التنمية المحجوزة.. قراءة تقويمية واستشرافية للأهداف الإنمائية للألفية - 3: النتائج والمآلات

الرئيسية » الأعمدة » دراسات استشرافية » التنمية المحجوزة.. قراءة تقويمية واستشرافية للأهداف الإنمائية للألفية – 3: النتائج والمآلات

 قراءة تقويمية واستشرافية للأهداف الإنمائية للألفية

3:النتائج والمآلات

رابعا: النتائج / طموح كبير ومكاسب متواضعة

لاشك أن الطموح الأممي كبير ومهم وإنساني، ذلك أن السعي للوصول إلى الأهداف الإنمائية للألفية، هو مسعى إنساني نبيل يتوخى تحقيق المزيد من العدالة الإنسانية؛ وتجاوز حالات التفاوت المخزي والمشين التي يعرفها العالم المعاصر على جميع المستويات وخصوصا العيش الكريم. ولكن النتائج التي حققها مشروع الألفية تبقى متواضعة مقارنة مع الأهداف المعلنة، فما هي المكاسب التي تم تحقيقها؟ وما هي الإخفاقات وأسبابها؟

1 – المكاسب المتواضعة

يقول الأمين العام في تقريره لسنة 2012: “(1)وقد أحرز المجتمع الدولي تقدما كبيرا في مجالات كثيرة تمثلت في: الحد من الفقر على الصعيد العالمي، وتحسين إمكانية حصول جميع الأطفال على تعليم ابتدائي، وخفض وفيات الأطفال والأمهات؛ وزيادة إمكانية العلاج من فيروس نقص المناعة البشرية؛ وخفض عدد سكان الأحياء العشوائية الفقيرة. بل وبإمكاننا حتى أن نعجل بتحقيق بعض الأهداف العالمية قبل الموعد المحدد لها”. فما هي طبيعة هاته المكاسب بالنظر إلى الأهداف المحددة؟

1.1. القضاء على الفقر / الطريق لازال شاقا.

كما أشرنا فإن مشروع الألفية حدد هدف القضاء على الفقر المدقع وسطر لذلك ثلاث غايات:

  • الغاية الأولى هي تخفيض نسبة السكان الذي يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد إلى النصف.
  • الغاية الثانية هي توفير العمالة الكاملة والعمل اللائق للجميع بمن فيهم النساء والشباب.
  • الغاية الثالثة هي تخفيض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع إلى النصف. والنتائج المحصل عليها هي كالتالي:

ورد في تقرير الأمين العام قولة ومن بين البلدان التي تتوافر بشأنها البيانات والبالغ عددها 117 بلدا، فإن 63 بلدا تسير حاليا على المسار الصحيح لتحقيق الهدف المتصل بخفض معدل انتشار نقص الوزن ضمن الأهداف الإنمائية للألفية، وذلك بالمقارنة مع 46 بلدا في عام 2006. وتقع معظم البلدان الـ 20 التي لم تحرز أي تقدم ملموس في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”(2).

وقد ورد في تقرير “حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم 2012” والذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بشراكة مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي(WFP) (3). بأن العدد الكلي للجياع، قد هبط إلى حدود 132 مليون شخص خلال الفترتين 1990- 1992 و 2010 – 2012، أي نسبة انخفاض من 18.6 بالمائة إلى 12.5 بالمائة من مجموع سكان العالم، ومن 23.2 بالمائة الى 14.9 بالمائة لدى البلدان النامية، مما يدل على أن خفض عدد الجوعى إلى النصف بحلول 2015 يظل ممكنا في حالة اعتماد إجراءات مناسبة.

ورغم تراجع عدد الجياع في الفترة الممتدة ما بين 1990 و 2007 بشكل مهم، فإنه تراجع ما بين 2007 و2008، ولم يعاود الارتفاع(4).

ويعتقد معدو التقرير بأنه “إذا تواصل المعدل السنوي المتوسط لخفض الجوع على مدى السنوات العشرين الماضية إلى عام 2015، فستصل نسبة من يعانون نقص التغذية بالبلدان النامية إلى 12.5 بالمائة وحتى إن فاق ذلك هدف الألفية الإنمائية البالغ 11.5 بالمائة فهو أقرب كثيرا اليه مما قدر سابقا”(5).

ومن خلال النظر في البيانات المعلنة حول تتبع الأهداف الإنمائية في 2011، نلاحظ ما يلي(6):

 عرفت منظمة شرق آسيا تحسنا في تخفيض الفقر المدقع مع العلم أنها من المناطق التي تعاني بشكل كبير من ظاهرة الجوع، كما تحسنت منطقة شمال افريقيا وإن كانت المشكلة لديها منخفضة، وكذلك الشأن بالنسبة لمنطقة جنوب شرق آسيا. بينما باقي المناطق لم تحقق تقدما ملموسا.

وجاء في تقرير الأمين العام في الدورة 64 ما يلي:

“وفقا لخط الفقر الدولي الذي شاع ذكره والذي حدده البنك الدولي بمبلغ دولار واحد في اليوم، وجرى تنقيحه في عام 2008 ليصبح 1.25 دولارا في اليوم بأسعاره عام 2005، كان لا يزال هناك 1.4 مليار شخص يعيشون في فقر مدقع عام 2005 مقارنة مع 1.8 مليار شخص دولار في 1990. غير انه نظرا لكون الصين هي السبب في معظم هذا النقصان، فإن إحراز تقدم بدون الصين لا يبدو مشجعا إلى حد كبير…”(7).

أما بالنسبة للغاية المتعلقة بتوفير العمالة الكاملة والعمل اللائق. فمن الملاحظ أن الوضع تدهور أكثر، وقليلة هي الدول التي أحرزت تقدما ملموسا(8).

2.1. تعميم التعليم الابتدائي / مجهود مهم.

استطاعت جل الدول النامية تحقيق تقدم مهم في مجال تعميم التعليم الابتدائي وخصوصا فيما يتعلق بحق ولوج البنات إلى المدرسة. وهكذا اجتازت هاته الدول معدلات القيد في المدارس البالغى 90 في المائة.

وكانت زيادة معدل القيد في التعليم الابتدائي هي الأسرع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إذ ارتفعت النسبة من 58 في المائة في عام 2000 إلى 74 في المائة عام 2007(9).

3.1. تعزيز المساواة بين الجنسين / استمرار ضغط المجتمع المدني العالمي.

إن تعزيز المساواة بين الجنسين يعتبر هدفا غير مرغوب فيه في عدة بلدان لأسباب ثقافية ودينية. هناك تطور ملحوظ على مستوى ولوج البنات إلى المدارس حيث تقلصت الفجوة بين الجنسين في معدلات القيد في المدارس الابتدائية ولكن بوثيرة بطيئة.

وصرح الأمين العام “يتجاوز عدد الفتيات في سن الدراسة الابتدائية المقيدات في المدارس 95 فتاة لكل 100 صبي في البلدان النامية في 2008، بالمقارنة مع 91 في عام 1999”(10). ولكن يلاحظ بأن التقدم في مرحلة الدراسة الثانوية لا يتم بنفس الوتيرة، ورغم ذلك فجل الدول بذلت مجهودا كبيرا بحيث يمكن الوصول إلى تحقيق الهدف كليا في سنة 2015.

أما بالنسبة لنسبة النساء في البرلمانات الوطنية، فجل الدول لم تصل بعد إلى النسبة الموجودة وهي 30 في المائة. ورغم ذلك فهناك ارتفاع نسبة 11 في المائة، ويعتقد الأمين العام بأن “البلدان النامية سوف تحتاج، بالمعدل الحالي إلى 40 سنة أخرى لتصل إلى حصة تتراوح بين 40 و60 في المائة في المقاعد المخصصة للمرأة في البرلمان”(11).

ويبدو أن منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، قد حققت تطورا ملموسا في تمثيل المرأة في البرلمان، حيث ارتفعت النسبة من 15 في المائة سنة 2000 إلى 23 في المائة في 2012. فيما افريقيا لازالت في 13 في المائة، أما في جنوب آسيا فقد ارتفعت النسبة من 12 في المائة إلى 18.45 في المائة في سنة 2012. كما عرفت منطقة القوقاز ووسط آسيا نسبة ارتفاع مهمة، إذ انتقلت من 7 في المائة سنة 2000 إلى 17.56 في المائة سنة 2012. وبالنسبة لشمال افريقيا فإنها تجاوزت نسبة 3 في المائة في سنة 2000 إلى 11 في المائة سنة 2012(12).

4.1. انخفاض في معدل وفيات الأطفال.

كانت الغاية المسطرة في إعلان الألفية، هي الوصول إلى تخفيض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين في الفترة ما بين 1990 و2015. ويبدو أن هناك تحسن ملموس في بلدان شرق آسيا وشمال افريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، بينما المناطق الأخرى، مثل القوقاز وآسيا الوسطى وجنوب آسيا وافريقيا جنوب الصحراء الكبرى وغرب آسيا؛ لم تصل إلى التقدم المطلوب(13).

وجاء في تقرير 2010 بأنه تم “إحراز تقدم هائل في مجال الحد من وفيات الأطفال. فمنذ 1990، انخفض معدل وفيات دون سن الخامسة في البلدان النامية نسبة 28 في المائة أي من 100 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة، إلى 72 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة في 2008. وعلى الصعيد العالمي، انخفض مجموع عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 12.5 مليون في عام 1990 إلى 8.8 مليون في عام 2008…”(14) ونوه التقرير بالمجهود الذي حققته رابطة الدول المستقلة وشمال افريقيا وشرق وغرب آسيا وأمريكا اللاتينية. “وخلافا للتوقعات فقد انخفضت جميع معدلات الوفيات للأطفال دون سن الخامسة بنسبة 4.5 في المائة سنويا أو أكثر في كل من بنغلاديش، وبوليفيا، واريتريا وجمهورية لاو الديمقراطية وملاوي، ومنغوليا، ونيبال”(15).

وتحدد أسباب وفيات الأطفال دون سن الخامسة في الالتهاب الرئوي والإسهال وفقدان المناعة، إذ تمثل حوالي 43 في المائة من مجموع وفيات الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العام في عام 2008، والملاحظة الأساسية للتقرير هي كون وفيات الأطفال في انخفاض ولكن ليس بالسرعة الكافية لبلوغ الهدف.

5.1. تحسين الرعاية الصحية للأم

حددت الأمم المتحدة غاية هي الوصول إلى خفض معدل وفيات الأمهات أثناء الولادة بمقدار ثلاثة أرباع في الفترة ما بين عامي 1990 و2005. لكن المجهودات التي بذلت لازالت ضعيفة حيث يقول الأمين العام “فالوفيات النفاسية لم تنخفض إلا بنسبة ضئيلة للغاية من 480 حالة وفاة بين كل مائة ألف مولود على قيد الحياة في عام 1990 إلى 450 حالة في عام 2005. وبهذا المعدل لا يمكن تحقيق الغاية البالغة 120 حالة وفاة في كل مائة ألف مولود على قيد الحياة بحلول عام 2015”(16). فلازالت الولادة محفوفة بالمخاطر وخاصة في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الكبرى وإفريقيا، إذ الأغلبية لا تتوفر على خدمات الرعاية الصحية الممكنة. ورغم ارتفاع نسبة الرعاية الصحية من 53 في المائة إلى 63 في المائة سنة 2008، فإن ذلك غير كاف على الاطلاق. ومن الملاحظ أن الدول التي حققت تقدما ملحوظا، هي دول شمال افريقيا وجنوب شرق آسيا.

ومن الأسباب الرئيسية لوفاة الأمهات أثناء الحمل أو الولادة في المناطق النامية هي النزيف وارتفاع ضغط الدم والتي تشكل معا نصف مجموع وفيات الأمهات اللاتي على وشك الولادة أو اللاتي سيصبحن أمهات لأول مرة. بينما الأسباب الأخرى غير المباشرة مثل الملاريا ومرضى فقدان المناعة البشرية وأمراض القلب، فهي تمثل حوالي 18 في المائة من حالات الوفاة أثناء الحمل أو الولادة(17).

ويلاحظ التقرير المنجز في 2010، توقف التقدم في مجال خفض حالات الحمل بين المراهقات وتعرض المزيد من الأمهات الصغار سنا للخطر، وهناك فجوة كبيرة بين المناطق الريفية والحضرية في مجال الرعاية الصحية.

6.1. مكافحة فيروس الإيدز والملاريا والأمراض الأخرى.

حددت الأمم المتحدة ثلاث غايات أساسية لمواجهة الأمراض:

  • غاية وقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية والقضاء عليه بحلول عام 2015.
  • غاية تحقيق إمكانية الحصول على علاج الفيروس الإيدز بحلول عام 2010 ولكل من هو بحاجة إليه.
  • غاية وقف انتشار مرض الملاريا والأمراض الرئيسية الأخرى والقضاء عليها بحلول 2015.

يلاحظ بان فيروس نقص المناعة البشرية، قد استقر انتشاره في اغلب مناطق العالم، كما ارتفع عدد المصابين الباقين على قيد الحياة لفترة طويلة، واستنادا إلى الإحصائيات فإن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية على المستوى العالمي، قد بلغ ذروته في عام 1996، حيث بلغ عدد المصابين الجدد حوالي 3.5 مليون نسمة وانخفض عدد المصابين الجدد بعد ذلك إلى 2.7 مليون نسمة مع حلول عام 2008(18)، كما انخفض عدد الوفيات من الفيروس إلى 2 مليون حالة وفاة بحلول عام 2008. ولكن لحد الآن لا يمكن القول بأن الإصابة بالفيروس قد تم القضاء عليها، بل لازال الانتشار وإن لم يكن بنفس الحدة في 1996 و2004.

ويشير التقرير الدولي حول الاستراتيجية العالمية في قطاع الصحة حول فيروس نقص المناعة البشرية لسنة 2011(19)، بأن هناك انخفاض في عدد المصابين الجدد، وقد بلغ حوالي 19 في المائة في العشر السنوات الأخيرة، وفي 15 بلد ذات الإصابة المرتفعة، فقد انخفضت نسبة المصابين في أوساط الشباب (15 سنة إلى 22 سنة)، إلى حوالي 25 في المائة.

كما تحسنت وضعية العلاج والوصول إليه لدى البلدان الفقيرة، أو المتوسطة الدخل، بحيث انتقل عدد المستفيدين من ألف في سنة 2003 إلى 5.25 مليون في نهاية 2009، وبالتالي ارتفاع مهم وصل 35 في المائة(20).

وعلى المستوى العالمي، فهناك انخفاض في عدد الوفيات بمرض فيروس فقدان المناعة البشرية وصل 19 في المائة ما بين 2004 و2009.

كما انخفض سعر الدواء نسبيا بحيث تضمن اقتناء الأدوية بكلفة متوسطة تصل 137 دولار للسنة، للفرد الواحد. وارتفعت نسبة النساء الحوامل المستفيدات من العلاج الى 53 في المائة(21).

وبالنسبة لإفريقيا وخصوصا في منطقة الساحل وجنوب الصحراء، فهناك انخفاض في عدد المصابين، إذ وصل إلى نسبة 16 في المائة(22).

وعموما يمكن القول بأن هناك مجهود كبير يبذل للوصول إلى تقليص عدد المصابين ووقف زحف انتشار المرض على المستوى العالمي(23).

أما بالنسبة لباقي الأمراض(24)، فهناك انخفاض بطيء في معدلات القضاء على السل، وكذلك ارتفاع أسعار الدواء،الذي يعيق المجهود المبذول في مجال محاربة الملاريا.

7.1. كفالة الاستدامة البيئية / المراوغة والتحايل

لقد تضمن الهدف الإنمائي السابع الغايات التالية:

  • غاية أ – دمج مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج القطرية وتقليص هدر الموارد البيئية.
  • غاية ب: الحد بقدر ملموس من معدل فقدان التنوع البيولوجي عام 2010.
  • غاية ج: تخفيض نسبة الأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول باستمرار على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسية إلى النصف بحلول 2015.
  • غاية د: تحقيق تحسين كبير بحلول عام 2020 لمعيشة ما لا يقل عن 100 مليون من سكان الأحياء الفقيرة.

ليس من السهل وضع تقويم متكامل للسياسات العالمية حول البيئة، فرغم وجود نية حقيقية لدى المجتمع المدني العالمي للنضال من أجل تحقيق سلامة بيئية، فإن الدول لازالت حريصة على مصالحها المرتبطة بمعدلات النمو. ويمكن القول إجمالا أن التقارير الدولية تتجه إلى القول بظهور دلائل على انخفاض معدل التصحر، وإن كانت نسبة التصحر تثير الكثير من المخاوف.

ورغم المجهود المبذول في التوعية بمخاطر التغير المناخي، فلازال الطريق شاقا “ولولا فعالية بروتوكول مونتريال واتفاقية فيينا، لارتفعت مستويات المواد المستنفدة للأوزون في الغلاف إلى 10 أضعافها بحلول 2015 وعليه؛ فإنه من المرجح أن يودي التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية إلى 20 مليون حالة إضافية من حالات سرطان الجلد، و130 مليون حالة إضافية من حالات إعتام عدسة العين، كما أنها قد تكون السبب في أضرار جهاز المناعة البشري، والحياة البرية والزراعة. كما أن الوقت المستغرق لحدوث حرقة الشمس في جزء كبير من العالم سينخفض بشكل كبير بسبب زيادة قدرها 200 في المائة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة بالحمض النووي”(25).

كما أشار التقرير إلى عدم وصول العالم إلى الغاية المرجوة في عام 2010 في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي مما يهدد العالم بكارثة حقيقية(26). فمن المعلوم أن هناك حوالي 17000 نوع من النباتات والحيوانات أصبحت مهددة بالانقراض، وخسارتها لازالت مستمرة، وهذا من شأنه إحداث تغييرات هائلة في النظم البيئية. والملاحظ أن عدد كبير من الأنواع المهددة بالانقراض  يتزايد يوما بعد يوم، خاصة في الدول النامية. أما بالنسبة لاستغلال مصايد الأسماك في العالم، فيلاحظ استقرار نسبة الاستغلال المفرط، بحيث بقيت مستقرة في 28 في المائة على مدى العشر سنوات الماضية(27).

أما بالنسبة لتخفيض نسبة السكان الذين لا يمكنهم الحصول على مياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي الأساسية إلى النصف بحلول عام 2015، فيلاحظ حسب التقرير بأن العالم يتجه نحو الاتجاه الصحيح لتحقيق هدف مياه الشرب، رغم وجود صعوبات وتعثر في بعض المناطق. وهكذا يؤكد التقرير بأنه “إذا استمرت الاتجاهات الحالية المتعلقة بمياه الشرب فإن العالم سوف يصل أو حتى يتخطى الهدف الإنمائي للألفية المتعلق بمياه الشرب وذلك بحلول عام 2015. حيث سيكون في مقدور 86 في المائة من سكان المناطق النامية، الوصول إلى مصادر محسنة لمياه الشرب، ولقد حققت أربعة مناطق الهدف، وهي شمال افريقيا، وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وآسيا الشرقية، وجنوب شرق آسيا”(28).

أما بالنسبة للصرف الصحي، فنصف سكان المناطق النامية لا يتوفرون على ذلك، ولذلك لن يتحقق الهدف في 2015. وبالطبع هناك تفاوت كبير بين المناطق الحضرية والريفية في البلدان النامية في مجال الصرف الصحي، وهو خلل صعب تداركه.

أما بالنسبة لغاية تحقيق تحسن كبير في الأحوال المعيشية لمائة مليون على الأقل من سكان الأحياء الفقيرة بحلول 2015، فهناك تحسن نسبي، حيث انخفضت نسبة السكان الحضر الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة في البلدان النامية، إذ انتقلت من 39 في المائة عام 2000 إلى 33 في المائة عام 2010. وبالطبع لازال عدد الأحياء الفقيرة مرتفعا في دول افريقيا والدول المتضررة من النزاعات المسلحة؛ وكذلك جنوب آسيا(29).

8.1. إقامة شراكة عالمية.

انه الهدف الإنمائي الثامن والذي تضمن الغايات التالية:

  • غاية ألف: المضي في إقامة نظام تجاري ومالي يتسم بالانفتاح والتقيد بالقواعد والقابلية للتنبؤ به وعدم التمييز.
  • غاية ب: معالجة الاحتياجات الخاصة لأقل البلدان نموا.
  • غاية جيم: معالجة الاحتياجات الخاصة للبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية.
  • الغاية دال: المعالجة الشاملة لمشاكل ديون البلدان النامية باتخاذ تدابير على الصعيدين الوطني والدولي لجعل ديونها ممكنا في المدى الطويل.
  • الغاية هاء: التعاون مع شركات المستحضرات الصيدلانية لإتاحة العقاقير الأساسية بأسعار ميسورة في البلدان النامية.
  • الغاية واو: التعاون مع القطاع الخاص لإتاحة فوائد التكنولوجيا الجديدة، وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أشار التقرير إلى الحقائق التالية:

  • استمرار المعونات الاقتصادية على الرغم من وقوع الأزمة الاقتصادية، ولكن إفريقيا لم تحصل على كفايتها من المساعدات(30).
  • خمسة دول مانحة هي التي حققت أهداف الأمم المتحدة في مجال المساعدات الرسمية. ففي سنة 2009 كانت الدول الوحيدة التي بلغت الهدف أو تجاوزته هي الدنمارك ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والسويد. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر الجهات المانحة ثم فرنسا وألمانيا وبريطانيا واليابان(31).
  • زيادة ملحوظة في حجم حصص الدول النامية من أسواق الدول المتقدمة(32).
  • الدول الأقل نمو هي الأكثر استفادة من التخفيضات الجمركية، وخاصة على المنتجات الزراعية(33).
  • تخفيف أعباء الديون عن الدول النامية وإبقائها دون المستويات السابقة بكثير(34).
  • هناك تزايد للطلب على تقنية المعلومات والاتصالات(35).
  • هناك فجوة كبيرة بين مستخدمي الانترنيت العريضة النطاق، ومعظمهم من الدول المتقدمة وبين مستخدمي الانترنيت عن طريق الطلب الهاتف التقليدي(36).
  • مازالت الشبكة العالمية للانترنيت مغلقة بالنسبة لغالبية شعوب العالم(37).

2 – الإخفاقات وأسبابها / تعقيدات السياسة العالمية

هناك إقرار عالمي بأن الأهداف الإنمائية الثمانية المعلنة في مشروع الألفية، ذات أهمية كبيرة لمستقبل البشرية بكاملها، بل هي التي ستحدد بقاء الإنسان. ذلك أن تفاقم الوضع البيئي وانتشار الأمراض زحف التصحر واختلال الموازين بين الشمال والجنوب والتغير المناخي واشتداد الفقر، كلها عوامل من شأنها أن تؤدي إلى ضياع وفقدان الاستقرار العالمي(38) والولوج إلى عصر آخر من الفوضى والكوارث ذات البعد العالمي. لهذا فالنظر إلى هذه الأهداف الإنمائية، يحتاج إلى مزيد من البحث المعمق، في شروط إنجاحها وصياغة إستراتيجية عالمية محكمة، للوصول إلى تحقيق الحد المعقول منها؛ والكفيل بضمان سير سليم وعقلاني للوضع العالمي.

لاشك أن هناك مكاسب، لكن الإخفاقات كثيرة وتبعث على الخوف والتوجس من المستقبل القريب.

لقد حاولت جهات أكاديمية وسياسية متعددة، النظر في طبيعة هذه الاخفاقات وأسبابها. من أهمها فرق العمل المشتغلة في الأمم المتحدة والمهتمة بتقييم الهداف الإنمائية. كما اشتمل تقرير الأمين العام في الدورة 67 في سنة 2012 على تلخيص دقيق لنتائج الأهداف الإنمائية بحيث قال: “بيد أن التقدم المحرز لم يكن موحدا. فأوجه انعدام المساواة بين سكان كثيرين آخذة في التصاعد، وبخاصة في جنوب آسيا وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية متفشيان. ومع أن إمكانية الحصول على خدمات الصحة والتعليم ربما تكون آخذة في التزايد، ومازالت نوعية الخدمات في مناطق كثيرة دون المستوى المطلوب. ومع أن الغاية المتلعقة بالمياه من غايات الأهداف الإنمائية للألفية ربما يكون قد تم بلوغها، فإن التقدم المحرز صوب بلوغ الغايات المتعلقة بالصرف الصحي يبعث على الأسى، بل وفي بعض المناطق ساءت نوعية المياه. وفي العام الماضي، انخفضت المساعدة الإنمائية الرسمية لأول مرة منذ سنوات كثيرة، وتتزايد شعبة التدابير الحمائية التجارية”(39).

وقد سبق لفريق تقرير “الاستثمار في التنمية: خطة عملية لتحقيق الغايات الإنمائية للألفية 2005”(40)، صياغة مجموعة من التوصيات الهامة، لتسريع وتيرة العمل الدولي في مجال الأهداف الإنمائية.

وجاء في هذه التوصيات ما يلي:

التوصية 1:

ضرورة تبني الدول لإستراتيجية جسورة، أطلق عليها اسم استراتيجيات الحد من الفقر المستندة إلى الأهداف الإنمائية الثمانية، ويتعين العمل بها منذ 2006.

التوصية 2:

ينبغي أن تدعم استرتيجية الحد من الفقر المستندة إلى الغايات الإنمائية الثمانية، عملية تصعيد الاستثمارات العام وبناء القدرات وتعبئة الموارد المحلية والمساعدة الإنمائية الرسمية وتعزيز الإدارة وحقوق الإنسان وإشراك المجتمع المدني والنهوض بالقطاع الخاص؛ اعتماد مبدأ تقييم السياسات.

التوصية 3:

ينبغي تبني مبدأ الشفافية في تعامل الدولة مع شركائها الدوليين والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ وإشراكهم في تعميم السياسات العمومية.

التوصية 4:

ينبغي أن يحدد المانحون الدوليون 12 بلدا على الأقل من الدول التي تمضي على الطريق السريع لتحقيق الأهداف الإنمائية من أجل تصعيد سريع للمساعدة الإنمائية الرسمية التي تحصل عليها تلك الدول…

التوصية 5:

تعاون الدول النامية والمتقدمة ابتداء من 2005 على إطلاق مجموعة من المبادرات التي من شأنها تحسين أوضاع ملايين الناس وتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء الخبرة الفنية على مستوى المجتمع المحلي.

التوصية 6:

ينبغي أن تتلقى المنظمات الإقليمية دعما مباشرا ومتزايدا من المانحين للمشاريع الإقليمية.

التوصية 7:

ينبغي أن تزيد البلدان ذات الدخل المرتفع المساعدة الإنمائية الرسمية التي تقدمها الى البلدان المانحة من النسبة التي بلغتها في سنة 2003 وهي 0.25 في المائة من الناتج القومي الاجمالي إلى حوالي 0.44 في المائة سنة 2006 وإلى 0.54 في المائة في سنة 2015 (…) وينبغي أن يبلغ كل بلد مانح نسبة 0.70 في المائة في موعد لا يتجاوز سنة 2015 لدعم الغايات وغيرها من الاحتياجات، وينبغي أن يكون تحقيق عبء الديون أوسع نطاقا وأكثر سخاء.

التوصية 8:

ينبغي على الدول ذات الدخل المرتفع أن تفتح أسواقها أمام صادرات الدول النامية، وأن تساعدها من خلال الاستثمار في البنية التحتية المتعلقة بالتجارة (الموانئ – الطرق – الكهرباء…).

التوصية 9:

ينبغي أن يحشد المانحون الدوليون دعما لأعمال البحث والتطوير العلميين لتلبية الاحتياجات الخاصة للفقراء في مجالات الصحة والزراعة وإدارة الموارد الطبيعية والإدارة البيئية والطاقة والمناخ. ونحن نقدر أن الاحتياجات الإجمالية تبلغ حوالي 7 ملايين دولار سنويا.

التوصية 10:

ينبغي للأمين العام للأمم المتحدة ولمجموعة  الأمم المتحدة الإنمائية تعزيز التنسيق بين وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها لدعم الغايات؛ في المقر الأممي وعلى المستوى النظري.

هذه مجمل التوصيات التي قمنا بتلخيص بعضها، ورغم أهميتها وجداولها، فإن تطبيقها والعمل بها لازال متعثرا. فهي تضع خريطة طريق لإنجاح جميع المبادرات الرامية إلى دعم المخطط الأممي المتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية.

وقد انعقد مؤتمر ريو +20 (البرازيل – يونيو 2012) وهو المؤتمر ألأممي المعني بالتنمية المستدامة، والغرض منه البحث في المسارات التي تفضي إلى “مستقبل مستدام، مستقبل يوجد فيه مزيد من فرص العمل، ونريد من الطاقة النظيفة وأمن كبير، ومستوى معيشة لائق للجميع”(41). وانتهى المؤتمر بالاتفاق على تعزيز “اقتصاد أخضر” والبحث نحو السبل الكفيلة بضمان دعم مشاريع التنمية.

وانتقدت المنظمات غير الحكومية وخاصة تلك المهتمة بالبيئة، المؤتمر واعتبرته فاشلا، ومروجا لشعارات جوفاء ويرى البعض بأن الأمر يتعلق بأزمة حكم وهناك انهيار حقيقي.

ويمكن اختزال الأسباب العامة التي ساهمت وتساهم في المزيد من التعثر والإخفاق في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية فيما يلي:

  • انخفاض مستويات المعونة الإنمائية.
  • أزمة أسعار المواد الغذائية(42).
  • الأزمة المالية العالمية(43).
  • الحرب على الإرهاب وتكلفته الإنسانية.
  • التكالب العالمي للشركات المتعددة الجنسية على الخيرات العالمية وعدم احترامها للمواثيق الدولية وإعانتها للتنمية في البلدان النامية.
  • الإجرام الاقتصادي العالمي(44) من طرف الدول والمافيا، والاتجار في الأسلحة والبشر ونهب الغابات وترويج المخدرات(45)
  • الحرب الاقتصادية الطاحنة بين الدول والتكتلات الإقليمية.
  • الانقلابات العسكرية والصراعات المسلحة.
  • الثورات العربية الآن وتداعياتها على الوضع الإنساني في تونس وسوريا ومصر.
  • الحرب في مالي.
  • التغير المناخي وتأثيره على الأنظمة البيئية.
  • الكوارث الطبيعية وتأثيرها على الأراضي والممتلكات وتسببها في الهجرة.
  • عدم وجود إرادة دولية حقيقية لضمان التوازن العالمي.

خامسا: مآلات الأهداف الإنمائية الثمانية

ليس من السهل صياغة مشاهد دقيقة لمستقبل الأهداف الإنمائية ذلك لارتباطها بمجموعة من التحولات الإقليمية والدولية وكذلك التحولات المناخية. والملاحظ أن رواد الفكر المستقبلي ينحازون عامة إلى الحديث عن ثلاث مشاهد مستقبلية كبرى للعالم(46):

المشهد المستقبلي الأول:

يتصور العالم عبارة عن سوق عالمي مشترك، تزدهر منه التجارة والمبادلات بين الدول والشعوب، وتندرج الدول النامية في الاقتصاد العالمي وتتبنى الخيار الليبرالي ومبادئ الجات، وشيوع ثقافة حقوق الإنسان واحترام البيئية والقضاء على التمييز وإقامة عدالة عالمية بل العمل بتوجيه حكومة عالمية. وهو سيناريو مثالي وغير واقعي ولا يفصح في حقيقة وعمقه على منطق الهيمنة للفكر الأحادي.

المشهد المستقبلي الثاني:

يتصور العالم عبارة عن صراع وفوضى، وتضارب بين القلع الاقتصادية التي لم تعد تعمل بمبدأ التعاون الدولي والتبادل الحرب وإنما بمنطق الحمائية، أو بمنطق تجديد مفهوم المجال الحيوي الرخو إرساء جيوسياسية القوة والهيمنة. في هذا المشهد ستكون هناك قوى تتقاسم مجالات العالم، مع شيوع الحروب غير المتماثلة والتي هي حروب المضطهدين أو العبيد ضد أسياد العالم.

المشهد المستقبلي الثالث:

يعتقد بأن الإنسان قادر على التغيير والاستفادة من التاريخ المعاصر المليء بالحروب والنزاعات وبالتالي الاتفاق على ميثاق أخلاقي عالمي عقلاني يوجه السلوك العالمي ويسهر على ضمان التبادل الاقتصادي والثقافي؛ ويحرص على تصحيح الاختلالات وتقويم السياسات بشكل يتواءم مع مبدأ العيش الإنساني المشترك. وهو سيناريو مثالي وإن كان مبنيا على مقاصد إنسانية حقيقية تؤمن بتدبير التنوع والتعدد والاختلاف واحترام الكرامة الإنسانية، بعيدا عن التوقع في دوغمائيات التوجهات الفكرانية وبعيدا عن الهيمنة الغربية وتمركزها.

لا يمكن ترجيح مشهد على آخر، وإن كان الغالب على الدارسين والباحثين في مجال الدراسات المستقبلية، التوجس من المستقبل القريب والمتوسط وحتى البعيد، بالنظر إلى القوى المهيمنة اليوم وروح التدمير المتحكمة في التوجه العام للفاعلين في العلاقات الدولية.

وبناء على المشاهد المستقبلية الثلاث يمكن تصور مشهدين بالنسبة للأهداف الإنمائية:

1 – الفشل في تحقيق الأهداف الإنمائية.

قد تحقق بعض الدول نجاحا في بعض الأهداف أو الغايات أو جلها، لكن لحد الآن ليست هناك منطقة من الدول النامية، بلغت النتائج المرجوة في كل الأهداف الإنمائية، وبناء على بيانات الرصد والمتابعة للأهداف الإنمائية، يمكن القول بأن منطقة شرق آسيا متقدمة في الترتيب وتليها منطقة شمال إفريقيا، بينما باقي المناطق هي بعيدة عن الأهداف الإنمائية. وتعتبر كل من إفريقيا جنوب الصحراء وأوقيانوسيا من المناطق الجد متأخرة.

وبناء على المحددات الأساسية لتطور الاتجاهات وهي عوامل الديموغرافية والاقتصاد والبيئة والسياسة والتكنولوجيا والأمن والجوانب الاجتماعية، فمن المستحيل تمكن هذه الدول من بلوغ الأهداف في 2015، ومن الصعب الوصول إليها في المستقبل القريب أو المتوسط.

فكما أشرنا إلى أسباب تعثر الأهداف الإنمائية، فمن الملاحظ أن الدراسات المستقبلية لا تتوقع تحسنا كبيرا في مجال القضاء على مصادر تهديد الاستقرار في العالم ومن ذلك بيع الأسلحة في السوق الرسمية أو السوداء، كما أن نسبة الإجرام الدولي لازالت في تصاعد مستمر وليس هناك وعي بضرورة التداول السلمي على الحكم، كما أن التدهور البيئي لن يسمح لهاته المناطق بتنمية مستدامة في المنظور القريب، اللهم إذا توافرت إرادة دولية كبيرة وحقيقية. كما يعتقد بأن تطور الأمراض وخصوصا فيروس السيدا، لن يتوقف عن الانتشار ووحده كفيل بعرقلة جميع الأهداف. أما تهافت الشركات الكبرى على خيرات المناطق وافتعال الصراعات فيها، فلن يسمح بتحسين الأوضاع. وبناء على المشهد الكارثي للعالم وترابط مشاكله فلن تستطع الدول النامية الخروج من الأزمة في العقود المقبلة، وخصوصا وأنها مهددة بانفجار سكاني رهيب، من شانه ترسيخ وضع حالة الجوع والإجرام والعنف.

2 – إرجاء النجاح إلى ما بعد 2030(47).

هذا المشهد يقوم على فكرة أساسية ومؤداها أن العالم قادر على تحقيق رشد إنساني عالمي، وقدرة على تدبير شؤونه بشكل عقلاني. لكن تحقيق مشهد نجاح الأهداف الإنمائية في سنة 2030، مرهون ومرتبط بوضع استراتيجيات محكمة قبل الوصول إلى 2015، ومن ذلك مجمل التوصيات التي تقدم بها فريق العمل المهتم بتتبع ورصد الأهداف الانمائية.

وهذا المشهد مستبعد، ذلك أن ضمان نمو متكامل في جل المناطق وبدون تكلفة على مستوى البيئة غير ممكن في ظل اعتماد المقاربات الحالية للنمو الاقتصادي والتنافس التجاري الدولي. كما أن الارتباط بالبترول والصراع حوله، وعدم الانخراط العالمي في اقتصاد أخضر وبدائل واقعية وممكنة في مجال الطاقة وترشيد المياه وضبط التطور الديموغرافي لن يمكن المجتمع الدولي من إمكانية الوصول إلى الأهداف الإنمائية في جميع المناطق وذلك حتى في سنة 2030.

خاتمـــة

إن الوعي بالمستقبل العالمي المشترك كفيل بتجاوز كل العوائق والمشاكل التي يمكن أن تعترض البشرية، ولكن يتعين كذلك أن يقترن العمل الدولي المتواصل في ترسيخ ثقافة المستقبل المشترك – بإرادة عالمية منسجمة؛ تتوافق فيها مطامح جميع الفاعلين. فمن المعلوم أن التفاعلات العالمية، أصبحت متشابكة وغاية في الترابط وكل تصرف انفرادي بالقرار العالمي، يمكن أن يؤدي إلى استمرار التدهور والتردي.

فالحكامة العالمية الحقيقية والخالية من الشعارات الجوفاء والمقاصد الفاسدة والأنانية والبعيدة عن التحيزات غير السليمة، قادرة على تدبير عقلاني للشأن العالمي.

د. خالد ميار الإدريسي
رئيس تحرير مجلة مآلات، فصلية محكمة تعنى بالدراسات الاستشرافية

الهوامش:

(1)- تقرير الأمين العام، الدورة 67، 2012 ص: 3.

(2)- تقرير الأمين العام، الدورة 24، 2010 ص: 7.

(3)- موقع منظمة الأغذية والزراعة  www.fao.org

(4)- نفسه.

(5)- نفسه.

(6)- Tableau de suivi des objectifs du millénaire en 2011 in mdgs.un.org.

ويمكن الرجوع إلى مجلة:Carto

-« la pauvreté dans le monde » Carto n° : 11.2012 p : 22.

(7)- تقرير الأمين العام لدورة: 64، ص: 6.

(8)- نفسه، ص: 7 – 8، وانظر كذلك مجلة Carto n° : 11 ص: 22.

(9)- نفسه.

(10)- نفسه، ص: 9.

(11)- نفسه، ص: 9.

(12)- PNUD – www.undp.org

(13)- Tableau de suivi des objectifs du millénaire en 2011, op.cit.

(14) – تقرير عام 2010 عن الأهداف الإنمائية للألفية، ص: 26، انظر بوابة أهداف الألفية.

(15)- نفس المصدر، ص: 27.

(16)- تقرير الأمين العام للدورة 64، ص: 13.

(17)- تقرير عام 2010، مصدر سابق، ص: 33 و34.

(18)- نفسه.

(19)- La stratégie mondiale du secteur de la santé sur le sida 2011 – 2015. www.who.int

(20)-  Ibid, p :4.

(21)- Ibid, p : 5.

(22)- Sida en Afrique subsaharienne, rapport de situation 2011, www.who.org.

(23)- Tableau de suivi des objectifs op.cit

(24)- تقرير عام 2010، مصدر سابق، ص: 47 – 51.

(25)- نفسه، ص: 55.

(26)- أنظر التقرير الدولي حول حالة الغابات في العالم 2012 موقع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

(27)- تقرير عام 2010، مصدر سابق، ص: 56 – 57.

(28)- نفسه، ص: 58.

(29)- نفسه، ص: 63 – 64.

(30)- نفسه، ص: 66.

(31)- نفسه، ص: 67.

(32)- نفسه، ص: 68.

[33)- نفسه، ص: 68.

[34)- نفسه، ص: 70.

(35)- نفسه، ص: 71.

(36)- نفسه، ص: 72.

(37)- نفسه، ص: 72.

(38)- atlas géostratégique 2013 in Diplomatie. Les grands dossiers n° 12, 2013.

– l’état des conflits 2013. Diplomatie. . Les grands dossiers n° 13, 2013

(39)- تقرير الأمين العام لدورة 67، ص: 3.

(40)- تقرير “الاستثمار في التنمية: خطو عملية لتحقيق الغايات الإنمائية للألفية 2005” بوابة الأهداف الإنمائية للألفية.

(41)- انظر الصفحة الخاصة بمؤتمر ريو +20 (المستقبل الذي نريده) www.un.org

(42)- انظر موقع  euronews.com

(43)- تقرير “حالة أسواق البيع الزراعية: ارتفاع أسعار المواد الغذائية – التجارب والدروس المستفادة” 20089 موقع منظمة الأمم المتحدة للزراعة.

(44)- Rapport sur la stabilité financière dans le monde FMI ,Washington, 2012.

(45)- Atlas géostratégique 2013. Op.cit.

(46)- Allen Hammond : quel monde pour demain ?

Nouveaux Horizons. 1998 pp : 31-62.

(47)- بخصوص التوقعات العالمية الممتدة إلى 2030. أنظر:

– Virginie Raison : Atlas des futures du monde. Robert Laffont 2010.

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *