طور عدد من الباحثين أدمغة مصغرة في أطباق معملية لتحاكي مرض باركنسون، وتعلم كيفية تقدمه وتفتح مسارات جديدة لعلاجه. وعمل الباحثون من معهد الجينوم في سنغافورة (GIS) التابع لوكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث (A * STAR) والمعهد الوطني لعلم الأعصاب (NNI) وكلية ديوك-نوس الطبية معا لإنشاء الاختبارات الثورية الجديدة بعد ملاحظة الصعوبة لإجراء الاختبارات على نماذج حيوانية.
وجاءت غالبية الأبحاث والاختبارات المعملية السابقة على مرض باركنسون من الاختبارات التي أجريت على الفئران. وفي حين أن هذا شهد بعض الاستخدامات، فقد فرض قيودا على السماح للعلماء بدراسة التأثيرات الكاملة للمرض. ومرض باركنسون هو اضطراب تنكسي عصبي لا علاج له، يؤثر على الخلايا العصبية للمخ، ويتسبب تدريجيا في مشاكل متعلقة بالحركة، مثل الارتعاش والصلابة، وفقا لمؤسسة باركنسون. ويحدد العلماء ثلاثة أنواع رئيسية لما يسمى باركنسون والأمراض ذات الصلة: باركنسون مجهول السبب، باركنسون الأوعية الدموية ومرض باركنسون الناجم عن المخدرات. ولكن هناك العديد من الأنواع الأخرى، مثل الضمور الجهازي المتعدد (MSA)، واستسقاء الضغط الطبيعي، والشلل فوق النووي المترقي.
وقال البروفيسور نج هاك هوي، قائد المجموعة الأول في وكالة العلوم قال معهد الجينوم للتكنولوجيا والبحوث في سنغافورة، والمؤلف المشارك الأول للدراسة: “إعادة إنشاء نماذج لمرض باركنسون في النماذج الحيوانية أمر صعب لأنها لا تظهر الفقد التدريجي والانتقائي للخلايا العصبية التي تنتج الدوبامين الناقل العصبي، وهو سمة رئيسية لمرض باركنسون”. وأوضح: “يتمثل أحد القيود الأخرى في أن نماذج الفئران التجريبية لمرض باركنسون لا تطور كتلا مميزة من البروتينات تسمى أجسام ليوي، والتي غالبا ما تُرى في خلايا أدمغة المصابين بمرض باركنسون ونوع من الخرف التدريجي المعروف باسم خرف أجسام ليوي”.
ولمعالجة هذه القيود، تمكن الفريق من تنمية أدمغة بحجم حبة البازلاء عن طريق إقناع الخلايا الجذعية البشرية بالتطور إلى حزم من الخلايا العصبية والخلايا الأخرى الموجودة في الدماغ. وتلاعبوا بالحمض النووي للخلايا الجذعية البادئة لمطابقة عوامل الخطر الجينية الموجودة لدى أولئك الذين يعانون من مرض باركنسون، وكانوا قادرين على زراعة أشباه عضويات مع الخلايا العصبية التي أظهرت كلا من أجسام ليوي والفقدان التدريجي للخلايا العصبية المنتجة للدوبامين. وبدأ الفريق الآن العمل على العضيات لدراسة كيفية تطور أجسام ليوي وانطلقوا في اختبار الأدوية لإبطاء أو ربما إيقاف تطور المرض.
وقال البروفيسور تان إنغ كينغ، نائب المدير الطبي للشؤون الأكاديمية، في المعهد الوطني لعلم الأعصاب، أحد كبار المؤلفين المشاركين في الدراسة: “إنه تحد كبير لتمديد سنوات الحياة الصحية في سكان العالم المتقدمين في السن، والذين غالبا ما ينخفض أداؤهم الجسدي والمعرفي بسبب الاضطرابات التنكسية العصبية. ويوفر هذا الاكتشاف رؤى ونموذج مرض متوافقا مع البشر يمكن أن يسهل اختبار الأدوية ضد مرض باركنسون والخرف”.
وأشار هيونسو شون جي، الأستاذ والمؤلف المشارك الأول من برنامج العلوم العصبية والاضطرابات السلوكية في كلية ديوك-نوس الطبية، إلى أن “هذه التجارب هي الأولى من نوعها لإعادة إنشاء السمات المميزة لمرض باركنسون الذي نراه فقط في المرضى من البشر. لقد أنشأنا نموذجا جديدا لعلم الأمراض المتضمن، والذي سيسمح لنا بتتبع كيفية تطور المرض وكيف يمكن إبطاؤه أو إيقافه”.
روسيا اليوم