هل تتربع كتب الكوميكس على عرش الكتب المدرسية مستقبلا

الرئيسية » تربية وتكوين » هل تتربع كتب الكوميكس على عرش الكتب المدرسية مستقبلا

هل تتربع كتب الكوميكس على عرش الكتب المدرسية مستقبلا

أظهرت دراسة جديدة أن بإمكان كتب الكوميكس أن تلعب دورا حاسما في الفصول الدراسية، وتبعا لذلك يمكن أن تُعتمد وسيلةً تعليميةً تساهم في الرفع من مستوى التحصيل الدراسي لدى طلاب السنوات الأولى من التعليم.

وبموجب نتائج هذه الدراسة تخرج كتب الكوميكس من اعتبارها مجرد أداة للتسلية، إلى أداة تعليمية تقدم طريقة جديدة في النظر إلى العملية التعليمية من خلال تقاطعها مع نظرية “التلقي المزدوج”.

انقضت الاحتفالات باليوم العالمي للكتاب في المملكة المتحدة تاركة العديد من الأطفال السعداء والآباء المنهكين. ارتدى الأطفال الملابس التنكرية التي حولتهم إلى شخصيات كرتونية كالأمير الصغير، وهيرميون غرانغر، والفتاة الخارقة وغيرها من الشخصيات المعروفة. وتساءل أحد الآباء هل يمكن أخذ كتب الكوميكس على محمل الجد؟

ويرى البعض أن الجدل الدائر حول فكرة اعتبار كتب الكوميكس أحد فروع الآداب أو تصنيفها ككتب ليس سوى زوبعة في فنجان، فيما يقول آخرون نحن نعيش في عصر ما بعد الحداثة، وهو عصر يؤخذ فيه كل شيء على محمل الجد، إذ تراجعت الثقافة العميقة كثيرا في مواجهة السطحية.

ويبقى الهدف من يوم الكتاب العالمي هو التشجيع على قراءة الكتب، من كل الأنواع والاتجاهات، وهو ما يعني أن كل كتب الكوميكس تستحق القراءة.

وإذا نظرنا إلى كتب الكوميكس، بغض النظر عن محتواها أو عن أنها تمثل شكلا من أشكال الأدب الذي من الممكن أن يسمح بتداوله، سندرك أنها وجدت البيئة المناسبة للانتشار بين أوساط الأطفال والشباب.

وتشير دراسة حديثة، نشرت مؤخرا في مجلة “جورنال أوف غرافيك نوفلز آند كوميكس” الإنكليزية، إلى تفوق الكوميكس على النصوص النثرية التقليدية كأداة تعليمية.

وأجريت الدراسة في أقسام علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية في جامعة شيفيلد هالام بإنكلترا، وتم اختبار ذاكرة 90 مدرساً لمادة البيولوجيا لطلاب المرحلة الجامعية باستخدام الكوميكس والنصوص التقليدية.

وخلصت الدراسة إلى أن المادة التي تم تدريسها باستخدام كتب الكوميكس كان لها حظ أكبر في التحصيل الدراسي ومعدل أعلى في الحفظ في الذاكرة، ما يثبت فاعلية نظرية التلقي المزدوج، التي تؤكد بدورها أن عرض المعلومة بالطريقة النظرية والمرئية يساهم في تطوير عملية الفهم وتقوية الذاكرة بشكل كبير.

ولا يمكن استخلاص النتائج النهائية من هذه الدراسة لكونها أولية، إلا أن الاستنتاجات المبدئية تأتي مبشرة في سياق نظرية التلقي المزدوج. وترجح النتائج أن التعليم باستخدام كتب الكوميكس سيصبح أداة تربوية مستقبلية بالنسبة إلى الأطفال حتى سن البلوغ، بل وأيضا من المحتمل أن يحل محل النصوص النثرية في الفصول الدراسية في المستقبل البعيد.

ويعتبر هذا الخبر مثيرا لكل المهتمين بكتب الكوميكس، حيث لم تعد تستخدم لمجرد الترفيه بعد الآن، في حين لا تزال الكتب، أياً كان نوعها، ذات قيمة كبيرة في مرحلة التعلم. ولا تكمن قيمتها في استعمالاتها فحسب بل أيضا في ما تعنيه بالنسبة إلينا.

وبحسب التقارير التي تفتقر إلى إظهار القيمة الحقيقية للكتب العادية، فإنها غير قادرة مثلا على تحفيز طفل الثماني سنوات بما فيه الكفاية لارتداء ملابس تنكرية.

ولا تكمن قيمة الكتب في مدى فائدتها من عدمها، ولا حتى في كونها أداة تعليمية، فهي من وجهة نظر الناس في جميع أنحاء العالم توفر العديد من الخبرات وتقدم طرقا جديدة للنظر إلى الأشياء.

أما بالنسبة إلى الأطفال، فيوفر ذلك النوع من الكتب لمحات ملموسة لواقع نتحسسه دوماً في أحلام اليقظة. ولكونها وسيلة نستطيع من خلالها تخطي جميع الحدود والقواعد في الأوقات الصعبة، فهي بمثابة المتنفس الذي نلجأ إليه في بعض الحالات، والوسيلة التي نحقق بها العدالة في بعض الحالات الأخرى.

وتكمن قوة كتب الكوميكس وأيضا قوة اليوم العالمي للكتاب في مدى عرضهما للمحتوى ذي الإمكانيات. وتوجد العديد من الأشياء الهامة في كتب الكوميكس أو في النصوص النثرية التقليدية التي لا يمكن أن توجد في أي مكان آخر. وهي تسهم في توسيع مجالات الخيال، وتُطوّر مهارات الابتكار التي لا يستطيع العالم الحقيقي إثراءها.

ومن هنا تتيح الاحتفالات باليوم العالمي الكتاب الفرصة للملايين من الأطفال في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأيرلندا للاستمتاع بتلك الإمكانيات.

وتفاعلا مع نتائج الدراسة الحديثة بخصوص كتب الكوميكس والتطورات القادمة التي يمكن أن تشهدها، يتوجب على الآباء أن يعرضوا تلك الدراسة على المعلمين الرافضين أو غير المقتنعين بهذا الواقع الجديد.

ويستمر مجال كتب الكوميكس في التطور والنمو، ما يفرض على الآباء الاستمرار في تشجيع أطفالهم بقدر ما يستطيعون على الإقبال عليها وعلى مطالعة كتب النصوص النثرية.

صحيفة العرب

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *