"الهولوغرافيا الكمية".. قفزة علمية قد تسمح ببناء صور غاية في الدقة لخلايا أجسامنا

الرئيسية » إعلام ورقميات » “الهولوغرافيا الكمية”.. قفزة علمية قد تسمح ببناء صور غاية في الدقة لخلايا أجسامنا

لأول مرة، تمكن فريق بحثي من جامعة غلاسغو (University of Glasgow)، وهي إحدى أكبر جامعات أسكتلندا، من استغلال إحدى الخصائص الكمية العجيبة لفوتونات الضوء، من أجل بناء صور أكثر تفصيلا ودقة مقارنة بالصور الهولوغرامية المتاحة حاليا، الأمر الذي يفتح الباب لنطاق واسع من التطبيقات.

ما الهولوغرام؟

لفهم أهمية هذا الابتكار، دعنا نبدأ بما يعنيه الليزر؛ ففي حالة المصباح العادي فإن فوتونات الضوء تنبعث مبعثرة في كل اتجاه، وينطلق كل منها في طور مختلف عن الآخر، أما في حالة الليزر فإن فوتونات الضوء تنطلق معا في اتجاه واحد وفي طور واحد. ويشبه الأمر -لغرض التقريب- أن تترك مجموعة من الأشخاص ينطلقون في حجرة واسعة بشكل عشوائي، بعضهم يسبق الآخر، وكلٌ يمضي في اتجاه مختلف، ثم بعد ذلك تجمعهم في طابور عسكري يتحرك فيه الجميع معا في اتجاه واحد بمحاذاة بعضهم البعض، وإذا كان هؤلاء الأشخاص فوتونات الضوء، فالليزر هو حالة الطابور.

وفي نظرية الهولوغرام العادي، إذا أردنا مثلا أن نصنع صورة لثمرة تفاح، ينطلق شعاع ليزر من مصدر خاص، بعد ذلك تعترضه مرآة تقسمه لشعاعين، الأول يسمى شعاع الجسم، والثاني يسمى شعاع المرجع. شعاع الجسم يصطدم بالتفاحة، ولكن بعد هذا الاصطدام فإن فوتونات الضوء تفقد محاذاتها بناء على سماكة المناطق المختلفة لسطح التفاحة، فيسبق بعضها البعض، أو يتأخر، وهنا يُقال إن شعاع الليزر احتفظ بملامح التفاحة، بالضبط كما يحتفظ الرمل أو الطمي بصورة قالب وضع عليه.

بعد ذلك يمضي شعاع الجسم إلى الفيلم الذي سيسقط عليه لطبع الصورة، لكن في هذه الأثناء يكون الشعاع الآخر، شعاع المرجع، قد انعكس على مرآة قريبة وعاد أيضا إلى الفيلم نفسه، هنا يتداخل الشعاعان معا، ومن تداخلهما تنتج الصورة ثلاثية الأبعاد.

قفزة هائلة

وحسب الدراسة، التي نشرها هذا الفريق في دورية “نيتشر فيزيكس” (Nature Physics)، وأعلنت الجامعة عنها في بيان رسمي في الرابع من فبراير/شباط الماضي، فإنه في حالة الهولوغرافيا الكمية يعتمد الباحثون على خاصية للأجسام دون الذرية تسمى التشابك الكمّي (quantum entanglement)، والتي تعني وجود نوع من العلاقة أو الترابط بين جسيمين، حتى لو كانا على مسافة مليارات الكيلومترات، إذا تأثر هذا يتأثر ذاك بالطريقة نفسها. في التجارب الخاصة بهم، أطلق الباحثون زوجين من الفوتونات: الأول سيلعب دور شعاع الجسم، وسيسقط على الجسم الذي نرغب في تصويره، وليكن أحد مكونات الخلية البشرية، والثاني سيلعب دور شعاع المرجع، وسيسقط على جهاز عاكس.

في هذه الحالة، فإنه لا حاجة لزوجي الفوتونات كي يلتقيا مرة أخرى، لأن التشابك الكمي بالفعل يمكّن كل منهما من الحصول على معلومات الآخر، وبالتالي يحدث التداخل لحظيا، يعطي ذلك الصورة استقرارا ديناميكيا بشكل أفضل، ويقاوم الضوضاء الناتجة عن التداخل في حالة الصور الهولوغرامية العادية. من جانب آخر، فإن التشابك الكمي هو خاصية يصعب التحكم فيها بطبيعتها، وبالتالي فهي تتميز بكونها أقل حساسية للانحرافات التي يمكن أن تسببها الظروف الخارجية المحيطة.

تمكن هذه المزايا العلماء من إنتاج صور بيولوجية ذات جودة أفضل بفارق هائل مقارنة بتلك التي نحصل عليها من تقنيات الفحص المجهري الحالية، وبالتالي فإن هناك فرصة أفضل لاستخدام الهولوغرافيا الكمية في الكشف عن الآليات البيولوجية داخل الخلايا، والتي لم تتم ملاحظتها من قبل.

الجزيرة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *