الروبوتات المستدامة.. مستقبل أخضر للأجيال

الرئيسية » إبداع وتنمية » الروبوتات المستدامة.. مستقبل أخضر للأجيال

الروبوتات المستدامة.. مستقبل أخضر للأجيال

تتجه أنظار العالم نحو تعزيز التنمية المستدامة لتحقيق مستقبل أخضر للأجيال المقبلة والمحافظة على البيئة لاستعادة كوكب الأرض رونقة وطبيعته، وذلك من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وزيادة إنتاج الطاقة البديلة وتطبيق الحلول المستدامة في كافة المجالات. وبعيون أخرى متفحصة، يطور العلماء الروبوتات لتكون أداة قوية لتطبيق الكثير من الأعمال في المستقبل، ولا تخلو تلك الأعمال من الأنشطة المستدامة، حيث ينتظر الروبوتات مستقبل واعد في هذا المجال من خلال تطوير تقنيات الروبوتات المستدامة لمساعدة الإنسان على تحقيق حلمه وبناء مستقبل أخضر.

ترددت في الأوساط العلمية والإعلامية خلال السنوات القليلة الماضية مخاوف بشأن الروبوتات القاتلة المزودة بالذكاء الصناعي، نظراً لإمكانية هيمنتها على البشر في المستقبل. ولحسن الحظ، فما زلنا لا نرى مثل هذا النوع من الروبوتات فائقة التطور إلى الآن، وهو ما لم يمنع علماء «جامعة غرب بريطانيا» في بريستول من ابتكار نوع خاص من الروبوت القاتل، ولكن للحشرات والكائنات الرخوية داخل الحدائق، ومن ثم تحويلها إلى طاقة نظيفة. بدأت جهود تصنيع الروبوت (SlugBot) منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، واستطاع فريق علمي ابتكار نموذج للروبوت قادر على الصيد والتحرك بحرية داخل الحدائق. تكمن طريقة عمل الروبوت في التجول أثناء الليل، حينما تكون الرخويات موجودة بكثرة، والتقاطها بسرعة كبيرة تبلغ 10 رخويات خلال الدقيقة، كما يمكن اصطياد الحشرات إذا ما التصقت بجدران الروبوت العلوية. بعد إتمام المهمة وملء الخزان الخاص به من الرخويات، يتوجه الروبوت إلى قاعدته، حيث توجد غرفة لتحليل وتخمير الرخويات والحشرات وتحويلها إلى وقود حيوي يستخدم فيما بعد في تسميد تربة الحديقة. تجعل تلك الروبوتات من الحدائق مكتفية ذاتياً من الطاقة اللازمة للإنبات وتبشر بمستقبل أخضر في المجالات الزراعية وحلولها المستدامة على المدى الطويل. ما زال الروبوت قيد التطوير، ويعمل العلماء على تصنيع سلسلة من تلك الروبوتات لتكون أيضاً ذاتية التشغيل بالطاقة النظيفة مثل (EcoBot II) المتخصص في اصطياد الحشرات عن طريق إطلاق روائح جاذبة لها، و(EcoBot III) الذي سوف يخصص للمياه ويعمل عن طريق اصطياد العوالق المائية وتحويلها لمخزن ومصدر للطاقة الحيوية الضرورية للعديد من المجالات الصناعية.

إعادة التدوير

في خطوة رائدة للتخلص الآمن من مكونات الصرف الصحي وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها لإنتاج طاقة تكفي لتشغيل بعض المصانع، ابتكر مهندسون ألمان ما أطلقوا عليه «الروبوت الخنزير»، والمستوحى من وظيفة هذا الحيوان التي تكمن في التخلص من الفضلات. والروبوت عبارة عن شاحنة ذكية تستخدم الطاقة الشمسية المركزة في تجفيف مياه الصرف الصحي للحصول السهل على الفضلات داخل مصانع إعادة التدوير لإنتاج الطاقة الحيوية التي تكفي لتشغيل بعض المصانع المتوسطة، أو بعض القطاعات الضخمة داخل أكبر المصانع على أقل تقدير. وتسهم حالياً تلك الروبوتات، التي أنتجتها شركة (Thermo-System)، في تجفيف أكثر من 60 مليون طن من مخلفات الصرف الصحي في ألمانيا، بما يقلل من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن تحللها، والإسهام في إنتاج الطاقة الحيوية. يستخدم الروبوت نظاماً خاصاً لتجميع الحرارة الناتجة من الأشعة الشمسية، وينقلها إلى نظام تهوية خاص لإطلاقها باتجاه مكونات الصرف الصحي لتقوم بتجفيفها على الفور. ويعد الروبوت ذاتي التشغيل بالكامل، ويستخدم جزءاً من الطاقة الشمسية لإمداده بالكهرباء، فضلاً عن اعتماده على بطارية كهربائية لعمل المستشعرات والتنقل.

حمل القمامة

تمثل مشكلة المخلفات خطراً داهماً يواجه البيئة سواء في اليابسة أو حتى المحيطات، لذا ابتكر العلماء وسائل وتكنولوجيا لإعادة تدوير المخلفات، ولكن كانت هناك عقبة كبرى في تشجيع الناس على جلب تلك المخلفات. وفي إطار حل تلك المشكلة، ابتكر علماء إيطاليون نموذجاً رائداً للروبوت (Dustbot) المخصص لجمع القمامة من المنازل. يبلغ طول الروبوت 1.5 متر ووزنه 70 كيلوجراماً ويستطيع حمل 30 كيلوجراماً من القمامة بخزان سعته 70 لتراً. والروبوت معزز بمنصة «Segway Robot Mobility» للتنقل باستخدام نظام «جي بي إس»، ويستطيع المشي بسرعة متر في الثانية، ويمكن طلبه بواسطة تطبيق إلكتروني على الهواتف الذكية ليصبح بعدها بدقائق على باب المنزل من أجل حمل القمامة داخل خزانه الخاص. لا تقتصر مهمة الروبوت على حمل القمامة، بل يقوم بفرزها تمهيداً لإعادة تدويرها. يمكن أيضاً للأشخاص اختيار نوع القمامة من خلال لمس شاشته من أجل تهيئة الخزان لاستيعابها وفرزها بسهولة. يتميز الروبوت بمرونة فائقة في الحركة ويمكنه الوصول لأماكن لا يمكن للسيارات أو العاملين الوصول إليها، كما أنه آمن ويشجع الناس على استخدامه. ويطمح الفريق المطور له باستكمال مميزاته الفائقة وتطوير عدة طرز منه لتصبح بمثابة أدوات لجمع المخلفات والقمامة من كل أنحاء الأرض كالمناطق الجبلية والصحراوية، بل وقاع المحيطات في المستقبل.

إمدادات المياه

يقوم الروبوت في البداية باستخدام أذرعه المزودة بكاميرات خاصة لغرس البذور والتوسعة والعناية، والحصاد في النهاية. يمكن من خلال الكاميرات المزودة بها الأذرع متابعة حجم النباتات وحالتها من خلال تطبيقات ذكية دون الحاجة لزيارة الصوبات الزرعية من قبل المختصين. يمتلك كذلك الروبوت مستشعرات أسفل الثقوب التي تحتوي على جذور النباتات من أجل معرفة حجم إمدادات المياه وتزويد النباتات بها بشكل مستمر وفقاً لنوع وحجم النباتات. يمثل بذلك «أيرون أوكس» نظام صوبات زراعية أوتوماتيكي ذاتي التشغيل، ويعمل العلماء المطورون له حالياً على إضافة خوارزميات لإضفاء بعض مميزات الذكاء الصناعي على نظام التشغيل لسهولة التعرف إلى أمراض النباتات والآفات الزراعية والتعامل معها مباشرة دون تدخل بشري. يعد بذلك النظام الروبوتي صديقاً للبيئة من حيث استخدام طاقة أقل، كما ثبت أنه يستهلك مياهاً أقل بنسبة لا تقل عن 90% بالمقارنة بالمزارع التقليدية، حيث إنه لا يهدر قطرة مياه واحدة. يسهم ذلك بالتأكيد في الحفاظ على موارد البيئة والمساهمة في سد حاجة سكان العالم من الغذاء خلال العقود المقبلة.

روبوت متخصص في الزراعة المائية

تحظى قضية الغذاء والزراعة بأولوية في الأجندة البيئية العالمية خلال العقود المقبلة، ويرى العلماء أنه مع نقص الإمكانات وصعوبة الاعتماد على ملايين الكوادر البشرية في هذا المجال، فإن الروبوتات سيكون بمقدورها القيام بالأمر برمته. على عكس الرقص والتحدث واللعب والقفز، يطور علماء من شركة «أيرون أوكس» الأمريكية روبوتاً يحمل الاسم نفسه متخصصاً في الزراعة المائية ويستخدم كافة إمكاناته في الزراعة داخل الصوبات الزراعية، والعناية بالنباتات على مدار الساعة، وحصاد المحاصيل وتخزينها في نهاية الأمر دون عناء الإنسان. يقول فريق العمل إن الروبوت هو ثورة في عالم الزراعة لأنه يقوم بأغلب عمليات الزراعة بداية من زرع البذور وانتهاءً بتخزين النباتات، ففي المستقبل القريب يؤكد العلماء أن الناس سوف يتناولون طبق السلطة من أيدي الروبوتات مباشرة. يقول المطورون للروبوت، إن مشكلة الصوبات الزراعية تكمن في ارتفاع الكلفة بالمقارنة بالمزارع الطبيعية، وهي المشكلة التي يتغلب عليها «أيرون أوكس»، فالنظام الروبوتي بشكل عام لا يمتلك جراراً زراعياً لأنه ببساطة لا يحتاج إليه. يمتلك الروبوت ذو الأذرع خزاناً سفلياً يحتوي على مياه غنية بالعناصر الغذائية، وتنمو النباتات على طبقة علوية منه مصممة لتنتشر عليها آلاف الفتحات الضيقة تنمو فيها النباتات في مراحلها الأولية. يمتلك الروبوت أيضاً إطاراً مستطيلاً ذكياً يتمتع بمرونة في الحركة ويتحكم في ارتفاع المياه نحو الفتحات، كما يمكن للروبوت التحرك ضمن نطاقات محددة وفقاً للضوء.

على عكس المزارع التقليدية التي يُجبر فيها المزارعون على إعطاء مساحة كافية لنمو النباتات أثناء غرس البذور، لا يعتمد نظام «أيرون أوكس» على ذلك، بل يتيح مساحة ضيقة للبراعم، ومن ثم التمدد خلال النمو، لإتاحة الفرصة لمحاصيل أخرى تنمو ويتم حصادها بشكل أسرع، لذا فهو يقدم الحل الأمثل في استغلال كل متر في مساحة الصوبات الزراعية.

محمد فتحي – جريدة الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *