نتائج تجارب المصادم الهادروني الكبير قد تنبئ بقوة كونية غير معروفة

الرئيسية » إعلام ورقميات » نتائج تجارب المصادم الهادروني الكبير قد تنبئ بقوة كونية غير معروفة

كشف إعلان جديد من المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية “سيرن” (CERN) أن تحليل نتائج 10 سنوات من بيانات أحد المصادمات يشير إلى وجود قوة كونية جديدة غير معروفة، الأمر الذي قد يغير من الفيزياء التي نعرفها، إن تأكد ذلك خلال السنوات القليلة القادمة. وتهدف مصادمات الجسيمات -مثل المصادم الهادروني الكبير الموجود داخل سيرن- لاستكشاف تركيب الجسيمات دون الذرية عبر آلية بسيطة الفهم، لكنها معقدة جدا من حيث التنفيذ، حيث تقوم بضرب الجسيمات ببعضها البعض، بسرعات هائلة تقترب من سرعة الضوء، ثم ملاحظة الناتج ومقارنته بالفروض النظرية.

وجاء في بيان رسمي أصدرته المنظمة، في 23 مارس المنقضي، أنه كان من المفترض بحسب النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات أن يتحول أحد الجسيمات -ويسمى “بي ميزون” (pi meson)- بعد تفتته إلى نسب متساوية من جسيمات أخرى وهي الإلكترونات والميونات. لكن على الرغم من ذلك -وبحسب النتائج البحثية التي أشار إليها البيان- فإن هذا النوع من التفتت يبدو أنه قد مال ناحية الإلكترونات بشكل أكبر، وهو ما يعني أن هناك خطأ في النموذج الذي يشرح هذه الظاهرة.

ويعد النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات أحد أهم النماذج النظرية التي تفسر تركيب كل المادة، وفيه يمكن أن تجد جسيمات المادة مثل الكواركات والإلكترونات، وأيضا القوى التي تتفاعل بها تلك الجسيمات معا. وبحسب هذا النموذج، فإن هناك 4 قوى كونية: القوة النووية الضعيفة وهي مسؤولة عن تحلل الذرات، والقوة النووية القوية وهي مسؤولة عن التحام مكونات نواة الذرة، والقوة الكهرومغناطيسية وهي التي تلعب أدوارا في التفاعلات الكيميائية والبيولوجية، وأخيرا الجاذبية وهي القوة التي نعرفها جميعا ودرسناها في كتب العلوم منذ الصغر.

قوة خامسة

الآن تقترح تلك النتائج الجديدة وجود قوة خامسة هي التي تتسبب في توجيه عملية تفتت الميزونات من النوع “بي” ناحية الإلكترونات، لكن ما زالت هذه النتائج بحاجة إلى المزيد من التأكيد، فما حدث قد يكون مجرد صدفة، وهو أمر ليس جديدا على نتائج سيرن. وكي يتم تأكيد وجود حالة شذوذ عن النموذج النظري، يجب أن يكون احتمال الخطأ المصادف أصغر من 1 إلى عدة ملايين، أما في هذه الحالة فإن الاحتمال هو فقط 1 إلى ألف، وهو ما يعني أن هناك 999 فرصة أن يكون ما حدث هو شيء حقيقي يتطلب منا تغيير فيزياء الجسيمات، وفرصة واحدة فقط أن يكون مجرد خطأ.

هذا السبب فإن النتائج الجديدة تحتاج إلى الكثير من العمل التحليلي خلال السنوات القادمة، علما أنه لا بد أن تظهر حالة شذوذ عن النموذج النظري في مرحلة ما، ذلك لأنه لا يشرح العديد من الظواهر بشكل كامل، منها مثلا الجاذبية. من جانب آخر، فإن هذا النموذج يفسر 5% فقط من تركيب الكون، بينما الـ95% الباقية المتمثلة في المادة والطاقة المظلمتين لا توجد بعد أي نظريات صلبة يمكن أن تفسرها، وربما حينما تظهر “فيزياء ما بعد النموذج المعياري” نجد تفسيرا لهذه الظواهر.

الجزيرة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *