الاقتصاد الأخضر.. السبيل إلى تنمية مستدامة

الرئيسية » إبداع وتنمية » الاقتصاد الأخضر.. السبيل إلى تنمية مستدامة

الاقتصاد الأخضر.. السبيل إلى تنمية مستدامة

تعتبر مجمل الأزمات التي عرفها العالم، هي الحافز القوي والدافع الأكبر إلى الانتقال إلى اقتصاد أخضر. فالأزمة المالية التي عرفها العالم سنة 2007 كانت هي الأسوأ، بعد الكساد الكبير، بإحداثها لخسارة شديدة في الوظائف والدخل، لتأتي بعدها أزمة الغذاء، والتي بسببها تخطى عدد الجياع عالميا عتبة البليون نسمة عام 2009، ونتج عنها أيضا ارتفاع أسعار الغذاء وكذا نسبة البطالة، إضافة إلى الأزمة المناخية، وما خلفته من ظواهر وتقلبات مناخية شديدة أتت بكوارث وتداعيات على نطاق واسع.

 أما على مستوى المخاطر الأمنية الإقليمية، فتتجلى في الأمن الغذائي وندرة المياه اللذان دفعا بالمجتمعات العربية والإفريقية إلى الانتقال من سياسة الاكتفاء الغذائي الذاتي، إلى سياسة الأمن الغذائي، وتداعيات أمن الطاقة على البلدان المستوردة والمصدرة للطاقة، ثم التغيرات المناخية وتهديداتها للأمن البيئي.

 ورغبة منها في تحقيق تنمية مستدامة والتخفيف من تداعيات هذه الأزمات والمخاطر، لجأت الدول إلى اعتماد اقتصاد أخضر يتطلب إعادة تشكيل وتصويب الأنشطة الاقتصادية لتكون أكثر مساندة للبيئة والتنمية الاجتماعي.

 ويعد قطاع السلع والخدمات البيئية إحدى ركائز بناء هذا الاقتصاد الأخضر، والذي من شأنه أن يخلق استثمارات بيئية على المدى القريب، وثروات وفرص عمل وخدمات اجتماعية أفضل على المدى الطويل لمعالجة الأزمات العالمية المتراكمة والمترابطة فيما بينها.

 ويعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاقتصاد الأخضر بكونه مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي من شأنها أن تحسن نوعية حياة الإنسان على المدى الطويل، دون أن تتعرض الأجيال القادمة إلى مخاطر بيئية أو ندرة ايكولوجية خطيرة.

وأمام تعدد المقاربات والأدوات التحليلية واختلاف التعاريف ( نمو أخضر، اقتصاد منخفض الكربون، وظائف خضراء)، يرى المختصون أن الوضع يتطلب ترجمة هذه التعاريف إلى سياسات وبرامج عمل لدى المنظمات الدولية (وظائف خضراء، سياسات تجارية خضراء، الصناديق الخضراء..)

وخلال دجنبر 2009، قررت الجمعية العامة عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو 20)، وذلك بهدف النظر في بعض القضايا لتجديد الالتزام السياسي بالتنمية المستدامة، وتقييم التقدّم المحرز والثغرات في التنفيذ، ومواجهة التحديات الجديدة والناشئة، إلا أن أهم ما سيركز عليه مؤتمر ريو 20 هو الإطار المؤسسي للتنمية المستدامة، والاقتصاد الأخضر ضمن سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

 ويعتبر خبراء هذا المجال، أن البيئة المواتية لاقتصاد أخضر هي تلك التي يتم فيها إدماج كلفة التلوّث واستخدام الموارد الطبيعية ضمن الكلفة الإجمالية للسلع والخدمات، مراجعة وتحديث القوانين البيئية وتوضيح آليات الإنفاذ، وضع استراتيجيات وطنية للتنمية الخضراء من خلال تحديد القطاعات ذات الأولوية أو القابلة للتحوّل للاقتصاد الأخضر، إدماج الاعتبارات البيئية ضمن أطر الخطط الوطنية الخمسية واستراتيجيات التنمية، بناء الوعي لدى المستهلك وتعزيز ثقافة أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة، واعتماد سلّة من السياسات الداعمة: المشتريات العامة، ضرائب مباشرة، حوافز للأنشطة البيئية، نقل التكنولوجيا، بحث وتطوير، برامج شهادات الجودة.

 وبخصوص القطاعات التي تتلاءم وتطبيق سياسة الاقتصاد الأخضر، نجد الطاقة البديلة المعتمدة على الشمس والرياح، الأبنية الخضراء بمواد صديقة للبيئة واستهلاك طاقي مخفض، النقل المستدام بسيارات تعتمد جزئيا على الكهرباء، إدارة المياه عن طريق إعادة استخدامها أو جمع مياه المطر مثلا، إعادة تدوير النفايات ومعالجة السامة منها، والزراعة العضوية واعتماد التشجير.

ولكون أن التنمية المستدامة ترتكز على تنمية اقتصادية وبيئية واجتماعية، لجأت العديد من الدول إلى تبني سياسة الاقتصاد الأخضر على مستوى جميع القطاعات، وهو ما أشار إليه شازوكانغ، الأمين العام لريو+20، حينما اعتبر أن بناء الاقتصاد العالمي الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر هو مسعى جماعي، مضيفا إلى كونه يهم المجتمع الدولي والقطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والحكومات المحلية وسائر الجهات الفاعلة.

فاطمة الزهراء الحاتمي 

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *