الذكاء الاصطناعي يحمي البشر من كوارث طبيعية

الرئيسية » إعلام ورقميات » الذكاء الاصطناعي يحمي البشر من كوارث طبيعية

الذكاء الاصطناعي يحمي البشر من كوارث طبيعية

أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في الطريقة، التي نعالج فيها البيانات الضخمة، التي ترسم شكل الحياة الحديثة. وتميل الجهود الحالية نحو تعزيز أبحاث الذكاء الاصطناعي في التطبيقات التجارية والعلمية والهندسية والفنية، إضافة إلى الأسلحة الذاتية والنقاش المحتدم حوله؛ ولكن على الجانب الآخر، فإن الذكاء الاصطناعي يحمل وجهاً آخر أكثر إنسانية، والذي تظهر فيه الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي هادفة إلى حماية البشرية؛ لتنخرط في الجهود الإنسانية وحماية الإنسان من مختلف الكوارث الطبيعية والبيئية التي تهدد حياته.

يعد الماء على رأس أولويات العالم؛ حيث تشير التقارير إلى احتمال وجود موجات جفاف عارمة تعيد تشكيل الخريطة السكانية على الأرض خلال القرن المقبل؛ لذا بات لزاماً الاستعداد من الآن بأحدث الوسائل والطرق العلمية؛ لتدارك الأمر. ويمكن للذكاء الاصطناعي بالطبع المشاركة، ولعل أبرزها هو محاولة تنظيف المياه الملوثة؛ حيث تعد مشكلة نقص المياه من المشكلات الكبرى، التي يمكن أن تؤثر في نحو 25% من سكان العالم بحلول عام 2025، كما أن تلوث المياه يعد تحدياً إضافياً لكميات المياه المخزنة؛ حيث يمكن أن تسبب العوالق المجرهرية خطراً كبيراً على صحة الإنسان، ويمكن من خلال رصدها معرفة نسبة التلوث الكيميائي فيها.

ويقول جيف ويسلر نائب الرئيس ومدير مختبر «آي بي إم للأبحاث»، إنه مع ظهور تكنولوجيا «إنترنت الأشياء»، سيصبح بالإمكان وضع المستشعرات الإلكترونية في كل مكان، ومع التطور الحالي في دمج التقنيات، سيكون بالإمكان إضافة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتلك المستشعرات فائقة التطور.

وأضاف أن فرق مختبره تمكنت من تطوير مستشعرات خاصة مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وموصولة بشبكة خاصة، وبسبب الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت تلك المستشعرات روبوتات ميكروسكوبية، ولا تمتلك تلك الروبوتات عدسات أو أجزاء ميكانيكية معقدة؛ بل هي مستشعرات ضوئية بالغة الحساسية تتبع ظلالاً وترصد حركات الكائنات المجهرية، وتعطي بيانات دقيقة حول شكلها وطبيعتها ودرجة تركيزها في المياه. ويكمن ذكاؤها الاصطناعي في تحديد حركة العوالق المجهرية، وتحديد ما إذا كانت حيوية وحية أم ملوثات كيميائية محددة.

مشكلات التربة

يرى بعض العلماء والباحثين أنه أمام تفاقم مشاكل الأراضي الزراعية وتردي التربة، لا بد من إيجاد حلول ناجعة تعيد للأراضي حيويتها وموادها العضوية الأساسية بعيداً عن الطرق التقليدية التي ساهمت في الوصول إلى الوضع الحالي، معتبرين أن الحل يكمن في الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة. وأوصى المنبر الحكومي الدولي للتنوع الحيوي والأنظمة البيئية، باعتماد تدابير تكنولوجية متفوقة تحافظ على استدامة البيئة بدلاً من «تحفيزات خبيثة» تؤدي إلى تدهور التربة، وهذا ما جعل الباحثين يتمسكون بمبدأ الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، والاستفادة من التقدم التقني، وإن كان بعض العلماء يؤكدون أن التكنولوجيا ساهمت في هذا التدهور الذي وصلت إليه حال التربة، وترجمة لهذه التوصيات، توصلت شركة بلاتفورم بالإمارات إلى ابتكار جيد حول قدرة الذكاء الاصطناعي على الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء؛ باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء قليلة استهلاك الطاقة؛ لنقل بيانات النخيل بعد استقبالها عبر مجسات مطورة، خصيصاً جاءت بعد أبحاث متطورة ودراسات بالتعاون مع متخصصين من جامعات بحثية زراعية وعدد من الخبراء في عدة مجالات، إضافة إلى إجراء اختبارات في مزارع النخيل في منطقتي ليوا بالمنطقة الغربية في أبوظبي، ومنطقه مزارع النخيل في رأس الخيمة. وأكدت الشركة أنها طوعت الذكاء الاصطناعي لجعله قادراً على التنبؤ بوجود سوسة النخيل الحمراء في أشجار النخيل في مرحلة مبكرة، وإرسال تنبيهات للمزارع؛ عبر تطبيق مخصص على الهاتف؛ لإرشاد المزارع بأماكن أشجار النخيل المصابة. وتستهدف الشركة استخدام المعلومات والبيانات؛ لبناء قاعدة بيانات جغرافية لنشاط سوسة النخيل الحمراء عبر منطقة جغرافية واسعة سواء في الإمارات أو في المنطقة العربية؛ بهدف مساعدة الوزارات والجهات والهيئات المعنية بالحكومات؛ للتحكم بشكل نموذجي وفاعل في مكافحة سوسة النخيل الحمراء؛ لتحسين مكافحة هذه الآفة، وتوفير الجهد والمال.

أما فيما يتعلق بتقدير الأضرار والاحتياجات الفورية اللازمة لضمان السلامة في أعقاب كارثة طبيعية، فإن هذه التكنولوجيا لم تستخدم بشكل واسع بعد. وأطلق البنك الدولي «تحدي الذكاء الاصطناعي» في الفترة الماضية؛ بهدف التصوير الجوي لجزر جنوب المحيط الهادئ؛ وذلك بالتعاون مع وي ريبوتيكس وأوبن ايريال ماب؛ حيث يهدف للوصول إلى أساليب جديدة من الذكاء الاصطناعي باستخدام مجتمع البحث العالمي؛ بهدف معالجة الصور الجوية الخاصة بمنطقة الكوارث في الوقت الحقيقي؛ من أجل توفير المستجيبين ومعلومات التخطيط والتقييم النقدي التي تقدمها وكالات الإغاثة. وتم بدء الإعلان عن التحدي الجديد للذكاء الاصطناعي، «في السنوات العشر الماضية؛ حيث أثّرت الأعاصير الرئيسية تأثيراً خطراًً في مئات الجزر مثل فيجي، تونغا، فانواتو وساموا، كما أدت إلى خسارة ملايين الأرواح إلى جانب أضرار وصلت إلى ملايين الدولارات؛ حيث تواجه تلك الجزر مجموعة من التهديدات، والتي تشمل: الزلازل، وأمواج تسونامي، والعواصف، والانفجارات البركانية، والانهيارات الأرضية والجفاف، في حين يشير البنك الدولي إلى أنه من بين ال 15 دولة المعرضة لخطر الكوارث الطبيعية على الصعيد العالمي، هناك أربع منها تقع في جزر المحيط الهادئ.

ومن الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية إلى الصور الجوية باستخدام الطائرات بدون طيار، فإن القدرة على الحصول على رؤية جوية واضحة للكارثة يعد أمراً بالغ الأهمية؛ من أجل التحديد السريع لمستوى الضرر المدني والضرر في البنى التحتية، وحالة الطرق، وإعطاء الأولوية لجهود الإغاثة. أما العقبة الرئيسية هي أن حجم الصور المتاحة تفوق قدرة البشر على تقييمها بالكامل ضمن الوقت المناسب، ووفق الاحتياجات المطلوبة. سيقوم هذا التحدي الجديد للذكاء الاصطناعي بمعالجة الأمر؛ من خلال التركيز على مجالين أساسيين: تحديد الأشجار والطرق عبر الصور الجوية.

تعد الأشجار المنتجة للغذاء مصدراً أساسياً للأمن الاقتصادي والأمن الغذائي في جزر جنوب المحيط الهادئ، ويمكن أن يكون للأضرار الكبيرة التي تلحقها الكوارث بها آثاراً طويلة الأجل؛ ولذلك فإن المهمة الأولى للتحدي تركز على بناء مصنّف للصور؛ بحيث يمكن التقاط صورة جوية والعودة لطبقة الشرح التي تحدد جميع أشجار جوز الهند، الموز، البابايا والمانجو ومواقعها في الصورة بدقة 80٪ على الأقل.

أما فيما يتعلق بسيناريو الإنتاج، يمكن للشخص أن يتصور القدرة على مقارنة المكان قبل وبعد الصور في الوقت الحقيقي؛ وذلك لوضع عدد دقيق من الأشجار والأنواع الأخرى، التي تم فقدانها؛ ونظراً للتقدم السريع في استخدام الموارد المنخفضة للشبكات العصبية، يمكن للشخص أن يتصور أنه حتى هذه الخوارزميات تعمل في الوقت الحقيقي، وربما حتى ضمن رحلة على طائرات بدون طيار؛ حيث تسمح لها بضبط مسارها بشكل مستقل حسب صورة المناطق الأكثر تضرراً وبتفاصيل أكثر.

يمكن أن تسمح هذه الأدوات في المستقبل القريب بأن يقوم الذكاء الاصطناعي بالفرز الذاتي المستقل، والذي يتم فيه إطلاق أسطول من الطائرات بدون طيار تلقائياً بعد حدوث كارثة لتقوم بالتقاط صور للمنطقة بأكملها، وتحديد مستويات الضرر وتقديم تقرير للمخططين، وكل ذلك في غضون 30 دقيقة؛ بعد حصول الكوارث وبدون أي تدخل بشري.

تخفيف وطأة الفقر

يتوقع الكثير من الباحثين أن تساعد نظم الذكاء الاصطناعي على تقييم التدابير الرامية إلى التخفيف من وطأة الفقر وتتبعها.

وكما يقول مارشال بيرك الخبير الاقتصادي في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأمريكية: ليس لدينا في الوقت الحاضر سوى القليل من البيانات الدقيقة عن الأماكن التي تعيش فيها الفئات الأشد فقراً، ويرجع ذلك إلى ندرة إجراء المسوحات الأسرية في المناطق الفقيرة أو النائية.

يُجري بيرك وزملاؤه تدريباً على الخوارزميات باستخدام صور الأقمار الصناعية الليلية، حيث تمثل المناطق جيدة الإضاءة مؤشرات تقريبية للثراء، وذلك لمعرفة الخصائص التي ترتبط بالفقر النسبي في صور الأقمار الصناعية النهارية، مثل الطرق أو أنواع الأسقف، وفي دراسة تجريبية أُجريت في خمسة بلدان أفريقية، وجد الفريق أن نظام الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمه يتنبأ بالثراء على مستوى القرية بصورة أفضل من الوسائل السابقة التي تستخدم الأضواء الليلية وحدها.

محمد فتحي – جريدة الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *