برامج الشراكة بين الجامعات حل لمشاكل توظيف المواهب البحثية

الرئيسية » تربية وتكوين » برامج الشراكة بين الجامعات حل لمشاكل توظيف المواهب البحثية

برامج الشراكة بين الجامعات حل لمشاكل توظيف المواهب البحثية

نشر أكبر عدد من البحوث العلمية على الصعيد العالمي أحد أهم مجالات التنافس بين كبريات الجامعات في العالم، وهو من بين العناصر الرئيسية المعتمدة في التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات. هذا ما يجعل البحث العلمي بكل مكوناته يعتبر أيضا مجالا للتنافس من خلال السعي لاستقطاب وتوظيف أفضل الباحثين والأكاديميين عبر تقديم عروض مهنية ومادية تكون قادرة على تحفيزهم على البحث ومواصلة العمل في نفس المؤسسة، غير أن العديد من الخبراء في مجال البحث العلمي يؤكدون أن الشراكة البحثية والتعليمية بين الجامعات يجب أن تكون بديلا للتنافس على توظيف الباحثين ذوي الصيت الدولي وذلك لتعميم الفائدة في نطاق التبادل في جميع مجالات البحث بما يفيد الانسان في مستقبله.

توظف أفضل الجامعات في العالم العديد من الأكاديميين المرموقين على نطاق واسع، وتقدم أفضل الأبحاث والمساهمات للصالح العام. وتعمل على إقامة شراكات بحثية وتعليمية مع جامعات أخرى وأساتذة متعاونين، إلى جانب سعيها إلى تحقيق الاستفادة القصوى من المجالات ذات الاهتمام المشترك وتحقيق التميز، لكن هذا السعي يضع تحديات كبيرة أمام أي جامعة.

فالمؤسسات الأكاديمية في جميع أنحاء العالم متشابهة بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بتعيين المواهب حيث تسعى جميعها إلى توظيف أفضل وألمع الأكاديميين لنشر أبحاثها على الصعيد العالمي، وكلها تبحث عن أنظمة الدعم لتمكنهم من التطور المهني على امتداد مسيرتهم الوظيفية.

تم بناء شراكة بحثية بين جامعة برمنغهام، وجامعة إلينوي في أوربانا شامبين، تقوم على تطوير برنامج جديد مبتكر لرعاية أعضاء هيئة التدريس الشباب، وتجهيز الباحثين الشبان ذوي الإمكانات العالية للمساهمة في بلوغ التميز البحثي في المؤسستين. كما تعمل الجامعتان سويا لأكثر من ست سنوات، وفي عام 2014 وقعتا على اتفاق استراتيجي، يُعرف باسم شراكة برمنغهام ايلينوي للالتزام البحثي والتعليم “بريدج” من أجل تعزيز الأبحاث وروابط التعليم.

وتم تصميم برنامج بريدج الجديد للشاكة خصيصا لجمع فرق الأبحاث الدولية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة من أجل إجراء بحوث في مجالات مختلفة بما في ذلك التقدم في السن، والنقل، والصدمات الدماغية وعلم الوراثة العائلي… سوف يقضي الشركاء ثلاث سنوات في بناء مرتكزات أبحاثهم وتطوير الروابط المهنية واكتساب معرفة عن المشهد البحثي الدولي، وهو أساس حاسم لمواجهة التحديات الكبرى في المجتمع.

كما هو الحال في أي مجال، سوف تكون أمام أبرز الباحثين جملة من الخيارات، ومن الواضح أن السمعة والسيرة الذاتية للمؤسسة في أحد الحقول البحثية تعدان من الأمور بالغة الأهمية، لكن هاتين الجامعتين تقدمان برنامجا جديدا يشتمل على ثلاثة حوافز هامة:

أولها، الاستقرار الوظيفي على المدى الطويل لأن الاستقرار الذي يأتي مع الوظيفة الدائمة يفيد الأكاديميين على المستوى الشخصي، ويمنحهم مساحة ووقتا في حياتهم المهنية في وقت مبكر من أجل التركيز على أبحاثهم، ويوفر منصة لبناء شبكة من العلاقات وتأمين تمويل البحوث.

ثانيها، دعم الرؤية: سوف يقوم الباحثون التابعون لبرنامج بريدج باكتشاف وفهم الصورة الأكبر لأبحاثهم، والتي سوف يكون لها بعد عالمي. ويتطلب وضع هذه الرؤية النظر إلى ما هو أبعد من بلد أحد الأكاديميين وتطوير المكانة دوليا، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، لأنه من الممكن أن يحتاج الباحثون إلى اختبار فرضيات البحث والنماذج في المناخات المختلفة التي توفرها بلدان مختلفة.

أما ثالثها فهو القدرة على التأثير إذ يقدم برنامج بريدج فرصا بحثية تتماشى مع التحديات الكبرى للعصر الراهن. ويعمل جميع الباحثين على القيم التي تساهم في بناء المعرفة الإنسانية، وتعزز المصلحة المشتركة. كما يدعم البرنامج الأبحاث على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى كونه يعمل على معالجة المشكلات الكبرى التي تواجهها الحكومات.

ويأمل المشرفون على بريدج، في تطوير البحوث لتشمل هذه العناصر وتصبح قادرة على أن تعزز إلى حد كبير الفرص في استقطاب واستبقاء أفضل وألمع المواهب، والذين من المتوقع أن ينشروا أبحاثا رائدة في العالم على مدى السنوات القادمة.

يمكن الحكم على هذه الرؤية بأنها جيدة وشاملة، ولكن ماذا تعني من الناحية العملية؟

من أهم تفاصيل البرنامج أن الزملاء الجامعيين يقضون سنة واحدة في الإقامة في إلينوي، ثم يتم إجراء البحوث في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة حيث تتوفر للباحثين مجالات وخيارات مادية واجتماعية وثقافية وتعليمية واقتصادية مختلفة تمكنهم من اختبار وتطبيق فرضيات البحث والأمثلة. وتطبق فرص الدراسات المقارنة في البلدين على جميع المجالات البحثية المعتمدة لبرنامج بريدج للزمالات، وتجلب بعدا جديدا لبرنامج بحوث الزملاء.

ويتم تقسيم فترة الزمالة بين البلدين، الأمر الذي يسمح للباحثين بالتعود على ثقافات بحثية مختلفة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبفهم آليات التمويل وغيرها من موجهات البحوث. مثل هذه التجربة قد لا يكون من السهل الحصول عليها في المراحل الأولى من المسيرة المهنية للباحث، وينبغي أن تخدم هذه السنوات الزملاء في برنامج بريدج، فضلا عن أنها تبدأ بتطوير حضوره على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى ذلك، تسمح الروابط العميقة بين الجامعتين ببناء شبكة دعم، من الممكن أن تكون أساسية لنجاح الباحث في أوائل مسيرته الوظيفية.

وعبر إطلاق برنامج الشراكات بريدج، هناك اعتقاد بأنه تم خلق برنامج فريد من نوعه من شأنه أن يساعد على مواجهة التحدي المتزايد للتوظيف والإبقاء على أفضل المواهب البحثية، كما أنه يعزز العلاقات بين اثنين من أهم المؤسسات البحثية، من خلال تجميع الاهتمامات حول البحوث المشتركة والاستفادة من نقاط القوة، وهناك سعي من الجامعتين لتحقيق الاستفادة القصوى من المجالات ذات الاهتمام المشترك والتميز، وفي النهاية، تقديم أفضل الأبحاث والمساهمة في ما يفيد العالم.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *