الطفولة المبكرة.. الأهمية والأثر

الرئيسية » تربية وتكوين » الطفولة المبكرة.. الأهمية والأثر

الطفولة المبكرة.. الأهمية والأثر

في الواقع أن قدرة الطفل على التعلم واكتساب المهارات الجديدة تبدأ منذ اللحظات الأولى من ولادته، إلا أن هذا الجانب يختلف من طفل لآخر حسب الظروف المحيطة به، وتوافر العوامل المؤثرة والداعمة لتلك المهارات ونموِّها لديه. والمتتبع لهذا المجال والمهتم به، يكتشف أن التربية المبكرة بمفهومها الواسع تعني كل ما يقدم للطفل من رعاية وعناية وتنشئة وتربية وتعليم وتنمية، من لحظة الميلاد وحتى بلوغ الثامنة من عمره، ويحظى هذا الجانب باهتمام بالغ في عالمنا المعاصر، وعلى المستويات كافة: الدولية والإقليمية والمحلية في أرجاء العالم بأسره، وهذا من منطلق أن التربية السليمة والتنشئة القويمة تعدُّ حقًّا من أبرز حقوق الطفل على أسرته ومجتمعه.

كما يلاحظ أن شريحةً واسعةً من المتخصصين والخبراء والمعنيين بهذه المرحلة المهمة، يرون أن التربية المبكرة للناشئة في مطلع حياتهم من البنى الأساس والركائز الفاعلة للحضارة الإنسانية في المستقبل، كما أنها مطلب ضروري لإعداد الأطفال لمستقبل متسارع في تطوره ومستجداته، بل إنهم يؤكدون أن الإعداد اللائق للنشء في هذه السن، هو السبيل الوحيد المتاح لإكساب الأطفال الخصائص والسمات اللازمة لإنسان القرن الحادي والعشرين.

ويؤيد المرئيات السابقة قطاع كبير من الباحثين والتربويين  على حدًّ سواء، ويؤكدون ضرورة وعي الآباء بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة؛ بوصفهم جزءًا لا يتجزأ من عملية التعليم في تلك المرحلة، وأنهم المعلم الأول والأفضل للطفل؛ كونهم مبعث الدفء والسعادة له، ومن خلالهم يكتسب الأطفال معظم المهارات والسلوكيات التربوية والاجتماعية؛ وهذا ما يؤكد أهمية ثقافة الآباء والمعلمين ومقدمي الرعاية للأطفال، واكتسابهم المعرفة الضرورية والمهارات اللازمة لتوفير بيئة صالحة للتعليم المبكر للأطفال والتفاعل معهم.

والأسباب كثيرة وراء الاهتمام المعاصر بالتربية المبكرة، منها ما كشفت عنه مختلف الدراسات العلمية والبرامج والجهود التنفيذية من آثار بعيدة المدى للتربية المبكرة ذات الجودة العالية على الأطفال بمختلف فئاتهم، وهذه الآثار تتعلق بنموهم السليم وتعلمهم وتنميتهم، وتعويض المتأخرين منهم، واكتشاف من لديهم احتياجات تربوية خاصة بهم والتدخل المبكر بشأنهم.

وتثمر هذه العناية التربوية في تنمية أطفال مرحلة الطفولة المبكرة، من خلال الأنشطة التعليمية المختلفة ووضع جانب الاستعداد للمدرسة بالشكل المطلوب في الحسبان، بالإضافة إلى العناية التامة بالطفل في مجالي الصحة والتغذية والرياضة، وتشجيعه على اللعب والاستكشاف وسبل التعلم كافة، اللازمة لتنمية قدراته الاجتماعية والعاطفية والبدنية والثقافية، إذ لا يمكن تجاهل أهمية اللعب في حياة الطفل بجوانبها المختلفة والمتعددة، وما له من دور فعال في توسيع مداركه وزيادة قدرته على التعلم واكتساب المهارات؛ لأن اللعب تجربة تعليمية قوية ومتعددة الأوجه، وذات أثر فاعل في عملية الاستكشاف والإثراء اللغوي، وتوسيع المدارك، وتنمية المهارات بكل أنواعها.

الجدير بالذكر أن الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية والأجهزة التنفيذية في دول العالم المختلفة ـ وبشكل خاص الدول المتقدمة ـ قدمت جهودًا مكثفة وأولت اهتمامًا كبيرًا بكل ما يتعلق بمرحلة الطفولة المبكرة، حيث كانت “الـرعـاية التـربوية ذات الـجودة العاليـة للأطـفال دون سـن الثـالثة” من أبرز المطالب، وكـذلك جـعل مـرحلة ريـاض الأطـفال مـرحلة إلـزامية وجــزءًا لا يتـجـزأ مـن السـلم التعــليمي، وهـو مـا طبـق بالفـعل فـي كـثير مـن دول الـعالم الـمتقدم، مثل الـدول الإسكـندنافية وبـريطانيا. وقـد بذلت هذه الدول جهودًا مكـثفة لاعـتـماد منـهج قـومي مــوحد لمـرحــلة ريــاض الأطــفال، يهدف إلى تـنمية الأطـفال تنـمية شـامـلة مـتكامـلة فــي مخــتـلف جــوانب حياتهم، وإعــدادهم لـدخـول المـرحلة الابتــدائية.

إضافة لما سبق، فقد ثبت من خلال البحوث والدراسات أن الأطفال الذين حصلوا على التعليم التمهيدي يتمتعون بمهارات اجتماعية أكثر قوة، وأداء علمي أكثر تفوقًا، بل يحظون بفرص وظيفية أكثر وأعلى دخلاً في مستقبلهم العملي؛ لذا يحرص أولياء الأمور في المملكة العربية السعودية على إلحاق أطفالهم بمدارس التعليم التمهيدي كل عام لتهيئة جيل المستقبل بما يحتاج إليه على الوجه الأمثل.

الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *