السلوك العنيف للطفل مرده ضعف اتزانه خلال فترة التكوين

الرئيسية » تربية وتكوين » السلوك العنيف للطفل مرده ضعف اتزانه خلال فترة التكوين

السلوك العنيف للطفل مرده ضعف اتزانه خلال فترة التكوين

يميل الأطفال في مراحل نموهم الأولى إلى تقليد كل ما يشاهدونه أو يتابعونه، ما يجعل ألعاب الفيديو وأفلام الكرتون التي تحتوي على مشاهد عنف ومشاهد غير مقبولة بمثابة قنبلة موقوتة تهدد حياتهم، مما يؤكد زيادة السلوك العنيف لديهم في الفترة الأخيرة، إضافة إلى تحميل شخصيات كرتونية بملابس عارية على بعض ألعاب هواتفهم والتي لا تليق بسنهم.

أفادت دراسة كندية حديثة، بأن كثرة مشاهدة الأطفال للتلفزيون وألعاب الفيديو في الصغر، تجعلهم أكثر عرضة للمضايقات والبلطجة والعنف من زملائهم في الدراسة، لأنها تؤثر على وظائف الدماغ لديهم، وتجعلهم غير قادرين على حل المشكلات.

وأوضح الباحثون بمستشفى الأطفال التابع لجامعة مونتريال بكندا، أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين فما فوق، ينبغي ألا تتجاوز مدة مشاهدتهم للتلفزيون ساعة إلى ساعتين يوميا.

الباحثون أضافوا في دراستهم التي نشرت يوم الإثنين، بمجلة “طب الأطفال السلوكي والتنموي”، أن كثرة مشاهدة الأطفال للتلفزيون في سن مبكرة، تؤثر على تفاعلهم مع المحيطين بهم وعدم تنمية المهارات الاجتماعية لديهم.

ورصدت الدراسة العلاقة بين كثرة مشاهدة التلفزيون في سن 29 شهرا، وتعرض الأطفال للبلطجة والعنف من زملائهم عندما يكونون في سن 12 عاما، عبر دراسة حالة حوالي 2000 من الأطفال الذكور والإناث.

ووجد الباحثون أن مشاهدة التلفزيون في وقت مبكر من العمر، تجعلهم أكثر عرضة للعنف من زملائهم عندما يذهبون إلى المدرسة، لأن التلفزيون يؤثر على وظائف الدماغ لديهم، ويجعلهم غير قادرين على حل المشكلات والتواصل الإيجابي مع المحيطين بهم. وتشير النتائج إلى أن قلة مشاهدة الأطفال للتلفزيون يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز الصحة النفسية للأطفال في المستقبل، لأن تعرضهم للبلطجة في مرحلة الطفولة يزيد من خطر إصابتهم بمشاكل صحية على المدى الطويل، مثل الاكتئاب واحتقار الذات.

ووفقا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية يقضون حوالي 7 ساعات يوميا أمام الوسائل التي يرون أنها تسهم في ترفيههم، بما في ذلك أجهزة التلفاز والأجهزة الإلكترونية الأخرى، مشددة على أن الاستخدام المفرط لتلك الوسائل يمكن أن يؤدي بدوره إلى إصابتهم بمشاكل في الانتباه والسمنة وصعوبات في الدراسة والاستيعاب.

وتنصح الأكاديمية الآباء والأمهات بأن يقضي أولادهم نصف يومهم في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الأكل والنوم، ويقضون الساعات المتبقية في الأنشطة المفيدة مثل الرياضة والتواصل الاجتماعي، لأن ذلك يعطي فرصة للأسرة لتصحيح أو تعزيز سلوكيات اجتماعية معيّنة.

وقالت أخصائية تعديل سلوكيات الطفل سهام حسن “أفلام الكارتون والألعاب الإلكترونية التي تستغلها معظم الأمهات لإبقاء أطفالهن مشغولين أو هادئين حتى يكملن اﻷعمال المنزلية تعرضهم لخطر كبير يهدد سلامة صحتهم النفسية ويشكل الكثير من المشاكل السلوكية لديهم، غير أن بعض الدراسات أثبتت مؤخرا تأثير هذه الوسائل على اللغة التي يكتسبها الطفل، ممّا يؤدي إلى تأخر في النمو اللغوي وتطور عملية الكلام لدى الأطفال”.

واستطردت “أتذكر أن إحدى هذه البرامج كانت تحرض اﻷطفال بشكل مباشر على عصيان اﻷمهات وكيفية التحايل عليهن لتنفيذ رغباتهم، بل وفي حلقة أخرى كان اﻷطفال يتعلمون كيفية السرقة من السوبرماركت وإلهاء اﻷم عن ملاحظتهم.. والأخرى التي تعرض بعض المشاهد الكرتونية المخلة للآداب في سياق كرتوني ولكن مليء بالإيحاءات الجنسية ومشاهد صريحة تعرض أمام الطفل”.

وأكدت الخبيرة أن كل هذه المشاهد ترسُخ في ذهن الطفل ويحاول تقليدها واتباع ذلك النمط السلوكي في حياته، فنلاحظ تغيّرا ملحوظا في التعامل مع الأطفال من سنه في الحضانة أو المدرسة أو التغير والعصبية وفرط الحركة وتشتت الانتباه الشديد في البيت والتحصيل الدراسي وغيرها من المشاكل، ويزداد تعلق المراهقين بالهاتف والإنترنت وغيرها، حيث أنه تربى على امتلاكه لتلك الوسائل وأن تأثيرها عليه يسبب ضررا بالغا جدا، حيث يدخل في شرنقة العزلة والوحدة.

وأشارت الخبيرة إلى أن ما يصدر عن المراهق من عنف وتخريب وعدوان يكون نتيجة للألعاب التي يمارسها، إذ لوحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع معدل العنف بين المراهقين والشباب الصغار، ووجدت الأبحاث والدراسات أن وسائل الإعلام والألعاب العنيفة على الإنترنت وراء كل ذلك.

ونوّهت إلى أن الطفل في هذا العمر يكون في مرحلة البرمجة العقلية، أي أنه ما زال يجمع معلوماته عن العالم الخارجي، فما بالك إذا كان يجمعها من أفلام كارتون يسقط فيها البطل من الشباك ويظل في مطاردة وضرب طول الحلقة ولا يصيبه أي أذى في النهاية، أو من بطل آخر كل أحلامه الشهرة والنفوذ حتى إن وصل لهما بالكذب والنصب والسرقة! بالطبع سيحاول الطفل أن يجرّب ذلك وهو واثق بأنه لن يصيبه ضرر، إذ تذكر الدراسات العديد من الحوادث التي أُصيب أو توفي فيها أطفال قفزوا من الشباك ظنا منهم أنهم يستطيعون الطيران مثل سوبرمان.

ونصحت الخبيرة الآباء والأمهات بمواجهة المشكلة من خلال عدم ترك الأطفال يشاهدون أفلام الكارتون بشكل يومي ولفترات كبيرة حتى لا تصبح روتينا يوميا يأخذ مكانا كبيرا في تفكيرهم وتصرفاتهم، فالأمر قد يصبح إدمانا مع مرور الوقت.

وأكدت على ضرورة محاولة شغله بنشاط مختلف مثل الرسم أو نشاط رياضي خاصة مع الأطفال المراهقين، فضلا عن ضرورة متابعة الأطفال عن بعيد دون أن يشعروهم بأنهم تحت المراقبة، حتى يساعدوهم في اختيار ما يتناسب مع قيم الأسرة ومراحلهم العمرية، والاهتمام بالأبناء من خلال الاستماع إليهم وقضاء الوقت معهم والحرص على وجود علاقة جيدة بين الزوجين حتى لا يلجأ الأبناء إلى التكنولوجيا ليهربوا من جحيم المنزل والجوع العاطفي.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *