الاحتباس الحراري يرمي بالدببة القطبية داخل حدائق الحيوانات

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » الاحتباس الحراري يرمي بالدببة القطبية داخل حدائق الحيوانات

الدببة القطبيةتستطيع الدببة القطبية، التكيف بشكل أفضل مع الحياة في القطب الشمالي بفضل انسجام فرائها الأبيض مع الثلج، ومخالبها الثقيلة ذات الشكل المنحني التي تمكنها من تسلق الكتل الجليدية وانتزاع فرائسها، والأغشية الغليظة لأقدامها التي تقيها من الانزلاق.. غير أن الشيء الوحيد غير الملائم لهذه الفصيلة من الثدييات، هي تلك القطع الجليدية العائمة على السطح المائي والتي تدمر مسكنها وتمنعها من الصيد.

وبسبب الاحترار العالمي، وتزايد ذوبان الجليد البحري بشكل متسارع، اقترحت مجموعة من حماة البيئة والباحثين والنواب الأمريكيين، فكرة غريبة ومثيرة للجدل، كما جاء في الواشنطن بوست، والقائمة على الزيادة في أعداد الدببة القطبية داخل حدائق الحيوانات الأمريكية، بهدف حماية هذا النوع الشهير والمهدد بالانقراض.

 وتكاد تتفق جميع الهيئات العلمية على أن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، الناتجة عن الأنشطة البشرية، تساهم في الإسراع من ذوبان الجليد، بحيث غطى جليد القطب الشمالي، خلال شتنبر الماضي،  4.42  كيلومترا مربعا، مسجلا بذلك أدنى مستوى له منذ بداية المراقبة بواسطة الأقمار الصناعية سنة 1972. وبهذه النسبة يمثل الغطاء الجليدي أكثر من نصف المساحة التي لوحظت بداية الثمانينات.

ونتيجة لذلك، ومن بين الآثار السلبية الكثيرة المترتبة على الاختفاء التدريجي للجليد، فإن الدببة القطبية مضطرة لللجوء إلى الأراضي، أو الابتعاد عرض البحر، حيث تكاد تغيب الأسماك. ويلاحظ استيفن أمستروب، الباحث ضمن مجموعة المنظمة الدولية للدببة القطبية، في تصريح لـ ” quotidien américain le” المساند لاقتراح تزايد جماعات الدببة القطبية داخل حديقة الحيوانات، أنه في كلتا الحالتين، فإن الدببة القطبية معرضة لمواجهة نقص في غذائها.

وأمام هذا النقص الغذائي، المتمثل في الأسماك والفقمات، فإن جماعة الدببة البيضاء مهددة بالانقراض. وحسب فريق من الخبراء الأمريكيين، فإن ثلثي هذه الأعداد 20.000 و25.000 من فصيلة الدببة، والتي سبق وضعها سنة 1982، ضمن المجموعة المستهدفة والمسجلة على اللائحة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، سوف تختفي بحلول سنة 2050.

ويهدف الاقتراح الحفاظ على التنوع الجيني لهذه الفصيلة، وإعادة توطينها من خلال التخصيب الاصطناعي، وغيرها من الوسائل المساعدة على إعادة تكاثرها والتي يتم إجراؤها في حدائق الحيوان.

ويبلغ عدد الدببة القطبية “المعتقلة/الأسيرة”، حاليا، قرابة 64 بالولايات المتحدة الأمريكية، مقابل 200 في عام 1995. ولزيادة هذا العدد، وضعت حديقة الحيوانات في سانت لويس (ميسوري)، المدافع المتحمس للمشروع، ما قيمته 20 مليون دولار، لإعادة بناء البيئة الطبيعية لهذه الدببة – حوض للمياه المالحة والباردة، والخراسانة المكسوة بالثلج الاصطناعي والجليد- والتي من شأنها إيواء 3 أو 5  أصناف من هذه الثدييات مطلع 2017، حسب ما جاء في الواشنطن بوست. غير أن استيراد هذه الدببة، تواجهه عقبة كبيرة، كون أن القانون الأمريكي يمنع إدخال هذه الفصيلة لأراضيها.

وتبقى ضرورة دراسة المقترح من قبل السلطات المكلفة بالحياة البرية، والتي سمحت في السابق باستيراد الدببة القطبية، غير أنها لم تبرهن على استعدادها لتغيير التشريعات المتعلقة بالموضوع.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع لا يسانده جميع المدافعين عن الحيوانات، بحيث صرح فلوريان كيرشنر، المسؤول عن برنامج الأنواع المهددة بالانقراض داخل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، أن أسر  بعض الأصناف وتربيتها بهدف إعادتها إلى بيئتها الطبيعية، من شأنه أن يلعب دورا حقيقيا في الحفاظ على التنوع البيولوجي. ويضيف كيرشنر أنه على الرغم من كل هذا، فإن هذه الوضعية لا تصلح إلا للحيوانات التي في طريقها الانقراض أو التي يمكن الحفاظ على مواطنها كما هي لإعادتها إليها لاحقا، وهو ما لا ينفع مع صنف الدببة القطبية.

ومع ذلك، فإن المشرف على المشروع، يرى أن تراجع هذا النوع يبعث كثيرا على القلق، غير أنه ليس كما هو الحال بالنسبة للأنواع الأخرى (النمر، الوشق..). في حين يعتبر الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، أن 30 بالمائة من هذا الصنف مهددة بالضياع في أفق الـ 45 سنة القادمة، إلا أن هذا لا يعني اختفاءها.

ويختم  فلوريان كيرشنر، بالتأكيد على أن هذا الإجراء المكلف سيكون بلا جدوى، إذا لم تعالج المشكلة من الأساس، عن طريق مكافحة تغير المناخ، بالدفع بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى الاعتراف بالاحتباس الحراري وعلاقته بالأنشطة البشرية، وكذا تخفيض نسبة كبيرة من الكربون بالجو، للحفاظ على البيئة الطبيعية للدببة القطبية.

ترجمة فاطمة الزهراء الحاتمي

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *