الكشافة... تعزز مهارات التواصل الاجتماعي ونمو الشخصية للأطفال والمراهقين

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الكشافة… تعزز مهارات التواصل الاجتماعي ونمو الشخصية للأطفال والمراهقين

الكشافة... تعزز مهارات التواصل الاجتماعي ونمو الشخصية للأطفال والمراهقين

على الرغم من أن النشاط الكشفي Scouting Organisation معروف للأطفال والمراهقين منذ فترة طويلة فإن الفوائد النفسية لهذا النشاط تتضاعف في هذه الأيام نظرا لأن معظم الأطفال والمراهقين يعتمدون على التقنيات التكنولوجية الحديثة سواء في الألعاب أو التعليم أو التواصل الاجتماعي مع الأقران، وهو الأمر الذي أصبح خطرا حقيقيا على الأطفال حيث أصبحوا أقل نشاطا وأكثر عرضة للأمراض جراء عدم الحركة وأيضا أصبحوا عرضة للأمراض النفسية في عمر مبكر والكثير منهم يعانون من الوحدة والبعض يتعرضون للتنمر والاستغلال عبر الإنترنت.

صحة بدنية ونفسية

وكان السؤال هل يمكن للكشافة التي تتيح العمل الجماعي للأولاد والبنات والتفاعل مع العالم الحقيقي مساعدة هؤلاء الأطفال في العيش بطريقة أكثر صحية على المستويين البدني والنفسي.

وللإجابة عن السؤال قامت مجموعة من الباحثين بإجراء دراسة نشرت في مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع Journal of Epidemiology and Community Health، وتم تتبع 100 ألف شخص ولدوا في عام 1958 ولاحظ الباحثون من خلال السجلات الطبية الحالة النفسية والمقدرة العقلية لهؤلاء لرجال في عمر الخمسين.

وكانت المفاجأة أن من تمتعوا بأكبر قدر من الصحة النفسية والذهنية كانوا من الذين انخرطوا في صفوف الكشافة وهم أطفال في الماضي، وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن برامج الشباب التي تدعم المرونة والتفاعل الاجتماعي من خلال تطوير الإمكانيات الذاتية للأطفال ودفعهم للتعلم الذاتي من خلال تجاربهم كانت بمثابة حماية عقلية حافظت على صحة المخ العضوية

وأشار العلماء إلى أن النشاط الكشفي يعتبر بمثابة مصحة علاجية شاملة للأطفال في هذه الأيام حيث يقدم لهم الكثير على صعيد الصحة بداية من النشاط البدني المكثف نهاية إلى الاعتماد على الذات واكتشاف القدرات الكامنة والشخصية لكل فرد وأيضا يمكن اعتباره بداية مبكرة للقيادة ومواجهة المشكلات المختلفة والتغلب عليها والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وهو الأمر الذي دفع بعلماء النفس إلى تسمية الكشافة بوحدة الحماية الاجتماعية social protection unit نظرا لأهميتها البالغة. إذ إنها تتفوق على الأندية التي توفر النشاط البدني والحياة الاجتماعية لأنها تتطرق إلى مناطق متطرفة وجبلية وتعتمد على التوظيف الأمثل للمهارات للاستفادة من الإمكانيات البسيطة وضرورة التعايش مع الآخر والتعاون معه.

مهارات التواصل

أوضح العلماء أن المسؤولين عن العمل الكشفي أصبحوا مهتمين بعامل الصحة النفسية والعقلية بشكل أكثر احترافية حتى أنهم بدأوا في برامج للتمرينات الذهنية المصممة من قبل أطباء نفسيين Mentally Awake program والتي تؤهل الأطفال مستقبلا للتعامل مع المشكلات العاطفية والعقلية من خلال النجاح الجماعي حيث يحدث دمج التنمية الفردية مع التنمية المجتمعية وتنمية مهارات التواصل group interaction skills، وهو الأمر الذي يحدث في علاج الكثير من الأمراض النفسية والتي من أهمها الإدمان على سبيل المثال، حيث يتشارك الجميع الخبرات في الفشل والنجاح مما يساعد بقية أفراد المجموعة في التماثل للشفاء خاصة مع وجود أفراد في الظروف نفسها.

وأضاف الباحثون أن الفتيات هن المستفيدات الأكثر من النشاط الكشفي حيث إن الفتيات في الأغلب يملن إلى العلاقة بصديقة مقربة أكثر من الارتباط بمجموعة أصدقاء بعكس الذكور الذين يملكون صداقات في إطار المجموعة أكثر كما أن الثقة بالنفس تقل بالنسبة للفتيات أكثر حينما يصلن إلى مرحلة المراهقة أكثر من الذكور خاصة أن التغيرات الجسدية تكون واضحة الظهور على الفتيات أكثر ويبدأ القلق بشأن المظهر، كما أن مشاركتهن الرياضية تقل أيضا عن الأولاد، وبالتالي تحقق الكشافة النشاط البدني من دون الانخراط والالتزام برياضة معينة، كما أن الفتيات يتعرضن أكثر من الذكور إلى الرفض والعزلة من المجموعات النسائية وهو ما توفره الكشافة بشكل منظم بجانب أن الفتيات يصبحن أضعف عاطفيا وأكثر عرضة للإحباط من العلاقات العاطفية وبالتالي يوفر النشاط الكشفي فرصة جيدة للفتيات على المستوى النفسي والاجتماعي والبدني.

وحذر الباحثون من ضرورة أن يكون المسؤولون عن الشباب على وعي بالمشكلات النفسية التي ربما تطرأ من تولي الأولاد القيادة في عمر مبكر، حيث إن الكشافة مثل أي منظمة أخرى على الرغم من فوائدها الكثيرة والبالغة الأهمية ربما يكون لها بعض الأمور السلبية مثل الضغوط النفسية من تحمل المسؤولية في عمر مبكر إذا كانت لا تناسب العمر المكلف للقيام بها، وأيضا يمكن أن تصيب الشاب أو الفتاة بالغرور والانفراد بالرأي وعدم الاهتمام بالنصائح.

كما أن المجموعة الموجودة في الكشافة يمكن أن تكون مجتمعا رافضا لأي وافد جديد (مثل أي تجمع بشري آخر) وبذلك تتحول من طريقة للعلاج إلى مسبب للمرض خاصة للأطفال الذين يعانون من البدانة أو قلة النشاط الرياضي. ولذلك يجب على القادة المسؤولين عن هذه المجموعات معرفة إذا كانت هناك ممارسات تمثل ضغطا على أي من الأعضاء والتدخل لحل المشكلات وفق طريقة علمية مدروسة بعد أن يكونوا تلقوا تدريباً نفسياً جيداً على مثل هذه الأمور.

وفي النهاية شجع الباحثون الآباء على ضرورة حث أولادهم على الالتحاق بالنشاط الكشفي كتدريب عملي على اكتساب مهارات الحياة المختلفة في بيئة أمنة وأيضا نصحوا أن تكون هناك توصيات بضرورة التحاق القادة بدورات في الطب النفسي وكيفية التعامل مع مختلف المشاركين، خاصة أن النشاط الكشفي يشمل جميع الأعمار والبيئات الاجتماعية ومن كلا الجنسين وهو الأمر الذي يتطلب تعاملا مختلفا مع كل فئة على حدة.

د. هاني رمزي عوض – الشرق الأوسط

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *