التعليم الدولي وآثاره في النمو والازدهار العالمي

الرئيسية » تربية وتكوين » التعليم الدولي وآثاره في النمو والازدهار العالمي

يمثل هذا التقرير استراتيجية للنمو الصناعي في المملكة المتحدة، التي تطمح في زيادة أعداد الطلبة الدوليين في مؤسسات التعليم العالي بنسبة تتراوح بين (15 – 20%) خلال السنوات الخمس القادمة، حيث بين التقرير الذي أصدرته وزارة الأعمال والابتكار والمهارات (Department of Business Innovation and Skills BIS)؛ الوضع الحالي والمحتمل للمملكة المتحدة، والتوسع المستقبلي في القطاعات كافة، بما فيها قطاع التعليم، والبحث التعاوني على المستوى الوطني والصناعات الأخرى المرتبطة بمنتجات التعليم.

وقد أشار وزير التعليم العالي والعلوم ديفيد ويليتز (David Willetts)، إلى أن القطاعات الأخرى يمكن أن تنهج نهج قطاع التعليم في المملكة المتحدة، وتحرز نجاحات مثيرة للإعجاب، بعد ما حققه التعليم العالي ومؤسساته في المملكة المتحدة من الاعتماد والموثوقية حول العالم بامتياز، حيث أكد الوزير على ضرورة اغتنام هذه الفرصة للاستفادة من هذه السمعة القوية، بتحديد خطة طموحة للقيام بالمزيد من الانجازات، وكون التعليم يتغير بشكل سريع فينبغي أن تكون الاستجابة سريعة، لذا جاءت هذه الاستراتيجية؛ لوضع الخطة العازمة على الاستفادة من موقع بريطانيا القوي.

كما نوّه الوزير إلى مساهمة الطلبة الدوليين الذين يدرسون في بريطانيا، في الاقتصاد البريطاني أثناء دراستهم عبر ما ينفقونه من رسوم دراسية ونفقات معيشية، والتي قدرت في العام الدراسي 2011-2012م، بما قيمته (10,2) مليار جنيه استرليني، فضلاً عن تعزيز الحياة الثقافية في بريطانيا، وتوسيع التجربة التعليمية للطلبة البريطانيين الذين يدرسون معهم، وجاء ذلك نتيجة لعدم وجود أي تشريع يحد من أعداد الطلبة الدوليين في بريطانيا، وأدى ذلك إلى انجذاب الكثير من الدول، إلى الخبرة التي تقدمها المؤسسات والمنظمات في بريطانيا، من خلال نماذج الإدارة والتطوير المهني للمناهج الدراسية، والهيكلة والسمعة الدولية للمؤهلات البريطانية، والإدارة والتمويل.

حيث أكد الوزير على تبني منهج جديد لنظام التعليم في المملكة المتحدة، الذي سوف يتيح المزيد من الفرص، التي تتطلب استجابة متناسقة بين المدارس والجامعات والكليات، والتعاون مع الخدمات الأخرى، التي تدعم مبادرات التعليم، وأن تكون بريطانيا رائدة في ثورة تقنية التعليم (Etch Revolution)، لتطوير نماذج مناسبة لتعليم الأعداد المتزايدة من الطلبة الدوليين، من الدول التي تطمح إلى تطوير وتعليم شبابها، كما يجب الاستفادة من الدورات التعلمية الضخمة المفتوحة عبر شبكة المعلومات (Massive Open Online Courses MOOCs)، التي تنمو بشكل هائل لتكون البوابة إلى الجامعات والكليات البريطانية.

وقد ركز التقرير على أن قطاع التعليم يُعدّ ثاني أكبر قطاع في العالم بعد قطاع الرعاية الصحية، حيث ازدادت أعداد الطلبة في المرحلة الابتدائية من(400) مليون طالب إلى (691) مليون طالباً في عام 1970م، وفي المرحلة الثانوية من (184) مليون طالباً إلى (544) مليون طالباً في عام 2010م، كما ارتفعت أعداد الطلبة في التعليم العالي من (33) مليون إلى (178) مليون طالباً خلال نفس الفترة، وأن النمو مستمر على المستوى العالمي نتيجة للتغيرات السكانية (Demographic Changes)، وارتفاع مستوى الدخل في الدول النامية (Developing Countries)، وبوجود اقتصادات ناشئة (Emerging Economies)، تركز على زيادة أعداد الطلبة في التعليم العالي.

أما على صعيد التعليم في العالم وبأشكاله كافة، فقد خلص التقرير إلى أنه يمثل فرصة ضخمة لبريطانيا، حيث قُدّرت قيمة الدخل الناتج عن التعليم في الاقتصاد البريطاني بنحو(17,5) مليار جنيه استرليني عام 2011م، وعلى هذا فقد قام التقرير بتحليل الفرص الاقتصادية الناتجة عن هذا النمو، ووضع خطة للمملكة المتحدة لاغتنام هذه الفرص للبناء، على قوة نظام التعليم في الداخل والخارج.

كما وضح التقرير أن بريطانيا في موقع قوي عالمياً في عدة مجالات، منها الاعلامية والرياضية والعلمية، وذلك لما تتمتع به الجامعات والكليات البريطانية من تاريخ عريق من الامتياز والابداع والسمعة الدولية للجودة والدقة، كما أشار إلى الإصلاحات التي تمت على قطاع التعليم بمستوياته كافة، الذي جذب انتباه العالم أجمع، وذلك حسب ما خلصت إليه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)؛ بأن بريطانيا هي أول دولة في أوروبا قد وصلت إلى نظام مستدام لتمويل التعليم العالي.

وبين التقرير أن(75%) من الدخل الناتج عن التعليم العالي ناشئ عن الطلبة الدوليين، الذين يدرسون في المملكة المتحدة، ومع أن نمو الدورات التي يتم تدريسها باللغة الانجليزية؛ فإن الكثير من الطلبة يرغبون بالتعلم من معلمين لغتهم الأم هي الانجليزية، كما يفضلون نظام التعليم البريطاني لخبرته واسمه.

كما أكد التقرير أن تقوم المملكة المتحدة بإثبات تقديرها للطلبة الدوليين، والترحيب بهم ودعمهم أثناء وجودهم في بريطانيا، والبقاء على اتصال معهم بعد العودة إلى ديارهم، وذلك في سبيل زيادة أعداد الطلبة الدوليين بنسبة (15-20%) خلال السنوات الخمس القادمة، حيث تم إعادة هيكلة نظام تأشيرات الإقامة للطلبة؛ لضمان منع سوء استخدام النظام من قبل الطلبة غير الأصليين، وذكر ما قامت به وزارة التعليم من خطوات في سبيل تحقيق ذلك، من خلال العمل مع المركز البريطاني (British Council)، ووزارة التجارة والاستثمار (UKTI)؛ للتواصل حول كيفية تقديم التعليم البريطاني في الأسواق العالمية، ومن خلال حماية الطلبة الدوليين أثناء إقامتهم في بريطانيا عبر هيئة التعامل مع أزمات الطلبة الدوليين (Responding to International Students Crises Committee RISC)، وكذلك في استكشاف الفرص وإيجاد شراكات جديدة مع الدول التي ترسل أعداداً كبيرة للدراسة في بريطانيا، ومن خلال عمل وزارة الشؤون الخارجية عبر شبكتها الدولية؛ لتشجيع المشاركة من الطلبة الخريجين بمنحة شيفنينج (Chevening Scholarship)، كأحد البرامج الوطنية الذي تم إيجاده لبناء واستمرار التفاعل مع (200) ألف طالب دولي، يتخرجون من جامعات المملكة المتحدة في كل عام.

وشدد التقرير على ضرورة دعم التعليم عبر الحدود (Transnational Education TNE)، الذي يقدم التعليم للطلبة الذين يرغبون بالدراسة في الجامعات البريطانية دون الخروج من بلدانهم، وهو نظام يقدم فرصاً كثيرة للطلبة الدوليين ويشجعهم على استكمال الدراسة في بريطانيا فيما بعد، حيث أشارت دراسة لمجلس المدارس البريطانية الدولية (Council of British International Schools COBIS)، أن(39%) من الطلبة خريجي المدارس البريطانية الدولية (British School Overseas BSO)، قد توجهوا إلى بريطانيا للدراسة في جامعاتها في عام 2012م، كما يعمل نظام التعليم عبر الحدود على تعزيز وضع التعليم البريطاني عالميًّا، ويساعد في توضيح توجه بريطانيا بالرغبة في التآلف مع المتطلبات المختلفة للدول.

ونوّه التقرير أنه في سبيل نشر التعليم البريطاني دوليًّا، يجب دعم الجامعات، والكليات، ومؤسسات تعليم اللغة الإنجليزية، والمدارس الخاصة، وشركات التعليم الخاص، وذلك عبر تدعيم إطار ضمان الجودة للتعليم عبر الحدود (TNE)، من خلال إيجاد مخطط الاعتماد الدولي لمنظمات تعليم اللغة الإنجليزية، الذي سوف ينشر المواصفات البريطانية كمعيار عالمي للجودة، وإيجاد مخطط لضمان جودة المدارس البريطانية الدولية (BSO)، وفي تطوير نظام ضمان الجودة في الكليات الموجود في الوقت الحالي، لتقديمه دوليًّا، كما هو جاري العمل حاليًّا على تطوير نظام ضمان جودة من قبل مؤسسة ضمان الجودة (Quality Assurance Agency QAA)، ووحدة التعليم العالي الدولي؛ لتدعيم ضمان الجودة في التعليم العالي عبر توفير نماذج متينة وآليات للالتزام بالجودة العالية.

وفي سبيل الريادة العالمية في تقنية التعليم، فقد بين التقرير أن الاستغلال الفعال للتقنية هو المفتاح لنمو التعليم، إذ تُعدّ الشركات البريطانية من ضمن أفضل الشركات عالميًّا في الابداع، وفي تطوير مصادر التعلم الرقمية في المدارس والجامعات، كما تقوم المملكة المتحدة على عقد المعرض البريطاني للتدريب التعليمي والتقني (British Educational Training and Technology BETT) السنوي، الذي يُعدّ أضخم حدث تقني في العالم، وقد حضره هذا العام (12000) شخص، كما أكد على دعم شركات تقنية التعليم، لما تواجهه من تحديات في التمويل والدعم.

 بالإضافة إلى دعم وتحفيز مؤسسات التعليم العالي في بريطانيا على تطوير سبل جديدة لتقديم التقنية في العالم؛ للاستفادة من الدورات الضخمة المفتوحة على الانترنت (MOOCs)، من أجل تطوير برنامج التعلم المستقبلي (FutureLearn)، كأول أساس بريطاني للدورات (MOOCs)، من خلال التعاون بين الجامعة المفتوحة، وإحدى وعشرين جامعة بريطانية، والمكتبة البريطانية، والمتحف والمركز البريطاني، بالعمل مع مجلس استراتيجيات التقنية (Technology Strategy Board TSB)، وبمساعدة خبراء فيها؛ للوصول إلى برنامج دعم التقنية التعليمية والابداع، وعملية تسويقها.

ومن العوامل التي تساعد على ذلك، بناء علاقات جديدة مع القوى الناشئة بين الدول، التي تطلب التعليم، والدول التي تقدمه، بالتركيز على احتياجات السوق، وللحفاظ على تلك العلاقات يجب تبادل الثقافة، وزيادة أعداد الطلبة في منحة شيفنينج الدراسية (Chevening Scholarship) للطلبة الدوليين، إذ تم تحديد ثمانية دول ومنطقة واحدة كأولوية للتعليم الدولي، وهي كل من الصين والهند والبرازيل والمملكة العربية السعودية وكولومبيا وتركيا والمكسيك وأندونيسيا والخليج، كما تعمل وحدة التعليم العالي الدولي على تطوير استراتيجية تشجع الطلبة البريطانيين للدراسة في الخارج.

ومن أجل بناء العلامة التجارية للمملكة المتحدة واغتنام الفرص فقد ذكر التقرير، أن وحدة التعليم العالي الجديدة سوف تدعم قطاع التعليم في المملكة المتحدة في السوق، مع التركيز على الفرص الثمينة حول العالم، إذ تطمح الوحدة للوصول إلى عقود بقيمة مليار جنيه استرليني بحلول عام 2015م، وعلى المدى البعيد، ضمان (3) مليارات جنيه استرليني بحلول عام 2020م، كما تم إطلاق حملة (GREAT) العام الماضي، والتي تعمل مع حملات أخرى، يقوم بها المركز البريطاني على تشجيع التعليم في دول مثل الصين والهند والولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك وإندونيسيا وتركيا وكوريا الجنوبية وروسيا والدول الناشئة في أوروبا، كما بين التقرير أنه يتم العمل على توسيع نطاق خدمات توظيف التعليم الجامعي في بريطانيا، التي ساعدت على جذب الطلبة الدوليين، إذ سوف يتم اطلاق موقع الكتروني، يتضمن المدارس الداخلية (Boarding Schools)، ومدارس اللغة الانجليزية والكليات، والجامعات في التعليم البريطاني عبر الحدود؛ للتسهيل على الطلبة عملية البحث عن الدورات، والجامعات والمنح الدراسية والوكلاء المعتمدين في بلادهم.

ولضمان التواصل الفعال بين أجزاء قطاع التعليم كافة، فقد أكد التقرير أن الحكومة سوف تعمل على تأسيس مركز التعليم الدولي (International Education Council)، يعمل كقائد لهذه الاستراتيجية، ولقطاع التعليم الدولي.

وأشار التقرير إلى أهمية قطاع التعليم في المملكة المتحدة، ويجب عليها أن تستغل الفرص المتاحة للتعليم في العالم، عبر الترحيب بالطلبة الدوليين، والاعتناء بهم، والبقاء على اتصال معهم بعد عودتهم إلى ديارهم، والعمل على توفير خيارات واسعة للطلبة من التعليم البريطاني في بلدانهم، مع ضرورة التأكد من جودته واعتمادية المؤهل الممنوح لهم.

كما خلص إلى ضرورة استغلال الفرص في التقنية الجديدة، لتقديم التعليم بطرق جديدة وممتعة، لدعم الدول، وتطوير البنى التحتية لأنظمة التعليم لديهم؛ لضمان وصول أكبر عدد ممكن للتعليم، لتلبية طموحهم وتطلعاتهم في سبيل حياة أفضل. وفي النهاية أشار التقرير أنه بتطبيق هذه الإستراتيجيات سوف يتم إحداث فرص عمل ووظائف ونمو، يعود ذلك بالنفع من خلال تقوية العلاقات مع الدول المساهمة؛ لبناء أساس متين لنشاطات أخرى تعود بالمنفعة المشتركة.

الراصد الدولي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *