الزراعة المائية.. تكنولوجيا جديدة ستحل مشكلة الغذاء في العالم

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الزراعة المائية.. تكنولوجيا جديدة ستحل مشكلة الغذاء في العالم

الجوع هو أحد أكبر المشاكل في العالم اليوم. وفي الوقت الحاضر يعاني ما يقرب من 700 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من الجوع، والعدد في ازدياد مستمر، ولا يؤثر الجوع فقط على الناس في أفريقيا وآسيا كما قد يتخيل البعض؛ بل يمتد أثره ليشمل معظم دول العالم، وبالذات في ظل جائحة كورونا التي زادت من عدد الفقراء والمعدمين في شتى البلدان.

ما إمكانية حل هذه المشكلة بالمستقبل ودور التكنولوجيا في ذلك؟

سيبلغ عدد سكان الأرض أكثر من 9 مليارات شخص عام 2050، وهذا العدد الهائل من البشر يحتاج لحلول مبتكرة من أجل تأمين إنتاج الغذاء بكفاءة أكبر بكثير مما عليه الحال الآن، وإحدى الطرق الجديدة المبتكرة هي استخدام تقنية الزراعة المائية. وقد اتفق العلماء والباحثون الذين شاركوا في مؤتمر “التكنولوجيا الخضراء 2021” (GreenTech 2021) -الذي عقد بمدينة أمستردام الهولندية في نهاية سبتمبر الماضي- أن “المستقبل هو للزراعة المائية”. وقالت فيرونيك سافلكول -مديرة مبيعات المحاصيل العالمية في مؤسسة “بي إيه إس إف” (BASF)- إن المحاصيل التي تنتجها مؤسستها الآن قادرة على إطعام 500 مليون إنسان في العالم، مؤكدة أنه ليس لديها شك أن المستقبل مشرق جدا للزراعة المائية، وذلك كما ذكرت منصة “هورتي ديلي” (hortidaily) مؤخرا.

ما هي الزراعة المائية وكيف تعمل؟

الزراعة المائية هي طريقة حديثة للزراعة لا تنمو فيها النباتات في التربة، ولكن مباشرة في الماء بمكونات معدنية خارج التربة. ولهذه التقنية فوائد عديدة؛ لعل من أهمها زيادة الإنتاج بشكل كبير مقارنة بالطرق الزراعية التقليدية. حيث يمكننا من خلال هذه التقنية زراعة المزيد من البذور التي تنمو بشكل أسرع في الماء مقارنة بنموها في التربة. ومن الفوائد الأخرى أن نباتات الزراعة المائية تعاني من مشاكل أقل مع الفطريات والحشرات والأمراض، لذا فهي عموما أكثر صحة من نباتات المحاصيل التقليدية. إضافة إلى انخفاض كمية المعادن الثقيلة أو المبيدات الحشرية التي تتراكم في أنسجة النبات التي تزرع في التربة. وهناك فائدة كبيرة للزراعة المائية تتمثل في عدم الحاجة إلى التناوب في زراعة المحاصيل؛ حيث يمكننا زراعة نوع واحد فقط من النباتات لسنوات عديدة وبنفس الكفاءة الإنتاجية.

وهناك ميزة أخرى من المستحيل تحقيقها بالطرق التقليدية وهي التخلص من الإنتاج الفصلي أو الموسمي، فمثلا يمكننا قطف الفراولة أو الشمام في يناير بفصل الشتاء عندما تكون الثلوج في الخارج. ولعل واحدة من أهم ميزات هذه التقنية الزراعية هو -على عكس المتوقع- أنها تحتاج لكميات أقل من المياه التي تحتاجها الزراعة التقليدية التي تتم بالتربة، حيث تتم إعادة تدوير المياه في دورة مغلقة واستخدامها مرات عديدة من خلالها تكثيفها وإيصالها مرة أخرى للنباتات المزروعة. ومؤخرا، تم تطوير هذا النوع من الزراعة عن طريق تقنية جديدة أطلق عليها العلماء اسم “أكوابونيك” (Aquaponics)؛ حيث تجمع هذه التقنية ما بين الزراعة المائية وتربية الأسماك في نفس الوقت باستخدام نفس الدورة المائية. وذلك كما ذكرت منصة “تكنولوجي” (technology) في تقرير لها مؤخرا.

هل الزراعة المائية أكثر استدامة من الزراعة التقليدية؟

إذا نظرنا إلى الزراعة المائية فقط من وجهة نظر بيئية، يمكننا أن نرى أن تأثير هذه الطريقة على البيئة ليس واضحا تماما، فمن ناحية أولى فإن هذه الطريقة في الزراعة تستخدم كميات أقل من المياه، ولا تسبب تآكل التربة أو استهلاكها، كما تقلل هذه التقنية من استخدام الوقود الأحفوري بسبب عدم استخدام آلات زراعية في الحراثة والبذار والنقل، ونادرا ما يتم استخدام المبيدات الحشرية لمكافحة الأعشاب الضارة، وهذه كلها أمور تؤثر بشكل إيجابي على البيئة وصحة الإنسان.

ومن ناحية أخرى، يتم استخدام الكهرباء للإنارة في الزراعة المائية، وتوليد هذه الطاقة له آثار ضارة على البيئة كما هو معروف، وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالتلوث بسبب التخلص من نفايات المغذيات السائلة في البيئة المحيطة بهذه المزارع، وهو ما قد يؤثر سلبا على مياه الشرب. ومع ذلك، من الممكن السيطرة على هذه الآثار الضارة من خلال إعادة استخدام محلول النفايات المائية الغني بالمغذيات لزراعة النباتات في البيوت البلاستيكية، وهي إحدى الطرق الزراعية الشائعة بسبب مردودها المادي المرتفع، كما ذكر التقرير.

هل الزراعة المائية هي مستقبلنا؟

الزراعة المائية هي تكنولوجيا جديدة يمكن أن تساعد البشرية على محاربة الجوع، وتوفير كميات أكبر من الغذاء؛ حيث يمكننا الآن شراء أجهزة الزراعة المائية لاستخدامها في منازلنا، فلم يعد هناك حاجة لشراء الأراضي الزراعية باهضة الثمن، أو استهلاك كميات كبيرة من المياه كما هو الحال في الزراعة المروية، أو انتظار هطول الأمطار كما هو الحال لدى أغلب المزارعين في العالم الذين يعتمدون على مياه الأمطار لإنتاج محاصيلهم. نستطيع الآن أن نزرع كميات أكبر بكثير من المحاصيل في بيوتنا عن طريق هذه التكنولوجيا المتقدمة في الزراعة دون الحاجة إلى التربة أو الأمطار أو أشعة الشمس، كما بإمكاننا اختيار الأصناف التي نريد إنتاجها بغض النظر عن دورة المواسم. ومع تقدم التكنولوجيا، يمكن أن تكون الزراعة المائية واحدة من أكثر الطرق كفاءة واستدامة لزراعة الفواكه والخضروات في المستقبل.

وفي العودة إلى مؤتمر التكنولوجيا الخضراء، فقد قال عدنان تونو فيتش -مدير الأبحاث والتطوير في مؤسسة “هافيكون” (Havecon)- إن أوروبا هي الرائدة في هذا المجال حاليا، ولكنه أضاف أن السوق الأميركية واعدة جدا، وكذلك الحال في دول شرق آسيا، بل إنه توقع أن تصبح البلدان الآسيوية مثل الصين وسنغافورة هي سوق النمو التالي في استخدام تقنيات الزراعة المائية في الإنتاج الغذائي لكفاية متطلبات شعوبها المتزايدة للطعام.

الجزيرة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *