دراسة تسعى وراء تأكيد وجود أكوان طفلة غير كوننا

الرئيسية » علم وحضارة » دراسة تسعى وراء تأكيد وجود أكوان طفلة غير كوننا

يحاول فريق بحثي أميركي ياباني مشترك، خلال نموذج رياضي جديد، أن يعيد النظر في إمكانية وجود الثقوب السوداء البدائية بين مجرتنا وجارتها “المرأة المسلسلة” (Andromeda)، على أمل أن يساعد ذلك في تأكيد وجود أكوان أخرى غير كوننا.

أول الكون

الثقوب السوداء البدائية هي فرضية ظهرت في ستينيات القرن الماضي على يد الفيزيائيين الروسيين “إيجور نوفيكوف” و”ياكوف زيلدوفيش”، وتقول إن الكون، في اللحظات الأولى لنموه، أمكن أن يسمح بنشوء ثقوب سوداء. نعرف أن الثقوب السوداء تتكون حينما ينهار نجم عملاق على ذاته، لكن نظرية الثقوب السوداء أكثر عمومية من النجوم، لأن ضغط أي قدر من المادة بحيث يتقلص حجمها ليتخطّى حاجزا محددا سوف يحولها إلى ثقب أسود. على سبيل المثال، بتقليص الأرض لتصبح في حجم ثمرة ليمون، سوف تصبح ثقبا أسود على الفور.

ولأن الكون في لحظاته الأولى كان كثيفا بصورة هائلة جدا، مع ضغط وحرارة غاية في الشدة، فإنه من الممكن أن تكون أعداد هائلة جدا من الثقوب السوداء قد تكونت به. وكان ستيفن هوكينغ -أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون- قد اقترح في سبعينيات القرن الماضي أن تلك الثقوب السوداء البدائية هي السبب فيما نرصده الآن على أنه “المادة المظلمة”، تلك التي يلاحظ العلماء أثرها الجذبوي على محيطها ولكن لا يتمكنون من رؤيتها. والثقوب السوداء البدائية كذلك، فهي صغيرة جدا بحيث لا يمكن رصدها، لكنها ذات كتلة كبيرة يمكن أن تؤثر في محيطها.

بين مجرتين

في تلك النقطة تظهر الورقة البحثية الجديدة، التي نشرت في دورية “فيزياكال ريفيو ليترز” (Physical Review Letters)، وأُعلن عنها في بيان صحفي صدر يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي من مؤسسة “آي بي إم يو IPMU” البحثية اليابانية، لتقول إنه طالما أن هذه الثقوب البدائية منتشرة في الكون كله، فإنه يمكن رصدها بالتركيز على هدف قريب نسبيا.

يعتزم أفراد هذا الفريق البحثي استخدام الكاميرا عالية الدقة في “التلسكوب سوبارو” (Subaru Telescope) الموجود في قمة “مونا كيا” بمنطقة هاواي في الولايات المتحدة، لإجراء رصد دقيق لمجرة أندروميدا، جارتنا التي تبتعد عنا مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية. إذا ظهرت اختلافات محددة في إشعاع النجوم الخاصة بمجرة المرأة المسلسلة في التلسكوب “سوبارو”، خلال 88 ساعة تصوير، فإنه من المحتمل أن يكون ذلك بسبب مرور الثقوب السوداء البدائية بين المجرتين، مما يؤثر على إشعاع النجوم الواصل إلينا.

أكوان طفلة

لكن هذه الدراسة الجديدة تبني نفسها على فرضية، أكثر غرابة مما اقترحه هوكينغ، تقول إن تلك الثقوب السوداء المنشودة تكونت أثناء فترة كان الكون خلالها يتوسع بشكل غير مسبوق. وتجري الفرضية بأنه في أثناء هذا التوسع، نشأت “أكوان طفلة” (Baby Universes) كتفرعات من كوننا، لكنها لم تلبث أن انهارت على ذواتها، تاركة ثقوبا سوداء بدائية مكانها.

وبناء على تلك الفرضية، قام هذا الفريق البحثي ببناء نموذج رياضي يتوقع وجود نسبة محددة من التغيرات في إشعاع النجوم بمجرة المرأة المسلسلة، والتي يمكن أن يلاحظها التلسكوب “سوبارو” بمرآته ذات القطر 8.2 أمتار. وإذا تمكن العلماء بالفعل من إثبات وجودها، فإن ذلك يفتح الباب لفيزياء جديدة لعلم الكون.

الجزيرة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *