المستشعرات الذكية عصب الحياة في المستقبل

الرئيسية » إعلام ورقميات » المستشعرات الذكية عصب الحياة في المستقبل

المستشعرات الذكية عصب الحياة في المستقبل

تغيرت نظرة الناس إلى العالم بعد اختراع الكاميرات في القرن التاسع عشر، ليبدأ القرن العشرون بالراديو ثم التلفاز ليبصر العالم أشخاصاً وأحداثاً تقع في قارات أخرى وبمواقيت متفاوتة ليحدث قفزة هائلة في مستقبل البشرية مع تطوير وسائل الاتصالات والإنترنت الذي أزال كل العقبات أمام تحول العالم إلى قرية صغيرة يتجول فيها الإنسان بواسطة أجهزة هاتف ذكية لا يتعدى حجمها الكف، التي ستقود أكبر نهضة تكنولوجية عرفها العالم بواسطة المستشعرات الذكية الصغيرة لتدخل كافة المجالات الصناعية والأمنية والطبية وغيرها من التطبيقات العلمية لنهضة الأمم.

كشف عدد من العلماء عن ثورة مقبلة وبقوة تتمثل في تطوير نظم المستشعرات الذكية سواء في الأجهزة الضخمة أو من خلال أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية والخوادم السحابية، يبدأ عمل المستشعرات الذكية باستخدام تقنية الاستشعار الجزيئي للمواد في المجال الصناعي، تستخدم حالياً عدداً من وسائل المسح الجزيئي للمواد للكشف عن ماهية تلك المواد قبل استخدامها، وكذلك التأكد من وجودها بنسب معينة بعد عملية التصنيع وإخراج المنتجات، وفي الآونة الأخيرة بدأت بعض الشركات في استخدام البديل التقني المسح الجزيئي والمتمثل في المستشعرات الذكية، فعلى سبيل المثال تستخدم شركات الأدوية تلك التقنية للتأكد من جودة العقاقير ومكوناتها بعد عملية الإنتاج، كما تستخدم شركات النفط والغاز عدداً من المستشعرات الإلكترونية الخاصة للتأكد من معايير النقاء الخاصة بمشتقات البترول، حتى في مجال الزراعة أصبح استخدام تلك المستشعرات ممكناً لقياس مدى جودة التربة والبذور والمحاصيل الزراعية والمبيدات والأسمدة.

على الرغم من بدء تلك التكنولوجيا بأجهزة استشعار إلكتروني ضخمة، أصبح بإمكان التكنولوجيا الحديثة إنتاج أجهزة استشعار بحجم أقل، فعلى سبيل المثال تتراوح أحجام مستشعرات المختبرات الجزيئية الحالية بين حجم البراد إلى حجم لا يتعدى حقيبة اليد وتبلغ كلفتها بضعة آلاف من الدولارات فقط.

يمكن لتلك التقنية أن تكون ملكاً للأفراد العاديين، ولكن الأمر يستلزم إنتاجها بأحجام صغيرة وبأسعار معقولة، ويرى عدد من الخبراء أنه بات بالإمكان تزويد عدد من الأجهزة الذكية والحواسيب بالمستشعرات الإلكترونية الذكية لتطبيقها على كافة المواد في البيئة من حولنا لتكون مثل الأجهزة الملحقة بالأجهزة الذكية مثل الكاميرا والسماعات.

يقول ديفيد ماكلوهين الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتقنية بالولايات المتحدة، إن تقدماً باهراً سيغير وجه العالم في حالة إنتاج أجهزة مستشعرات صغيرة الحجم يستفيد من خلالها أصحاب المشروعات الصغيرة والمستخدمين العاديين، يمكن بسهولة تطبيق تلك المستشعرات في كثير من التطبيقات اليومية مثل قياس نسبة الرطوبة وتواجد المياه في جذور النباتات داخل الشرفة والحدائق المنزلية، التطبيق سيعود بالنفع على توفير المياه وكذلك الحفاظ على صحة تلك النباتات في أوقات الجفاف التي تعانيها معظم الدول مثل ولاية كاليفورنيا الأمريكية على سبيل المثال. تدخل المستشعرات الذكية عالم الأفراد أيضاً، فيمكن في المستقبل لعشاق القهوة التأكد من مكوناتها قبل تناولها، وفي حال امتلاك إحدى المطاحن لتلك المستشعرات يمكن التأكد من جودة البن والتفرقة بين أنواعها في حالة خلطها بنسب معينة، ينطبق الأمر أيضاً على العصائر والمشروبات بأنواعها كافة.

على الجانب الآخر تدخل أيضاً استخدامات المستشعرات الذكية في مجالات الطعام فيمكنها قراءة المكونات الغذائية بدقة حتى في حالات طهيها، إضافة إلى حجم السكر والملح وغيرها من الإضافات، وفي المستقبل يمكن أيضاً لبعض المستشعرات أن تقرأ عدد السعرات الحرارية للوجبات بناءً على مكوناتها وأحجامها، إضافة إلى حجم الدهون والبروتينات بنسب تقريبية، كما يمكن للنساء استخدام مثل تلك المستشعرات في قياس نسبة مساحيق التجميل وأدوات العناية بالجسم والبشرة والتأكد من نسب المواد الضارة والمواد الأخرى المغذية لها لضمان الاستخدام الأمثل.
يرى العلماء أن كل تلك التطبيقات لا تزيد على بضعة أمثلة من التي يمكن لتلك المستشعرات أداءها في المستقبل القريب، حيث من الممكن أن تكون مزودة في الهواتف الذكية وتطبيقها على الكثير من المواد الصلبة وصولاً إلى قياس درجات الحرارة في المواقف المختلفة وقياس حرارة الطقس والرطوبة وغيرها من التطبيقات والاستخدامات الأخرى، يقول ماكلوهين، إن تلك الاستخدامات المتوقعة للمستشعرات الإلكترونية ما هي إلا نقطة في بحر من التطبيقات الأخرى، ويضيف: «المستشعرات الذكية ستكون بحجم كف اليد وسيتم تطويرها إلى أن تكون مجرد ملحقات للأجهزة الذكية في المستقبل لتقوم بقراءة البيانات المتاحة أمامها وإبراز بياناتها على الشاشة في صورة أرقام وكلمات».

يرى العديد من العلماء أن المستشعرات ليست مجرد تقنية جديدة يمكنها تحليل المواد من حولنا، ولكنها ستكون أجهزة تمثل الحاسة السادسة للإنسان بمعرفة أسرار المادة ومعرفة كل ما حوله من مواد يتفاعل معها وتتفاعل معه.

يؤكد العلماء حتمية وصول المستشعرات الذكية إلى الهواتف الخلوية بفضل تطوير العناصر البصرية الدقيقة «ميكرو أوبتيكال»، حيث يحتوي كل جهاز حالياً على عدد من تلك العناصر المثبتة داخل الكاميرات على شكل مستشعرات بصرية لتحديد الوجوه وقياس درجة الإضاءة وغيرها، وكذلك في جهاز الفلاش الذي يبعث الإضاءة أثناء التقاط الصور، كما يوجد مستشعر القرب البصري «optical proximity sensor» الذي يغلق خاصية اللمس في الشاشات عند إجراء المكالمات الهاتفية واقترابها من الوجه، إضافة لذلك ظهرت عدة مستشعرات في الهواتف لمراقبة الحالة الصحية ونبضات القلب مثل سامسونغ إس 6 وساعات أبل الذكية وغيرها، وبالتأكيد فإنه ينتج ملايين من أنواع تلك المستشعرات في العالم سنوياً، ما يفتح الطريق أمام تطويرها لتشمل كافة المجالات الأخرى مثل المجال الطبي، حيث يتوقع إنتاج مستشعرات لقياس نسبة الكهرباء في القلب على سبيل المثال استناداً لتقارير طبية تشجع على إنتاجها.

الحاسة السادسة

يقول ديفيد ماكلوهين الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتقنية بالولايات المتحدة، إن العائق الوحيد أمام تلك الأجهزة الحصول على كم هائل من الموافقات والاختبارات للموافقة على بيعها للمستخدمين العاديين، حيث سيكون بعضها بمثابة أجهزة طبية يستند إلى نتائجها مثل أجهزة فحص نسبة السكر في الدم وأجهزة كشف الحمل وغيرها، ويضيف أن المستشعرات الذكية ستغزو العالم وتمثل للإنسان حاسته السادسة التي يستطيع من خلالها كشف كل شيء من حوله وتحليله وتسخيره لصالحه.

محمد فتحي – جريدة الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *