اليونسكو تحث على ضرورة تنمية مهارات الشباب اللازمة للعمل

الرئيسية » إبداع وتنمية » اليونسكو تحث على ضرورة تنمية مهارات الشباب اللازمة للعمل

لا شك أن الحاجة إلى تنمية مهارات الشباب من أجل الحصول على العمل أصبحت حاجة ملحة وعاجلة أكثر من أي وقت مضى، مع تزايد أعداد الشباب خاصة في المناطق الحضرية بالبلدان ذات الدخل المنخفض.. وتجدر الإشارة إلى أن الشباب الذين يفتقرون إلى المهارات يرزحون  في أعمال تبقيهم عند خط الفقر. ولقد جاء الإصدار العاشر لتقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم للجميع، الموسوم بـ “تسخير التعليم لمقتضيات العمل”، الصادر الأسبوع الماضي [الثلاثاء 16 أكتوبر بباريس]. ليتناول على نحو عميق المهارات اللازمة للشباب، وهي من “أهداف التعليم للجميع” التي تم اعتمادها في عام 2000 ولم تحظ إلا بأقل قدر من التحليل.

تحدي تنمية المهارات من أجل الشباب

يبحث التقرير في أحد الأهداف التعليمية الأقل تحليلاً وهو تنمية مهارات الشباب، كما يظهر أن الشباب بحاجة إلى المهارات التي يتم تعليمها في المرحلة الابتدائية والمرحلة الدنيا من التعليم الثانوي للحصول على عمل لائق. ومن غير المرجح أن يتحسن هذا الوضع في المستقبل القريب. ففي الدول العربية، يوجد حوالى 5 ملايين طفل غير ملتحقين بالتعليم الابتدائي و4 ملايين مراهق تقريباً غير ملتحقين بالتعليم الثانوي، مما يعني أن هذه الفئة تفتقر إلى المهارات اللازمة للحصول على عمل لهم في المستقبل.

 وفي هذا الصدد، قالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، “يعاني الشباب اليوم من مشكلة مزمنة هي عدم تطابق المهارات المكتسبة مع المهارات المطلوبة في سوق العمل. ويتمثل الحل الأنسب لمشكلتَي التراجع الاقتصادي والبطالة في صفوف الشباب في ضمان حصول الشباب على ما يحتاجون إليه من مهارات أساسية وأنشطة تدريبية للدخول إلى عالم العمل بثقة”، وأضافت: “إن الكثير من الشباب، ولا سيما الشابات، يحتاجون إلى حلول بديلة للتعليم كي يتمكنوا من تنمية المهارات اللازمة لكسب أجر لائق والعيش بكرامة والإسهام في المجتمعات التي ينتمون إليها”.

 وتُعتبر الشابات أشد الفئات احتياجاً إلى الدعم في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء. ففي الريف المغربي مثلاً، تفتقر 93 في المائة من الشابات إلى المهارات التي يتم تعليمها في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي، وهو أمر يؤثر حتماً على مستقبلهن. وتدل الإحصائيات على أن أزيد من 80 في المائة من الشابات الأردنيات الحاصلات على التعليم الابتدائي فقط لا يؤخذن في الاعتبار عند حساب أعداد العاطلين عن العمل؛ لأنهن لا يبحثن عن فرص عمل بنشاط. وتبلغ هذه النسبة 20 في المائة في صفوف الشبان.

الاستثمار في تنمية المهارات.. تحقيق للازدهار

ويُعد الاستثمار في تنمية مهارات الشباب من الخُطوات الرشيدة التي ينبغي أن تتخذها البلدان الراغبة في نمو اقتصادي. ويُظهر التقرير أن كل دولار يُنفق لتعليم شخص ما يدرّ ما يتراوح بين 10 دولارات و15 دولاراً على صعيد النمو الاقتصادي طيلة الحياة المهنية لهذا الشخص. وعليه فإذا حققت أفقر بلدان العالم البالغ عددها ستة وأربعون بلدا ارتفاعا بنسبة 75 في المائة في عدد الأشخاص البالغين من العمر 15 سنة والقادرين على بلوغ الحد الأدنى للمؤشر المرجعي الذي حددته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي فيما يخص مادة الرياضيات، فمن شأن ذلك انتشال 104 ملايين شخص من براثين الفقر المدقع.. وكمثال على ذلك فقد تحولت كوريا من بلد فقير إلى بلد غني خلال ثلاثين سنة بسبب تركيزها جزئيا على تنمية المهارات وعلى أنشطة التخطيط لبلوغ هذا المرمى.. إن عدم الاستثمار في تنمية مهارات الشباب يؤدي حتما إلى ارتفاع إحصاءات البطالة باستمرار. وعلى سبيل المثال، تبيّن أن أكثر من 70 في المائة من الشباب في سورية التي تضم 000 280 مراهق غير ملتحقين بالمدرسة كانوا عاطلين عن العمل لمدة سنة على الأقل في عام 2008. وفي البلدان الأكثر فقراً، يظل الشباب سجناء وظائف تبقيهم عند خط الفقر.

 ويُظهر التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع لهذا العام أنه ثمة حاجة ملحّة إلى تخصيص المزيد من الأموال لمعالجة مشكل النقص في المهارات وتأمين الموارد المالية اللازمة لتحقيق زيادة كبيرة في فرص التدريب البديلة المتاحة للشباب. كما يبيّن التقرير أن مبلغ 3,1 مليار دولار من المعونة المخصصة للتعليم ما بعد الثانوي لا يصل إلى النظم التعليمية في البلدان النامية إذ يُستخدم لتمويل دراسات الطلبة الأجانب في البلدان المانحة؟؟

 والجدير بالذكر أن القطاع الخاص، الذي يُعد من الجهات الرئيسية التي قد تستفيد من توافر قوى عاملة مؤهلة، يقدّم في الوقت الراهن 5 في المائة من مجموع المعونة الرسمية المخصصة للتعليم. ولكن هذه المساهمة المالية لا تبرِز دائماً الأولويات التعليمية للحكومات، وغالباً ما تكون مرتبطة بدرجة أكبر بأولويات الشركات. فمبالغ كبيرة تُخصص مثلاً للتعليم العالي، علماً بأن عدداً قليلاً جداً من الأطفال يتمكنون من بلوغ هذه المرحلة ومعظم هؤلاء الأطفال يفتقرون عادةً إلى المهارات الأساسية..

تزويد الشباب بالمهارات…سبيل إلى مستقبل أفضل

أصبحت الحاجة إلى اتخاذ تدابير لدعم الأنشطة الرامية إلى تنمية مهارات الشباب حاجة ملحة، وقد حدد التقرير أهم الخطوات التي ينبغي اتخاذها في هذا الصدد:

  • الحاجة إلى توفير مسارات بديلة لتعلم المهارات الأساسية إلى ما يقدر بنحو 200 مليون شاب، وجعلها من أولويات السياسات الحكومية عن طريق إدراجها في الخطط الاستراتيجية لقطاع التربية والتعليم..
  • يحتاج جميع الشباب إلى تدريب جيد في مجال المهارات الأساسية المناسبة في مرحلة التعليم الثانوي..
  • يجب أن توازن المناهج الدراسية الخاصة بالمرحلة العليا من التعليم الثانوي بين المهارات المهنية والتقنية، بما فيها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لدورها في مساعدة الطلاب على اكتساب العمل الذي يزداد ارتكازه على التكنولوجيا، وإنشاء مراكز للتعلم عن بُعد للطلاب المحرومين..
  • تخصيص استراتيجيات خاصة بالمهارات للفئات المحرومة، ولاسيما الشابات والفقراء المقيمين في المناطق الحضرية والريفية.
  • ربط التدريب على المهارات بالحماية الاجتماعية لمنفعة الشباب من الفئات الأفقر..
  • تعبئة المزيد من الأموال من مصادر متنوعة لضمان التحاق جميع الشباب بالمرحلة الدنيا من التعليم الثانوي. كما ينبغي أن تقوم الحكومات والجهات المانحة ومؤسسات القطاع الخاص بالإسهام في سد الفجوة المالية…

نختم هذا التقرير بما جاء في مقدمة التقرير للمديرة العامة لليونيسكو: “إن الشباب في شتى أنحاء العالم يتمتعون بطاقات كبرى، وهو أمر يجب العمل على تنميته، وآمل أن يصبح هذا التقرير حافزا لبذل جهود متجددة في مختلف أنحاء المعمور من أجل تعليم الأطفال والشباب كي يُقبلوا على العالم بثقة ويُتابعوا طموحاتهم ويعيشوا الحياة التي يختارونها”..

عزيزة بزامي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *