في المستقبل.. لغات تندثر وأخرى تسود

الرئيسية » تربية وتكوين » في المستقبل.. لغات تندثر وأخرى تسود

مع اقتراب عام 2013 من خواتيمه. يحلو لعلماء المستقبليات أن يجيلوا النظر بمنهاج التأمل وأسلوب الاستشراف بالنسبة لما يتوقعونه من تطورات فيما يطل العالم على مشارف العام الجديد.

هذا بالضبط ما تعاملت معه مجلة «المستقبلي» (ذي فيوتشرست) الناطقة باسم «جمعية «مستقبل العالم» ومقرها ولاية «ماريلاند» بالولايات المتحدة.

في أحدث أعداد المجلة المذكورة يحاول اختصاصيو المستقبليات أن يقرأوا طوالع الزمن الآتي علي مستوى حياة عالمنا واهتمامات وهموم سكانه. اختاروا هذا العام أن يجيبوا على سؤال جوهري يقول:

ترى ما هي الظواهر والأدوات والاهتمامات والأوضاع المرشحة للاختفاء من حياة الناس في مستقبل الأيام؟

وفي معرض الإجابة يمكن استعراض أهم محتويات التقرير العشري الذي نشرته المجلة المستقبلية والقائمة طويلة وهي تحوي عشرة بنود بالغة الأهمية. وها نحن نعرض البند الأول:

في مجال التفاهم الإنساني: من المتوقع هيمنة الهواتف الذكية (سمارت فون) على حياة الناس إلى حد التغلغل وسعة الانتشار أن تؤدي إيجاباً إلى مزيد من روح التفاهم والتشارك بين البشر وهو ما قد يرادف انزواء روح التعصب والتقوقع ــ بل وتخفيف حواجز الهجرة من بلد إلى آخر. فيما يمكن أن يؤدي سلباً ــ كما تضيف المجلة الأميركية إلى إلحاق الخطر بعدد من لغات الشعوب في عالمنا. صحيح أن المجلة لم تحدد بالضبط أسماء هذه اللغات وحسبها أن تقول بما يلي:

– بحلول عام 2030 سوف يختفي أكثر من ثلث لغات عالمنا التي يقدر عددها حالياً بنحو 6 آلاف لغة منها اللغات التي لا يتكلمها سوى القليل من الناس، ومنها اللغات التي يكتفي أصحابها بنطقها دون كتابتها. وليس هذا جوهر المشكلة. بل الجوهر يتمثل فيما يرى راصدو مستقبل العالم في أن ثمة اتجاهاً يتابعونه وينحو صوب التماس لغة «مهيمِنة» قد تكون «الإنجليزية» وقد تكون «الصينية». وهذه الهيمنة ليست مستمدة من قيمة اللغة بحد ذاتها.. بقدر ما أنها متأتية من واقع اثنين من العوامل المحورية وهما:

(1) الاتساع المطرد في استخدام اللغة لأداء مهام التفاهم في مجالات البحث العلمي والأعمال التجارية (البيزنس) وهذا ينطبق على اللغة الإنجليزية.

(ب) التزايد المطرد في عدد مستخدمي اللغة- المحظوظة كما نسميها- وهو ما يكفل اتساع انتشارها وخاصة في حالة اللغة الصينية التي يتجاوز عدد المتكلمين بها خانة المليار بكثير من سكان عالمنا المعاصر. الأكثر من هذا، فالإنجليزية والصينية المرشحتان للهيمنة اللسانية تتحركان كل يوم إلى أرضية مشتركة، حيث تزحف لغة الصين- «الماندرين» بالذات- لتزاحم الإنجليزية في مجالات التجارة والاستثمار والاقتصاد.

ما بالنا إذا ما استطاع أمرؤ من الناس أن يجيد استخدام اللغتين الإنجليزية والصينية. هنالك تتسع قدرته ــ كما تقول الدراسة الأميركية ــ على أن يتواصل مع نصف سكان كوكب الأرض بالتمام والكمال. مع هذا كله فليس للغات المهيضة الأخرى أن تستسلم إلى كآبة الحزن والخوف على المصير. حتى اللغات المكتوب عليها أن تختفي لن يكون مصيرها الزوال أو الاندثار.

لقد انقضي زمن التعبير الذي يفيد بحكاية «اللغات الميتة». ستظل كل اللغات على قيد الحياة حتى ولو انكمش استخدامها لصالح هيمنة إنجليزية أو سطوة صينية. وذلك بفضل وسائل التسجيل والحفظ والتدوين والأرشفة والعكوف المستمر على الدرس والتحليل في ميدان علوم الألسنيات.

البيان

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *