اختراق علمي وتطبيقات متعددة.. اصطياد الحمض النووي من الهواء صار ممكنا

الرئيسية » إعلام ورقميات » اختراق علمي وتطبيقات متعددة.. اصطياد الحمض النووي من الهواء صار ممكنا

قد لا يحتاج العلماء والمحققون إلى سحب عينات الحمض النووي من الأسطح في المستقبل القريب، فوفقا لباحثين من “جامعة كوين ماري بلندن” (Queen Mary University of London) فإنه يمكن جمع الحمض النووي للإنسان والحيوانات من الهواء. وأثبتت دراسة نُشرت في مجلة “بيرجيه” (PeerJ) في نهاية شهر مارس الماضي، للمرة الأولي، إمكانية استخلاص الحمض النووي من الهواء بطريقة مشابهة لتقنيات الحمض النووي البيئي “إي دي إن إيه” (eDNA)، التي استُخدمت حتى الآن بوجه أساسي لمسح البيئات المائية، والكشف عن وجود الكائنات الحية بها في عدد من الدراسات البيئية.

إمكانات لتطبيقات جديدة

واستخدم الفريق مضخة تموجية مع مرشحات دقيقة تتحمل الضغط من 5 إلى 20 دقيقة، لأخذ عينات من الحمض النووي من غرفة كانت تحتوي على فئران ‏الخلد العارية، وهو نوع من القوارض الاجتماعية التي تعيش في مستعمرات تحت الأرض. ثم استخدموا التقنيات المتاحة حاليا للكشف عن الجينات ‏وفك شفراتها للتحقق من تسلسل الحمض النووي داخل عينات الهواء، ولتحديد أنواع الحيوانات. وفي هذه الدراسة اكتشف الباحثون إمكانية جمع الحمض النووي البيئي من عينات الهواء (eDNAir)، وأظهر فريق البحث أنه بأخذ عينات الهواء يمكن الكشف بنجاح عن وجود الحمض النووي لفأر الخلد داخل مسكن الحيوان ومن داخل الغرفة نفسها.

ووجد العلماء أيضا الحمض النووي البشري في عينات الهواء، وهو ما يشير إلى إمكانية استخدام تقنية أخذ العينات هذه في تطبيقات الطب الشرعي، وأثبتوا أنها تفتح إمكانات هائلة للتطبيقات البيئية والصحية والجنائية الجديدة.

أول دليل منشور

الكائنات الحية مثل النباتات والحيوانات تلقي ببعض من أحماضها النووية في بيئاتها المحيطة أثناء تفاعلها معها، وإذا نجح العلماء في الحصول على الأحماض النووية للكائنات من بيئتها فيمكن تحديد الأنواع الموجودة في هذه البيئة. وفي السنوات الأخيرة أصبح الحمض النووي البيئي أداة مهمة تساعد العلماء على تحديد الأنواع الموجودة في بيئات مختلفة، ومع ذلك ركزت معظم الدراسات على جمع الحمض النووي البيئي من الماء فقط، على الرغم من وجود عينات الحمض النووي في التربة والهواء أيضا.

وقالت الدكتورة إليزابيث كلير، كبيرة المحاضرين في جامعة كوين ماري والمؤلفة الأولى للدراسة، في بيان صحفي نشر على موقع الجامعة، “أصبح استخدام الحمض النووي البيئي موضوعا يحظى باهتمام متزايد داخل المجتمع العلمي وخاصة علماء البيئة أو دعاة الحفاظ على البيئة الذين يبحثون عن طرق فعالة لرصد البيئات البيولوجية”. وأضافت “نقدم هنا أول دليل منشور لإظهار أنه يمكن جمع الحمض النووي البيئي الحيواني من الهواء، وهو ما يتيح مزيدا من الفرص للبحث في مجتمعات الحيوانات في بيئات يصعب الوصول إليها مثل الكهوف والجحور”.

فتح جديد

وأكدت كلير أن الهدف الرئيس من العمل هو مساعدة دعاة الحفاظ على البيئة والعلماء على ‏دراسة البيئات البيولوجية، وأنه مع التطوير الكافي يمكن استخدامه في أكثر من ذلك بكثير. وتوضح كلير “ما بدأ على سبيل المحاولة لمعرفة ما إذا كان من الممكن استخدام هذا النهج في التقييمات البيئية أصبح الآن أكثر من ذلك بكثير، مع تطبيقات محتملة في الطب الشرعي والأنثروبولوجيا وحتى الطب”. فعلى سبيل المثال، يمكن ‏لوحدات الطب الشرعي انتزاع الحمض النووي من الهواء لتحديد ما إذا كان المشتبه به موجودا في ‏مسرح الجريمة. وقد تكون هذه التقنية مفيدة أيضا في الطب، إذ يمكن لعلماء الفيروسات وعلماء الأوبئة فهم كيفية ‏انتشار الفيروسات المحمولة جوًّا بوجه أفضل، ‎مثل الفيروس الذي يقف وراء‎ جائحة كورونا، المسبب لمرض “كوفيد-19”.

وبحسب كلير “في الوقت الحالي تستند إرشادات التباعد الاجتماعي إلى الفيزياء وتقديرات المسافة ‏التي يمكن أن تتحرك بها جزيئات الفيروس، ولكن باستخدام هذه التقنية يمكننا بالفعل أخذ عينات ‏من الهواء وجمع أدلة من العالم الحقيقي لدعم هذه الإرشادات‎”‎. وقالت الجامعة إن فريق البحث يعمل مع شركاء في الصناعة، لإحياء بعض التطبيقات المحتملة لهذه التكنولوجيا، وتحسين دقتها، ولمعرفة مدى إمكانية تطبيق التقنية بطرق أخرى‎.‎

ومن المتوقع أن يكون لهذه التقنية تطبيقات كثيرة في مجال محاربة جائحة “كوفيد-19” التي اجتاحت العالم أجمع، ودخلت بعض بلدانه أخيرا في الموجة الثالثة لهذا الوباء.

الجزيرة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *