الفنانة التشكيلية الشابة العراقي: أرسم لإسعاد الناس وهذه رسالتي الفنية

الرئيسية » إبداع وتنمية » الفنانة التشكيلية الشابة العراقي: أرسم لإسعاد الناس وهذه رسالتي الفنية

في مظهرها الشاب تبدو كأنها تضع خطواتها الأولى في عالم الفن، لكن تجربتها الممتدة إلى حوالي ثماني عشرة سنة، تقول أنك أمام فنانة لها مكانتها الفنية في مجال التشكيل ببلادنا؛ إنها الفنانة الشابة إلهام العراقي عُمري التي عادت للتو من تركيا متوجة بثاني جائزة تقديرية بمعرض إسطنبول الدولي للتشكيل بعدما سبق لها أن نالت إعجاب النقاد وزوار معارضها بكل من المجر وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية

الفنانة التشكيلية الشابة العراقي

المعرض الدولي لأسطنبول توّجها في الشهر الماضي

هل يمكننا أن نعرف البدايات الأولى للفنانة الشابة إلهام العراقي عُمري، خاصة أن المتتبع للشأن الفني ببلادنا يلحظ أنك رغم صغر سنك فقد اقتحمت عالم الفن منذ أجل غير يسير؟

 فعلا ربما يبدو أني حديثة العهد بالمجال الفني، لكن الواقع هو عكس ذلك، بحيث إشتغلت في مجال الفن منذ وقت ليس قصيرا، وتحديدا تصل مسيرتي الفنية إلى 18 سنة بما فيها المرحلة التي لم أكن أعرض فيها لوحاتي. وقد بدأت ميولاتي الفنية تظهر على تصرفات منذ طفولتي وهو ما تنبه إليه والدي وأقاربي، فساعدني الأهل على ممارسة هواياتي الفنية المختلفة كالرقص والموسيقى. كما أنني منذ الصغر كنت ميالة إلى الاقتراب من جلسات النساء والفتيات الأكبر مني سنا، واللائي كن يلتهين بصناعة الأقمشة (الطرز والكروشي)، وهو ما كان يترك أثره بداخلي وأنا مازلت طفلة. كما أن المدارس في زمن ما كانت تلقن التلاميذ ربما يومين في الأسبوع مبادئ الفن عبر مشاغل تعليمية كنا نقوم فيها بصناعة أشياء ورسم لوحات، وهو ما لم يعد اليوم متوفرا للأسف بمدارسنا التعليمية الابتدائية بالخصوص. وبعدما حصلت على شهادة البكالوريا في الشعبة العلمية وبعد إنهائي لمرحلة دراستي العليا قبل سنتين في مجال التسيير، ازداد شغفي وحبي للفن فأردت أن أصقل موهبتي الفنية وقررت الالتحاق بمشغل إحدى الفنانات المقيمة بالدار البيضاء وهي “مدَام دُومينيك” من أجل التلقين العلمي والأكاديمي لمبادئ الفن؛ حيث أمضيت سبع سنوات خضت فيها في عوالم الفن وتعلمت أسسه ومبادئه العلمية، كما اطلعت أثناء هذه المرحلة على مختلف ضروب الرسوم واللوحات. ورغم أني أنشأت شركتي الخاصة في مجال النشر والغرافيك إلا أنني ظللت شغوفة برسم اللوحات.  عرضت في أكثر من بلد، منها فرنسا وتركيا والمجر والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها.

لوحة 1

 أية مدرسة تنتمي إليها الفنانة إلهام العراقي؟

 مدرستي هي مدرسة الفن بصفة عامة، حيث يلتقي الرقص بالموسيقى والفن وغير ذلك، إنه الفن الذي يستمد من الجمال الكوني لهذه الأرض، ومن الطبيعة وغروب الشمس ولغات الإنسان وتعددهم. لقد خضت فيب تجارب مختلفة بما في ذلك الكاليغرافيا التي لي فيها لوحات عدة نالت إعجاب المتتبع والإنسان العادي. كما أن لوحاتي بالإضافة إلى أنك تجدها في بعض الأحيان تتناغم مع عالم الموسيقى بحيث أعزف أيضا على آلة البيانو، إلا أن هذه اللوحات يغلب عليها الضوء الخافت الذي ينبع دوما من هذه الألوان التي أستعملها كثيرا، وهي الألوان التي يمكننا تصنيفها ضمن خانة الألوان الساخنة أو الحارة، وخاصة منها الميالة إلى اللون البُني والألوان البنية. إنها الألوان التي أرتاح بالاشتغال فيها، والتي تعتبر عالمي الخصوصي والطابع المسيطر على أركان وزوايا مشغلين وعلى ريشتي، فتأتي بالنتيجة لوحاتي عبقة بهذه الألوان المتوجة باللون الأصفر الداكن المعبر عن تلك الإنارة التي تحضر بقوة في كل لوحاتي. إنها الألوان أيضا التي تستطيع أن تفجر هواجسي الفنية وتبلور ما أتخيله وأفكر فيه على صفحات لوحاتي، ولذلك أكون راضية مرضية عندما انتهي من رسم إحدى لوحاتي وقد عبقت بهذه الألوان، التي تفرض نفسها علي رغم محاولاتي في بعض الحظات استراق جمالية الألوان الأخرى، لكنني أجدني أسيرة هذه الألوان التي حدثتكم عنها فأستسلم طوعا أو كُرها لريشتي المنغمسة في هذه الألوان الساخنة.

 هل هناك اتصال وتعاون بينك وبين باقي الفنانين والفنانات المغاربة الآخرين؟

 بكل صراحة اشتغلت لسنين في محرابي البعيد عن أي اتصال بالآخر، ويمكنك أن تعتبر ذلك ليس كبرياء بل هو تواضع وخجل واستحياء، وكنت دوما أسأل نفسي هل استطعت توفير تراكم فني، على المستويين الكمي والنوعي، أستطيع به مضاهاة الآخرين، بما يخدم الفن طبعا والعالم الفني الجميل، وكان جوابي في كثير من الأحيان، هو أنه علي العمل والإبداع أكثر والتسلح بمزيد من التجربة، حتى أضمن لشخصي مكانا في هذا العالم المغري بالعمل الجاد والعطاء غير المتناهي. لكن مع ذلك وفي السنوات القليلة الأخيرة بدأت أنفتح على محيطي الفني، أقصد وطنيا بعدما تجولت في كثير من البلدان عارضة لوحاتي التي لقيت ترحيبا وتشجيعا كبيرا في عدد من الدول كهنغاريا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. ولذلك بدأت لا أتردد من حين لآخر في زيارة معرض لهذا الزميل أو ذاك، وبهذه المدينة أو تلك. وفي هذا الإطار يمكنني الإشارة إلى مبادرة أطلقتها في شهر ماي الأخير في المعرض التابع لمسجد الحسن الثاني، وقد جمعت أزيد من 80 فنانا وفنانة من مختلف المدن المغربية وتبادلوا خلال هذا اللقاء تجاربهم ومشاغلهم المتعلقة بالمجال الفني وهمومه وآماله، وكانت مبادرة تستحق التنويه والإشادة بحق.

لوحة 2

 هل يمكن أن نقول أن إلهام باتت من الفنانين والفنانات الذين يوصفون بأنهم أسرى مشاغلهم الفنية؟

 يمكنك قول ذلك لكن تلك الأسيرة بمعناها النبيل المتحرر والمنطلق في عوالم الفن غير المتناهية؛ بحيث عندما تلج مصنعك الفني فإنك فعلا تودع عالما خارج الجدران الأربعة التي تؤطر فضاءك هذا الصغير، لكن صدقني أن ذلك يكون فقط بابا لولوج عوالم كثيرة لا تحدها حدود، تتشكل بالخصوص من أفكار متزاحمة في مخيلتك، ومن ألوان منسابة تنتظر فقط تلك المساحات البيضاء المنتظرة لريشتك كي تأخذ مكانها وتتبدى في أحلى صورها، فتكون المناسبة مناسبات للسفر والتحليق في أجواء هذه العوالم غير المتناهية.

لوحة 3

 سبق أن ذكرت أنك عرضت بعدد من الدول. هل حصلت على جوائز ببعض هذه المعارض؟

 فعلا أشكرك على هذا السؤال؛ بحيث ذكرني بمناسبة ستبقى عزيزة وغالية في مساري الفني؛ حيث شاركت في معرض بإسطنبول بتركيا، نُظم في شهر ماي الأخير، وأقام المشرفون على المعرض مسابقة منحوا خلالها ثلاث جوائز، حصلت فيها على الجائزة الثانية بعد المرشحة الأمريكية التي جاءت في المرتبة الأولى، وقد شارك في هذه المسابقة الفنية نخبة من الفنانين العالميين المشهورين. غير أن أكبر جوائزي هي عندما أستطيع نيل رضى المتطلع إلى لوحتي، وعندما يكون الزائر لأحد معارضي مفتتنا بإحدى لوحاتي فيخوض معي حوارا حول الألوان وحول ماهية وخلفيات تواجدها هنا وغير تواجدها هناك، وعندما يقتنع هذا الزائر بما رسمته يمكنني وقتها ان أكون سعيدة، لأنني بكل بساطة أدخلت السعادة بلوحتي على الآخرين، وهذه هي رسالة الفن السامية، وهي إسعاد الناس.

حاورها نورالدين اليزيد

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *