمين في القدس.

وهناك دار وقف الحاجة مريم بنت عبد القادر المغربية 1048هـ/1638م، بحيث أوقفت الحاجة مريم بنت عبد القادر المغربية داراً أنشأتها في حارة المغاربة في 12 ذي الحجة سنة 1048هـ/1638م، وأشرطت الواقفة تأجير الدار لشراء الخبز من إجارتها وتوزيعها على فقراء المغاربة في القدس. وقد اشتملت الدار الموقوفة على أربعة بيوت ومطبخ ومرتفق وصهريجين لجمع ماء المطر، وكذا منافع ومرافق وحقوق شرعية.

وهناك طاحونة وقف المغاربة قبل سنة 1057هـ/1647م؛ إذ وجد في حارة المغاربة عدد من الطواحين القديمة، وقد تحدثت حجة شرعية في 18 ربيع الثاني سنة 1057هـ/1647 عن وجود قبو طاحون قديم وصفته بأنّه “أخشاب الطاحون المذكورة من تقادم الزمان دثرت وفنيت وتعطل الانتفاع بها” مما استوجب ترميمها. وقد توجه لذلك جماعةٌ من أهل القدس للكشف على الطاحونة كان من بينهم أحمد بن محمد شيخ السادة المغاربة في القدس، والحاج شرف الدين شيخ الطحاّنين في القدس، والحاج يحيى بن شخاتير؛ وقدّرت الجماعة التي كشفت على حالة الطاحونة احتياجها من المال اللازم للترميم بأربعين قرشاً أسدياً، وقد تم ترميم الطاحونة بعد استبدال آلات الطحن القديمة بأخرى جديدة.

وهناك دار وقف كمال الحلواني قبل سنة 1173هـ/1759م، بحيث أوقف الحاج كمال الحلواني هذه الدار قبل سنة 1173هـ/1759م؛ ويستفاد من حجة شرعية مؤرخة في تاسع شهر ربيع الأول سنة 1189هـ/1775م، أنها تقع بالقرب من إسطبل وقف المغاربة ودار وقف القاضي شرف الدين الخالدي.

وحاكورة وقف المغاربة كانت موجودة سنة 1198هـ/1783م؛ وعُرفت بحاكورة الحاج إسماعيل بن محمد الغاني المغربي قبل أن يبيعها في 22 ربيع الأول سنة 1198هـ/1783م إلى الشيخ عبد الله المغربي شيخ المغاربة في القدس. وتألفت أرض الحاكورة من “غراس صبر والكردار والجدران…” بينما كان يحدها من الجنوب جورة ابن الصغيّر، ومن الشرق الدرب السالك، ومن الشمال دور وقف المغاربة، ومن الغرب حاكورة الصغيّر.

تاريخ حارة المغاربة

 ترجع الأهمية التاريخية للموضع الذي أُقيمت عليه حارة المغاربة إلى العصر الأموي حين أنشأ الأمويون عدداً من القصور الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الناحيتين الجنوبية والجنوبية الغربية؛ ويرجع تاريخ تأسيس حارة المغاربة إلى العصر الأيوبي، وقد عُرفت حارة المغاربة باسمها بعد أن أوقفها الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي، وحافظت على عروبتها وإسلامها منذ أن تأسست بُعيد الفتح الصلاحي لمدينة القدس، وسكن المغاربة في حارتهم ولم يغادروها حتى داهمت جراّفات الاحتلال الإسرائيلي بيوتهم لتدمرها بتاريخ 11-12-13 حزيران سنة 1967م؛ وكان مما ميّز موقع الحارة وجود الزاوية الخُتنية القريبة منها، تلك الزاوية التي أوقفها صلاح الدين الأيوبي على الشيخ جلال الدين محمد بن أحمد ابن محمد الشاشي (نسبةً إلى شاش التي عُرفت لاحقاً بطشقند) في 18 ربيع الأول سنة 587هـ/1191م.

ولقد احتضنت الحارة عدداً من المؤسسات الدينية والوقفية التي لعبت دوراً بارزاً في الحركة العلمية والفكرية والدينية في القدس إبانّ العصر الأيوبي ثم العصرين المملوكي والعثماني؛ ذكرها مجير الدين: حارة المغاربة وهي بجوار المسجد من جهة الغرب ونسبتها إلى المغاربة لكونها موقوفة عليهم وسكنهم بها.

وتميزت الحارة بجملة من الأوقاف الكبيرة التي ضمنت استمرار وتدفّق المعونات والأموال والصدقات على مستحقيها من الأصول المغربية المقيمين فيها والواردين إلى القدس المقيمين في زوايا الصوفية فيها، كزاوية أبي مدين الغوث الحفيد وزاوية المصمودي، وقد ازدهرت أوقافها في العصر المملوكي حين ظهرت أوقاف أبي مدين والمصمودي وسلطان المغرب علي المريني، وراح سكاّنها ينخرطون في الحياة الدينية في القدس لاسيما إمامة السادة المالكية في القدس؛ وقد ظهر منهم علماء وفقهاء وشيوخ دين كان لهم دورٌ بارزٌ في تاريخ القدس الذي أخذت ملامحه تتكشف على نحوٍ تفصيليٍ بعد تزايد الاهتمام بالكشف عن وثائق سجلات المحكمة الشرعية في القدس ووثائق الأرشيف العثماني في إسطنبول.

لقد امتلأ الجانب الجنوبي الغربي لحارة المغاربة بالصباّر وتحوّلت أجزاء واسعة منها إلى حواكير جرداء، وأحاطت حواكير من الصباّر بابَها المعروف بسور القدس، وغطّى بعضها الآخر الجزء الجنوبي الشرقي للحارة حيث الآثار المكتشفة قبل العام 1974م والتي تعود إلى العصر الأموي في القدس، في حين تحوّل باب هذه الحارة منذ أواخر القرن الثاني عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي إلى طريقٍ تسلكه الفلاّحات اللواتي يعرضن مزروعاتهن في مدينة القدس، فضلاً عن كونه أقرب الطرق إلى عين سلوان حين يطلب السكاّن التزود بالماء للشرب والغسيل.

تدمير حارة المغاربة وتشريد أهلها

 كانت أياّم 11و12و13حزيران (يونيو) من العام 1967م تواريخ شؤمٍ أخرى على مدينة القدس، فقد هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي حارة المغاربة بأكملها التي عرفت عبر التاريخ أنها من أقدم حارات القدس الأثرية، وكان مجموع المباني التي جُرفت آنذاك 135 بناءً أثريا.

وفي المرحلة النهائية من المعارك في القدس في غضون حرب يونيو 1967 احتل الجيش الإسرائيلي حي المغاربة مع باقي حارات القدس التي خضعت للسلطة الأردنية، وفي 10 يونيو 1967 أمرت السلطات الإسرائيلية بإخلاء سكان الحارة وتدميرها لتُسويه بالأرض ولتقيم مكانه ساحة عمومية قبالة حائط البراق لرؤية التهديدات من مسافة كافية. تم التدمير خلال ساعات قليلة وشمل 138 بناية من بينها جامع البراق وجامع المغاربة وكذلك المدرسة الأفضلية، الزاوية الفخرية ومقام الشيخ.

نورالدين اليزيد-مصادر مختلفة

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%af%d8%b3-%d8%a3%d9%88-%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa.html/feed 0
سبعُ سنوات من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ أية حصيلة؟ https://www.massarate.ma/%d8%b3%d8%a8%d8%b9%d9%8f-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a-2.html https://www.massarate.ma/%d8%b3%d8%a8%d8%b9%d9%8f-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a-2.html#respond Thu, 17 May 2012 10:45:02 +0000 http://www.massarate.ma/?post_type=investigations&p=2332 أياما قليلة ستحل الذكرى السابعة لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تشكل قرارا استراتيجيا تبنته الدولة المغربية، بعدما أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في خطاب 18 ماي سنة 2005، وهو القرار الذي تزامن مجيئه مع صدور عدد من التقارير الدولية من منظمات متخصصة رصدت فيها الأوضاع الاجتماعية الصعبة ببلادنا وقتذاك، وهو ما كان أيضا رصده تقرير الخمسينية الذي رسم، بالإضافة إلى تشخيصه للوضع ببلادنا، خارطة طريق أيضا لمغرب المستقبل، فما هي حصيلة هذه المبادرة التنموية الرائدة؟ 

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

في 18 من شهر ماي المقبل ستكمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنتَها السابعة، كواحدة من القرارات السياسية الهامة التي اتخذها المغرب والتي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس في 18 ماي سنة 2005؛ وهي المبادرة التي اعتُبرت اللبنة الأولى لمشروع تنموي كبير من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي. بل إن حجم الأموال والإمكانات التي تم رصدها لها جعلها توصف بالقرار الإستراتيجي، من طرف مختلف الكتابات الإعلامية والأكاديمية، التي رأت أن مثل هذه القرارات تساهم بشكل كبير في تغيير معالم البلدان الاقتصادية والاجتماعية.

وتركز مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ انطلاقته على ثلاثة محاور أساسية؛ هي التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، وتشجيع الأنشطة المتيحة للدخل القار والمدرة لفرص الشغل، ثم العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة، وهو ما سيؤدي إلى تحسين وضعية الولوج إلى الخدمات والتجهيزات الأساسية؛ كالتعليم والصحة والطرق والماء الصالح للشرب والتطهير وغير ذلك.

كل ذلك تطلب رصد أغلفة مالية مهمة، منها 10 ملايير درهم للفترة الممتدة ما بين 2006/2010 فقط. وعلى الرغم من أن المبادرة كانت نتيجة قراءة متأنية للوضع الاجتماعي الذي باتت تشهده بلادنا، وهو ما كان يتطلب مبادرة من حجم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من أجل محاربة الفقر وتحسين العيش في صفوف الطبقات الفقيرة، وكذا من أجل استكمال الدور الاجتماعي الذي باشرته مؤسسة محمد الخامس للتضامن، المنشأة في 05 يونيو 1999، والتي من بين ما هدفت إليه إنجاز برامج لفائدة أكبر عدد ممكن من الفئات الاجتماعية، وتقديم المساعدات ذات الصبغة الإستعجالية، لإنقاذ ضحايا الفيضانات والكوارث الطبيعية، إلا أن تأثير العوامل الخارجية كان هو الآخر واضحا، بل لا نبالغ إن قلنا، أنه كان حاسما في تبني المغرب مثل هذه الإستراتيجية، من أجل تفعيل سياساته العامة في مجال التنمية البشرية؛

في هذا السياق سجل برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية، في تلك الفترة، تراجع المغرب بثلاث نقط في الترتيب، إذ انتقل إلى الرتبة 124 من بين 177 دولة. كما صنّف التقرير الأممي لعام 2009 – 2010 المغرب ضمن البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة، لكن بمؤشر أقل من المتوسط العالمي؛ وقد تم تصنيف الدول وفقا لأربع مؤشرات مركبة تضم متوسط العمر، مستوى التعليم، مستوى الدخل الفردي وكيفية توزيع الثروة.

كما وقف التقرير على أنه رغم ارتفاع معدل الحياة في المغرب ليتجاوز 70 سنة، فإن هذا المعدل يظل أقل من معدلات الحياة المحققة في الدول المتقدمة، وكذا المؤشرات المتعلقة بصحة الطفل والأم، حيث لا زالت مبعث قلق، ومصدرا ذا انعكاسات سلبية على التنمية البشرية بالبلاد، إضافة إلى أن ولوج الخدمات الطبية يظل غير متاح لغالبية أفراد الشعب.

وعلى الرغم من مجهودات الدولة الموجهة إلى مكافحة آفة الفقر والتقليص من حدته، حيث استطاعت أن تقلل من نسبته من 50 بالمائة خلال سنة 1960 إلى 14.2 بالمائة حاليا، كما جاء في تقرير الخمسينية للتنمية الذي تزامن إصداره مع إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أنه نظرا للنمو الديموغرافي فإن العدد المطلق للفقراء استقر في خمسة ملايين أي في المعدل المتوسط، من بينهم ثلاثة أرباع من يتواجدون بالعالم القروي.

كما أن إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاء في ظل “التحولات الكبرى التي شهدها المغرب”، والتي من بينها، حسب التقرير، ظاهرة التمدين التي ارتفعت نسبتها من 29 بالمائة سنة 1960 إلى 55 بالمائة سنة 2004.

وإذا كان هذا التحول قد طرأ لصالح المدن، التي يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة، فإن اتجاه التطور الذي حصل خلال العشرين سنة الأخيرة كان مطبوعا بإعادة الانتشار، لحساب المدن المتوسطة والصغرى، سواء فيما يخص التوزيع الجغرافي أو ما يتعلق بوتيرة النمو.

أما العالم القروي، فإنه ظل معزولا، بشكل ملحوظ، عن مجموع هذه الديناميات سواء تعلق الأمر بمستوى التنمية الاقتصادية أو بمستوى التنمية البشرية أو بالنظر إلى التحولات الاجتماعية. وبذلك فإن الفوارق بين المدن والقرى كانت تبدو صارخة، وتستدعي أجوبة اقتصادية واجتماعية.

لقد أصبح هذا الوضع يستشعره كبار المسؤولين المغاربة؛ وفي الوقت الذي لم تستطع حكومة “التناوب” التي جاءت بالمعارضة إلى سدة الحكم، طيلة أزيد من سبع سنوات، من تحقيق نسب نمو ملحوظة ومحاربة الهشاشة الاجتماعية، دق ملك البلاد ناقوس الخطر مؤكدا في خطاب 18 ماي 2005 أن “الأمر يتعلق بالمعضلة الاجتماعية، التي نعتبرها بمثابة التحدي الأكبر، لتحقيق مشروعنا المجتمعي التنموي”، ومعلنا في نفس الخطاب عن إطلاق “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”.

وبحسب أعلى سلطة في البلاد فإن هذه المبادرة تندرج “ضمن رؤية شمولية، تشكل قِوام مشروعنا المجتمعي، المرتكز على مبادئ الديمقراطية السياسية، والفعالية الاقتصادية، والتماسك الاجتماعي، والعمل والاجتهاد، وتمكين كل مواطن من الاستثمار الأمثل لمؤهلاته وقدراته”.

لقد كان من أولويات هذه المبادرة الطموحة، يقول جلالة الملك، “التصدي للعجز الاجتماعي، الذي تعرفه الأحياء الحضرية الفقيرة، والجماعات القروية الأشد خصاصة. وذلك بتوسيع استفادتها من المرافق والخدمات والتجهيزات الاجتماعية الأساسية، من صحة وتعليم، ومحاربة للأمية، وتوفير للماء وللكهرباء، وللسكن اللائق، ولشبكات التطهير، والطرق، وبناء المساجد، ودور الشباب والثقافة، والملاعب الرياضية”.

السياق العام لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

لا يختلف اثنان عن أن التحدي الأكبر الذي ما فتئ يواجه المغرب هو تحقيق تنمية مستدامة، لم تفلح السياسات العمومية السابقة، طيلة السنوات الأخيرة ومنذ حصول المغرب على الاستقلال، في الوصول إليها لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بمسألة الحكامة وطريقة تدبير وتوزيع الثروة بالبلاد، علاوة على أسباب أخرى سوسيواقتصادية. 

برأي الباحث عبد الإله سطي، في إحدى مقالاته، فإن المغرب حاول منذ السنوات الأولى من الاستقلال أن يرسم لنفسه نهجا تنمويا خاصا قائما على معطيات ثابتة جعلته، كما يقول محمد عابد الجابري، “تجربة تنموية منفتحة بمعنيين؛ منفتحة بنيويا باعتمادها كاختيار إستراتيجي، ومنفتحة إعلاميا بمعنى أنها تعتمد الإحصاء في مخططاتها لا تضرب الحصار على المعلومات بل تترك الباب مفتوحا، بهذه الدرجة أو تلك لمن يروم الحصول عليها”.

ولقد عرف المغرب تحولات كبرى، على كافة الأصعدة كما رصد ذلك تقرير الخمسينية، خاصة في ما يتعلق بظاهرة التمدين التي ارتفعت نسبتها من 29 بالمائة سنة 1960 إلى 55 بالمائة سنة 2004. وإذا كان هذا التحول قد طرأ لصالح المدن، التي يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة، فإن اتجاه التطور الذي حصل خلال العشرين سنة الأخيرة كان مطبوعا بإعادة الانتشار، لحساب المدن المتوسطة والصغرى، سواء فيما يخص التوزيع الجغرافي أو ما يتعلق بوتيرة النمو. وتظل هذه الظاهرة متسمة بتفاوتات واضحة أهمها؛ كما يرصد ذلك تقرير الخمسينية، التمركز في بعض المدن الكبرى، والطابع الساحلي، الذي يتجسد في هيمنة الساحل الأطلسي، وبخاصة في المحور الممتد بين القنيطرة والجديدة، وعدم التناسق، الذي يتجلى في وجود مناطق حضرية، إلى جانب مناطق ظلت قروية، إلى حد كبير. وكذا من خلال انتشار السكن غير اللائق، والخصاص الملاحظ، في المرافق الجماعية، مما أفضى إلى ترييف بعض المجالات الحضرية.

ويشير نفس التقرير إلى أن العالم القروي ظل معزولا، بشكل ملحوظ، سواء تعلق الأمر بمستوى التنمية الاقتصادية، أو بمستوى التنمية البشرية، أو بالنظر إلى التحولات الاجتماعية؛ وفي الإطار نفسه، يلاحظ أن الرفع من مستوى التنمية البشرية ببلادنا يبقى رهينا بالقضاء على آفة الفقر المستشرية؛ يقول التقرير ويضيف؛ “صحيح أن نسبة الفقر، التي كانت تتجاوز 50 بالمائة سنة 1960، قد تراجعت، بشكل ملحوظ، لتنحصر حاليا (التقرير صدر في سنة 2005) في 14.2 بالمائة. إلا أنه، بالنظر للنمو الديموغرافي، فإن العدد المطلق للفقراء استقر في خمسة ملايين، في المعدل المتوسط، من بينهم ثلاثة أرباع من الفقراء يتواجدون بالعالم القروي.

هذا بالإضافة إلى أن مستوى الحماية الاجتماعية ظل غير كاف إلى غاية تلك المرحلة، بحسب المصدر ذاته، مما كان يطرح معه مشاكل عويصة، ذات أثر سلبي على استمرارية أنظمتها؛ لذلك فقد صار من الضروري بلورة مشروع يهدف إلى إرساء نظام جديد للحماية الاجتماعية، يقوم على تحصين المكتسبات في هذا المجال، ويعمل على تجديد هذا النظام وتوسيع الاستفادة من خدماته. وتزداد هذه الضرورة إلحاحا، بالنظر إلى الصعوبات التي تعترض بلادنا، على مستوى التحكم في البطالة، ولتراجع أشكال التضامن التقليدية والأسرية، وتوقع الارتفاع النسبي لمعدل الشيخوخة، على المدى البعيد، مما سيؤدي إلى تزايد عدد الأفراد الذين يعود للمجتمع التكفل بهم.

وضع اجتماعي صعب..وأهداف طموحة للمبادرة

إن هذه الوضعية الصعبة جعلت تصنيف المؤشر العالمي للتنمية البشرية لسنة 2005 يكشف عن حقيقة مُرة تُثبت، إلى ذلكم الحين، مدى ضعف البرامج الحكومية الخاصة بمحاربة الفقر والبطالة والتهميش والعوز الاجتماعي ومحو الأمية وتعميم التدريس؛ حيث احتل المغرب المرتبة 124 من بين 177 بلدا شملهم التصنيف. ثم جاء تقرير البنك الدولي الذي سيميط الغطاء على حقيقة أخرى لا تقل مرارة عن سابقتها، وهي أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر المطلق بالمغرب، وقتئذ، ستنتقل من 6.6 بالمائة إلى 11.7 بالمائة داخل المناطق القروية. كما سيرتفع عدد الأسر المعوزة من 56.8 بالمائة إلى 60.5 بالمائة، مثلما سينتقل المعدل الإجمالي للفقر على المستوى الوطني بدوره من 13.6 بالمائة إلى 22.1 بالمائة. مما يعني شيئا واحدا هو أننا بعد أقل من نصف عقد سوف نتحول إلى مصاف الدول الأكثر فقرا في العالم. وأكد تقرير “ماكنزي”، في ذات الشأن، أن السياسة التنموية المغربية تعاني من ضعف في إستراتيجية التصنيع وتصريف الخدمات، كما جاء في مقالة للباحث المغربي عبد الإله سطي بعنوان “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و إشكالية الديمقراطية في المغرب.

فهل هل جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإجابة عن مختلفة الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية التي رصدها تقرير الخمسينية ومختلف التقارير الدولية الإنمائية؟

لقد كان من أهم أولويات هذا البرنامج الإستعجالي للتنمية البشرية، والذي يشرف على إطلاق العديد من مشاريعه مباشرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ثلاث برامج هي محاربة الفقر بالوسط القروي، ومحاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، ومحاربة الهشاشة والتهميش؛ وقد تم تخصيص غلاف مالي بمبلغ 250 مليون درهم لعملية الانطلاق، في سنة 2005، موزعة على البرامج الثلاثة المشار إليها.

وتتوزع مصادر تمويل هذا الغلاف على الشكل التالي:

– الميزانية العامة للدولة: 50 مليون درهم؛

– الجماعات المحلية: 100 مليون درهم؛

– صندوق الحسن الثاني: 100 مليون درهم؛

ويوضح الجدول التالي كيفية تقسيم هذه الميزانية على البرامج الثلاثة؛

 كما أن توزيع الاعتمادات المالية حسب كل برنامج، جاء كالآتي؛

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ١

وكان التوزيع الترابي للاعتمادات عبر توزيع غلافين ماليين على كل عمالة وإقليم؛

1-    الغلاف المالي لـ 2005 مخصص لمشاريع التنمية البشرية؛ وتمت طريقة صرفه كالآتي:
– بالنسبة لكل عمالة وإقليم: 1.500.000 درهم.

– بالنسبة لكل جهة: 2 مليون درهم.

– بالنسبة للست مدن الكبيرة بالمملكة (الرباط، سلا، الدار البيضاء، مراكش، طنجة، فاس): 3 ملايين درهم؛ أي ما مجموعه 168 مليون درهم خصصت كغلاف مالي للتنمية البشرية لعمليات الانطلاق في سنة 2005.

2- الغلاف المالي لـ2005 ومخصص لمحاربة الهشاشة و التهميش؛ وطريقة صرف هذا الغلاف تمت بالطريقة التالية:

– ربط الاعتمادات المرصودة بكثافة الساكنة الحضرية للعمالة حسب نتائج الإحصاء الجغرافي لسنة 2004.
أي أن ما مجموعه 76 مليون درهم خصصت كغلاف مالي لمحاربة الهشاشة خلال سنة 2005.

ويوضح الجدول والرسم التاليان الاعتمادات المالية حسب الجهات؛

الاعتمادات المالية حسب الجهات

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٢

بينما جاء توزيع الاعتمادات المبرمجة حسب فصول الميزانية كالآتي؛

– برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري:

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٣

– برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي:

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٤

توزيع الاعتماد المالي المخصص لمحاربة الهشاشة و التهميش:

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٥

ويمكن القول أن المشاريع المبرمجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم سنة 2005، وهي سنة الانطلاق، جاءت كما يبينها الرسم التالي؛

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٦

المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ٧

استهدف برنامج محاربة الفقر في العالم القروي الجماعات القروية التي يتجاوز معدل الفقر فيها 30 بالمائة من السكان، مثلما هو مبين في خارطة الفقر المتعلقة بالجماعات القروية التي وضعتها المندوبية السامية للتخطيط، أي 360 جماعة قروية.

وتتلخص أهداف البرنامج، الممتد على خمس سنوات بالنسبة لكل جماعة قروية –بما أن الرهان يتمثل في محاربة الفقر- في تقليص نسبة الفقر بشكل واضح، والرفع من مؤشرات التنمية البشرية في الجماعات القروية المعنية:

– تقليص معدل الفقر بما لا يقل عن 10 بالمائة؛

– تحقيق نسبة 75 بالمائة في مجال تمدرس الفتيات القرويات المتراوحة أعمارهن ما بين 6 و11 سنة؛

– تقليص نسبة الأمية بما لا يقل عن 20 بالمائة؛

– تحسين نسبة الولوج للخدمات الصحية الأولية؛

– تحقيق نسبة 100 بالمائة في مجال الكهربة القروية؛

– تحقيق نسبة 95 بالمائة في مجال التزويد بالماء الشروب؛

– دعم وتعزيز الحكامة المحلية.

أما فيما يتعلق ببرنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في الوسط الحضري، فقد هدفت المبادرة إلى تحقيق التأهيل الاجتماعي للأحياء المستهدفة، ودعم هذه العملية بمواكبة اجتماعية فعالة في الوسط الحضري؛ وتنقسم هذه العمليات إلى ثلاثة أنواع: 

أ‌- تأهيل البنيات التحتية الأساسية وتحسين الخدمات الاجتماعية؛

ب‌- خلق الفرص والعمليات المدرة للدخل؛

ت- المواكبة الاجتماعية.

وبحسب برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فيما يخص محاربة الإقصاء في المجال الحضري، فإن تكلفة شبكة الطرق والبنيات الأساسية تقدر، طبقا لبرنامج “مدن بدون صفيح” الذي تشرف عليه وزارة الإسكان 1.5 مليون درهم للهكتار الواحد. وقد تم تقدير التكلفة على أساس أن مساحة الحي تبلغ 50 هكتارا، وأن عدد الساكنة يقارب 30 ألف نسمة (5500) عائلة، وتقدر تكلفة البناء 120 ألف درهم لشقة تبلغ مساحتها 60 مترا مربعا. وتقدر تكلفة البناء بـ 2500 درهم للمتر المربع الواحد؛

وتشمل تكلفة جمع الأزبال المنزلية، اقتناء شاحنة وصناديق ومعدات صغيرة لجمع الأزبال.

وحيث أن الأنشطة المدرة للدخل تكتسي أهمية قصوى لمحاربة الفقر، فقد تم تقديرها بضعف الميزانية اللازمة للتكوين التأهيلي، علما أن هذه الميزانية لا تشمل القروض الصغيرة.

وفيما يتعلق بعمليات الإدماج الاجتماعي، فسوف تمثل الميزانية المخصصة للبرنامج مجرد مساهمة في التمويل وذلك بهدف تحفيز تدخل الجمعيات ومساهمتها.

أما بالنسبة للمدن العتيقة فقد تم احتساب تكلفة شبكة الطرق والتوزيع (VRD) على أساس أن حوالي 50 بالمائة من الشبكة الحالية غير صالحة وتحتاج إلى إعادة تأهيل في ظرف 5 سنوات.

وفيما يتعلق بالكهرباء والهاتف، يتعين أن تضمن الأشغال إنجاز شبكة تحت الأرض بهدف المحافظة على النسيج الحضري والفضاءات المكونة له.

أما فيما يتعلق ببرنامج محاربة محاربة الهشاشة الاجتماعية فإن أهداف برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتلخص في الآتي:

– إعطاء الامتياز الأوفر لإعادة الإدماج العائلي والسوسيومهني للأشخاص المعنيين؛

– تحسين نوعية الخدمات المقدمة حاليا من طرف الجمعيات والمؤسسات العمومية لأجل بلوغ المواصفات التي تتطابق والشروط العامة لتأمين الظروف المناسبة للكرامة الإنسانية؛

– إحداث مراكز إضافية للاستقبال حسب الحاجة.

وحدد برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثماني فئات عامة بالنسبة للسكان الموجودين في وضعية هشة؛

– أطفال الشوارع والشباب بدون مأوى؛

– الأطفال المتخلى عنهم؛

– المختلون عقليا بدون مأوى؛

– سجناء سابقون بدون موارد؛

– النساء في وضعية الهشاشة القصوى وبدون موارد؛

– المعاقون؛

– المتسولون والمتسكعون؛

– العجزة المعوزون؛

ويعتبر المخطط التشاركي لمحاربة الهشاشة أساس إنجاز برنامج محاربة الهشاشة، ويقوم على مجموع التشخيصات التشاركية المحلية للبرامج الحضرية والقروية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنجزة على صعيد العمالات والأقاليم. كما يأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر عائلات وفئات الأشخاص الذين يعيشون في وضعية الهشاشة قصد تحديد حاجياتهم والحلول الممكنة لها. هذه المعطيات ستضاف لها المعطيات الإحصائية المتوفرة على الصعيد الجهوي، والتي ستمكن من قياس حجم انتشار الهشاشة والحلول المطروحة قيد الإنجاز.

حصيلة سبع سنوات من عمر المبادرة..

في غياب أرقام دقيقة حول حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بعد أزيد من ست سنوات على انطلاقها، إذ توجد فقط أرقام على المستويات الجهوية والوطنية، فإن التقرير الصادر سنة 2011 حول  تقييم المرحلة الأولى الممتدة ما بين 2005 و2010 يبقى أهم مرجع يمكن للباحث والإعلامي مقاربته لمعرفة حصيلة وأداء هذه المبادرة الطموحة.

ويكتسي هذا التقرير طابعا استراتيجيا يحيلنا على وقفة تأملية لأهم المنجزات والمكتسبات، من حيث التتبع والتقييم، التحليل والتواصل، من شأنها الخروج بمقترحات وتوصيات تسهم في بلورة أرضية عمل المرحلة الثانية للمبادرة برسم الفترة 2011-2015.

وفيما يتعلق بالميزانية المرصودة للمبادرة وبالإضافة إلى الغلاف المالي الذي خصصته الدولة في بداية انطلاق برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في سنة 2005، والذي تجاوز مبلغ 250 مليون درهم، منها 50 مليون درهم من الميزانية العامة، و100 مليون درهم كمساهمة للجماعات المحلية، ومثل المبلغ أيضا كمساهمة من صندوق الحسن الثاني، فإن الحضور الدولي كان بارزا في دعم المبادرة ماديا، حيث يوضح الجدول التالي مساهمات بعض الدول والمنظمات الإقليمية والدولية؛

التمويلات الخارجية

ويشير التقرير التقرير الصادر سنة 2011 إلى أن المبادرة استطاعت، رغم حداثتها، وبفضل المشاركة الفعالة لمختلف الفاعلين والتعبئة الهامة للموارد المالية، تحقيق تحول اجتماعي هام عن طريق التحسين المستمر والفعال لظروف عيش الساكنة المهمشة، الشيء الذي مكن من ترسيخ الثقة واحترام كرامة الإنسان وإرساء ثقافة المشاركة. إنها بذلك، يضيف التقرير، مكاسب هامة أقر بها مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين الذين ضمنوا للمبادرة موقعا متميزا على المستوى الدولي، كمشروع حداثي في مجال التنمية البشرية.

وتشير المعطيات التي أوردها التقرير أيضا إلى أن طريقة الاستهداف المعتمدة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المبنية على معايير الانتقاء العلمية والمنطقية، مكنت من تغطية المناطق التي تعاني من الفقر والاهتمام بالفئات الضعيفة، حيث استهدفت 403 جماعة قروية نسبة الفقر فيها تناهز أو تفوق 30 بالمائة حسب خريطة الفقر المنجزة من طرف المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2004.

أما في الوسط الحضري فتم استهداف 264 حيا بالمدن التي تتجاوز ساكنتها 100 ألف نسمة.

وبحسب المصدر نفسه فإن العمليات أخذت بعين الاعتبار نسبة البطالة، وحجم الساكنة المستفيدة، ووجود وتفاقم ظاهرة دور الصفيح، ونسبة العجز في البنيات التحتية والمرافق الضرورية، مع الحرص على تناغم وتكامل البرامج التنموية المتواجدة محليا والدعم المادي لكافة الشركاء.

وعموما يخلص التقرير إلى أن حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مرحلة 2006-2010 تؤكد تنفيذ أكثر من 22 ألف مشروع ونشاط تنموي.

نورالدين اليزيد

 

]]>
https://www.massarate.ma/%d8%b3%d8%a8%d8%b9%d9%8f-%d8%b3%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a-2.html/feed 0