الهند أحد أكبر مصدري المعلمين للعالم

الرئيسية » تربية وتكوين » الهند أحد أكبر مصدري المعلمين للعالم

الهند أحد أكبر مصدري المعلمين للعالم

تتجه الهند لأن تكون أحد أكبر مواقع تصدير المعلمين لمختلف المدارس والكليات في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن هناك آلاف المعلمين الهنود ممن يعملون بالفعل في الخارج في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، إلا أن الطلب لا يزال في ارتفاع مطرد.

ويتابع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عملية تصدير المعملين الهنود إلى الخارج، وفقا لسياسة مدروسة وموضوعة بشكل جيد لاكتساب النقد الأجنبي، في إطار برنامج خاص لتدريب المعلمين يستمر لمدة خمس سنوات.

بداية وعلى المستوى الرسمي، سوف توقع الهند على مذكرة للتفاهم خلال زيارة يقوم بها مودي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى كل من ماليزيا وسنغافورة تتعلق بتصدير المعلمين الهنود. ولسوف تصل أول دفعة وتضم مائة معلم هندي إلى كل من ماليزيا وسنغافورة بدءا من العام القادم. كما أعربت فيتنام كذلك في الآونة الأخيرة عن رغبتها في استقدام المعلمين الهنود للعمل لديها.

ويعمل المعلمون الهنود على تعليم الأطفال في المدارس النموذجية لفترة تتجاوز العامين، ثم تتجدد الاتفاقية تلقائيا بعد ذلك، بناء على مدى نجاح المعلمين في مهمتهم. ويقول أحد المسؤولين الهنود ممن شاركوا في البرنامج إن «مذكرة التفاهم المذكورة ليست إلا نقطة بداية بالنسبة لتصدير المعلمين الهنود إلى مختلف دول العالم».

وقالت مصادر مطلعة إن «فكرة تصدير المعلمين خطرت على بال رئيس الوزراء الهندي خلال أولى زياراته الأجنبية إلى بوتان العام الماضي، حيث سعى كل من ملك بوتان جيغمي خيسار نامغيل وانغتشوك، ورئيس وزرائه تشيرينغ توبغاي، طلبا للمساعدة الهندية في تحسين المعايير التعليمية في البلاد عن طريق إرسال المعلمين الهنود إلى بوتان. ومنذ ذلك الحين، عملت وزارتا الشؤون الخارجية والموارد البشرية الهنديتان على الوسائل المتبعة في هذا الصدد، ثم خلصتا في نهاية الأمر إلى قرار متابعة الأمر من الناحية الرسمية».

وتعمل المؤسسة الاستشارية التربوية الهندية المحدودة على اختيار المعلمين للإعارة الأجنبية، وهي مؤسسة تتبع القطاع العام الهندي، وتخضع لإشراف وزارة الموارد البشرية الهندية.

وفي هذا السياق، عادت سميرة أحمد إلى الهند بعد انتهاء تعاقدها التعليمي مع إحدى المدارس المرموقة في قطر. ونظرا لبعض الالتزامات العائلية الحتمية، قالت إنها عادت لإجازة تستمر لعام واحد. وحول تجربتها بوصفها معلمة في إقليم الشرق الأوسط، قالت السيدة سميرة لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب مرتفع للغاية على المعلمين الهنود في الشرق الأوسط، حيث نتشارك معهم في كثير من القيم الثقافية، كما أن الطلاب والإدارات المدرسية يكنون احتراما كبيرا للمعلمين الهنود ويقدرون خبراتهم السابقة».

الطلب على معلمي اللغة الإنجليزية:

وتقول المصادر في وزارة الموارد البشرية الهندية: «لقد كان هناك طلب على معلمي اللغة الإنجليزية الهنود من الدول غير الناطقة باللغة الإنجليزية. إنها سوق كبيرة بالنسبة لنا».

وتعد الهند هي ثاني أكبر دولة ناطقة باللغة الإنجليزية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية، وتنظر الحكومة الهندية في أن تلك المزية يمكن استغلالها في صالحنا، كما أفاد أحد كبار المسؤولين الكبار بالحكومة الهندية من ذوي الاطلاع على سياسة تصدير المعلمين الهنود.

ومن الدول الأكثر طلبا لمعلمي اللغة الإنجليزية الهنود هي دول بالشرق الأوسط، إضافة إلى الصين، وتايلاند، وفنلندا، وبلجيكا، وغيرها من البلدان غير الناطقة باللغة الإنجليزية مثل ألمانيا وفرنسا.

وتقول أرونا سانكارانارايانان، مديرة مركز التقييم والتفاعل التربوي في مدينة برايانتا، والذي يعمل على إرسال مئات المعلمين الهنود إلى الخارج في كل عام: «كذلك مع دخول العولمة والإنترنت، تحولت اللغة الإنجليزية إلى لغة عالمية، وفي ظل تلك الظروف أدركت كثير من البلدان أن تعزيز اللغات المحلية على حساب اللغة الإنجليزية سوف يعود بعواقب كارثية على اقتصادها».

لذلك بدأت تلك الدول في النظر صوب الهند، المعروفة بمعاييرها التعليمية المرتفعة ومعلميها الذين يتميزون بمعرفتهم الجيدة باللغة الإنجليزية، كما تقول السيدة أرونا. كان للهنود تقارب تاريخي مع اللغة الإنجليزية، ولا يعود ذلك ببساطة إلى الماضي الاستعماري للبلاد. وتعتبر اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للتعليم والقانون والتجارة في الهند.

وكالات التوظيف المهنية:

عمد عدد من وكالات التوظيف المهنية الخاصة إلى التنسيق مع المدارس الخاصة في الخارج من أجل إتاحة فرص العمل للمعلمين الهنود. في المعتاد، تتواصل إدارات المدارس مع وكالات التوظيف ثم تقوم الوكالات بالإعلان عن الوظائف الشاغرة داخل الهند استجلابا للمرشحين المؤهلين. وبعد الفحص والتحقق من أهلية المرشحين، إما يسافر مسؤولو المدارس الخاصة إلى الهند لعقد المقابلات الشخصية مع المرشحين المحتملين، أو عقد تلك المقابلات عبر الهاتف، أو في بعض الحالات عبر الفيديو كونفرانس، وذلك قبل التوظيف الفعلي.

ويقول راما سوامي، مؤسس وكالة أيس لخدمات الشركات، وهي من وكالات التوظيف الهندية: «تواجه سنغافورة نقصا في عدد المعلمين، وخصوصا في مجال الاقتصاد، حيث يغادر المعلمون المختصون البلاد سعيا وراء وظائف أفضل في القطاع التجاري خلال فترات الازدهار الاقتصادي».

ويقول الخبراء إن هناك سببا آخر وراء شهرة المعلمين الهنود، إذ إنهم لا يلبون النقص في المعلمين المحليين فحسب، ولكنهم يلبون الحاجة أيضا إلى تجسير الفجوة الثقافية في المدارس. وإلى جانب المؤهلات الضرورية، فإنهم مطلوبون كذلك لغرس احترام وتوقير التنوع في الثقافة والتراث داخل التلاميذ.

وبدأت شركة مافوي للاستشارات الإدارية المحدودة، وهي من كبريات شركات تنمية الموارد البشرية والتوظيف والخدمات في مدينة شيناي الهندية، في تعيين المعلمين منذ عام 2002 لصالح المدارس في دبي وغيرها من الدول في منطقة الشرق الأوسط، بيد أن الطلب يتزايد أيضا على معلمي الرياضيات والعلوم الهنود.

ويقول إجيت كومار موتواني، والذي يعمل على إرسال نحو 400 معلم هندي إلى الخارج في كل عام: «يفضل أكثر عملائنا المعلمين من ذوي المؤهلات العليا وأكثر من سبع سنوات من الخبرة العملية في المدارس الخاصة ذات السمعة الطيبة. وإننا نشرع في البحث عنهم من خلال الإعلانات الوظيفية ومعارض التربية والتعليم».

وإلى جانب تميزهم في اللغة الإنجليزية، يخبرنا موتواني بسببين آخرين وراء الأفضلية العالمية للمعلمين الهنود: «يسهل اعتياد المعلم الهندي على المناهج الدراسية. ناهيكم عن احترامهم للسلطات المحلية، وهو أحد أهم الأسباب وراء اختيار الدول العربية الخليجية للمعلم الهندي، إذ إنهم لا يتسببون في صدمات ثقافية مثل تلك التي قد تحدث مع المعلمين الغربيين. كما أنهم يمثلون أفضل جودة مقابل العائد المادي الذي يتحصلون عليه. وفي الشرق الأوسط، يتلقى المعلمون رواتب مرتفعة للغاية، كما أنهم يتمتعون بتسهيلات أخرى كبيرة. ويحتل كثير من المعلمين الهنود مناصب رفيعة في المؤسسات التعليمية بالخارج».

ولدى المعلمين الهنود حساسية ما حيال احتياجات المتعلمين، وهم على أتم الاستعداد لمساعدتهم في تخطي العقبات التي تبدو إليهم مستحيلة. ويميل المعلمون الهنود كذلك إلى الصبر والأناة والمثابرة بطبيعتهم، ولديهم المؤهلات الطبيعية التي تجعل منهم معلمين أكفاء.

وأضاف السيد راما سوامي، من وكالة أيس لخدمات الشركات، أنه ما من مدرسة في العالم العربي تقريبا إلا وفيها معلم من أصول هندية. ولكن، هناك فارق لطيف في متطلبات المعلمين في المدارس البريطانية والمدارس العربية.

الطلب على المعلمين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة:

ويقول الخبراء إن المعلمين الهنود ممن يتمتعون بالميزات التعليمية المتقدمة أكثر من دول الكومنولث الأخرى في مواد مثل اللغة الإنجليزية، والعلوم، والرياضيات، تكون الفرص بالنسبة إليهم أكبر في الحصول على وظائف تعليمية في مجال التدريس على مستوى العالم.

وفي حين أن المعلمين الهنود كانوا يعملون في التدريس لدى مدارس في غرب آسيا وأفريقيا لقدر من الوقت، إلا أن كثيرا من الفرص الشاغرة لا تزال سانحة في دول تمتد من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى اليابان وكوريا الجنوبية.

وبالحديث عن الطفرة المفاجئة في الطلب على المعلمين الهنود في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يقول راجان: «في هذين البلدين، يتلقى المعلمون رواتب هزيلة بالمقارنة بغيرهم من العمال المهرة المحترفين، كما أن السكان المحليين غير راغبين في العمل في مهن التدريس، وبالتالي شرعت المدارس في التعاقد مع معلمين من الهند. وفي الوقت الحاضر هناك أكثر من 22 ألف وظيفة تعليمية شاغرة في المملكة المتحدة وحدها ونسبة تقدر بـ10 في المائة منها متاحة للمعلمين الهنود».

الصدمة الثقافية:

ولكن بعض المعلمين الهنود يشيرون إلى أن تجارب التدريس في المدارس الأميركية والأوروبية مثيرة لكثير من الضغوط، حتى أنهم يتركون الوظائف ويغادرون إلى بلادهم. من واقع عدم الاحترام، وعدم الانضباط، والمواقف الفاترة للتعليم بين الطلاب، وغالبا ما يكون واقعا جادا بالنسبة للمعلمين القادمين من الهند.

وتقول عائشة تشوبرا، وهي مدربة للمعلمين للمدارس الأميركية: «يمكن للمعلمين الهنود الذين لا يعرفون كثيرا عن قواعد السلوكيات الأميركية أن يتعرضوا لصدمات ثقافية كبيرة؛ إذ إن مستوى الانضباط المعتادين عليه في المدارس الهندية لا وجود له هناك، ولذلك فإن فترة التكيف مهمة للغاية بالنسبة لهم». ذلك هو السبب أن بعض من وكالات التوظيف الهندية ذات الإدارة الجيدة والمسؤولة تولي اهتماما خاصا لإعداد المعلمين الهنود إعدادا خاصا للفصول الدراسية الأميركية.

وتقول سانجانا شارما، وهي معلمة هندية قد عادت لتوها إلى الهند بعد استكمال تعاقدها مع مدرسة في ولاية بنسلفانيا الأميركية في الولايات المتحدة، وهي لا تنتوي العودة إلى هناك مجددا: «على الرغم من أن المساعدات التعليمية في المدارس بالخارج أكثر تقدما من المدارس الهندية، فإنك تنطلق يوميا إلى المدرسة بقلب فارغ. ولكن في الهند، نحظى باحترام جم، ذلك الذي ينبغي أن يناله المعلم من تلميذه».

وأضافت تقول إنها رجعت إلى بلادها وكانت محظوظة لاستعادتها وظيفتها السابقة في تدريس العلوم والرياضيات. وقالت إن ثلاثة من أصل أربعة معلمين من مجموعتها قد عادوا إلى الهند. وتابعت: «على الرغم من بقاء الدعوة لعودتي إلى الولايات المتحدة مفتوحة، فإنني من غير المحتمل أن أعود إلى هناك مجددا».

والعمل في الدول الأجنبية له مميزاته كما له عيوبه. غير أن الفوارق الثقافية قد تكون موهنة للعزائم، ولكن العائدات المالية غالبا ما تكون مغرية للغاية.

ولكن ذلك لم يفت في عضد المعلمين لقبول عروض الوظائف والعامل المادي المتعلق بها. وإذا ما استمر التوجه على نحوه الحالي، فقد يتجه المعلمون إلى وظائف تكنولوجيا المعلومات أو المهندسين من واقع أنها الفئة الثانية من العمال المهرة الذين يغادرون البلاد بحثا عن الوظائف الخارجية وبأعداد كبيرة.

الشرق الأوسط

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *