علماء ينجحون في تحويل موجات دماغ مشلول إلى كلام

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » علماء ينجحون في تحويل موجات دماغ مشلول إلى كلام

طوّر باحثون أميركيون للمرة الأولى في العالم جهازا تعويضيا عصبيا نجح في ترجمة موجات دماغ رجل مشلول إلى جمل كاملة، وفقا لورقة علمية نُشرت الخميس. وقال ديفيد موسيس، دكتور في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو (يو.سي.إس.إف)، وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة في مجلة نيو إنغلاند الطبية “يعد هذا إنجازا تكنولوجيا مهما لشخص لا يستطيع التواصل بشكل طبيعي”.

وأخضع الباحثون تحت إشراف جراح الأعصاب إدوارد تشانغ رجلا يبلغ من العمر 36 عاما أصيب بسكتة دماغية عندما كان في العشرين من عمره، مما خلف له حالة “أنارثريا” وهي عدم القدرة على التحدث بوضوح، على الرغم من أن وظيفته المعرفية ظلت سليمة، لتجربة الجهاز. وقام تشانغ وفريقه في هذه التجربة الطبية التي تعد الأولى من نوعها بتسخير موجات الدماغ لهذا الرجل المشلول وغير القادر على الكلام منذ 15 عاما، وحولوا ما كان ينوي قوله إلى جمل على شاشة الكمبيوتر.

وأكد تشانغ “على حد علمنا، هذا هو أول عرض ناجح لفك تشفير مباشر للكلمات الكاملة من نشاط دماغ شخص مشلول ولا يستطيع الكلام”. وأضاف “يعتبر معظمنا سهولة تواصلنا من خلال الكلام أمرا مفروغا منه، من المثير أن نعتقد أننا في بداية فصل جديد لتخفيف الدمار الذي يصيب المرضى”.

ويفقد الآلاف من الأشخاص كل عام القدرة على التحدث بسبب السكتات الدماغية أو الحوادث أو المرض. وركزت الأبحاث السابقة في هذا المجال على قراءة موجات الدماغ عبر الأقطاب الكهربائية لتطوير الأطراف الاصطناعية الحركية التي تسمح للمستخدمين بتهجئة الأحرف. ويكمن الهدف من النهج الجديد في تمكين الاتصال العضوي والسريع. وأشار موسيس إلى أن “الجهاز يوضح قدرة هذا النهج على إعطاء صوت للأشخاص المصابين بالشلل الشديد وفقدان الكلام”.

وكان باحثو جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو قد وضعوا سابقا مصفوفات أقطاب كهربائية على المرضى الذين يعانون من مشكلات في الكلام بشكل طبيعي والذين يخضعون لعملية جراحية في الدماغ، لفك تشفير الإشارات التي تتحكم في القناة الصوتية من أجل التعبير عن أحرف العلة والحروف الساكنة، وتمكنوا من تحليل الأنماط للتنبؤ بالكلمات. لكن هذا المفهوم لم تتم تجربته على مريض مشلول لإثبات أنه يمكن أن يقدم فائدة سريرية.

وقرر الفريق إطلاق دراسة جديدة تسمى استعادة واجهة الدماغ والكمبيوتر للذراع والصوت، وطلب المشارك الأول أن يشار إليه باسم “برافو 1”. وكانت لدى برافو 1 منذ إصابته بسكتة دماغية مدمرة، حركات محدودة للغاية في الرأس والرقبة والأطراف، ويتواصل باستخدام مؤشر متصل بقبعة بيسبول لنقر الأحرف على الشاشة. وعمل الباحثون مع برافو 1 لتطوير مفردات مكونة من 50 كلمة بكلمات أساسية في حياته اليومية مثل “الماء” و”الأسرة” و”جيد”، ثم زرعوا جراحيا قطبا كهربائيا عالي الكثافة فوق القشرة الحركية للكلام. وعلى مدار الأشهر القليلة التالية، سجل الفريق نشاطه العصبي أثناء محاولته نطق الكلمات الخمسين، واستخدم الذكاء الاصطناعي لتمييز الأنماط الدقيقة في البيانات وربطها بالكلمات.

وقدم الباحثون لبرافو 1 من أجل اختبار نجاحه جملا مكونة من مجموعة مفردات، وسجلوا النتائج على الشاشة، ثم طرحوا عليه جملة من الأسئلة مثل “كيف حالك اليوم؟” و”هل تريد بعض الماء؟” التي كان قادرا على الإجابة عليها بردود من قبيل “أنا جيد جدا” و”لا، أنا لست عطشانا”. وقام النظام بفك تشفير ما يصل إلى ثمانية عشر كلمة في الدقيقة بمتوسط ​​دقة وصلت إلى 75 في المئة. وساهمت وظيفة “التصحيح التلقائي”، المشابهة لتلك المستخدمة في الهواتف، في نجاحها.

وأشادت مقالة افتتاحية مصاحبة في مجلة “نيو إنغلاند الطبية” بالتطور باعتباره “إنجازا فذا للهندسة العصبية”، واقترحت التطورات في التكنولوجيا مثل الأقطاب الكهربائية السطحية الأصغر التي قد تساعد في تحسين الدقة بشكل أكبر.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *