تقنية «نباتية» تحتجز مئات الملايين من الميكروبلاستيك

الرئيسية » علم وحضارة » تقنية «نباتية» تحتجز مئات الملايين من الميكروبلاستيك

تتسرب شظايا دقيقة من البلاستيك المتناهي الصِغَر (الميكروبلاستيك) – من الملابس، وإطارات السيارات ومواد التغليف ومصادر أخرى – عبر معظم مرشحات المياه. ولكن في محطة لمعالجة المياه على ساحل أتلانتيك سيتي، نيو جيرسي، حيث تتدفق مياه الصرف الصحي المليئة بالبلاستيك عادةً إلى المحيط، نجحت تقنية جديدة في التقاط مئات الملايين من جزيئات البلاستيك الدقيق خلال العام الماضي.

تقنية نباتية حاجزة

يمكن لهذه التقنية، من شركة ناشئة تُدعى «بولي غون» (PolyGone)، أيضاً تنظيف الميكروبلاستيك من البحيرات والأنهار أو معالجة مياه الصرف الصحي في المصانع.

انبثقت فكرة تأسيس هذه الشركة الناشئة من نتائج بحث أُجري في جامعة برينستون، حول النباتات المائية التي تجذب الميكروبلاستيك بشكل طبيعي. وتتميز هذه النباتات بجذور ليفية مغطاة بهلام كاره للماء يجذب المواد الملوثة.

محاكاة لتجاويف صغيرة جاذبة

ويقول المؤسس المشارك ييديان ليو: «لقد تمكنا من محاكاة وهندسة جذور النباتات المائية وقدرتها على تحمل الماء. ويتميز سطحها بتفاوت كبير في تعرجاته؛ ما يساعد على إنشاء تجاويف صغيرة تُحبس فيها الملوثات الأصغر حجماً».

معالجة ناقصة لمياه الصرف الصحي

تُشكل محطات معالجة مياه الصرف الصحي مساراً لوصول الميكروبلاستيك إلى المحيط، المليء الآن بتريليونات من دقائقه وقطعه الصغيرة؛ إذ لا تستخدم معظم محطات معالجة مياه الصرف الصحي في الولايات المتحدة معالجة متقدمة قبل إعادة المياه إلى الطبيعة.

وتلتقط معظم المرشحات العاملة حالياً، دقائق البلاستيك الأكبر حجماً فقط، التي يتراوح امتدادها بين 1 و5 ملليمترات. أما الشظايا الأصغر، التي لا تُرى بالعين المجردة، فتتسرب من خلالها.

وهناك نوع آخر من المرشحات الشبكية الدقيقة التي يُستخدم فيها بعض النباتات، وهي تلتقط كميات أكبر، ولكن ينتهي الأمر بالبلاستيك في مكبات النفايات.

التقاط 98% من الميكروبلاستيك

في الفحوص المختبرية، يلتقط نظام بوليغون 98 في المائة من الميكروبلاستيك. بعد امتلاء المرشحات، يمكن تنظيفها وإعادة استخدامها. ويُركز البلاستيك ويُرسل لإعادة الاستخدام.

وفي أتلانتيك سيتي؛ حيث أطلقت الشركة أول مشروع تجريبي لها في مجال مياه الصرف الصحي في سبتمبر (أيلول) 2024. نجحت الشركة بالفعل في التقاط أكثر من 520 مليون من دقائق الميكروبلاستيك، متجاوزة بذلك أهداف الأداء. ويذهب البلاستيك إلى شركات أخرى: إحداها تُحوّله إلى مواد كيميائية، والأخرى بدأت في استخدامه لإنتاج الوقود.

نظام تشغيلي كامل

تخطط الشركة الآن لتوسيع نطاق المشروع التجريبي ليشمل نظامًا تشغيليًا كامل النطاق. وقد صممت شركة «بولي غون»، وحدة ترشيح جديدة تنزل تلقائيًا إلى الماء وتنظف نفسها وفقًا لجدول زمني. وتتناسب الوحدة مع حاوية شحن قياسية، حيث تم تجميع جميع التقنيات بداخلها بالكامل، ما يسمح بنشرها في غضون يوم واحد في محطة معالجة مياه الصرف الصحي.

مشروع تجريبي في دبي

كما صمَّمت الشركة نسخة أخرى من هذه التقنية تُركّب في أنابيب الصرف الصحي بالمصانع. وقد أُطلق أول مشروع تجريبي لهذا النظام أخيراً في مصنع صناعي بدبي. ويقول ليو: «يُعدّ هذا النظام طريقة بسيطة للغاية لتوصيله وتشغيله والتخلص من الميكروبلاستيك».

وبدأت شركات تصنيع أخرى باختبار هذه التقنية، بما في ذلك شركات الملابس التي تعمل على الحد من التلوث بدقائق الميكروبلاستيك من الأقمشة الصناعية. تختلف التكلفة باختلاف النظام، ولكنها تتراوح بين 15000 و50000 دولار أميركي تقريباً.

تقنية أقل تكلفة

تُعدّ هذه التقنية أقل تكلفة بكثير من أنظمة الترشيح المتقدمة الأخرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الفلتر يعمل بشكل سلبي على «تقليل استهلاك الطاقة بشكل كبير مقارنة بأنظمة الترشيح المتقدمة التقليدية التي تعتمد على مضخات الضغط العالي»، كما تقول ليو.

يتجنب التصميم المفتوح الانسداد، ما يقلل من حاجته إلى الصيانة. كما يمكن إضافته بسهولة إلى البنية التحتية القائمة، بدلاً من الحاجة إلى تعديلات باهظة الثمن. ويمكن أيضاً استخدام هذه التقنية مباشرة في الطبيعة، وقد اختبرت الشركة روبوتاً يشبه «رومبا» Roomba يُرشّح المياه أثناء مرورها عبر البحيرة.

الشرق الأوسط

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *