الانترنت.. تسلية قد تنقلب لإدمان

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الانترنت.. تسلية قد تنقلب لإدمان

الانترنت.. تسلية قد تنقلب لإدمان

يختلف التعاطي مع هذا “الوافد التكنولوجي” الجديد على الأسر المغربية، حسب الهدف من جلبه للبيت وتمكين الأبناء من استعماله، ومدى مراقبة الآباء لهؤلاء الأبناء والوعي بما للانترنت من ايجابيات وما عليه من مؤاخذات. فالتعاطي غير الهادف للانترنت من شأنه الإضرار بمصلحة الطفل، وعوض أن يستفيد منه ومن خدماته، سينقلب الأمر إلى هدم وتدمير أكثر منه استفادة أو إطلاع ومسايرة للتكنولوجيا.

وتشتكي أسر عديدة، جلوس أطفالها لساعات طويلة ( قد تتجاوز6 ساعات متواصلة) أمام شاشة الكومبيوتر، غارقين في عوالم يجهل بعض الآباء مرتاديها ومضامينها، ومتناسين واجباتهم المدرسية، مما قد يؤثر على مستواهم التحصيلي، بسبب التعب وقلة النوم والجلوس في أوضاع غير سليمة، أو الإصابة بآلام بالرأس والرقبة والعيون وفقرات الظهر والأطراف السفلى، أو هزال بسبب النسيان أو الامتناع عن الأكل، أو البدانة نظرا لحالات الالتهام التي تصيب الطفل أمام الحاسوب.

ويتحكم الوسط الأسري والمحيط الاجتماعي والتركيبة النفسية في ميولات وأذواق الأطفال، فإذا كان البعض ينحاز لما هو هادئ وفني شأن تعاطي البنات مع نوعية معينة من الألعاب، أو حب الآخرين لألعاب التسلية والذكاء، فإن (أمين 12 سنة) ومن هم على شاكلته، يجدون متعة كبيرة في ممارسة ألعاب “الاكشن”، إلا أن هذه النوعية من الألعاب، جعلت أمه تشتكي من عصبيته وميله للعنف أثناء اللعب، بالنقر المتواصل والعصبي على لوحة المفاتيح، والضرب برجليه على الأرض، بسبب انهزامه أو عجزه عن الوصول إلى مستوى معين من اللعب، يمكنه من قهر عدو أو قتل وحش.

في حين نجد جانب آخر من هؤلاء الآباء، من يشجع أبناءه على هذه العينة من الألعاب، تحت مراقبة وإشراف منهم، بدعوى تنمية قدراتهم الفكرية على التركيز وتقوية المهارات العلمية بفضل الإستراتيجية المصممة لألعاب الأكشن.

ويفترض في الأسرة، بمختلف مكوناتها، الاهتمام بالطفل على جميع المستويات، وتوجيهه صوب كل ما هو مفيد وضروري لتربيته وتنميته الفكرية والجسدية، ولا يحق لها تحت أي ذريعة، ترك الحبل على الغارب، حفاظا على هؤلاء الأبناء، وحماية لهم من كل ما قد يحدق بهم من أخطار، جراء الاستعمال المفرط أو غير المراقب، لهذه الآلة التي قد تعصف بقيم وعقول الكبار قبل الصغار.

ماذا ينتظر من طفل، لا يميز بين الخبيث والطيب من الأفعال والأشخاص، تخوله أسرته جهاز كومبيوتر مزود بالانترنت داخل غرفته الخاصة، بعيدا عن أعين الكبار ومراقبتهم له، بالنصح والتوجيه، فهذه الخلوة ستعزله بالتأكيد عن محيطه الأسري، حيث الأمان والدفء العائلي، وتربطه بأناس لن يأمن شرهم طالما يجهلهم وليست بينهم قواسم مشتركة، ينشغلون بالتربص لأمثاله من الضحايا الصغار، غفلت عنهم أعين آبائهم أو أولياء أمورهم. وتكثر هذه العينة من المتلصصين والمتطفلين على عوالم الصغار، في غرف الدردشة وعلى بعض المواقع التي يلجها الأطفال بمعطيات وبيانات مغلوطة، كونها محظورة على من هم في سنهم.

لا يمكن وضع الآباء بمفردهم في خانة المقصرين أو المسؤولين عن بعض الأوضاع غير الصحية في تعامل الأطفال مع الانترنت، بل يرى البعض ضرورة حشر المؤطرين التربويين في هذه الخانة، ومسائلتهم عن دورهم التحسيسي في هذه الفوضى، وإن كان في نظر البعض منهم أن دور الأسرة هو الأهم، لأن الفعل/التصرف والتواصل المباشر أقوى من الكلام والنصح. غير أن مؤطرا آخرا، عبر عن موقفه بالقول : ” أعتمد في تعاملي مع التلاميذ على قاعدة ذهبية سمعتها في إحدى محاضرات الدكتور مصطفى أبو سعد، والتي تقول ” لا يمكن بتر سلوك ولكن يمكن تعديله “. فهذا الأستاذ يعتبر أن قضاء وقت طويل على المواقع الالكترونية، سلوكا سلبيا، كون أن الانترنت، في مثل هذه الحالات، يتحول إلى لص من لصوص الوقت. ويضيف مؤكدا ” لا يمكن منع الأطفال من استعمال الانترنت، إلا أننا يمكن تعديل بعض سلوكياتهم ليستفيدوا إيجابيا منه. وأدعو الآباء إلى مساعدة أبناءهم على وضع برنامج أسبوعي يحددون فيه الأوقات التي سيستفيدون فيها من خدمات الانترنيت، كما أن حاسوب المنزل يجب أن يوضع في مكان على مرأى من الجميع”.

فاطمة الزهراء الحاتمي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *