ضمان حقوق الإنسان مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية - 7/16

الرئيسية » الأعمدة » بصائر » ضمان حقوق الإنسان مقصدا من مقاصد
الشريعة الإسلامية – 7/16

 جـ ـ الجزاء

وهنا يبرز دور المسؤولية والمحاسبة؛ إذ برز أن على الإنسان مسؤولية العمل في ذاته، وفي محيطه وفق قيم الوحي الحاكمة، وشرائعه الموجِّهة، وقد زوِّد بالقدرات التي تُمكّنه من الاضطلاع بذلك، وكان الكون قابلا لفعله مسخرا له، وكان الوحي مُيَسَّرًا له متستجيبا لتساؤلاته (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل 89] فإن ذلك يستتبع المحاسبة التي يُجزى بمقتضاها المحسنون عن إحسانهم، والمسيئون عن إساءتهم. وهذا البناء هو الذي يحرر الشعور المتسامي بالواجب، وهو شعور انزرع في نفوس المسلمين، فأثمر المسلكيات والممارسات التي رفعت، في جمالية، صرح الحضارات والثقافات الإسلامية المتنوعة.

وهو ما انتبه إليه الباحث الأمريكي Jason Morgan Foster حين قال: «ولأن الواجبات لها مركزية في الاعتقاد والتطبيق الإسلاميين، فإن لغة وبنية الواجبات تطورت في الشريعة الإسلامية، وهما إلى حد بعيد أكثر تركيبا من الإحالات البسيطة إلى الواجبات التي نراها في الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، فالشريعة الإسلامية عبارة عن مخطط عمل اجتماعي عقلاني المعنى لكل أفعال المسلمين، والتي قد أُطّر مجملُها من مدخل الواجب»(1)

وفي التراث العلمي الإسلامي وفرة من الشواهد تؤكد ما انتبه إليه هذا الباحث. منها ما جاء عن إمامنا مالك رضي الله عنه أنه سئل عن طلب العلم أفرض هو؟ فقال: «أما على كل الناس فلا» يعني به الزائد على ما لا يسع المسلم جهله من أركان وغيرها.. وقال أيضا: «أما من كان فيه موضع للإمامة فالاجتهاد في طلب العلم، عليه واجب، والأخذُ في العناية بالعلم على قدر النية فيه»(2)، فانظر إلى هذه الدقة في التمييز بين الواجب ومناطه.

(1) – YALE, human rights and development, Vol.8 pp.106

(2) – الموافقات 1/282

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *