«روزيتا».. نهاية رحلة المركبة وبداية مهمة العلماء

الرئيسية » علم وحضارة » «روزيتا».. نهاية رحلة المركبة وبداية مهمة العلماء

«روزيتا».. نهاية رحلة المركبة وبداية مهمة العلماء

نهاية سبتمبر الماضي، تابع العالم انتهاء مهمة المركبة الفضائية «روزيتا» بعد ارتطامها بسطح المذنب «67 بي شوريوموف – جيراسيمينكو»، المعروف ب«تشوري»، منهية بذلك مغامرة علمية فريدة من نوعها حلقت خلالها المركبة في الفضاء لمدة 12 عاماً قطعت خلالها 7.9 مليار كم ، باحثة عن أسرار تشكل المجموعة الشمسية، وعن حقيقة وجود المياه على الأرض.

نعم انتهت رحلة المركبة، لتبدأ المهمة الأصعب لفريق العلماء الذين سيحتاجون لسنوات طويلة لدراسة وتحليل مئات الصور والقياسات التي نجحت المركبة والمسبار «فيلاي» في رصدها.

العالم رولف دينسينغ مدير العمليات بوكالة الفضاء الأوروبية، وعضو فريق العمل المشرف على «روزيتا» يقول: «نحتاج إلى عقود من العمل لتحليل المعطيات التي زودتنا بها روزيتا عن المذنب، فالمذنبات التي تشكلت قبل 4.5 مليار عام ، تعدّ شاهداً مثيراً على تشكل النظام الشمسي». ويؤكد مات تايلور العالم في مهمة «روزيتا»، أنها لم تكن نهاية مشؤومة للمركبة، إذ حصل العلماء في الساعات الأخيرة على أفضل صور للمذنب على الإطلاق فضلاً عن أدق قياسات، مضيفاً: «انتهت رحلة المركبة وفي انتظارنا سنوات كثيرة من العمل لتحليل بياناتها بدقة». ويرى باتريك مارتن، مدير مهمة «روزيتا» أن العلماء بذلوا ما في وسعهم لإنجاح مهمة المركبة الاستثنائية في تاريخ الفضاء، ونجحوا في الحفاظ عليها بأمان لمدة عامين خلال تحليقها بالقرب من المذنب على الرغم من أنّ غموض حالة الجاذبية حول المذنبات، مضيفاً: «كنا على استعداد دوماً لما هو غير متوقع، وكان ذلك بحد ذاته تحدٍ علمي هائل لفريقنا الذي وصل عدده إلى 500 باحث وعالم. نعم، انتهت مهمة روزيتا، لكن هناك المزيد من العلم الرائع على الطريق».

وبدأ العلماء من فريق عمل «روزيتا» في تحليل الصور التي التقطتها وهى تحلق على أقرب مسافة من المذنب (6 كيلومترات) التي تفيد في دراسة كيفية تسرب الغاز والغبار من سطحه، إضافة إلى البحث عن تفسيرات لحقيقة الصخور الملونة التي رصدتها آخر الصور التي بثتها المركبة قبل ارتطامها مباشرة والتي ربما تشير إلى وجود عنصر الأكسجين الحر، في أجواء المذنب، بحسب الباحث أدريا أكومازو من فريق العمل.

ويعد تحليل قياسات جهاز «MIRO» الذي زودت به المركبة من أهم التحديات الصعبة التي تنتظر العلماء، خصوصاً بعد رصده منتصف العام الجاري عمليات تبخر الماء من «تشوري»، إذ اكتشفت «روزيتا» فقدان المذنب كوبين من الماء في كل ثانية حتى مع هذه البيئة الباردة والبعيدة عن الشمس.

سام غولكس رئيس الباحثين للأجهزة في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسدينا، يقول عن هذا الاكتشاف: «بهذا المعدل سيمتلئ حوض أولمبي للسباحة خلال 100 يوم لكن مع اقتراب المذنب نحو الشمس سيزداد معدل إنتاج المذنب من الغازات بشكل ملحوظ، سنعمل على مراقبة تلك التغييرات عن قرب والتعلم أكثر عن سبب حدوث ذلك». وهنا تجدر الإشارة إلى أن بخار الماء هو المكون المتطاير الرئيسي من المذنبات بالإضافة إلى الكربون والمونوكسيد والميثانول والأمونيا، وصُمم «MIRO» لقياس كمية تلك المكونات في المذنبات لتساعدنا على فهم طبيعة نواة المذنبات وموقع وكيفية خروج غازاته.

أما أهم الصور التي ستكون من المهام الأولى لفريق العلماء فتلك التي التقطتها كاميرا «روزيتا» المعروفة ب OSIRIS، خصوصاً تلك الأكثر اقتراباً من المذنب والتي أوضحت أن المذنب يمتلك مظهراً غير منتظم ، كما بينت أنه يتكون من قطعتين مرتبطتين مع بعضهما بواسطة «رقبة» وأعطته مظهراً يشبه «البط البلاستيكي»، وهو ماعلق عليه العالم مات تيلور من فريق عمل «روزيتا» قائلاً: «ربما يرجع السبب في ذلك إلى اتحاد مذنبين منفصلين خلال أولى مراحل تشكل النظام الشمسي، أو ربما تكون مذنباً واحداً تعرض للتآكل خلال العصور الغابرة. نحن الآن في موقع ممتاز يسمح لنا بدراسة أجسام فريدة من نوع كهذا ».

وتحظى أولى قياسات الجهاز المسمى «VIRTIS» باهتمام كبير من فريق العلماء، بعدما بينت درجات الحرارة الأولى التي رصدها أن سطح المذنب أدفأ مما كان متوقعاً، ما يرجح إحاطة المذنب بقشرة داكنة من الغبار بدلاً من سطح ثلجي، حيث قدرت درجة حرارة سطح المذنب بنحو 70 درجة تحت الصفر لتكون أدفأ من التوقعات التي تخص مذنب يبتعد بهذا المستوى عن الشمس .ويرجح فابرزيو كاباسيوني رئيس باحثي الجهاز VIRTIS، أن ذلك ربما يرجع لأن المادة السوداء ترفع الحرارة والانبعاث الحراري أكثر في السطح الثلجي، مضيفاً: «هذه النتائج مثيرة للاهتمام حيث إنها ستساعدنا في تحديد المكونات والخواص الفيزيائية لسطح المذنب».

وتبقى البيانات التي جمعتها أجهزة التقاط جزيئات الغبار (GIADA وMIDAS وCOSIMA) هي الأصعب على الإطلاق أمام العلماء، إذ أشارت تحليلات العينات الأولية إلى أن حجم الغبار المحيط بالمذنب وعلى هذه المسافة من الشمس له كثافة متساوية أو حتى أعلى من تلك التي تم الحصول عليها بواسطة النماذج الأرضية لمحاكاة عمل الجهاز، وعليه سيحتاج العلماء إلى مئات البيانات الإضافية حتى يمكن توصيف البيئة الغبارية للمذنب بشكل مفصل.

جريدة الخليج

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *