تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لاحتكار الذكاء الاصطناعي، وذلك عبر دراستها إمكانية فرض قيود فيما يتعلق بتصدير قائمة طويلة من التكنولوجيات الناشئة، في خطوة من شأنها حماية تقدمها على الصين في تطوير الذكاء الاصطناعي والروبوتات والحوسبة الكمومية، حيث تمتلك تقنية الذكاء الاصطناعي القدرة على أن تكون أكثر البرمجيات تقدمًا وتأثيراً في التاريخ، ولا تملك حكومة الولايات المتحدة أي فكرة عن كيفية تنظيمها بشكل صحيح، لكنها تعرف أنها لا تريد أن تستخدم بلدان أخرى الذكاء الاصطناعي الخاص بها.
ونشرت وزارة التجارية الأمريكية اقتراح جديد يسرد مجالات واسعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي قد يتطلب بيعها لبدان معينة الحصول على رخصة، وتسعى الوزارة للحصول على تعليقات حول المقترح بحلول تاريخ 19 ديسمبر بشأن ما إذا كانت هناك بعض التكنولوجيا الناشئة الضرورية للأمن القومي للولايات المتحدة.
وتشمل هذه الفئات مجالات واسعة مثل الرؤية الحاسوبية وتكنولوجيا التلاعب الصوتي وتكنولوجيا المعالجات الدقيقة والحوسبة الكمومية ومعالجة اللغة الطبيعية والواجهات بين العقل والجهاز وخوارزميات التحكم في الطيران، كما يدرج الاقتراح منتجات عسكرية محددة مثل التمويه التكيفي وتكنولوجيا المراقبة.
ويتضمن العدد الصغير من البلدان التي تستهدفها هذه اللوائح اسماء كبير في الذكاء الاصطناعي مثل الصين، وقد أدان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مستمر عمليات السرقة الصينية المزعومة للملكية الفكرية الأمريكية، ودفعه هذا الأمر، كجزء من الحرب التجارية، إلى فرض تعريفات جمركية جديدة على السلع الصينية القادمة إلى أمريكا والبالغة قيمتها مئات المليارات من الدولارات.
وتأتي الخطوة التي اتخذتها وزارة التجارة، والتي كانت مطلوبة بموجب تشريع قانون إصلاح الصادرات الذي تم سنه في وقت سابق من هذا العام، في وقت تصاعدت فيه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى ما هو أبعد من مسألة التعريفات الجمركية على السلع الصناعية، حيث يبدو هذا الاقتراح بمثابة تحذير من المسؤولين الأمريكيين، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ Xi Jinping إلى تعزيز الذكاء الاصطناعي في بلده.
ويقول ديفيد إيدلمان David Edelman، وهو مستشار سابق للرئيس باراك أوباما ويقود حاليًا البحوث في مجال التكنولوجيا وقضايا السياسة العامة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “إن الهدف من ذلك هو أن تكون بمثابة طلقة تحذيرية موجهة تحديدًا إلى بكين، في محاولة لمعرفة ردة فعلهم حول مدى اتساع هذه القيود”.
وتحرك البيت الأبيض في مناسبتين هذا العام لمنع الصين من الحصول على التكنولوجيا لأسباب تتعلق بالأمن القومي، إلى جانب هدفها بتثبيط مسيرة بكين نحو اقتصاد محلي أكثر ابتكارًا، وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل فعلي على تنظيم بعض الصادرات إلى الصين، إذ هناك حاجة إلى ترخيص بعض المنتجات القادرة على استخدامها عسكريًا قبل أن يتم تصديرها، كما هو الحال مع كوريا الشمالية وسوريا وإيران.
وقد يكون لهذه الضوابط تأثير كبير على مشاريع البحث والتطوير الحالية والمرتقبة، وخاصة بالنظر إلى المستوى الحالي للاستثمار وتبادل التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والشركات الصينية وغيرها من الشركات غير الأمريكية في جميع أنحاء العالم، وقد تواجه الولايات المتحدة الأمريكية صعوبات كبيرة في تقييد كيفية وصول التكنولوجيا إلى خارج البلاد، تبعًا إلى أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ليست جهازًا أو منتجًا ماديًا.
وجادل جاك كلارك Jack Clark، مدير السياسة في منظمة OpenAI غير الربحية، بأن الذكاء الاصطناعي، باعتباره تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، يمكن استخدامه كسلاح أو أداة، ويجب تحديد كيفية عمل التقنية الواسعة على أي جهاز حاسب قبل التفكير في تنظيمها، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي غير مرتبط بجهاز مادي محدد، ويقول إيدلمان: “إن الأمر يشبه محاولة تقييد الرياضيات”.
وتقوم شركات التكنولوجيا بنشر برمجيات ومكونات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر بشكل منتظم على الإنترنت، في محاولة منها لحث المزيد من الأشخاص على استخدام خدماتهم المدفوعة وتوسيع نطاق أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل عام، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم إضافة التعليمات البرمجية مفتوحة المصدر إلى قيود التصدير.
وكانت الولايات المتحدة قد قامت باسثناء التعليمات البرمجية مفتوحة المصدر المتاحة للجمهور عندما نظمت مسألة تصدير تقنيات التشفير، ولكن في الحالة الراهنة فإن هناك حاجة إلى إجراء نقاشات صعبة أجل إصدار تشريعات تنظيم معقولة، ويقول كلارك: “عملية تنظيم الذكاء الاصطناعي سوف تكون صعبة ومحبطة لأنها معقدة”، وبحسب إديلمان وكلارك فإن المناقشات سوف تكون معقدة بسبب المدة الزمنية المحددة التي فرضتها وزارة التجارة.
البوابة العربية للأخبار التقنية