حدود الممكن واللاممكن في العلم - 2

الرئيسية » الأعمدة » دراسات استشرافية » حدود الممكن واللاممكن في العلم – 2

4- النقل الفوري البعيد.

يعتبر النقل الفوري البعيد حلما آخر رواد البشرية، ونسجت حوله الكثير من القصص والأساطير ويقول كاكو “النقل الفوري البعيد Teleportation أو القدرة على نقل شخص أو جسم فورا من مكان إلى آخر، تقانة يمكنها أن تغير مسار الحضارة وتبدل مصير الأمم، وتغير بشكل لا رجعة فيه قواعد الحرب: يمكن للجيوش أن تنقل فورا قواتها إلى خلف خطوط العدو، أو يمكنها ببساطة نقل قيادة العدو فورا والقبض عليها. وسيصبح نظام النقل الحالي من السيارات إلى السفن والطائرات والسكك الحديدية وجميع الصناعات التي تخدم هذا النظام باطلا، إذ يمكنها ببساطة نقل أنفسنا فورا إلى العمل، ونقل بضاعتنا إلى السوق. وسنمضي العطل بلا جهد مع نقلنا أنفسنا إلى هدفنا. سيغير النقل الفوري كل شيء”[1].

إن الاهتمام العلمي بالنقل الفوري البعيد، له مبررات معرفية وعلمية وكذلك اقتصادية وجيوسيسية وعسكرية؛ ولذلك فإن انشغال القوى الكبرى بذلك رغم استحالته الحالية، له أهمية كبيرة ورغبة جامحة في تغيير الواقع العالمي ومسار الحضارة المعاصرة. وأشار كاكو إلى كون النقل الفوري مذكور في الإنجيل[2]، كما ورد في كتب الخيال العلمي ومن ذلك رواية “الرجل بلا جسم”[3] التي صدرت سنة 1877. كما أنتجت هوليود شريط “الذبابة” سنة 1958، وأعيد إنتاج الفيلم سنة 1986[4]، وساهم مسلسل ستار ترك في الترويج لفكرة النقل الفوري. لكن العلماء اعترضوا على فكرة النقل الفوري البعيد، “فمن أجل نقل شخص ما فوريا عليك أن تعرف الموقع الدقيق لكل ذرة في جسمه الحي الذي يمكن أن يناقض مبدأ عدم التأكد لها يزنبرغ”[5]. لكن هل بالفعل لا يمكن تحقيق هذا النقل الفوري؟ هذا ما حاول كاكو الإجابة عليه، عبر حشده لمجموعة من التغييرات النظرية وجديد الأبحاث النظرية والتطبيقية في المختبرات والجامعات المرموقة.

يرى كاكو بأن نظرية نيوتن لا تسمح بفكرة النقل الفوري بل هو مستحيل تماما، ذلك أن نظرية نيوتن تتأسس على فكرة أن المادة مكونة من كرات بلياردو صغيرة وصلبة. “ولا تتحرك الأجسام ما لم تدفع، ولا يمكن للأجسام أن تختص فجأة تم تظهر في مكان آخر”[6]. بينما فيزياء الكوانتم لها خصائص أخرى حيث اكتشف العلماء – أن الالكترونات تتحرك كموجة وبالتالي يمكن أن تنجز قفزات كمومية في حركتها العشوائية ضمن الذرة. ويعتبر الفيزيائي النمساوي شرودنغر صاحب المعادلة الشهيرة والذي ارتبطت أبحاثه حول الأمواج الكمومية. ويرى كاكو بأن القفزات الكمومية لا يمكن تعميمها على الأجسام الكبيرة مثل البشر. “لذا بينما يسمح بالانتقال الفوري على المستوى الذري، على المرء أن ينتظر أكثر من عمر الكون ليرى فعلا هذه التأثيرات الغريبة على المستوى الكبير. ولكن هل يستطيع المرء استخدام قوانين نظرية الكوانتم لصنع آلة نقل فوري وفق الطلب كما في قصص الخيال العلمي؟ من العجيب أن الجواب هو “نعم” مشروطة”[7].

إن مصدر فكرة النقل الكمومي هو تجربة [EPR [8 التي تعود إلى العلماء الثلاث (اينشتاين وبودولسكي وروزين). وقد برهن العلماء في سنة 1993 في شركة IBM برئاسة العالم تشارلز بينت، على إمكانية نقل الاجسام على الفور على المستوى الذري على الأقل باستخدام تجربة EPR وبذلك تمكن العلماء من نقل الفوتونات[9]. وهذه التجارب تجعل العلماء يتوقعون تحقيق نقل فوري لجزيء دنا وأول فيروس في العقود المقبلة. فمراكز الأبحاث العالمية تتنافس لتطوير التجارب حول النقل الفوري الكمومي للفوتونات بعد نجاح تجربة جامعة انغسبورك في عام 1997 وجامعة كاليفورنيا وتمكن العلماء من جامعة فيينا من نقل جسيمات من الضوء لمسافة أبعد من 600 متر[10]. وتوجه الانتقادات لهذه التجارب باعتبارها تجارب حول النقل الكمومي للفوتونات وليس للأجسام كما هو في الخيال العلمي[11].

ومن الملاحظ أن الأبحاث تتطور بخصوص النقل الفوري، حيث اقترح مجموعة من الباحثين سنة 2007 طريقة اخرى للنقل الفوري لا تعتمد على الترابط، وهو أصعب خصائص النقل الكمومي، ويسمى الدكتور برادلي من استراليا النقل الفوري الكلاسيكي”[12] ويعتبر كاكو هذا هذا التوجه في البحث إمكانية مهمة لوضع حلول لقضايا النقل الفوري[13]. لكن لا يعني ذلك الوصول إلى نقل فوري للأجسام كما تتصوره أفلام الخيال العلمي، ويبدو لكاكو بأن البحث في مجال النقل الفوري، مرتبط بتطوير حاسبات الكوانتم[14]، وهو أمر يحتاج إلى كثير من الجهد العلمي. وينتهي كاكو إلى القول “… قد نستطيع في نهاية المطاف نقل جزيئات معقدة وحتى عضوية خلال عقود قليلة . لكن النقل الفوري لجسم ضخم لابد أن ينتظر من عدة عقود إلى عدة قرون أو ربما أطول من ذلك، إن كان هذا ممكنا حقا. لذا يصنف النقل الفوري لجزيئات معقدة وحتى لفيروس أو خلية حية ضمن مستحيلات الصنف الأول، وهي التي يمكنك أن تكون ممكنة خلال قرن. لكن النقل الفوري لإنسان، على الرغم م أنه مسموح في قوانين الفيزياء، فإنه قد يستغرق قرونا عدة بعد ذلك، بافتراض أن هذا ممكن على الاطلاق. لذا فإنني أصنف ذلك النوع من النقل الفوري على أنه استحالة من الصنف الثاني”[15].

إن الطموح العلمي مهما كان متطرفا وجامحا في خياله، فإنه لابد أن يساهم في إقحام الإنسان في مجالات علمية ومعرفية لم يكن يتصورها، فالبحث في قضايا مستحيلة يمكن أن يفضي إلى اكتشاف قواعد وقوانين علمية وتكنولوجية جديدة لم تكن متوقعة، أثناء الشروع في البحث، ولذلك فإن البحث في النقل الفوري سيفضي حتما إلى اكتشافات مذهلة.

5- التخاطر عن بعد:

إن التخاطر عن بعد هو قدرة الفرد على إرسال مجموعة من الافكار الى دماغ مستقبل آخر فيتصرف بموجبها أو يلتقطها مستوعبا فحواها.

كما يراد به قدرة الشخص على التسلل الى دماغ شخص ما وقراءة أفكاره ومعرفة هواجسه وخواطره. ولقد ارتبط التخاطر بقصص قديمة حول أشخاص يمتلكون هذه المقدرة الخارقة، كما تناولته قصص الخيال العلمي مثل سلسلة “المؤسسة المميزة” لاسحق آسيموف[16].

ويقول كاكو “يمكن لمتخاطر حقيقي يستطيع قراءة الأفكار كما يريد أن يصبح بسهولة أغنى شخص على الأرض وأقواهم، قادر على الدخول إلى عقول مصرفيي وول ستريت أو ابتزاز خصومه وتطويعهم. وفي إمكانه أن يشكل تهديدا لأمن الحكومات. ويستطيع من دون جهد أن يسرق أكثر أسرار الأمة حساسية”[17].

لهذا الاعتبار الخطير، هناك اهتمام كبير في الغرب ومجموعة من الدول القوية بهذه الظواهر غير الطبيعية، ومحاولة فهم محدداتها، لتطويع ذلك وتسخيره في خدمة أمن الدولة وحروبها المقبلة.

ويميز كاكو بين التخاطر وتقنية قراءة أفكار الناس من خلال ملامح وتعابير وجوههم وحركات أعينهم[18]. أما تاريخ البحث الفيزيائي في مجال التخاطر، فقد دشنته جمعية البحث النفسي التي تأسست في لندن سنة 1882.ويعتبر جوزيف بانكس المنتمي لهذه الجمعية، من أهم الباحثين في هذا المجال، حيث اسس معهد الراين (وهو الان مركز بحوث الراين) في سنة 1927، وابتكر مفهوم الادراك فوق الحسي[ESP) [19). كما حاول الدكتور كارل زينرر تطوير أبحاث بانكس؛ حيث وضع نظام البطاقات ذات الرموز الخمسة، وهي نظام لتحليل قدرات التخاطر؟

وعرفت مرحلة الحرب الباردة، تنافسا شديدا بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفياتي آنذاك، حول امتلاك فهم متكامل لظواهر التخاطر وتوظيف ذلك في الحرب. وأطلقت وكالة الاستخبارات الأمريكية، اسم ستار غيت (Star Gate) على مجمل الدراسات السرية في مجال التخاطر، بعد ما تبين لها في 1990 أن الاتحاد السوفياتي، خصص ميزانية 60 مليون روبل للبحث في التخاطر (Psychtronics). وكان هناك توجس وخوف من إمكانية وصول الاتحاد السوفياتي، لتوظيف تقنية التخاطر في معرفة الأسرار الحربية الأمريكية ومؤسساتها و أساطيلها ومعداتها وجواسيسها. وقد تولى معهد ستانفورد للبحث العلمي في 1972 البحث في مجال التخاطر بتمويل من وكالة الاستخبارات الأمريكية، وترأس ذلك رسل تارك وهارولد بوتهوف[20].

ويقول كاكو “لقد حاولا في البداية تدريب فريق من الروحانيين الذين يمكنهم من العمل في “حرب روحانية”. وخلال أكثر من عقدين من الزمن أنفقت الولايات المتحدة 20 مليون دولار على ستارغيت ووظفت أكثر من أربعين شخصا وثلاثة وعشرين مراقبا من بعد وثلاثة روحانيين. وحتى العام 1905، وبميزانية 500 ألف دولار في العام، أجرت الـCIA مئات المشاريع لجمع المعلومات شملت آلاف جلسات الرؤية من بعد”[21]. وقد تم توقيف البرنامج فيما بعد، لعدم جدواه ونفعيته للمجتمع الاستخباراتي.

ويعتقد كاكو بأن جهاز مسح الدماغ PET (التصدير المقطعي بالإصدار البوزيتروني) وجهاز MRI (الرنين المغناطيسي) وأجهزة الرنين المغناطيسي الوظيفية FMRI ، تمكن العلماء من فهم جيد للنشاط الفكري في الدماغ، كما أنها ستكشف الخطوط العريضة، للأفكار في دماغ الحي في المستقبل[22].

وتستعمل هذه الأجهزة كذلك في الكشف عن الكذب، من خلال توظيف فكرة موجات الرنين المغناطيسي؛ ولكن في عام 2003، أصدرت أكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية، تقريرا تنتقد فيه مبدأ الثقة الشاملة في كشف الكذب[23].

إن القراءة الفعلية لأنشطة الدماغ، ممكنة حاليا، لكن قراءة المخطط العريض لأفكار الشخص، ليس ممكنا الآن، ولذلك تتجه البحوث إلى فهم ورسم خريطة الدماغ[24]. وينتهي كاكو إلى القول بان التخاطر الطبيعي الذي تروج له افلام الخيال العلمي مستحيل حاليا. ويقول: “لكن بما أن الدماغ ليس حاسوبا، بل شبكة عصبونية تتوزع الأفكار فيها على الدماغ بأكمله، فسنصادف عقبة في نهاية المطاف: العقل نفسه. لذا على الرغم من أن العلم سيفحص بتعمق أكثر في العقل المفكر، مما يجعل من الممكن اكتشاف بعض عمليات تفكيرنا، بيد أنه ليس من الممكن “قراءة أفكارك” بالدقة البالغة التي يعد بها الخيال العلمي. وباعتبار لهذه الحقيقة سأصنف القدرة على قراءة المشاعر العامة ونماذج التفكير على أنها استحالة من الصنف الاول. ويجب أن تصنف القدرة على قراءة أفعال الدماغ الداخلية بدقة أكبر على أنها استحالة من الصنف الثاني”[25]. والبحث في التخاطر والتوغل في علوم الدماغ والنفاذ إلى أعصاب الدماغ، من شأنه أن يفتح طريقا في المستقبل لتحقيق التحريك بتأثير الدماغ (PsychoKinessis).

6- الحركة بتأثير الدماغ.

إن تحريك الأشياء والتأثير في الأشخاص عبر الدماغ هو قوة خارقة أعلى بكثير من مجرد القدرة على التخاطر، وهذه القوة فوق الطبيعة، حلم صاحب البشرية وخصوصا الأشخاص الذين لهم رغبة جامحة في التحكم في المصائر والحصول على مصدر للسلطة غير متناهي؛ لذلك كان دائما البحث وبجميع الطرق، حتى استعمال السحر والسحرة، لامتلاك القدرة في التأثير السلبي على الأشياء والأشخاص.

يتحدث كاكو عن الحركة بتأثير الدماغ، من خلال الإشارة إلى بعض الأفلام والقصص التي تناولت الموضوع، ومن ذلك مسرحية شكسبير “العاصفة” وفيلم “الرجل الذي يستطيع فعل المعجزات” ورواية كاري لستيف كينغ (1974) وسلسلة ستار ترك، وفيلم حرب النجوم[26]. ويؤكد كاكو بأن محاولات متعددة لدراسة هذه القوة من طرف العلماء، تميزت بالفشل والخداع؛ حيث تمكن دائما المحتالون من خداع الباحثين. وقد أجرى التجارب علماء من تخصصات عديدة، مثل عالم النفس الغيبي مايكل ثالبوت وروبرت جي جان، الذي كان عميدا لكلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة برنتون عام 1979، والذي وضع برنامج بحث الشواذ الهندسة (PEAR). كما قامت هيئة البحوث الوطنية الأمريكية بطلب من الجيش الأمريكي، مجموعة من التجارب والبحوث في هذا المجال[27].

ويقول كاكو بأن “المشكلة في دراسة السايكوكانيسيس(Psychokinesis) حتى كما يعترف المدافعون عنها، هي أنها لا تلتزم بقوانين الفيزياء المعروفة. فالثقالة، وهي أضعف قوة في الكون، هي قوة جاذبة فقط، ولا يمكن استخدامها لرفع أجسام أو دفعها. وتتبع القوة الكهرطيسية علاقات ماكسويل ولا تعترف بإمكانية دفع أجسام محايدة كهربائيا عبر غرفة. وتعمل القوى النووية ضمن مسافات ضئيلة فقط، كالمسافة بين الجسيمات النووية.

المشكلة الأخرى بالنسبة للسايكوكاينيسيس هي تزويد الطاقة. يمكن لجسم الإنسان أن ينتج نحو خمس قوة حصان من الطاقة فقط، ومع ذلك فعندما رفع يودا في حرب النجوم سفينة فضائية كاملة بقوة عقله فقط أو عندما أطلق سايكلوبس حزما من طاقة الليزر من عينية، فإن هذه الأعمال اخترقت قانون الحفظ على الطاقة – جسم ضئيل مثل يودا لا يمكنه تجميع كمية الطاقة اللازمة لرفع سفينة فضائية. ومهما ركزنا، فإننا لا نستطيع تجميع الطاقة الكافية لإجراء المعجزات والإنجازات التي تنسب للسايكوكاينيسيس. وبوجود هذه المشاكل كلها كيف يمكن للسايكوكاينيسيس أن تكون متسقة مع قوانين الفيزياء؟”[28].

ويعتقد كاكو بأنه في المستقبل، سيتمكن الانسان من التحكم في موجات العقل عن طريق التغذية الرابعة الحيوية. كما أن هناك ابحاث حول تحقيق مشروع “الكتابة على الآلة الكاتبة بالتفكير”[29]،  حيث ينكب نيلز بيرمتومر من جامعة توبينغن في ألمانيا على تطوير ذلك. وقد استطاع مساعدة مجموعة من الناس، الذين أصيبوا بشكل جزئي، على كتابة جمل بسيطة على شاشة الحاسوب. وهناك تجارب عديدة في مجال علم الأعصاب[30] لمساعدة المرضى في التحكم في الآلات. ومن ذلك جهاز [BrainGate) [31) بوابة الدماغ للعالم دونهيو.

ولهذا الاعتبار، يرى كاكو بان إمكانية التحكم في الحاسوب بواسطة عقل الإنسان لم تعد مستحيلة، ولكن ذلك لا يعني أننا سنستطيع في المستقبل القريب الوصول إلى رفع الأجسام والتحكم فيها بمجرد التفكير.

ويتساءل كاكو عن قدرة الطاقة في تحويل جسم إلى جسم آخر؛ ومدى تواءم ذلك مع قوانين الفيزياء. ويبدو له بأن الروبوتات النانونية Nanorobots، التي يتمكن العلماء من صنعها مستقبلا، قادرة على نسخ نفسها، فهي آلات ذرية مبرمجة مصممة لإعادة ترتيب الذرات ضمن الجسم. ويرى بأنه “من حيث المبدأ لو امتلك شخص ما تريليونات الروبوتات النانونية فسيمكنها التوجه نحو جسم ما وقطع ذراته ثم لصقها إلى أن تقوم بتحويل جسم إلى جسم آخر. ولأنها تنسخ نفسها ذاتيا فستكفي حفنة منها فقط لبدء هذه العملية، ويجب أيضا أن تكون قابلة للبرمجة بحيث تستطيع اتباع مخطط معين”[32].

ويعتبر الفيزيائي هونيل غريتشيفلد[33] من الـ MIT، من الباحثين المهتمين بما يسمى “المصنع الشخصي” الذي يمكن من صناعة كل شيء!! وله كتاب بعنوان: الثورة القادمة على طاولتك – من الحاسوب الشخصي إلى التصنيع الشخصي. وهناك باحث آخر هو ريكوشا من جنوب كاليفورنيا[34] متخصص الروبوتية الجزيئية، يعتقد بامكانية تصنيع أسطول من الروبوتات النانونية التي يمكن أن تتحكم في الذرات حسب الطلب.

وينتهي كاكو إلى القول “على الرغم من أن السايكوكاينيسيس مستحيل بمعايير اليوم، إلا أنه قد يصبح ممكنا في المستقبل، حين نقترب أكثر من فهم كيفية الوصول إلى أفكارنا عبر (EEG  والـ MRI  والطرق الأخرى، وقد يكون من الممكن خلال هذا القرن استخدام جهاز يدفع بالتفكير فقط للتحكم في النواقل الفائقة عند درجة حرارة الغرفة، والقيام بإنجازات لا يمكن تمييزها من السحر. وبحلول القرن القادم قد يكون من الممكن إعادة ترتيب الجزئيات في جسم كبير، وهذا يجعل السايكوكاينيسيس استحالة من النوع الأول”[35].

وقد ربط كاكو هذا التطور، بإنجاز هائل حول الروبوتات النانونية.

7- الربوتات.

يعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم العلوم التي تحظى بالاهتمام والمنافسة العلمية الحادة، ذلك أنه مجال واعد بابتكار آلات تحاكي قدرة الانسان في التفكير. فمن القضايا الهامة التي تثير نقاشا صاخبا بين العلماء، هي كفاءة ومهارة الربوتات في التفكير. وقد اهتم الإنتاج السينمائي بالموضوع ذكاء آلات، ومن ذلك فيلم “أنا روبرت” والذي يتحدث عن قدرة إنسان آلي في تدبير وتسيير مرافق مدينة كبيرة، بتحكم كبير. وفيما وجه سؤال أساسي لهذا الإنسان الآلي، حول العدو الرئيس للبشرية؟ أجاب بأنه هو البشر نفسه ولذلك، قام هذا الإنسان الآلي بالتحكم في البشر، لحمايته وإنقاذه من نفسه وتدشين عهد دكتاتورية الربوتات.

هذا التوجس من قدرة الإنسان الآلي هو مجال خلاف حاد بين العلماء، فهناك اتجاه عام نحو إنكار القدرة على تجاوز التفكير البشري. “ويحاجون بأن العقل البشري هو أعقد نظام خلقته الطبيعة، على الأقل في هذا الجزء من المجرة وأن أي آلة تصميم لإعادة إنتاج التفكير البشري مصيرها الفشل. ويعتقد الفيلسوف جون سيرل من جامعة كاليفورنيا في سيركلي، وحتى الفيزيائي الشهير روجر بنروز أن الآلات غير قادرة فيزيائيا على التفكير البشري. ويقول كولن ماكفن من جامعة روتجرز إن الذكاء الاصطناعي “مثل رخويات تحاول إجراء التحليل الفرويدي، إنما ببساطة لا تمتلك الأدوات الفكرية لذلك”[36]. لهذا الاعتبار يرى كاكو بأن المجتمع العلمي منقسم حول قدرة الروبوتات على التفكير.

يقوم الباحث كاكو باستعراض تاريخ الذكاء الاصطناعي، والإشارة إلى مختلف العلماء عبر العصور الذين حاولوا صناعة آلات ذكية ومن ذلك العالم العربي الجزري، وهو بديع الزمان أبو العز بن الرزاز (1206 – 1136) الذي اشتهر بالهندسة الميكانيكية. وكذلك دافنشي الذي صمم أول آلة – إنسان، حسب المؤرخين[37].

ويختلف “الذكاء الاصطناعي أو أي. أي AI من التقانة السابقة  التي ناقشناها حتى الآن في أن القوانين الأساسي التقف وراءه لا تزال غير مفهومة بشكل جيد. وعلى الرغم من أن لدى الفيزيائيين فهما جيدا لميكانيكا نيوتن ونظرية  ماكسويل في الضوء ونظرية الكوانتم للذرات والجزئيات، فإن القوانين الأساس للذكاء لا تزال محاطة بالأسرار. وربما لم يخلق إلى الآن نيوتن الذكاء الاصطناعي”[38]. ويعتقد كاكو بأن الرياضي الانجليزي تصور الحاسوب، وسمى بآلة تورنغ[39].

وبخلاف الفلاسفة والعلماء الذين يعتقدون بأن الآلة ليست لها قدرة التفكير، يرى كلود  شانون وهو أب نظرية المعلوماتية،  بأن الآلات قادرة على التفكير.

ومن المشاكل العلمية التي واجهها العلماء في صنع روبتات قادرة على التفكير، هي التعرف على الشكل والإدراك السليم. وقد فشل رواد مدرسة “الشكليون” أو أصحاب المنهج من الأعلى إلى الأسفل في الذكاء الصناعي، في التغلب على هذه المشاكل[40].

ورغم انتصار الحاسوب على بطل الشطرنج العالمي غاري كاسباروف سنة 1997، فإن عالم الحاسوب دوغلاس هو فشتادتر صرح قائلا “يا إلهي، اعتقدت فيما مضى أن الشطرنج يحتاج إلى تفكير. لكني لا أعلم الآن أنه لا يتطلب ذلك – إن هذا لا يعني أن كاسباروف لم يكن عميق التفكير، بل يعني أنه في إمكانك تجاوز التفكير العميق في لعب الشطرنج بالطريقة نفسها التي يمكن فيها الطيران من دون أن ترفق بجناحيك”[41]. ولهذا يعتقد العلماء بأن تمكين الحاسوب من قدرة وكفاءة التفكير، مرتبطة بتجاوز إشكالية افتقار الروبوتات إلى الادراك السليم، فالإنسان له قدرة على التمييز بين الأمور وإدراكها ومن ذلك مثلا أن الماء رطب، الأمهات أكبر من أبنائهن، لا يمكن العودة إلى الحياة بعد الموت… فالإدراك السليم يتم الحصول عليه من خلال معاينة الواقع والتفاعل معه، بينما الروبوتات لا يمكن لها ذلك، فهي تتصرف بناءا على البرمجة التي تحصل عليها، ومن المحاولات العلمية التي رامت جمع قوانين الادراك السليم، هي محاولة دوغلاس لينت، رئيس مجموعة سيكورب، واصطلح على مشروعه بـ CYL. وتوخى تمكين الروبوتات من فهم ما يكفي لاستيعاب ما تقرأ من مجلات وإدراك معلومات جديدة تلقائيا. وقد فشلت هذه المحاولات، التي توخت برمجة قواعد الإدراك السليم[42].

وهناك تفاؤل بين بعض العلماء ومدراء الشركات حول ازدهار إنتاج الروبوتات وإن لم تصل إلى تجاوز جميع المشاكل العلمية والتقنية ومن ذلك الإدراك السليم، ولذلك يرى بيل غيتس بان الروبوتات مثل الحاسوب الشخصي، ستعرف رواجا في العقود المقبلة وستغير العالم[43].

ويرى مارفين مينسكي من أوائل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي بأن “تاريخ الذكاء الاصطناعي مضحك لأن الإنجازات الأولى الحقيقية كانت أشياء جميلة مثل آلة تستطيع البرهان في المنطق أو تقوم بعمل جيد في علم التفاضل. لكننا بعد ذلك بدأنا نحاول صنع آلات يمكنها الإجابة عن أسئلة حول الأنواع البسيطة من القصص الموجودة في كتاب الصف الأول. لا توجد آلة اليوم تستطيع فعل ذلك”[44]. وهناك اعتقاد بأن تظافر جهود رواد مدرسة الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل والاتجاه من الأسفل إلى الأعلى، سيمكن من تقدم معقول ومهم لعلم الذكاء الاصطناعي، وذلك في حدود الأربعين سنة القادمة[45].

ويتعرض كاكو لقضية أخرى هي تمكين الروبوتات من مهارة وجدانية وعاطفية، إذ يستشهد بالباحث هانز مورافيك الذي يعتقد بأن الروبوتات في المستقبل ستبرمج بعواطف مثل الخوف لحماية نفسها[46]. لكن المقدرة العاطفية للروبوتات، لن تجعلها قادرة على اتخاذ القرارات بشكل سريع وسليم “ومع تقدم ذكاء الروبوتات وقدرتها على إجراء الخيارات لوحدها فقد تصبح بالمثل مشلولة بعدم القدرة على اتخاذ القرار”[47].

والحديث عن عواطف الروبوتات، يقود إلى طرح تساؤل حول إمكانية وعي هذه الآلات؟.

ويعاني، حسب كاكو، علماء الذكاء الاصطناعي من فقدان نظرية موحدة حول الوعي، بل يرى مارفين مينسكي بأنه لا يوجد نموذج وحيد لتفسير الوعي[48].

يعتقد كاكو بأن الروبوتات يمكن أن تكون خطرة، حينما تمتلك ذكاء قرد، له قدرة على الوعي بذاته، وهذا سيستغرق عقودا كثيرة[49]. ولكن خطورة الروبوتات تكمن في اعتماد البنية التحتية على الحاسبات. “لقد أصبحت مدننا معقدة جدا بحيث لا يمكن سوى للشبكات الحاسوبية المعقدة أن تراقب بنيتنا التحتية الكبيرة وأن تتحكم فيها. ويمكن لخطأ في هذه البنية التحتية التي يتحكم فيها الحاسوب أو توقفها أن يشل مدنية أو بلدا أو حتى حضارة بأكلها”[50].

ولا يستبعد كاكو تفوق الآلات علينا، بحيث يشير إلى راي كيرزويل الذي تنبأ بقدوم عصر جديد، هو عصر التفرد حيث تكون الروبوتات هي المتحكمة في العالم. ولهذا الاعتبار هناك اتجاه من العلماء، يدعو إلى دمج تقانة الكربون بتقانة السيليكون على المدى البعيد، بدل انتظار انقراض البشرية، فالإنسان مكون أساسا من الكربون والآلات من السيليكون، ودمجهما يولد في المستقبل ما بعد الإنسان، أو الروبوتات المماثلة للإنسان، ولهذا يقول مارفين مينسكي”ماذا لو خفتت الشمس أو دمرنا كوكبنا؟ لماذا لا نضع رياضيين وفيزيائيين ومهندسين أفضل منا؟ قد نحتاج إلى أن نكون المصممين لمستقبلنا. وإن لم نفعل ذلك فسوف تختفي حضارتنا”[51].

د. خالد ميار الإدريسي
رئيس تحرير مجلة مآلات، فصلية محكمة تعنى بالدراسات الاستشرافية

الهوامش:

[1]  – ميشيو كاكو: فيزياء المستحيل، ص: 73 – 74.

[2]  – نفسه، ص: 74.

[3]  – نفسه، ص: 75.

[4]  – نفسه، ص: 75.

[5]  – يراد بمبدأ هايزنبرغ بأنه ليس بالمقدر معرفة الموقع الدقيق وسرعة الالكترون في نفس الوقت.

– نفس المرجع، ص: 76.

[6]  – نفسه، ص: 76.

[7]  – نفسه، ص: 80.

[8]  – للتوسع حول تجربة EFR  انظر الموقع التالي: www.iro.unmontreal.ca

وهو موقع يناقش قضايا النقل الفوري.

ويقول كاكو “في البداية صمم اينشتاين تجربة EPR لتكون بمنزلة نذير موت نظرية الكوانتم لكن آلان السبيكت وزملاؤه أجروا هذه التجربة في فرنسا في الثمانينيات باستخدام كاشفين يبعد أحدهما عن الآخر 13 مترا، وقاسوا دوران الفوتونات الصادرة عن ذرات الكالسيوم، وقد أيدت النتائج نظرية الكوانتم بدقة.

هل تنتقل المعلومات حقا بسرعة أعلى من سرعة الضوء؟ هل اخطأ اينشتاين بقوله إن سرعة الضوء هي السرعة القصوى المحدودة للكون؟ ليس حقا لقد انتقلت المعلومات بسرعة أعلى من سرعة الضوء، لكنها كانت معلومات عشوائية وبالتالي لا فائدة منها. لا يمكنك إرسال رسالة حقيقية أو شفرة مورس من خلال EPR حتى لو انتقلت المعلومات بسرعة أعلى من سرعة الضوء” كاكو، فيزياء المستحيل ص: 82.

[9]  – يمكن الرجوع إلى youtube لمشاهدة فيديو يتم فيه شرح النقل الفوري للفتونات، انظر:

– la téléportation quantique expliqué par Nicolas Gisin publiée le 27 mai 2012.

كما يمكن مشاهدة فيديو حول تجربة EPR.

-Alain Aspect : la résolution du paradoxe EPR publiée le 19 juin 2012.

[10]  – كاكو، فيزياء المستحيل ص: 84.

[11]  – كان أحد الانتقادات لهذه التجارب هو انها أجريت على النقل الفوري للفتونات الضوئية. وليس هذا من النوع الذي يحكي في قصص الخيال العلمي. ولذا كانت تجربة النقل الفوري الكمومي في العام 2004 على الذرات الفعلية وليس على الفوتونات الضوئية بمنزلة خطوة مهمة نحو جهاز نقل فوري أكثر واقعية. واستطاع الفيزيائيون في المعهد الوطني للمواصفات والتقانة في واشنطن ربط ثلاث ذرات بريليوم ونقل خصائص إحداها إلى ذرة أخرى بنجاح. كان لهذا الإنجاز مهما جدا بحيث إنه نشر على غلاف مجلة بنتشر. واستطاعت مجموعة أخرى من الباحثين نقل ذرات الكالسيوم أيضا. حصل تقدم آخر مثير في العام 2006، عندما أجري نقل فوري لجسم كبير لأول مرة. استطاع فيزيائيون من معهد ماكس بلانك في ألمانيا ومعهد نيلز بور في كوبنهاجن ربط شعاع من الضوء مع غاز من ذرات السيزيوم، وهي عملية تضمنت تريليونات الذرات. ثم قاموا بتشفير معلومات ضمن نبضات ليزرية واستطاعوا نقل هذه المعلومات نقلا فوريا إلى ذرات السيزيوم على مسافة نصف ياردة تقريبا. “ولأول مرة” كما ذكر يوجين بولزيك أحد الباحثين “أنجز نقل فوري كمومي بن الضوء – حامل المعلومات – والذرات”.

[12]  – يقول برادلي: نتكلم عن شعاع مكون من 5 آلاف جسم يختفي من مكان ويعود إلى الظهور في مكان آخر.

نفس المرجع، ص: 85.

[13]  – يقول كاكو: إن المفتاح لهذا النموذج الجديد من التنقل الفوري هو حالة جديدة من أحوال المادة دعيت “متكاثف بوز – اينشتاين” أو BEC، والذي هو أحد أبرد العناصر في الكون بكامله. وفي الطبيعة فإن أبرد درجة حرارة توجد في الفضاء الخارجي. وهي 3 كلفن فوق الصفر المطلق. (يعود هذا إلى درجة الحرارة المتبقية من الانفجار الكبير التي مازالت تملأ الكون) لكن الـ BEC هي واحد من مليون إلى مليار درجة فوق الصفر المطلق، وهي درجة حرارة يمكن العثور عليها في المختبر فقط.

عندما تبرد أشكال معينة من المادة إلى قرب الصفر المطلق، تهبط دراتها إلى أخفض مستوى للطاقة، بحيث تهتز كلها يتزامن وتصبح متناسقة. وتتداخل التوابع الموجبة للذرات كلها بعضها مع بعض بحيث تصبح الـ BEC بمعنى ما “ذرة فائقة” ضخمة، حيث تهتز الذرات المنفردة كلها بالتزامن. وقد تنبأ اينشتاين وبوز بهذه الحالة الغريبة للمادة في العام 1925، ولكن الأمر استغرق سبعين عاما أخرى إلى أن شكل الـ BEC في النهاية في المختبر في معهد ترست التقنية MIT وفي جامعة كولورادو.

– كاكو، فيزياء المستحيل، ص: 86.

[14]  – يقول كاكو: ضمن بعض العلماء أن مستقبل الاقتصاد العالمي قد يعتمد على حسابات الكوانتم. فمن المتوقع أن تبلغ الحواسب الرقمية المؤسسة على السيليكون حدودها القصوى الفيزيائية وفق الاستطاعة الحاسوبية بعد 2020. ومن الضروري التوصل إلى عائلة جديدة من الحواسب أكثر قوة إذا أريد للتقانة أن تستمر في التقدم. ويختبر آخرون إمكانية إعادة إنتاج قدرة العقل البشري بواسطة حاسوب الكوانتم. (…) إذن لبناء حاسوب كمومي نحتاج من مئات إلى ملايين الذرات التي تهتز بالتزامن نفسه، وهو شيء فوق قدرتنا الحالية.

نفس، ص: 89.

[15]  – نفس المرجع، ص: 90.

[16]  – كاكو، فيزياء المستحيل ص: 92.

[17]  – نفسه.

[18]  – يقول “يستطيع المقامرون ايضا قراءة أفكار الناس بمعنى محدود. فعندما يرى شخص ما شيئا ممتعا يتسع عادة بؤبؤا عينيه. وعندما يرى شيئا غير سار (أو عندما يحل مسألة رياضية) ينكمش بؤبؤا عينيه. ويستطيع المقامرون قراءة انفعالات خصومهم على على طاولة البوكر بالنظر في تمدد عيونهم أو انكماشها. وهذا هو  أحد أسباب ارتداء المقامرين أقنعة ملونة فوق عيونهم في كثير من الاحيان لإخفاء بؤبؤ عيونهم. ويستطيع المرء أيضا أن يعكس شعاعا ليزريا من بؤبؤ عين شخص ما ثم يحلل أين ينعكس وبالتالي يحدد بالضبط اتجاه نظره. ويتحليل حركة البقعة المنعكسة من شعاع الليزر يمكن للمرء أن يحدد كيف يمسح شخص صورة ما، ويدمج هاتين التقانتين يمكن للمرء بعد ذلك أن يحدد ردة فعل الشخص العاطفية من خلال مسح الصورة حيث يتم ذلك كله من دون موافقته”.

– نفس المرجع ص: 94.

[19]  – نفسه، ص: 95.

[20]  – نفسه، ص: 96.

[21]  – نفسه، ص: 97.

[22]  – نفسه، ص: 98 – 102.

[23]  – نفسه، ص: 100.

[24]  – يقول كاكو “دافع بعض العلماء عن مشروع” وضع خريطة عصبية، يشبه مشروع الجين البشري الذي مسح الجينات كلها في الجينوم البشري، وسيجدد مشروع المسح العصبي كل عصب في دماغ الإنسان ويخلق خريطة ثلاثية الأبعاد تظهر ارتباطه كلها. وسيكون هذا مشروعا هائلا حقا لأن هناك أكثر من 100 مليار عصب في الدماغ يرتبط كل منها بآلاف الأعصاب الأخرى. وبافتراض تحقيق مثل هذا المشروع، يمكن للمرء أن يمسح كيف تحرض بعض الأفكار لعض الممرات العصبونية . وبدمج هذا المسح مع قاموس الأفكار الذي يمكن الحصول عليه من مسوحات الـ MRI  وأمواج الـ EEG يمكن للمرء أن يحل البنية العصبية التي تتعلق بأعصاب معينة منشطة. وبالتالي يمكن للمرء أن يحصل على علاقة ارتباط واحد – لواحد بين تفكير معين وتعبيره من الـ MRI  والأعصاب المحددة التي تطلق لخلق هذا التفكير في الدماغ. كانت الخطوة الصغيرة في هذا الاتجاه هي تصريح معهد آلن لعلم الدماغ العام 2006 (الذي انشئ من قبل شريك مؤسس مايكروسوفت باول آلن) بأنهم استطاعوا تشكيل خريطة ثلاثية الأبعاد من تعبير الجينات ضمن دماغ الفأر تعطي بالتفصيل تعابير 21 ألف جين على مستوى الخلية. وأملوا أن يتبعوه بأطلسي مشابه للدماغ البشري. ويقول مارك تيسير لافين رئيس المعهد إن تمام أطلس آلن للدماغ يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في احدى الجبهات العظيمة لعلم طب – الدماغ “ولن يكون من الممكن الاستغناء عن هذا الأطلس بالنسبة إلى أي شخص يرغب في تحليل الاتصالات العصبونية في دماغ الإنسان، على الرغم من أن أطلس آلن للدماغ أصغر بكثير من مشروع رسم خريطة أعصاب حقيقية”.

نفس المرجع، ص: 108 – 109.

[25]  – نفس المرجع، ص: 110.

[26]  – نفس المرجع، ص: 112 – 113.

[27]  – نفس المرجع، ص: 114.

[28]  – نفس المرجع، ص: 117.

[29]  – نفس المرجع، ص: 118.

[30]  – يقول كاكو: حقق عالم الاعصاب من جامعة براون جون دونهيو الاختراق الأهم في تفاعل العقل – الآلة. صمم جون جهازا يدعى برين غيت (Brain Gate) أو بوابة الدماغ يمكن شخصا مشلولا من القيام بسلسلة مهمة من الأنشطة الفيزيائية مستخدما قوة عقله فقط. اختبر دونهيو الجهاز على أربعة مرضى، اثنان منهم كانا يعانيان من غصابة النخاع الشوكي، بينما عانى الثالث من سكتة دماغية، وكان الرابع مشلولا ومصابا بمرض التصلب العضلي الجانبي (ALS)، وهو المرض الذي يعاني منه عالم الكون شينن هوكنغ. استغرق أحد مرضى دونهيو وهو ماثيو نيغل ذو الخمسة والعشرين عاما المشلول من العنق للأسفل، يوما واحدا فقط لتعلم مهارات حاسوبية جديدة تمام. ويستطيع الآن تغيير القنوات التلفزيونية والتحكم في الحاسوب ولعب ألعاب الفيديو وحتى قراءة البريد الالكتروني. لقد أثار ضجة في وسائل الإعلام بالمجتمع العلمي عندما ظهر على غلاف مجلة نيتشر في صنف العام 2006.

نفس المرجع، ص: 119.

[31]  – يتألف جهاز بوابة الدماغ من شريحة سيليكونية ضئيلة عرشها 4 ميلمترات فقط تحتوي على مائة قطب ميكروي، وضعت الشريحة مباشرة في أعلى جزء من الدماغ، حيث ينسق نشاط المحرك. اخترقت الشريحة نصف قشرة المخ التي يبلغ ثخنها 2 ميلمتر. تحمل أسلاك ذهبية الإشارات من شريحة السيليكون إلى مضخم بحجم صندوق السيجار. ثم ترسل الاشارات المضخمة إلى حاسوب بحجم آلة غسل الاطباق. تعالج الاشارات ببرنامج حاسوبي خاص يميز بعض النماذج المخلوقة من الدماغ ويترجمها إلى حركات ميكانيكية.

نفس المرجع، ص: 120.

[32]  – نفس المرجع، ص: 123.

[33]  – نفس المرجع، ص: 124.

[34]  – نفس المرجع، ص: 125.

[35]  – نفس المرجع، ص: 126.

[36]  – كاكو، ص: 128.

[37]  – نفسه، ص: 129.

[38]  – نفسه، ص: 130.

[39]  – نفسه، ص: 130.

[40]  – يقول كاكو: وسرعان ما ارتطم الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل بحائط صلب. يقول ستيف غاند، مدير معهد الحياة السيبرانية “لقد توافر لاتجاهات لهذه 50 عاما لتثبت ذاتها، لكنها لم تستطع أن تحقق ما وعدت به”، ص: 136.

[41]  – كاكو، ص: 138.

[42]  – يقول بيل غيتس بان “تمكين الحواسيب والروبوتات من الاحساس ببيئتها المحيطة بها والتفاعل بسرعة ودقة معها أصعب من المتوقع… على سبيل المثال، القدرة على تموضعها بالنسبة إلى الاجسام في غرفة والاستجابة للأصوات وتفسير الخطاب والتقاط الأجسام بحجوم ونية وصلابة مختلفة. حتى شيء بسيط كالتفريق بين باب مفتوح ونافذة يمكن أن يكون صعبا جدا بالنسبة إلى الروبوت” كاكو، ص: 140.

[43]  -يقول كاكو، عندما تصل الروبوتات إلى ذكاء قريب من ذكاء الإنسان، فسيكون هناك سوق ضخم لها. وعلى الرغم من أن الروبوتات الحقيقية غير متوافرة حتى الأن فإن الروبوتات المبرمجة موجودة ومنتشرة. ويقدر الاتحاد الدولي للروبوتات أن هناك نحو مليونين من هذه الروبوتات الشخصية في العام 2004 وستركب 7 ملايين روبوت أخرى بحلول العام 2008 وتتنبا رابطة الروبوتات اليابانية بأن تصل صناعة الروبوتات الشخصية التي تقدر بـ 5 مليارات دولار إلى 50 مليون دولار في العام. أنظر كاكو، ص: 141 – 142.

[44]  – كاكو، ص: 144.

[45]  – يبدو أن كاكو يتصور العواطف بأنها ليست محدد للتطور البشري “لقد ذهب البعض إلى ان عواطفنا تمثل أعلى خاصة من خواص كوننا بشرا. فلن يمكن لأي آلة أن تستمتع بغياب الشمس أو تضحك لنكتة مضحكة كما يدعون. ويقول البعض إن من المستحيل للآلات أن تمتلك عواطف، لأن العواتطف تمثل قمة التطور البشري.

لكن العلماء الذين يعملون على الذكاء الاصطناعي ويحاولون تحليل العواطف يعطون صورة مختلفة تماما. بالنسبة إليهم فإن العواطف أبعد من أن تكون فحوى البشرية، فهي في الحقيقة ناتج ثانوي للتطور. وببساطة، فالعواطف أمر جيد بالنسبة إلينا. لقد ساعدنا على البقاء على قيد الحياة في الغابة، وهي حتى اليوم تساعدنا في مواجهة مخاطر الحياة.

وعلى سبيل المثال، فإن “حب” شيء مهم جدا تطوريا، لأن معظم الأشياء ضارة بنا. ومن بين ملايين الأشياء التي تصادفها يوميا فإن حفنة فقط منها مفيدة لنا. وبالتالي فإن “حب” شيء هو إجراء تمييز بين شيء من الجزاء الضئيل من الأشياء التي يمكنها مساعدتنا مقابل ملايين الأشياء التي يمكن أن تؤذينا”.

كاكو، ص: 145.

[46]  – نفس، ص: 146.

[47]  – نفسه، ص: 147.

وتقول الدكتورة روز لين بيكارد من مختبر الوسائط في MIT “لا تستطيع الروبوتات الإحساس بما هو الأهم. وهذا إحدى أكبر نقائصها. فالحاسبات لا تستطيع الإحساس”.

كاكو، ص: 147.

[48]  – نفسه، ص: 147.

[49]  – يقول كاكو “بسبب قانون مور الذي ينص على أن قدرة الحاسوب تتضاعف مرة كل ثمانية عشر شهرا، فمن المعقول أن تصنع روبوتات خلال العقود القليلة القادمة تمتلك ذكاء كلب أو قطة على سبيل المثال. لكن قد ينهار قانون مور بحلول العام 2020 وينتهي عصر السيليكون. وبالنسبة إلى الخمسين سنة الماضية أو ما يقرب من ذلك، دفع النمو المدهش في القدرة الحاسوبية بصنع ترانزسترات صغيرة صغيرة من السيليكون يمكن بسهولة وضع عشرات الملايين منها على ظفر أصبعك. وتستخدم حزم من الأشعة فوق البنفسجية لنفس ترانز ستورات ميكرويه على شرائح مصنوعة من السيليكون. لكن هذه العملية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد. ففي النهاية سيصبح حجم الترانزستورات صغير جدا بحيث يقارب حجم الجزئيات، وستتوقف هذه العملية. ويمكن أن يصبح واري السيليكون حزام الصدأ بعد العام 2020 عندما ينتهي عصر السيليكون.

(…) يعمل الفيزيائيون حاليا على تقانة ما بعد السيليكون التي ستسيطر على عالم الحاسوب بعد العام 2020، ولكن بنتائج متباينة حتى الآن. وكما سبق أن رأينا، تدرس تقانات مختلفة قد تحل في النهاية محل تقانة السيليكون، بما في ذلك الحاسبات الكمومية وحاسبات جزئيات الدنا والحاسبات الضوئية والحاسبات الذرية وإلى مت هنالك؟ لكن تواجه كل واحدة منها عقبات ضخمة قبل أن تستبدل الجزئيات المنفردة في بدايتها، لذا فإن صنع مليارات الترانزستورات بحجم الدرات لا يزال لا يزال مستحيلا”.

كاكو، ص: 150.

[50]  – نفسه، ص: 151.

[51]  – نفسه، ص: 152.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *