تويوتا تقود ثورة في قيادة المركبات المتصلة

الرئيسية » إعلام ورقميات » تويوتا تقود ثورة في قيادة المركبات المتصلة

شرعت شركة تويوتا اليابانية في تنفيذ برنامجها لتطوير مدينة متصلة بشكل كامل، ومختبر كبير لجميع تقنيات المستقبل تتقدمها استخدام السيارات ذاتية القيادة. ووصل ابتكار السيارات إلى مراحل متطورة من الإتقان والتفاعل مع كل مستجدات التكنولوجيات، وهو ما أوجد بيئة مثالية في صناعة المركبات والاتصال عبر شبكة الإنترنت، حيث باتت محل تسابق شرس بين المصنّعين.

وكثف عمالقة التكنولوجيا من تعاونهم مع شركات السيارات، بهدف ابتكار مركبات مرتبطة بشبكة الإنترنت عبر تطبيقات مختلفة للوصول إلى درجات الأمان والسلامة أثناء القيادة، رغم المشاكل التي تعترض انتشارها في الأسواق. وتؤكد تويوتا أن قرار بناء مدينة لا تستخدم فيها إلا السيارات ذاتية القيادة ستكون ساحة مثالية لاختبار تكنولوجيا القيادة الذاتية والمركبات المتصلة بالإنترنت وغيرها من التقنيات الحديثة في هذا المجال.

وأقام مسؤولو الشركة احتفالا الأسبوع الماضي لوضع حجر الأساس على الأرض التي تبلغ مساحتها 175 هكتارا، والتي ستبنى عليها المدينة، في المكان نفسه حيث كان مصنع تويوتا الذي أغلق أبوابه العام الماضي. وقال أكيو تويودا الرئيس التنفيذي للشركة “ستسمح المنطقة التجريبية الواقعة عند سفح جبل فوجي الشهير وسط اليابان والتي أطلق عليها المدينة المنسوجة، للباحثين اختبار منتجاتهم في الحياة الواقعية مع 360 نسمة في البداية، ثم ألفي شخص في مرحلة لاحقة وسيكون المبتكرون والموظفون هم حقل تجارب هذا البرنامج”.

وتعد ولادة هذه المدينة الذكية جزءا من استراتيجية تطوير الشركة اليابانية للتقنيات الجديدة فيما يستمر تطور القواعد وأذواق المستهلكين في دفع صناعة السيارات العالمية نحو المزيد من مراعاة البيئة والفعالية والتشغيل التلقائي. وتتضاعف مشاريع المدن المتصلة حول العالم خصوصا في أميركا الشمالية والصين بالتعاون مع غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون من جهة، والحكومة الصينية من جهة أخرى، جنبا إلى جنب مع الشركات العملاقة المحلية هواوي وتنسنت وعلي بابا. وتمنح المركبات الذكية المتصلة إمكانية تبادل المعلومات ذات الصلة مع كل ما حولها، ولتحقيق ذلك تحتاج السيارات إلى اتصال قوي وثابت بالإنترنت، ويتطلب دعم هذا الاتصال إجراء المزيد من البحوث والتطوير وباستمرار أيضا.

وكشفت تويوتا مشروعها لهذا “المختبر الحي” في يناير العام الماضي خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس داعية المستثمرين من أنحاء العالم إلى التعاون. وستتيح الطبيعة الخالية للمدينة المنسوجة، لشركة تويوتا تقسيم شوارعها مروريا إلى ثلاث فئات، وهي شوارع للسيارات ذاتية القيادة وحارات للمشاة وللمركبات منخفضة السرعة، ومتنزهات للأفراد. وستتداخل المكونات الثلاثة معا لتكوين شبكة طرق وشوارع بالمدينة.

ولن يسمح بسير سيارات يقودها سائقون أو سيارات تصدر عوادم بالسير في طرقاتها. كما ستدعو تويوتا شركاء وعلماء لاختبار تقنياتهم الجديدة إلى جانب مشروعات الشركة اليابانية. وسيتولى المهندس المعماري الدنماركي بياركي إنغلس، الذي صمم مشاريع ضخمة مثل مركز التجارة العالمي الجديد في نيويورك ومقر شركة ألعاب الأطفال الدنماركية ليغو ومقري غوغل بمدينة ماونتن فيو الأميركية ولندن، تصميم مباني المدينة اليابانية الجديدة.

وسيتم بناء المدينة باستخدام مواد صديقة للبيئة مثل الخشب، وألواح الطاقة الشمسية وخلايا الوقود الهيدروجينية لتوفير الطاقة لسكان المدينة. وتحتوي المباني على وحدات استشعار تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمتابعة الحالة الصحية للسكان مع استخدام الإنسان الآلي لأداء الواجبات المنزلية اليومية. وستقوم سيارات الشحن ذاتية القيادة، التي أطلقت عليها تويوتا اسم “إي باليتس” بأعمال النقل والتوصيل كما سيتم استخدامها كمتاجر تجزئة محمولة لتقديم الخدمة للتجمعات في الميدان العام.

ودخلت تويوتا في مارس 2019 في تعاون مع شركة كارميرا الأميركية، لتطوير خرائط عالية الدقة تعتمد على كاميرات السيارة وكاميرات الطرق جنبا إلى جنب. ويقول ماندالي خالتشي نائب رئيس القيادة الآلية في معهد الأبحاث والتطوير في تويوتا “نحن متحمسون لأتمتة إنشاء الخرائط عالية الدقة والمساعدة في تمكين التنقل التلقائي للقيادة للجميع”. ووضعت الشركتان الكاميرات في سيارات تويوتا للاختبار، وبدأت في جمع البيانات من مناطق وسط العاصمة طوكيو ثم توسعت لتشمل مناطق أخرى من العالم.

وهذا الاتجاه مجرد خطوة أولى نحو تحقيق مفهوم منصة البرمجيات المفتوحة تي.آر.آي-أي.دي، المعروف باسم منصة رسم الخرائط الآلي. وتدعم خطة تويوتا أنظمة القيادة الذاتية عن طريق تجميع البيانات التي يتم الحصول عليها من السيارات لإنشاء خرائط بدقة عالية. وتعرّضت مشاريع القيادة الذكية للتشكيك خلال العامين الماضيين من قبل العديد من الخبراء بعد حوادث مميتة في الولايات المتحدة. ومع ذلك تعمل اليابان بالفعل على تطوير خرائط ثلاثية الأبعاد لتعزيز دقة تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص.

ومن المرجّح أن يتم استخدامها عمليا بعد اكتمال التجارب في جميع الطرق السريعة للسيارات، والتي يبلغ طولها حوالي 30 ألف كيلومتر في كلا الاتجاهين، التي قالت الشركة إنها انتهت العام الماضي وسيعتمد تطوير خارطة القيادة الآلية على مركبات خرائط متخصصة بأسعار كبيرة للغاية، كما سيتم نشرها بأعداد محدودة. ويتمثل الهدف من المسار في توفير معلومات موثوقة عن الطرق والسيارات ذاتية القيادة، ويمكن أن تصبح القيادة الآلية حقيقة في جميع الأماكن.

وهذا التعاون ليس الأوّل من نوعه لأكبر منتج للسيارات في العالم، بل تحالفت تويوتا مع مجموعة من شركات التكنولوجيا والاتصالات قبل عامين لتصميم ما يسمى بـ”النظام البيئي” اللازم لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية. ورغم التفوق التكنولوجي، فإن شركات السيارات لا تزال تبدو عاجزة أمام حل عدة مشكلات خاصة بالموديلات المتصلة بشبكة الإنترنت، التي تمهد الطريق نحو إدارة وظائف السيارة المختلفة بشكل آلي.

وتأتي على رأس العيوب التي يعاني منها هذا النوع المتطور من السيارات، سهولة السرقة في ظل تطور أدوات اللصوص، التي تعتمد على اختراق الأنظمة التقنية للمركبات ووسائل اتصالها بشبكات الإنترنت، ومن ثم تعطيل كل طرق التعامل مع مستخدمها وفي مقدمتها الهواتف الذكية.

وتعتمد الشركات المصنّعة للسيارات المتصلة، عادة، على خاصية التتبع لمنع السرقة، التي تتيح للمستخدمين التوصل إلى مكان السيارة بشكل سري دون إشعار اللصوص بذلك، ولكن عراقيل تقنية لا تزال الشركات عاجزة عن حلها.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *