إنتاج الطاقة البديلة يقفز لأعلى مستوى خلال عقدين

الرئيسية » إبداع وتنمية » إنتاج الطاقة البديلة يقفز لأعلى مستوى خلال عقدين

أظهر تقرير نشرته وكالة الطاقة الدولية الثلاثاء أن إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة نما في العام الماضي بوتيرة لم يشهدها منذ عقدين من الزمن، بفضل أنشطة الصين في المجال وطاقة الرياح وهي وتيرة يُتوقع أن تصير “طبيعية” في السنوات المقبلة. وسجل التقرير زيادة بما يقرب من 280 غيغاواط من الطاقة الإنتاجية للطاقة المتجددة في عام 2020، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 45 في المئة عن الإضافات الجديدة المسجلة في 2019. ويعادل هذا القدرات الإجمالية لدول جنوب شرق آسيا العشر الأعضاء في نادي آسيان. وهذه أكبر زيادة سنوية تُسجل منذ عام 1999 وهي تُعزى إلى زيادة قدرها 114 غيغاواط في قدرة طاقة الرياح تقارب ضعف ما كانت عليه في عام 2019 أي بواقع 90 في المئة، ما أنتجته الصين.

فالصين مسؤولة بمفردها عن نصف النمو في الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم العام الماضي، بعد الاندفاع لاستكمال المشاريع قبل انتهاء الدعم العام المخصص لها. وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي للوكالة في بيان مرفق بالتقرير “في العام الماضي، شكلت الزيادة في القدرات المتجددة 90 في المئة من النمو العالمي في قطاع إنتاج الطاقة”. ولا تزال الطاقة المتجددة خصوصا منها الشمسية وطاقة الرياح، تساهم في الحد من ذروة الاستهلاك ولا تعتبر من الحمل الأساسي عدا الطاقة المائية مما يجعلها تلقى إقبالا لافتا على استغلالها.

ويؤكد محللون ومختصون في مجال الطاقة النظيفة أن الجدوى الاقتصادية من استغلال مصادر الطاقة المتجددة ارتفعت في السنوات الأخيرة بسبب الاتفاقات الدولية والدعم الحكومي الذي يهدف لخفض الكثير من دول العالم لمستوى الانبعاثات كي تلتزم بتلك الاتفاقات. وفرضت المعاهدات الدولية أهدافا ملزمة على الدول لخفض الانبعاثات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وقد بدأت الكثير من البلدان في اعتماد بصمتها الكربونية، كما أن شركات تعمل في قطاعات النفط والغاز وصناعة وسائل النقل تبنت هذا المسار.

وفي سبيل الالتزام بتلك الأهداف فرضت معظم الدول الصناعية ضرائب باهظة على مستهلكي الطاقة التقليدية لتذهب حصيلة تلك الضرائب الى منتجي الطاقة من المصادر المتجددة سواء كانوا شركات أم أفرادا، حيث تحصل المساكن التي تنتج الكهرباء من الألواح الشمسية في البلدان الغربية على دعم مالي يتناسب مع حجم الطاقة التي تنتجها. وكان إنتاج الطاقة المتجددة يواجه صعوبة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بتكاليف إنتاج الطاقة التقليدية، لكن ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية في فترة ما قلص الفجوة في ما بينهما.

كما ساهمت الفتوحات العلمية والتكنولوجية الكبيرة، وتزايد الوعي العالمي بخطورة التلوث البيئي في تزايد إقبال المستهلكين على الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة. وتشهد بعض بلدان الشرق الأوسط وخاصة الإمارات والمغرب ثورة واسعة لإنتاج الطاقة المتجددة، انضمت إليها دول أخرى مثل مصر والأردن وتونس، إضافة إلى طموحات سعودية كبيرة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي. وتتحدث السعودية عن خطط لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة 41 غيغاواط أي ما يعادل قوة 41 محطة طاقة نووية على مدى العقدين المقبلين، لكنها لم تنجز على الأرض حتى الآن ما يمكن مقارنته بما حدث فعلا في الإمارات والمغرب.

ولدفع الحكومات لمواصلة هذه “الديناميكية المشجعة” قال بيرول إن “تنمية الكهرباء النظيفة على مستوى واسع ضرورية لمنح العالم فرصة لتحقيق أهدافه الصفرية”، بمعنى التخلص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ورغم ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2021 “بسبب زيادة موازية في استخدام الفحم”. وقدرت الوكالة أن معدل النمو المسجل في عام 2020 “سيصبح المعيار الجديد مع إضافة حوالي 270 غيغاواط من الطاقة المتجددة في عام 2021 وما يقرب من 280 غيغاواط في عام 2022، على الرغم من التباطؤ في الصين”.

ومن المتوقع أن يتباطأ إنتاج الطاقة من الرياح قليلا في عامي 2021 و2022 في حين سيستمر إنتاج الطاقة الشمسية “في تحطيم الأرقام القياسية” مع قدرات إضافية تصل إلى أكثر من 160 غيغاواط بحلول عام 2022، ما يعزز مكانتها في أسواق الكهرباء العالمية. ولكن عودة ظهور وباء كوفيد – 19 أحدثت حالة من عدم اليقين بالنسبة إلى عام 2021 في الهند، حسب تقديرات الوكالة، بينما في الولايات المتحدة يمكن أن يتسارع نمو قدرات الطاقة المتجددة إذا تحققت خطة الاستثمار الضخمة في البنية التحتية للرئيس جو بايدن.

وقال المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي، إن حجم الاستثمارات في مجال تحول الطاقة لخفض الانبعاثات الكربونية الضارة تجاوز نصف تريليون مليار دولار خلال 2020، لأول مرة، رغم تحديات جائحة كورونا. وأضاف المنتدى ومقره جنيف في تقرير أن حجم الاستثمار العالمي ارتفع بمقدار الضعف من مستوى 250 مليار دولار، مسجلا في 2010. وبحسب التقرير، فقد تعهدت ثمانية من أكبر 10 اقتصادات بالوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن الحالي. وأفاد المنتدى بأن عدد السكان المحرومين من إمدادات الكهرباء، انخفض إلى أقل من 800 مليون مقارنة بنحو 1.2 مليار نسمة قبل 10 سنوات في 2010. وزادت قدرة الطاقة المتجددة للدول، وهو ما ساهم في تحقيق تقدم ملحوظ في كل من الاستدامة البيئية وأمن الطاقة، بحسب المنتدى.

ورغم هذا الزخم، أظهر التقرير أن عشرة في المئة من الاقتصادات فقط تمكنت من تحقيق تقدم ثابت ومستمر في مؤشر التحول في مجال الطاقة على مدى العقد الماضي. ورصد المنتدى أن دول شمال أوروبا بما في ذلك السويد والنرويج والدنمارك حافظت على مواقعها الرائدة في مؤشر تحول الطاقة إلى المتجددة، مدفوعة بتقدمها القوي في الاستدامة البيئية.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *