المعادن النادرة والبديل الاستثماري

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » المعادن النادرة والبديل الاستثماري

المعادن النادرة والبديل الاستثماري

يبدو أن تدافع المشترين على سلعة ما، يفضي إلى ارتفاع ثمنها دائماً. وأفضل مثال توضيحي لهذه الظاهرة إذا جاز التعبير، هو ما يعرف بـ”المعادن النادرة”. يقول دان كريمينز، مؤسس (Crimmins Wealth Management): غالباً ما تبلي أسواق رأس المال المتمتعة بالحرية على نحو أفضل من الحكومات المركزية، ومثال ذلك: معادن الأرض النادرة التي تدخل في صنع المنتجات، من أجهزة الهواتف المحمولة إلى المحركات التوربينية العاملة بطاقة الرياح”.

وقد أدركت الصين عام 2010 بأنها تسيطر على 95% تقريباً من هذه المعادن، وحاولت اكتساب ميزة تنافسية عبر الاحتكار، لكنها لم توفق في مسعاها. لكن دفعت أهمية المعادن النادرة في الصناعات الحديثة الصينيين إلى السيطرة على هذه السوق أخيراً.

فيما يسميها اليابانيون “أصل التكنولوجيا”؛ إذ بفضل هذه المعادن نعيش اليوم في عالم فائق التقدم من الناحية التكنولوجية في المجالات جميعها، من تصغير أحجام الأجهزة الإلكترونية، وجعل الطاقة الخضراء والتقنيات الطبية حقائق واقعة، إلى دعم عمل أعداد هائلة من نظم الاتصالات والدفاع. لقد أصبحت هذه المعادن ركائز لا غنى لعالمنا وثيق الصلة بالتكنولوجيا عنها، بسبب خصائصها المغناطيسية والمضيئة كعنصر الفسفور.

ويلزم لصناعة جهاز (iPhone) على سبيل المثال، 8 معادن نادرة تدخل في مكوناته كلها، من شاشته الملونة، ومكبرات الصوت، إلى تصغير دوائره الكهربائية. كذلك تدخل المعادن النادرة في صناعة التكنولوجيا في نظم السيارات الحديثة.

وفي إشارة إلى دلالة اسمها المرتبط بالندرة، يتوقع المتشائمون نفاد هذا المورد الثمين أو ذاك. وفي حين كان يقال إن العالم على وشك استنفاد النفط، استخرجت موارد إضافية من النفط والغاز، وأعلنت أميركا اليوم عن موارد مؤكدة من النفط والغاز تفوق ما كانت تمتلكه منها في الماضي.

غالباً ما يستهين الذين يتوقعون بأن تصل الموارد الطبيعية حد الندرة، بمرونة الأسواق وبراعة البشر في تجاوز المشكلات. ويسمي الاقتصادي جوليان سايمون براعة دماغ الإنسان بـ”المورد الأخير”، ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار يشجع الاستثمار في موارد جديدة، ويخلق فرصاً لإيجاد بدائل محتملة أيضاً.

وعندما قررت حكومة الصين المركزية بسط سيطرتها في هذا المجال، اندفعت الأسواق بحثاً عن بدائل. لكن عقب تخفيض الصين لصادرتها من المعادن الثمينة بنسبة 40% على أمل رفع الأسعار، واصلت الأسواق الرأسمالية عملها. وبارتفاع أسعار المعادن الثمينة، أصبحت البدائل المتوافرة في: أستراليا وأميركا مجدية اقتصادياً، إلى جانب الشروع في تدوير المنتجات وهندستها لتقليل الاعتماد على المعادن.

كما شجع ارتفاع الأسعار في الصين على المزيد من الإنتاج، عبر بالاستفادة من الزيادة المتاحة في المعادن، وهو ما أسهم، إلى جانب انخفاض الطلب حول العالم، في نزع صفة الندرة عبر تحفيز التكنولوجيا المبتكرة الجديدة. وعمدت الشركات مثل (Honda)، و(Ford) وغيرهما من صانعي السيارات، إلى هندسة البطاريات الهجينة لتغدو أقل اعتماداً على المعادن النادرة.

وورد في صحيفة (Wall Street Journal) مؤخراً، أن التقلبات المفرطة في المعادن النادرة في الأعوام الأخيرة كشفت من جديد عن قدرة الأسواق وبراعة البشر على التأقلم والتعايش مع المحاولات الرامية إلى الاستئثار بالموارد الطبيعية. وعموماً، عندما يسمح للأسواق بالعمل، فإنها تتغلب دائماً على النزعة التجارية.

لاري لايت – فوربس ميدل ايست

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *