تتعدد المسوغات التي تحول عالم الإنترنت إلى مضمار خطر، سيما على الأطفال والمراهقين. ومع أن قصص الرعب تتركز حول إغواء الأولاد وتصيدهم عبر الإنترنت أو تعرضهم للتنمر والاختطاف أحياناً، فإن التهديدات المتفشية في ألعاب ووسائل تواصل العالم الافتراضي عموماً لا تقل خطورةً بغض النظر عن الجنس والعمر. وتطالعنا في الآونة الأخيرة، مع احتلال المحمول حيزاً لا يستهان به من حياتنا، نظريات وتساؤلات من بينها السؤال عما إذا استبدل المراهقون المخدرات بالهواتف الذكية ناقوس الخطر.
إن وتيرة الاستخدام المتزايد للهواتف الذكية في الحياة اليومية جعل من إدمانها قضيةً اجتماعية بغاية الأهمية. وتسجل عوامل خطورة إدمان الهواتف الذكية معدلات مرتفعة بين الطلاب. وترتبط ألعاب الهاتف الذكي واستعمال الهواتف الذكية المتكرر بإدمانها. كما أظهرت ممارسة الألعاب عبر الهواتف الذكية والألعاب مع مجموعات التطبيقات المختلفة ارتباطاً مشابهاً بإدمان الهواتف الذكية، خلافاً لارتباطها بالجنس ومدة امتلاك هاتف ذكي وتعاطي الممنوعات.
وبدأ في هذا السياق الباحثون يطرحون سؤالاً مثيراً للاهتمام، وهو: هل يعود تراجع تعاطي المراهقين للممنوعات، بجانب منه إلى الإثارة والمتعة والدائمتين اللتين تؤمنها الحواسيب والهواتف؟ ودخل السؤال حيز الاهتمام بصورة أكبر مع مطالعة نورا فالكوف، مديرة المؤسسة الوطنية لتعاطي المخدرات نتائج دراسة حديثة في تقرير ممول من الحكومة يقيس معدل تعاطي مراهقين للممنوعات، ويشير إلى أن التعاطي سجل أدنى مستوياته خلال 40 عاماً بين طلاب صفوف الثامن والعاشر والثاني عشر.
ومن هنا، كان احـــتمال استكشاف الموضـــوع بشكل أكبر مجدياً لأن فورة الهــــواتف الذكيـــة وألـــواح الحاسوب تزامنت مع فترة تدني معدلات الإدمان. ولا يعني هذا التداخل بالضرورة أن إحـــدى الظاهرتين تسبب الأخرى، لكن العلماء يقولون إن وسائل الإعلام التفاعلي تمارس على ما يبدو تأثيرات مماثلة لتجربة التعاطي، بما في ذلك السعي للحصول على إحساس الانتشاء والرغبة في التحرر.
ووصفت فولكوف وسائل الإعلام التفاعلي بـ«المعزز البديل» للممنوعات مؤكدةً أن «المراهقين يصلون إلى مرحلة النشوة حرفياً عند ممارسة تلك الألعاب».
وأشارت دكتور سايون كيم هاريس، المدير المساعد في مركز أبحاث تعاطي الممنوعات لدى المراهقين في مستشفى بوسطن، في ظل تضارب البيانات وتنافس النظريات، إلى أنها لم تأخذ بالحسبان دور التكنولوجيا لكنها لن تستبعده نظراً لمغريات الأدوات. وأعربت عن أملها بأن يكون تدني معدل تعاطي المراهقين ناجماً عن نجاح التثقيف العام وحملات الوقاية. وأوضح دكتور جوزف لي المتخصص في علاج المراهقين من الإدمان بأن وباء الأفيون الذي عّرض الكثير من الأشخاص والمجتمعات لمخاطر المخدرات المميتة شكل رادعاً كبيراً.
وعلى الرغم من انتشار الهواتف الذكية، فهي لا تزال حديثة العهد بالنسبة لفهم الباحثين لمدى تأثيرها على الدماغ. ويقول البروفسور ديفيد غرينفيلد في جامعة كونيكتيكت، ومؤسس مركز إدمان الإنترنت والتكنولوجيا: «يحمل الناس مضخة دوبامين محمولة، أما الأولاد فيحملونها منذ قرابة عشر سنوات».
وجزم البروفسور جيمس أنطوني، المتخصص بعلم الأوبئة والإحصائيات الإحيائية والخبير بسلوك المتعاطين: «لا يزال الدليل القاطع والحاسم ضئيلاً جداً بشأن المسألة. لكن المرء يكون أحمقاً إذا لم يفكر بدور التكنولوجيا في تعاطي المراهقين».
وتشير نتائج الدراسات والاستطلاعات إلى أن أنماط استخدام الهاتف الذكي يجب أن تشكل جزءاً من إجراءات محددة للردع والتدخل في حالات الاستخدام المفرط. كما تؤكد على ضرورة اتخاذ الأهل والمربين التربويين والمعالجين النفسيين والمتخصصين في الصحة العقلية خطوات تحول دون إدمان الهواتف الذكية عبر الأخذ بالاعتبار أنماط الاستخدام والألعاب عند وضع وتطوير أدوات الكشف المبكر وبرامج التدخل في البيئة المدرسية أو المجتمعية.
مقياس تشين لإدمان الإنترنت
وهو مقياس إبلاغ ذاتي مؤلف من 26 موضوعاً وأربع نقاط، يهدف إلى تقييم مستوى إدمان الإنترنت. ويسجل المقياس المعروف بـ «CIAS»، نتائج تتراوح بين 26 و104 نقاط. وكلما كانت النتيجة أعلى، دلّلت على حدة الإدمان.
تستهلك أدوات التكنولوجيا حيزاً متنامياً من وقت المراهقين. ففي استطلاع نشرته مجموعة حماية الأطفال والتصنيف الإعلامي في سان فرنسيسكو «كومون سينس ميديا»، عام 2015، تبين أن المراهقين الأميركيين بين 13 و 18 عاماً يمضون حوالي ست ساعات ونصف مسمرين أمام الشاشة يوميا، فيتصفحون مواقع التواصل أو يمارسون ألعاب الفيديو.
وكشف تقرير لمركز بيو للدراسات في العام نفسه أن 24 بالمئة من المراهقين بين أعمار 13 و17 سنة أعلنوا عن وجودهم على الشبكة ب«صورة متواصلة تقريباً»، وأن 73 في المئة منهم يملكون هواتف ذكية.
وكشفت نتائج بعض الدراسات والأبحاث التي أجريت في الآونة الأخيرة أن ألعاب الهواتف الذكية مع أو بدون استخدام التطبيقات المتعددة يرفع مخاطر الإدمان على الهواتف الذكية، التي تتيح للاعبين الاتصال بلاعبين آخرين عبر الإنترنت باستخدام تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي. وتروج تلك التطبيقات اللعبة للجمهور وتعزز سلوكيات الإدمان. وقد أشارت الأدلة السابقة إلى أن إدمان الهواتف الذكية يرادف إدمان التطبيقات المتعددة.
إدمان سلوكي
يدخل إدمان الهواتف الذكية والإنترنت ضمن أنواع الإدمان التكنولوجي، الذي يعرف بالإدمان السلوكي ذي الطبيعة غير الكيميائية التي تتضمن التفاعل بين البشر والآلة.
وحددت بعض الدراسات أربع خصائص لإدمان الهواتف الذكية تضمنت الإكراه، والخلل الوظيفي، والتسامح، والانسحاب. وتلك هي أيضاً خصائص إدمان الإنترنت، علماً أن العلاقة بين الإدمانين لم تتضح معالمها بعد.
إحدى الدراسات كشفت أن ألعاب الهاتف الذكي تلعب دوراً مهماً في الإدمان على الهواتف الذكية، وإن توفر الألعاب عبر الإنترنت دونه معوقات تتعلق بجودة الآلة وخدمة الوصول للإنترنت، في وضع لا ينطبق على الهواتف الذكية، التي يضاعف اللعب عليها خطر إدمانها.
فاتن صبح – البيان
جزاك الله خيرا على هذا المقال الممتع اود مشاركة حضرتكم والزوار الكرام اهم التطبيقات التي تساعد في الحد من هذا الإدمان راجياً الله ان تساعدنا جميعاً:
https://wpwhale.com/aghiad/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d8%aa%d8%aa%d8%ae%d9%84%d8%b5-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d8%af%d9%85%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%aa%d9%81-%d9%88%d8%aa%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa/