التحفيز الكهربائي للدماغ مستقبل التعافي

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » التحفيز الكهربائي للدماغ مستقبل التعافي

التحفيز الكهربائي للدماغ مستقبل التعافي

مما لا شك فيه أن العلم يتطور بشكل كبير، خاصة في مجال الأعصاب في محاولة لإيجاد علاجات بديلة عن العقاقير لمعالجة بعض الاضطرابات التي تصيب أدمغتنا، وعلى الرغم من أن المريض يتبع تعليمات الأطباء بالشكل المطلوب، من تناول الأدوية في الوقت المحدد والإكثار من شرب المياه وأخذ قسط كاف من النوم وتجنب السهر وتناول الطعام بانتظام، إلا أن ذلك قد لا يجدي نفعاً خاصة مع أمراض مثل الصداع النصفي الذي يكاد من يعانيه أن يهشم رأسه من شدة الألم، وقد يبدو أن مستقبل التعافي من الأمراض سيصبح إلكترونياً، خاصة مع ظهور أجهزة التحفيز الكهربائي للدماغ أو التحفيز المغناطيسي، وقد تشكل هذه التقنيات الحديثة مستقبل علم الأعصاب وبالتالي الاستغناء عن الأدوية .

تعتمد تقنية تحفيز الدماغ على تحفيز الخلايا أو الشبكة العصبية في الدماغ من خلال إثارة مباشرة أو غير مباشرة باستخدام تيار كهربائي لأغراض علاجية أو بحثية .

ولم تكن هذه التقنية وليدة اليوم وإنما استخدمت لأول مرة في منتصف القرن ال 19 من قبل عالم التشريح الإيطالي لويجي رولاندو وعالم الفيزيولوجيا “علم وظائف الأعصاب” الفرنسي بيير فلورينس بهدف دراسة وظائف الدماغ خاصة بعد اكتشاف عالم التشريح الإيطالي لويجي جلفاني وجود الكهرباء في العضلات والأعصاب .

يمكن استخدام تقنية التحفيز الكهربائي لتأسيس ممرات عصبية تؤدي إلى البراعة الفنية بشكل أسرع في لعبة ما، وذلك عبر التحفيز الكهربائي المباشر عبر المخ، من خلال مايسمى ب (tDCS) أو (transcranial direct current stimulation) الذي يعني تمرير تيار كهربائي ضعيف عبر المناطق المستهدفة من الدماغ .

وتبين دراسات متعددة أجرتها الأوساط الطبية والعسكرية أن tDCS قد يؤدي إلى تحسينات في الوظائف الإدراكية والمعرفية والمهارات الحركية، والتقلبات المزاجية .

حتى إن الخبراء يعتقدون أن هذه التقنية الحديثة ستكون مفيدة في إعادة تأهيل المرضى الذين يعانون اضطرابات عصبية ونفسية، وربما تخفيض فترة تمرين الأشخاص الأصحاء وكلفتها، للتمكن من حرفة ما .

ويقول الدكتور برانش كوسليت رئيس قسم الأعصاب الإدراكية في كلية طب جامعة بنسلفانيا والمشارك في دراسات تظهر أن (Tdcs) يحسن تذكر الأسماء، ويؤدي إلى تشجيع الإبداع، وتحسين كفاءة القراءة والمطالعة، وحتى أجهزة tDCS ووحداتها المستخدمة في الأبحاث ما هي سوى بطارية صغيرة بجهد 9 فولت بقطبين، وأداة تحكم، لإعداد التيار اللازم ومدة الجلسة الواحدة .

ويعتقد أن التحفيز بالتيار الكهربائي الضعيف من شأنه تخفيض “العتبة” التي ينطلق منها النشاط العصبي مهيئاً الدماغ للتعلم والاحتفاظ بالمعلومات . وعن طريق إطلاق شحنة كهربائية بنسبة 1 .0 % من الشحنة المستخدمة في العلاج بالصدمة الكهربائية التي ترغم الخلايا العصبية على العمل بصورة جماعية لأغراض تحقيق tDCS، يعد هذا التيار في العيادات الطبية مأموناً وسليماً .

وتقوم نحو 30 عيادة أمريكية بتقديم مثل هذا العلاج في الولايات المتحدة لأغراض تقويم مختلف الاضطرابات الدماغية والعصبية . ويمثل حصول الحكة والاحمرار تحت الأقطاب أحد التأثيرات الجانبية الشائعة . ومع ذلك فإن الباحثين في شؤون الدماغ يحذرون الأفراد الذين يجربون الأجهزة المصنوعة في المنازل، أو أجهزة Foc .us من المجازفة بالتعرض إلى الإصابات . إذ ثمة القليل من المعلومات عن الاستخدام الطويل ل tDCS كما أن بعض الخبراء قلقون من أنه إضافة إلى حدوث حروق خارجية خطرة، فإن الأشخاص الذين يقومون بهذه التجارب بأنفسهم، قد يعطلون بشكل دائم أدمغتهم وعقولهم، فضلاً عن إعاقة وظيفة الإدراك المعرفي والحركي . لكن في المختبرات يكون الباحثون حريصين جداً لدى وضعهم الأقطاب بدقة لدى تحفيز منطقة دماغية معينة . وكان باحثون أمريكيون توصلوا من خلال دراسة إلى أن العلاج بالصدمات الكهربائية، يحسّن الذاكرة ويعزز من أدائها، ويساعد على رفع القدرة على تعلم واكتساب مهارات جديدة .

وكشفت الدراسة، إلى أن القدرة على تذكر مواقف وأحداث معينة يعتمد على استخدام منطقة “الحصين” الواقعة في القرن الصدغي للبطين الجانبي للدماغ وهي مسؤولة عن أكثر من منطقة في الدماغ مرتبطة بتخزين المعلومات وقوة الذاكرة .

وأوضحت التجارب أنه عند تحفير الدماغ بالنبضات المغناطيسية، تعمل منطقة “الحصين” بشكل أفضل، في حين كشف التصوير بالرنين المغناطيسي، وجود جزء سطحي من الدماغ وعلى بعد بضعة سنتيمترات من الجمجمة، وعند تعرضه للنبضات المغناطيسية، يتم ضخ الدم في الدماغ مؤشراً على نشاط الخلايا العصبية، وسرعان ما يتم تحفيز خلايا المخ لتعمل بشكل أكثر نشاطاً والوصول للنتيجة المطلوبة . ومن شأن هذه الدراسة العلمية فتح أبعاد جديدة لعلاج السكتات والجلطات الدماغية، كما ستحارب تطور مرض الزهايمر في مراحله المبكرة وغيرها من الأمراض الأخرى المرتبطة بالتقدم في السنّ، ومن جانب آخر أصبحت تقنية التحفيز العميق للدماغ Deep Brain Stimulation تلقى تأييداً متصاعداً من قِبَل اختصاصي الطب النفسي، وهي التي أثارت نقاشات علمية واسعة فيها .

وهناك مقاربات متنوعة لعملية التحفيز العميق للدماغ، يتضمن بعضها غرس إبر معدنية لتصل إلى عمق المنطقة الوسطى في الدماغ، كما جُربت هذه التقنية لعلاج أمراض نفسية- عصبية عدة من بينها “الشلل الرعاش” و”باركنسون” و”الشيزوفرينيا” و”الصداع النصفي” .

ويشتمل التحفيز المغناطيسي العميق للدماغ على استخدام جهاز يوضع على رأس المريض، فيرسل نبضة إلى قشرة الدماغ التي يعتقد أنها تدير وظائف معرفية وعاطفية شتى، وكذلك يجري توجيه موجات كهرومغناطيسية إلى عمق الدماغ، حيث يعتقد بوجود المراكز التي تتحكم بالحالات العاطفية والنفسية، إضافة إلى أنواع معينة من الإدراك والذاكرة .

ووفق تغطيات متنوعة، يعرب أطباء في “الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين” عن تفاؤلهم تجاه قدرة التحفيز المغناطيسي العميق للدماغ على معالجة حالات صعبة من الكآبة ومرض “الكآبة” الذي يتصف بتقلب حال المريض بين حدين متناقضين من الكآبة المريرة والسعادة الفائقة .

“سيفالي” جهاز يمنع الصداع

استطاعت شركة بلجيكية اختراع جهاز يمكنه من تخليص الشخص من الصداع المزمن “الشقيقة” من خلال جهاز يسمى “سيفالي” .

وأجازت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أول جهاز طبي لمنع الصداع النصفي أو ما يعرف بصداع الشقيقة، الذي يعمل على تنشيط الأعصاب التي توجد تحت الجبين .

وهو جهاز على شكل تاج يوضع على الجبهة ويثبت على قطب كهربائي لاصق على العصب المثلث التوائم المسبب للصداع وقد أثبت فاعليته بنسبة كبيرة .

ويعتمر المريض الجهاز لمدة لا تتجاوز 20 دقيقة يومياً، كما أن البحوث أظهرت أنه لا يتسبب في أعراض جانبية ويمكن استخدامه مع أدوية أخرى .

إبراهيم باهو – الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *