فريد دونر ينقب في البعثة النبوية من خلال ”محمد والذين آمنوا“

الرئيسية » علم وحضارة » فريد دونر ينقب في البعثة النبوية من خلال ”محمد والذين آمنوا“

فريد دونر ينقب في البعثة النبوية من خلال "محمد والذين آمنوا"العرض الاستطلاعي الذي خصصته مجلة “كتب” الفرنسية الرصينة في كتاب فريد دونر (  Fred Donner) الذي يحمل عنوان: “محمد والذين آمنوا: في أصول الإسلام”، أشبه بنقد ذاتي في ملف سابق حول البدايات الأولى للإسلام، كما نطلع على ذلك في العدد الشهري الأخير من مجلة (العدد 31، أبريل 2012).

وأصل الحكاية، أن شهرية “Books” الفرنسية، خصصت ملف عددها الصادر في شهر نونبر ـ دجنبر 2009، لما وصفته بمفارقات البدايات الأولى للإسلام في الجزيرة العربية، بما في ذلك “المفارقات” المرتبطة بالنص القرآني (القرآن الكريم)، مع الاستعانة بأعمال العديد من الباحثين في هذا الصدد، نذكر منهم مثلا، جون فانسبورغ، باتريسيا كرون، مايكل كوك، وغيرهم كثير، وكان على إدارة تحرير المجلة، انتظار العام الموايل (2010)، مع صدور كتاب قيّم بقلم فريد دونر، رئيس قسم الدراسات الاسلامية والشرق الأدنى بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، ويحمل العنوان سالف الذكر.

Muhammad and the Believers: At the Origins of Islam, Fred M. Donner, Harvard University Press (May, 2010).

وللمؤلف العديد من الدراسات باللغة الإنجليزية بخصوص المراحل الأولى للدين الإسلامي، دون أن نجد ترجمات بالعربية أو الفرنسية لهذه الأعمال.

ويتعامل دونر في هذا الكتاب، حيث القراءة العربية الوحيدة التي صدرت في العمل، وأنجزها الباحث محمود حداد، أستاذ التاريخ في جامعة البلمند – لبنان، فإن دونر “يقرأ التاريخ الاسلامي قراءة متعمقة مفسراً أن الاسلام ليس عقيدة جامدة، بل هو عقيدة متطورة من إيمان فطري بسيط إلى نظام إيماني كامل يختصّ بالمؤمنين به فحسب. ولا شك في انه يقصد هنا المدارس الفكرية والفقهية المختلفة التي تنافست على تفسير العقيدة وشريعتها عبر قرون طويلة. وعلى عكس الكثير من المستشرقين الذين حاولوا الإيحاء أو قالوا مباشرة أن الاسلام كان منذ البداية عقيدة عدوانية، فإن هذا المؤرخ الأمريكي يظهر بالأدلة التاريخية أن معاصري الاسلام الأُول من غير المسلمين، ولأجيال عدة، نظروا إلى الاسلام كدين منفتح وحركة غير مهددة لهم وذات أهداف عالمية. فقد ذكر بطريرك نسطوري مسيحي في رسالة إلى رجل دين آخر عام 647 للميلاد أن الحكام المسلمين الجدد الذين أصبح تحت حكمهم لم يكونوا مسالمين فقط، ولكنهم كانوا أيضاً يكرمون رجل الدين المسيحي ويقدمون الهدايا للأديرة. وقال أسقف أرمني نحو عام 660 للميلاد، أن حاكم القدس الأول تحت الحكم الاسلامي كان يهوديا”. (الحياة اللندنية، عدد 28 غشت 2010)

وبرأي أوليفيه بوتسيل فيناي، محررة القراءة في كتاب الرجل، فإن أطروحاته الواردة في “محمد والذين آمنوا: في أصول الإسلام”، ترى بأن الأطروحات الرئيسية لخير البرية (صلى الله عليه وسلم)، تأسست على الانتصار لعقيدة التوحيد (أو لوحدة الألوهية)، معتبرا أن البعثة النبوية تضمّنت عمليا اليهود والمسيحيين، بوصفهم جزءا من المجتمع التوحيدي العام، ويستشهد دونر في هذا المقام، بدلالات غلبة عدد المرات التي جاء فيها ذكر مفردة “المومن”، مقابل مفردة “المسلم” في القرآن الكريم، مضيفا أن مجمل الدلائل الوثائقية تشير إلى أن تعبير “مسلم” أو “مسلمون” لم يستخدم بصورة عامة إلا في القرن الثاني الهجري، في حين أن التعبير الأكثر شيوعا قبل هذه الحقبة، كان تعبير “المؤمنين”، وهو الوصف اللصيق بالمجتمع الذي يؤمن أفراده بكل الأديان السماويّة.

وبخلاف أطروحات بعض الباحثين الغربيين التي صبت في التأكيد على “النزوع الثيوقراطي” للدين الجديد (الإسلام)، يخلُص دونر إلى أن المؤسسات الإسلامية، في الحقبة النبوية وحقبة التابعين على الخصوص،

تبنت في تركيباتها نماذج الدول الكبرى التي هزمها الاسلام في ذلك الزمن، والإحالة هنا على النموذجين البيزنطي والساساني، لولا أن الاختلافات العقائدية والسياسية بين المسلمين أنفسهم في ما بعد، والتي سوف تمتد إلى فترة غير قصيرة، جعلت هناك حاجة للتشديد على المبادئ الاسلامية.

منتصر حمادة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *