مستقبل الغذاء في عام 2030

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » مستقبل الغذاء في عام 2030

مستقبل الغذاء في عام 2030

إن مستقبل الغذاء قضية مثيرة للاهتمام، سيما أن ارتفاع الطلب العالمي على الغذاء مرتبط بالزيادة المضطردة لسكان الأرض. من ناحية أخرى، أدى تزايد الثروات عبر العصور إلى تغيير أنماط الاستهلاك، مثل الإقبال المتزايد على تناول اللحوم، والأغذية الأخرى المستمدة من الثروة الحيوانية كالأجبان والبيض. فما التغيرات المحتملة للأنماط الغذائية في المستقبل؟

ينطوي هذا السؤال على حقيقتين: تزايد معدل البدانة مقارنة بالأوزان الصحية، وعلاقة ذلك بسوء التغذية، مما يخلق تحدياً مضافاً لنظم الغذاء، ويسهم في تشكيل سياسة جديدة تسمى “الغذاء من أجل الصحة”، ويزيد من الحاجة إلى تحديد معايير جديدة للوجبات والنظم الغذائية.

أما الحقيقة الثانية فمفادها تعهد الدول المشاركة في اتفاق باريس للمناخ، بالإبقاء على معدل التغير في درجات حرارة الأرض دون درجتين مئويتين. وإذا علمنا بأن النظم الغذائية-زراعة الغذاء، وتصنيعه ونقله، ثم طهيه وتناوله، والتخلص من الكميات الزائدة عن الحاجة منه- تشكل نحو ثلث انبعاثات غازات الدفيئة، فإن الغذاء وحده قادر على استنزاف موازنة اتفاق باريس للمناخ المخصصة للحد من انبعاثات الكربون عن آخرها!

وكما كتب الكثيرون، فان أنجع وسيلة لإنتاج الأغذية دون إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء، تكمن في تقليص كميات تلك الأغذية التي تنتج في بيوت الدفيئة (البيوت الزراعية البلاستيكية).

فيما تسود حالة من الحيرة والشك حول الطريقة التي يتطور فيها الطلب العالمي على الغذاء، مقابل الإنتاج العالمي الذي اتجه منذ بدء الثورة الخضراء، إلى أصناف محدودة نسبياً من المحاصيل الزراعية، كالذرة والقمح والأرز وفول الصويا وزيت النخيل، بكميات أكبر وقدرات تكنولوجية أكثر كفاءة من أي وقت مضى.

ويرى الكثير من الخبراء، أن الغذاء أرخص ثمناً من قبل (قياساً إلى الدخل) وهي حقيقة تتيح لنا تناول الكثير من الأطعمة وإهدارها. لكن الزراعة المكثفة لن تكون إلا على حساب البيئة في كل حال، فهي تستنزف خصوبة التربة وجودة المياه، وتقلص التنوع الحيوي، كما أنها تدعم فئة قليلة من الأفراد، بالنظر إلى زيادة الاستثمارات الرأسمالية وتقليل الاعتماد على القوى البشرية العاملة.

بينما يعتقد آخرون بأن الطلب على الغذاء سيتغير على نحو مختلف، وستتزايد أعداد الراغبين بتناول طعام صحي، وهذا أقل استنزافاً للموارد. كما أن نشاط المؤسسات التي تدعو إلى تناول الأغذية الصحية المنتجة محلياً، والخالية من المواد المصنعة (الأغذية العضوية) مؤشر على هذا التحول في الأنماط الاستهلاكية عموماً.

وبما أن الأطعمة الصحية والمغذية أكثر كلفة على فقراء العالم من تلك الغنية بالسعرات الحرارية، فمن المرجح أن تظل محاصيل الذرة والقمح والسكر والزيت، جزءاً أساسياً من نظام الغذاء العالمي، لكنها ستصنع بطرق تجعلها أفضل لصحة البشر.

على الصعيد نفسه، تسهم العولمة في زوال الحواجز والمعوقات بين دول العالم النامية والمتطورة، وسيكون هم كل دولة هو التوصل إلى طرق فعالة لتأمين غذاء مفيد يناسب ثقافتها، ويكون في متناول فقرائها، سواء أكان منتجاً محلياً أم مستورداً من الخارج. كذلك ستتنوع نظم الغذاء بالتزامن مع توجه الأسواق نحو الأطعمة الطبيعية والغنية بالعناصر الغذائية. ولن يتجه عالمنا إلى استهلاك المنتجات العضوية فقط، كما لن يبقى على حاله أيضاً، بل سيتحول غالباً إلى مزيج من الاثنين. وفي الأحوال جميعها، لا بد من إعادة تشكيل نظام غذائي أفضل، وأقل هدراً للموارد، وأكثر استدامة، لتجنب المزيد من المشكلات التي تهدد مستقبلنا في هذا الجانب الحيوي من الحياة.

تيم بينتون – فوربس ميدل ايست

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *